لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
نستأنف الكلام على حصيلة الفوضى الخلاقة مقدمين عليه تعريفا سريعا للفوضى الخلاقة التي يتصور الكثير أنها بدأت لما أعلنت عنها جونداليزا رايس بعيد حرب العراق.
إنها ظاهرة ملازمة لكل تغيير في النظام السياسي العالمي شرطا في تثبيت النظام الاستعماري.
فإذا كان القصد بالفوضى الخلاقة تهديم نظام قائم لوضع نظام بديل محله فالفوضى الخلاقة متقدمة على ما ولي سقوط الاستعمار الأوروبي وتعويضه بالأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية.
- الفوضى الخلاقة التي اعتمدها الاستعمار الأوروبي لثلاثة قرون إلى نهاية الحرب العالمية الثانية والأمريكي منذئذ كلتاهما مضاعفة كالتالي
فوضى الاستعمار الأوروبية بدأت بالقضم المحاصر لدار الإسلام من خلال الإحاطة بقلب دار الإسلام منذ اكتشاف أمريكا (نهاية الخامس عشر) وراس الرجاء الصالح واستعمار أطرافها وخاصة في جنوب شرق آسيا والبحر والخليج العربيين وفي افريقيا ما دون الصحراء الكبرى. - ولما اكتملت هذه المرحلة واستعمر كل ما لم يعد بوسع النواة حمايته من الوطن العربي ضرب القلب الموحد (الخلافة) وتحقق سايكس بيكو وإسرائيل.
ونهاية سايكس بيكو شبه حاصلة وهي بداية نهاية إسرائيل بمجرد هزيمة أداتي التهديم للقوة السنية كما نبين: إيران ومليشياتها من الأقليات ومن خونة الأغلبية السنية.
تلك هي حصيلة فوضى الاستعمار الغربي بتقاسم امبراطورياته لدار الإسلام:
فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والبرتغال وهولاندة وبلجيكا.
ولهذه الحصيلة مرحلتان بينتان لمن يعمق التحليل.
لكن الحرب الأولى أدت إلى نتيجتين أنهتا هذا النظام:
- فالحرب الأولى صدعت أوروبا وابرزت القوتين اللتين ستعوضانها وأنهت الخلافة العثمانية. ومنها ورثنا الخريطة التي تصدعت حاليا ولم يعد لها وجود إلا على الورق.
- والحرب الثانية أنهت الامبراطوريات الأوروبية كلها بل وأصبحت أوروبا مستعمرة أمريكية سوفياتية وتقاسم دارالإسلام توابع القطبين بدول صورية حتى وإن كانت العنتريات تتكلم على عدم الانحياز.
وتلك هي بداية الفوضى الخلاقة الامريكية:
- في مرحلة أولى كان التنافس على تقاسم دار الإسلام مع السوفيات وامتدت إلى أن بلغت ذروتها بسقوط القطب السوفياتي.
فاستفردت أمريكا بالعرب والعالم. - عندئذ بدأت المرحلة الحالية التي كان رمزها حرب العراق وافغانستان وعجز أمريكا التي هزمتها السنة في الحالتين فسعت إلى توظيف ذراعيها الإيراني والإسرائيلي للمهمة.
ونحن الآن في هذه المرحلة.
ما يعنينا اليوم هو الفوضى الخلاقة الأمريكية بمرحلتيها:
فهي لم تعد مكتفية بتوابعها من الأنظمة العربية بل ضمت إليهم كل يتامى للسوفيات حكما ومعارضة:
ولعل أبرز رمز لهذا الضم أن كل اليسار العربي صار ليبراليا وانتقل من الكلام باسم الديموقراطية الشعبية إلى مدح الديموقراطية البرجوازية بشرط أن تكون موزية حتى يحكم هو لا من يريده الشعب.
فتم الضم وبات بالوسع تحقيق مسح النظام القديم والسعي لإعادة البناء. وله هدفان:
- موجب لإسرائيل في الغاية
- وسالب لإيران التي تستعمل بلا وعي من قادتها حصان طروادة في الإقليم لإضعاف السنة وتمكين اسرائيل.
ومعنى ذلك أن إيران التي يظن قادتها أنهم أذكياء ودهاة هم في الحقيقة أغبياء لمجرد أنهم يتصورون غيرهم غبيا ويطلبون المستحيل: هزيمة السنة.
