____________________
لا يحتاج الملاحظ الى كبير فطنة ليدرك ان حكم السبسي بدأ بما انتهى به حكم بورقيبة : حال الرجل و مشكل الخلافة المطروح.
فلا احد ينكر ان سن الرجل و صحته ليست بابعد حال عن سن بورقيبة و صحته.
و لا احد ينكر ان معركة الخلافة بدأت قبل ان يستلم الحكم مع ما يتميز به النداء من هشاشة النشأة الحديثة و المغلوث الذي يتألف منه.
و الباجي نفسه مدرك لمعضلتيه اذا صح ما روي في الاعلام حول رأيه في المحيطين به. فهذا الرأي يعني انه يبحث عن خليفة و لم يجده. لكنه يعني كذلك انه قد حكم عليهم باستنتاج عدم فهمهم لخطته في تكالبهم على الوزارات : فذلك قد يحول دونه و التطميع و الفخ الذي يريد نصبه.
و حتى نجنب تونس تكرار سيناريو بن علي قد يكون بتدخل مخابراتي يحسم مسألة الخلافة لابد لكل النخب السياسية ذات النظر البعيد ان تتيقظ و ان تتخلى عن كل الاصتفافات الحزبوية التي تمثل مهد مثل هذا السيناريو.
لا شك ان الشعب التونسي لم يعد كما كان ايام عهد بورقيبة في ايامه الاخيرة لكن الوضع الاقليمي و الدولي مجموعا الى حال الاقتصاد التونسي و حال الامن و الجروح التي فتحتها الحملات الانتخابية قد يلغي مفعول الوعي بالحقوق و الكرامة و الحرية الذي نتج عن الثورة .
لذلك فاني اعتقد انه من دون وحدة وطنية حقيقية و حكومة فاعلة ممثلة لارادة الشعب فان اللاعبين باذيالهم و المغامرين من متطرفي اليسار و اليمين قد يفسدون كل منجزات الثورة .
و الاخطر من ذلك كله مناورات حكومة الوحدة الوطنية الكاريكاتورية التي لا تهدف الى علاج القضايا المطروحة بل الى نصب فخ للقاعدة الشعبية التي هي في النهاية الحصن الوحيد لوحدة الشعب.
حذار . من الطمع في الحكم الصوري و من الخوف من الماضي الذي تجاوزته الثورة .
المستقبل محليا و اقليميا و دوليا لا يحدده الا القادر على المطاولة : فالنصر صبر ساعة
و عندئذ تكون الثورة قد استردت قوتها في موجتها الثانية التي تسعى الى تثبيت ما حققته الموجة الاولى من شروط التعبير على الارادة الحرة و متابعة تنفيذها بوعي المواطن الذي تجاوز صراع الحضارات و اسس لعمل سياسي حديث يعد الى التداول السياسي السلمي في دولة مدنية اجمعت نخبها رغم تنوعها على صياغة دستورها. و ذلك كله يقتضي تجاوز الطابع الخانق للازمتين الاقتصادية و الامنية بوحدة تضاهي وحدة حرب التحرير من الاستعمار المباشر ذلك انها استكمال للتحرير من الاستعمار غير المباشر
و ما كنت لادلي بهذا الرأي لو كنت ممن يسعون الى المشاركة المباشرة في الحياة السياسية فهذه قلوتها منذ استقالتي من المجلس و الحكومة لكن ذلك لا يعني اني ابقى متفرجا على الاخطار التي تهدد وطننا.

_____________
أبو يعرب المرزوقي