ه
من نعم الله على الإسلام تحول شهود الزور الخمسة إلى شهود حق:
• فأنظمة الثورة المضادة ونخبهم التابعة لإسرائيل بدعوى الدفاع عن تحديث الامة العربية
• وأنظمة الثورة المضادة التابعة لإيران ونخبهم بدعوى المقاومة والممانعة
• وإيران
• وإسرائيل
• ومعهم السند الغربي.
والحرب على تركيا ليس لها من علة إلا أمرين:
- لأنها بدأت تسترد ذاتها وتتصالح مع تاريخها.
- لأنها الملجأ الوحيد الذي يحمي من سلم من قيادات الربيع ومن هاجر من شعوبه. ولولا ذلك لكانت تركيا مع أحد هؤلاء المحاربين للإسلام السياسي وللربيع وطبعا في كانت ستكون مع الثورة المضادة بنوعيها. وبهذه المناسبة أريد أن احذر تونس والجزائر: فكل تردد في حسم الموقف من حفتر يعني في النهاية إذا انتصر نهاية أحلام التونسيين والجزائريين لأن فرنسا وإسرائيل وأمريكا بخلاف ما يظن لا يحاربون في ليبيا من أجل البترول فلهم بدائل بل من أجل منع تحرر افريقيا كلها بوأد ثورة الجزائر.
وإذا وئدت ثورة الجزائر فعلى ما بقي من ثورة تونس السلام. وما أتوقعه وآمل أن يكون توقعي وهما هو أن الخطة الفرنسية والإسرائيلية والأمريكية هي محاولة تحريك بعض علمانيي الأمازيغية في ليبيا وتونس والجزائر وحتى المغرب ليحدثوا شبيها لما أحدثوه بعلمانيي الأكراد: والهدف سايكس بيكو جديدة تشمل الإقليم كله مشرقه ومغربه.
والتهديد يستهدف في المغرب الإسلامي الجزائر كما يستهدف في المشرق الإسلامي تركيا. فهذان القطبان هما ما يمكن أن يعتبر ذا قدرة على المقاومة ونجاحهما يعني التحرير التام لجناحي الإسلام وقلبه وهو ما يحاولون منعه بكل السبل لأنه يعني أن ما سعوا إليه منذ قرون سيفشل إذا نجحت تركيا والجزائر.
لست غافلا عن كون تركيا والجزائر لهما وضعية داخلية شديد الصعوبة والتعقيد. لكن الاستراتيجيا تقتضي ألا يخفي قطار قطارا آخر ومن ثم فلابد من فهم أن معركة ليبيا جنيسة لمعركة سوريا وأن الهدف هو منع تحرر الاقليم بكل الوسائل وتكرار ما حصل بعد الحرب العالمية الأولى: مزيد التفتيت لجغرافيتنا بالاعتماد على تحريف تاريخنا وإعادته إلى ما قبل الإسلام بصراع القوميات.
وكل موقف مبني على الانتظار والتردد سيجعل اليسير بالفعل والمبادأة الهجومية عسيرا برد الفعل الدفاعي. فالجزائر الآن قادرة على وأد محاولة حفتر بلطمة سريعة غير رسمية لكنه إذا تمكن من ليبيا فلن تستطيع ضده شيئا لأنه يصبح ممثلا لدولة الثورة المضادة والغرب يعترف بها حتى قبل تحققها.
كل تخريف الاعتماد على الشارع من أوهام المثقفين. الشارع بدون قيادة هو الفوضى وليس ثورة. والفوضى مثل الزبالة هي التي تكثر الجراثيم والجراثيم هنا هي الاختراق الذي هو أداة الادوات في الحروب الحديثة التي لا تعتمد على السلاح المادي مباشرة بل على السلاح الرمزي لضرب الأذهان قبل الأبدان
ويؤسفني القول إن نخب الجزائر ومثلها نخب تونس ليست في مستوى المسؤولية التاريخية: فالمزايدات في تونس سابقا ومثلها في الجزائر حاليا ستفوت الفرصة على العلاج السريع للتوجه الذي يحقق الأهداف بالصبر وطول النفس فيصبح طلب الكل أو لا شيء هو الفخ الذي سيقضي على الثورة من أصلها.
كل هؤلاء وخاصة النخب الناطقة باسمهم وتدعي اليسار والقوميين العلمانيون أو الإسلام السلفي العلمي والجهادي لم يبق لهم من عدو غير الإسلام السياسي ودوره في الثورة. ومعنى ذلك انهم يعترفون صادقين بأن الثورة التي تسعى إلى الحرية والكرامة والسيادة لا يمثلها غيره ولذلك فالحرب عليه وحده.