إنما هم لعبة في خطة تمكين إسرائيل من تحقيق إمبراطوريتها بإيهام إيران بنفس الهدف.
ومع ذلك فأمريكا تهادن حزب الله بل وتتركه يحكم لبنان فعليا وتحميه بالسماح له بالمشاركة في حكومة فتضفي عليه غطاء شرعيا دوليا كما تفعل الآن مع الحشد الشعبي في العراق.
فأمريكا وإسرائيل يعلمان أن العقبة ليست إيران بل غالبية أهل الإقليم أي السنة العرب وأن مطامع إيران يمكن أن توظف لهذا الغرض أداة تهديم.
ومن لم يفهم الأمر هذا الفهم فعليه أن يفسر لنا سكوت الغرب عن كل إرهاب إيران وعلمهم بدورها في تشويه الإسلام السني لحلفها مع القاعدة مثلا :
فأولى الضربات الموجعة لأمريكا كانت في لبنان.
ورافض هذا التحليل عليه أن يفسر لم تقبل أمريكا حكم إيران للعراق وسوريا لو لم يكن الهدف ما يحصل الآن أي استعمال إيران آلة تهديم التي تتهدم خلال هذا الاستعمال ظنا أنها ذات دهاء سيمكنها من استرداد إمبراطوريتها.
فالمعلوم أن إيران لن تخرج إلا منهكة حتى لو انتصرت.
وهي لن تنتصر لأنها بعد قد هزمت وتلك علة لجوئها إلى جنون بوتين.
وإذن فهي تكون قد هدمت وتهدمت.
وذلك ما لا تستطيع إسرائيل تحقيقه بمفردها.
والآن نصل إلى الكلام على حصيلة الفوضى الخلاقة الأمريكية الإسرائيلية في مرحلتها الثانية أي المرحلة الحالية لنحدد أحصنة طروادة فيها ومكر الله الذي يمكننا من فرصة السعي الجدي للاستئناف.
مكر الله هو الذي يفهمنا كل ما يجري حاليا إذا حاولنا تأويل استراتيجية قلب المفعول فتصبح الفوضى الخلاقة لصالح العرب بدلا من كونها ضدهم إذا هم فهموا أن التشبث بالقطريات دليل عدم فهم العصر وفهموا حتمية العمل على تحقيق شروط السيادة.
يقولون إن إمريكا وإسرائيل يريدان تفتيت المفتت بالفوضى الخلاقة حتى يكون الجميع مثل إسرائيل دولة طائفية.
وهذا سخيف لعلتين بينتين حقا.
والسخف من مميزات التحليلات البهلوانية والصبيانية لمعلقي التلفزات العربية.
- أولا إسرائيل تريد أن تكون امبراطورية ولا تريد دويلات من جنسها حولها أو حتى فيها بل تريد القضاء على العدو الوحيد الذي يخيفها: إمكانية أن تصحو السنة فتحقق شروط القدرة.
- وثانيا لو كانت تريد إمبراطورية متعددة الأعراق والطوائف لما احتاجت لفوضى ولا لخلق لأن ذلك هو الموجود حاليا إذ الجميع خاضع لها ولأمريكا : من في الإقليم يمكن بحق أن يدعي أنه ذو سيادة فعلية؟
ذلك أنه من الغفلة أن يصدق أحد أنه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي بقي أحد في الإقليم ذا سيادة غير عنتريات القدافي ونجاد أو زمارة الملالي.
فمن منا لم يعجب من لا مبالاة الغرب بنباح هؤلاء الثلاثة رمزا لعنتريات الاستهلاك المحلي.
الفوضى الخلاقة تسعى إلى ما هو أبعد:
تحقيق إمبراطورية يهودية مسيحية بمعنى المسيحية الصهيونية التي من جنس ما حصل سابقا في أمريكا نفسها.
وليس ذلك لسبب ديني -فلا أتصور أن القوة المحركة في أمريكا وإسرائيل تؤمن بخرافات التوراة- بل لأن الإقليم ضروري لبقائهم قوة العالم الأولى بما فيه وبموقعه.
