ه
لا أريد أن أطيل القول في المسألة. أريد فقط أن اضع أمام القراء نصا لابن خلدون يشير فيه إلى علاقة التصوف الطرقي ومدعي التفلسف -وهو غير الزهد في مجاهدتي التقوى والاستقامة-علاقته بالباطنية والرافضة حتى يعلموا أن الأمر الجاري حاليا في الحرب على الإسلام وخاصة السني منه على وجه الخصوص باستعمال الطرق الصوفية عند أصحاب الثورة المضادة التي يقودها عملاء إسرائيل من الأنظمة العربية والتي يقودها عملاء إيران من الأنظمة العربية ومليشيات النوعين سواء كانوا بالقلم أو بالسيف ممن يتمعشون من الذيلين المحاربين للأمة. اورد النص دون تعليق مع الإشارة إلى عودة الحركات الصوفية بصورة لافتة:
“ثم إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك (الزعم بمعرفة الحقيقة مقابل الشريعة التي صارت رسوما) فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة كما أشرنا إليه وملأوا الصحف منه مثل الهروي في كتاب المقامات له وغيره وتبعهم ابن عربي وبان سبعين وتلميذهما العفيف (التلمساني) وابن الفارض والنجم الاسرائيلي وقصائدهم. وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضا بالحلول وإلهية الأيمة مذهبا لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر. واختلط كلامهم وتشابهت عقائدهم وظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب ومعناه رأس العارفين يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله ثم يورث مقامه لأخر من أهل العرفان. وقد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتاب الإشارات في فصول التصوف منها فقل “جل جناب الحق أن يكون شرعة لكل وارد أو يطلع عليه الواحد بعد الواحد”.
وهذا كلام لا تقوم عليه حجة عقلية ولا دليل شرعي. وإنما هو من أنواع الخطابة. وهو بعينه ما تقوله الرافضة في توارث الأيمة عندهم. فانظر كيف سرقت طباع هؤلاء القوم هذا الرأي من الرافضة ودانوا به ثم قالوا بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب كما قالت الشيعة في النقباء حتى إنهم لما أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه أصلا لطريقتهم ونحتلهم رفعوه إلى علي رضي الله عنه وهو من هذا المعنى. وإلا فعلي رضي الله عنه لم يختص من بين الصحابة بنحلة ولا طريقة في لباس ولا حال بل كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أزهد الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وأكثرهم عبادة. ولم يختص أحد منهم في الدين بشيء يؤثر عنه على الخصوص بل كان الصحابة كلهم أسوة في الدين والزهد والمجاهدة تشهد بذلك سيرهم وأخبارهم. نعم إن الشيعة يخيلون بما ينقلون من ذلك اختصاص علي بالفضائل دون من سواه من الصحابة ذهابا مع عقائد التشيع المعروفة لهم. والذي يظهر أن المتصوفة بالعراق لما ظهرت الاسماعيلية من الشيعة وظهر كلامهم في الإمامة وما يرجع اليها ما هو معروف اقتبسوا من ذلك الموازنة بين الظاهر والباطن وجعلوا الإمامة لسياسة الخلق في الانقياد إلى الشرع وأفردوه بذلك ألا يقع اختلاف كما تقرر في الشرع. ثم جعلوا القطب لتعليم المعرفة بالله لأنه راس العارفين وأفردوه بذلك تشبيها بالإمام في الظاهر وأن يكون وزانه في الباطن وسموه قطبا لمدار المعرفة عليه. وجعلوا الأبدال كالنقباء مبالغة في التشبيه. فتأمل ذلك.” (المقدمة الباب السادس الفصل 17 التصوف).
ترويج المنشور.