في الحرب العالمية الأولى استعمل الانجليز والصهاينة وبقايا الصليبية والباطنية في الإقليم القوميات عامة والعربية خاصة -لأن العرب كانوا كما هم الآن قد نكصوا الجاهلية-ليحققوا سايكس بيكو الأولى وهم الآن يستعملون علمانيي الأكراد والأمازيغ -حاشا الشعبين-للقضاء على أكبر دول الإقليم. وقد حاولت جهدي الكلام في المسألة الجزائرية ولا اعتبر ذلك تدخلا في ما لا يعنيني وذلك لعلتين:
- أولا أنا لا اعترف بالحدود التي فرضها الاستعمار.
- أنا متأكد أن الجزائر ليست مستهدفة وحدها كجزائر.
بل المستهدف هو كل المغرب وكل افريقيا لأن الجزائر هي رمز حداثتهما الثورية والأنفة (النيف) والرجولية. وقد كنت دائما أقول لطلبتي إن الجزائر وليست فيتنام هي التي قهرت الاستعمار الغربي. ودليلي أن فرنسا ما كانت لتخسر حرب فيتنام لو لم تكن قد حسبت أن عليها الاختيار بين المحافظة على فيتنام وخسران الجزائر أو أن تعكس فعكست فكان دور الجزائريين مشاركة غير مباشرة في تحرير فيتنام منها.
ولولا انتصاره على فرنسا وما تلا ذلك في انتصار الجزائريين عليها لما صمد فيتنام ليهزم أمريكا من بعدها. ولذلك فالرمز الجزائري أكبر مما يمكن أن نجد له مثيلا في تاريخ الإسلام الحديث وحتى القديم. ولا يقرب منه إلى دور تركيا بعد أن كاد الإسلام يمحوه حروب المغول والاسترداد لولا دورها.
وقد اشترك الشعبان الجزائري والتركي في تحرير المغرب كله من حرب الاسترداد الاسبانية كما حالت تركيا دون البرتغال واستعمال الجزيرة العربية. لكن قيادا الثورة العربية المزعومة في القرن الماضي والثورة العربية المضادة الحالية لا يضاهيهم أحد في النذالة وقلة المعروف ونكران الجميل. لذلك فهم يحاربونهما.
ليس لي حول ولا قوة في السياسة. لكني استعمل ما أستطيع لتحليل الوضعيات الاستراتيجية للشباب بجنسيه لأنه هو الامل الوحيد لاستعادة الدور والاستئناف. وإذا كنت أخاطب القيادات في الجزائر وحتى في تونس فإني لا أبني عليهم أملا كبيرا لأنهم قوم عميهم معارك الآجل على العاجل فيخسرون نوعيهما.
كنت أقول لطلبتي لإفهامهم العلاقة بين حربي التحرير في فيتنام وفي الجزائر اللتين بدا لهم تحليلي فيهما مفارقيا عليكم ألا تعتبروا قيادات فرنسا حمقى مثل قيادات العرب: هم يتوقعون الآجل وينظمون فعلهم في العاجل على ضوئه وبذلك فكل عاجل يكون قد أعد لما كان آجلا فيتجنبوا المباغت ما أمكن.
حسبوا أن فرنسا ليس لها القدرة على خوض حربين واحدة على الابواب والثانية في أقصى الشرق. وكان التحليل أيهما أولى بالجهد لعدم خسران الحربين؟
فكان الحل ضعف الجبهة في فيتنام وتقويتها في الجزائر. ومن ثم فالجزائر هي التي حررت فيتنام طبعا مع جهد أبنائه: وهوشي منه ذو ثقافة فرنسية.
وكل من يصدق الخرافة القائلة إن بوتين لن يسمح باللعب بأمن الجزائر سخيف. فدوره إن سمح به سيكون مثل دوره في سوريا. فبوتين دمية للمافيا التي تحكم روسيا وهي اخت المافية التي تحكم إسرائيل بل هي أمها ومن ثم فلن يكون دوره إلا المساعدة على تهديم الجزائر. فاحذروا من عنترياته الزائفة.
وهذا ما عندي وآمل أن تدرك نخب الجزائر خطر اللعبة التي بدأت تغرق فيها تشجيعا للمماطلة في الحسم السريع والحد من الاعتماد على الشارع والانتقال إلى الاعتماد على المؤسسات السياسية مهما كان فيها من ضعف لان السيطرة على المؤسسي دائما أيسر من السيطرة على فوضى الشارع لحمايته من الاختراق.