من دون الإقليم لا يمكن لأمريكا وإسرائيل الصمود في نظام العالم الجديد الذي بدأ يرتسم بسبب صعود قوى عملاقة ديموغرافيا واقتصاديا وعسكريا
وإذا صح القيس فإن الإقليم في الكرة الأرضية وصلا بين المحيطين من جنس استراليا لنفس الوصل من الناحية الثانية مع فضل ما فيه ماديا ورمزيا وخاصة الطاقة والقرب من أوروبا وصلته البرية والبحرية والجوية بالمنافسين المحتملين.
لن يسود العالم أحد بوصفه قوة أولى من دون هذين الشرطين:
- استعمار الوطن العربي
- واستعمار استراليا
لوصل الدائرة بين المحيطين من الناحيتين مع الثروات الطبيعية:
المرور من الاطلنطي للهادي ذهابا وإيابا من الناحيتين لا يستغني عنهما.
المشكل إذن بين:
كيف يتم القضاء على العرب السنة بوصفهم قوة عملاقة بالقوة أي قابلة لأن تصبح قطبا يهدد إسرائيل وبقاء أمريكا القطب الأول؟
هنا يتبين دور الأداتين:
إيران والأقليات هما حصان طروادة للتهديم الداخلي للإسلام سر قوة العرب والمسلمين في مسرح الصراع العالمي المقبل.
فهما من نفس الحضارة ومن ثم فتوظيف دورهما التهديمي أكثر فاعلية من دور إسرائيل.
وهنا يأتي ما أقصده بالمكر الإلهي الذي سيقلب الفوضى الخلاقة ليجعها لصالح الأمة:
كتبت منذ 2004 في ماليزيا بأن الفوضى الخلاقة هي فرصتنا لقلب حصيلتها:
يريدون التفتيت ونريد التوحيد.
وإذن فكلانا يحتاج إليها.
ونحن أولى بها لتحقيق شروط الاستئناف.
فالتفتيت سيقضي على الجغرافيا الاستعمارية.
والبديل سيحدده التاريخ الذي ما يزال حيا فيمكن إذن استعادة الجغرافيا التي تصور الاستعمار كما وصفنا أنه محاها في القرنين الماضيين ومثله اعتقد القوميون الذين أسسوا دولا قطرية على جغرافية الاستعمار وتاريخ ما قبل الإسلام (البابليين والفراعنة والفينيقيين والقرطاجنيين إلخ…).
فاقصى ما يمكن أن يحصل هو الفرز التالي:
إذا حاولت إيران استعمال التشيع فهي ستؤدي إلى حصول ما نرى حاليا أي يقظة الأغلبية السنية البطيئة.
وحتى التشيع العربي فهو سيفيق خاصة والعنجهية الإيرانية تستفز شباب العراق :
لن تنفعها الجالية الإيرانية التي عادت إليه بعد سقوط بغداد.
لن تستطيع إيران لاسباب موضوعية الانتصار على السنة لأن القوة المادية والروحية ليست لصالحها البتة حتى لو ساعدها الغرب كما نراه يفعل.
مجرد تولية الغرب روسيا بدور المساعد لإيران بعد هزيمتها في الشام دليل على أنه بدأ يفهم حقيقة رجحان القوة السنية ودورها في الإقليم وفي العالم كله ماديا وروحيا.
الغرب لم يجرؤ على الحرب المباشرة على المقاومة السنية (داعش ليست منها بل هي تساعد النظام عليها).
ونفس الأمر بالنسبة إلى الأقليات.
لكنه أعقد لأنها شديدة التنوع.
ولنبدأ أولا بتعريف الأقليات وطبيعة دورها في هذه العلمية التي تستهدف السنة لأن بعض قياداتها قبلت بأن تكون أداة لدى الاستعمار وتجنسوا بجنسيته (مثل غالب يهود المغرب العربي) .
مسألة الأقليات معقدة لأن لنا فيها دورا إذا لم نبدأ به لن نستطيع حل المعضلة التي تطرحها:
فلا يمكن أن ننهى عن خلق ونأتي مثله معهما.
الأغلبيات مطالبة بالكثير من التسامح وهذا من مقومات الإسلام الذي يعتبر التعدد والاختلاف من آيات الله.
عاهة القومية التي تجاوزتها أوروبا لتحقق شروط المناعة حماية ورعاية في عصر العماليق هي التي خلقت في الإقليم النزعات الانفصالية بدافع قومي:
ما يحق للعربي يحق للكردي والأمازيغي إلخ…
وعاهة الوحدانية المذهبية أو الدينية تولد الطائفة بنوعيها في الإقليم وكلتا العاهتين منافية للإسلام:
لاالعرقية ولاالطائفية بل التعددية.
أما الطائفية الثقافية (العلماني والليبرالي) فهي ثمرة الغزو الثقافي لضعاف العقل والروح.
لذلك فينبغي أن ندرك أن الأقليات العرقية والطائفية مثلها مثل الإغلبية السنية فيها من تأثر بمرضي القومية الفاشية وبالطائفية الانعزالية وبصدام الحضارات (العلمانيون والليبراليون يعاملون شعوبهم معاملة المستعمر للأنديجان).
فليس كل المسحيين كجوزاف أبوفضل أو كجدي خليل ولا كل الأكراد كشيوعييهم ولا كل الأمازيع مثل متفرنجيهم كما أن العرب ليسوا كبعثييهم.
وإذن فالأمر لا يتعلق بالأقليات بل بأقليات في الأقليات وفي الأغلبية تستبد بالأمر فتفسد العيش المشترك.
لذلك فإذا وجد مشروع لا يتأسس على القومية ولا على الطائفية ولا على الإيدلوجيا الفاشية للعلمانيين والليبرالين في الإقليم فذلك سيضمن الفاعلية في مستوى التنمية المادية والروحية.
ولأن الجميع يعلم أن الثورة هذا هدفها أي الجمع بين قيم الإسلام وقيم الحداثة الكونيتين يصبح بالوسع خروج الإقليم من توظيف الأقليات ضده بمجرد أن يتخلى عن تمييز الأغلبية عنها بنسبة وحدة الإقليم وتكامله إليها.
ولهذه العلة اقترحت الا نسمي تكامل العرب بالولايات العربية المتحدة -تجنبا للحساسيات القومية لدى الأقليات في الوطن- بل أن نسميها “ولايات الوسط المتحدة” للعلل التالية.
فكل الوحدات التكاملية في العالم تسمى بجغرافيتها وليس بنسبتها إلى عرق دون عرق -الولايات المتحدة الأمريكية-الإتحاد الأوروبي-تجمع الدول الآسيوية-
فلنسم تكاملنا بجغرافيته مع دلالته الدينية:
تجمع الوسط أو “ولايات الوسط المتحدة”.
فنحن فعلا وسط بين القارات القديمة الثلاث -ومهد أساسي بداية كل حضارة الأديان والعلوم-
ونحن بنص القرآن الامة الوسط: فلم نرفض هذا الاسم الذي يحررنا من دلالة لا تسوي بين الجميع؟
إذا قمنا بذلك فسيهمش دور المليشيات الخمس التي توظف منها إيران اثنتين (الباطنية والصليبية) وإسرائيل اثنتين (العلمانية والليبرالية) فينجح المشروع الذي يرجح كفة الاعتدال ويلغي الفوضى وكل ما يترتب عليها.
بعبارة أخرى:
لا يمكن قلب الفوضى الخلاقة على أصحابها من دون جعلها فوضى خلاقة لصالح مشروع إيجابي.
فالموقف الدفاعي وحده لا يكفي لا بد من الموقف الهجومـي الذي يعبر عن إرادة أمة الأحرار طالبي العزة والكرامة.
الهجوم الذي أدعو إليه ليس عدوانيا ولا يهدف إلى الضرر بالغير بل يهدف إلى تمكين الإقليم من بناء ذاته ليكون قطبا يحقق العدل في العالم ويرجع الكرامة لأهل الإقليم الذين لم يعد شبابه بجنسيه يقبل التبعية ويحرم من الطموح للدور الكوني.
ذلك قصدي بالاستئناف.
فهو عينه معنى الرسالة الإسلامية التي تعتبرنا أمة وسطا لنكون شهداء على العالمين ويكون الرسول علينا شهيدا.
ولا يمكن أن نكون كذلك ما ظلننا مستضعفين اشباه دول بلا سيادة للعجز عن الحماية والرعاية الذاتيتين.
لا يمكن الانتصار على مشروعات الإمبراطورية الثلاثة ذات الغطاء الديني -الإيراني والإسرائيلي والبعثي -من دون مشروع أفضل روحيا واقوى ماديا
بعبارة واضحة:
الاستفادة من الفوضى الخلاقة التي قضت على الجغرافيا الحالية يوجب جغرافيا بديل أساسها التاريخ الذي ما يزال حيا ينبض بعنفوان قوي:
ما يحرك الشباب المقاوم بجنسيه هو هذه الحيوية التي لا تعترف بالجغرافيا التي فرضها الاستعمار.
حينها ستضطر أوروبا للتعامل الندي مع “ولايات الوسط المتحدة” فتتعاون ضفتا الأبيض المتوسط لتكون القطب المعدل والعادل في نظام العالم الجديد الذي عما قريب ستتعدد أقطابه ولن يكفي فيه جنون العظمة الأمريكية وبقية من عنتريات العظمة الوهمية لدى بوتين.
ولنقل -وليس بقصد التهديد- إن قيادات الضفة الشمالية من الأبيض المتوسط لا يمكن أن تواصل استغفال شعوبها ببناء أمنها على أمريكا وإسرائيل.
فالحروب تحكمها الجغرافيا وكلانا في مرمى نار الثاني.
ذلك أن مستعمراتها في الضفة الجنوبية لم تعد بالعجز الذي كان لها لما استعمرتها فضلا عن اختلاط الشعوب والثقافات الحاصل خلال الاستعمار:
لا تكاد توجد أسرة ليس لها قريب أوروبي
والعكس بالعكس.
ثم إن لآبائنا دورا في تحرير أوروبا: والدي حارب تحت علم فرنسا في العالمية الأولى وأختي وخالي وابن عمتي قتلوا في العالمية الثانية.
فما كانت أوروبا تتميز به من علم وتقينة لم يعد حكرا عليها.
وقد شاخت ومن ثم فلا طمع في الغلبة مهما واصلت التغالب والأفضل الجنوح إلى السلم.
اجترار الماضي والغزو المتبادل لم يعد مناسبا للعصر.
الصراع الوسيط أو صدام الحضارات الحديث لا يناسب الابيض المتوسط بل لا بد من التكامل بين ضفتيه الشمالية والجنوبية حتى يعم السلم والعدل.
وهما لن يعما من دون هذا التكامل: فالمسافات بينهما ساعة طيران.
عقبة إسرائيل قابلة للحل:
فإن رضي بعضهم بـالاندماج في الإقليم دون فوقية فذلك ليس جديدا لأن كل هجرات اليهود السابقة كانت لدار الإسلام إذ هم لم يجدوا حاميا في نكباتهم السابقة غيرنا.
ويقتضي ذلك عودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم مع عودة المهاجرين اليهود مـمن لا يقبل بذلك إلى موطنه الأصلي في الغرب الذي طردهم بسبب عنصريته ووظفهم في استعماره للعرب.
حينئذ سيكون يهود الشرق -لهم حق البقاء لسبق وجودهم دولة إسرائيل-أقلية من الأقليات التي يكون لها ما لنا وعليها ما علينا في الاستئناف خاصة إذا حصل التقارب بين ضفتي المتوسط.
ومزية هذا المشروع أنه قاعدة التواصل الميسر للعلاج والمحسن للصورة ومن ثم الحاد من العداوة مع شعوب الغرب وفي نفس الوقت هو استراتيجية البناء الفعلي لقلب خلق الفوضى لصالحنا.
أما المزايا الداخلية بهذا الحل المستقبلي فهي لا تحصى ولا تعد.
يكفي أنها ستحرر تركيا من الخطرين المهددين لوحدتها أعني المشكل العرقي (الأكراد) والمذهبي (العلويون).
ومثلها العرب.
والأهم من ذلك كله يتخلص العرب والأتراك من عقدة ما حصل بعد الحرب العالمية الأولى:
فالحقد بينهما سببه القومية من الجانبين كلاهما أخطأ عندما تنصل من الأمة ليقلد فكرة القومية العرقية.
فإذا كان الألمان والفرنسيون قد تصالحوا بعد أكثر من خمسة حروب دامية منها اثنتان عالميتان فكيف بالعرب والترك ألا يتصالحا لفائدة الأمة وهم لم يتحاربا وأسهما في مجد نفس الحضارة ؟
والإيرانيون يمكن أن ينضموا إلى وحدة إقليمية شبيهة الوحدة الأوروبية إذا تخلصوا من مرض الصفوية ومن عقدتهم إزاء العرب -احتقار العرب مع تبعية لحضارتهم في آن- ولم يحالفوا الأعداء.
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/