****،
من علامات الحمق في هذا المقال أن صاحبه بوحي من رئيسه صور أبا يعرب المرزوقي أداة للغنوشي في ما وصفه بالحرب الباردة بينه وبين سعيد.
وهو ما يعني أن جون افريك ليست إلا “تورشون” هي فياي أوروبا عند الحركيين و”البيي نوار”.
فصاحبها لا يحترم نفسه لأنه هو أداة خادم الاستعمار الفرنسي أعني رئيسه الذي يشارك ماكغون في كونه دمية صهيونية ويسعده ما رآه من تذلل سعيد له حتى لثم كتفيه ككل عبد يخضع لسيده مثله.
فأبو يعرب ليس خادما لأحد بل لما يراه بحسب تحليله للوقائع والأحداث.
وأبو يعرب يعتبر الغنوشي مسؤولا أولا عن وصول سعيد لسدة الحكم.
وقيس سعيد يعرفه أبو يعرب أكثر حتى من معرفة سعيد لنفسه.
لأنه درس حمقه وسلوكه منذ ايام الثورة وحذر منه منذ ترشحه قبل نجاحه في الدورة الأولى.
وأبو يعرب يعلم أن معركة النهضة الداخلية هي التي كانت فرصته مثل الشاهد قبله.
بل هي فرصة كل الذين ركبوا على النهضة من بداية وصولها إلى الحكم.
لأن كل زعماء مشاركيها لم يكن لهم من الزعامة إلا الاسم وهي التي جعلتهم يستأسدون عليها.
والعلة في ذلك كله هي أن قيادتها تتكتك بمنطق دعها حتى تقع وبمنطق تصعيد اللحاسين.
وهذا في السياسة استبعاد الصادقين وهو الحمق الذي يعتذر صاحبه عن اخطائه الاستراتيجية بما يسميه الاكراهات السياسية عندما يصل إلى مأزق أشد من الذي حله بــ”التسليك” المرتجل.
وهي نتائج الرماية في عماية والعمل في السياسة برؤية كل يوم ويومه اي الارتجال تحت الضغط اللامتوقع.
ولله في خلقه شؤون.
فنفس الحمق هو الذي بعث بورقيبة من مرقده لكثرة التركيز عليه في خطاب احمق فوفر الفرصة للسبسي.
وأخشى أن يكون الائتلاف قد ورث هذه العاهة.
وهو نفس الخطاب الذي وفر فرصة عبير من بعده وقد تصبح صاحبة القول الفصل.
وهي التي جعلت صاحب الوشق ومبدع نموذج الجرانة وزيرا للتربية .
وجعلت المفاخر بالدكتوراه من أحباء حفتر وزير تربية من بعده.
وقبلهما الانتهازي لأن المرزوقي تعهد بتحريم وزارة التربية على الإسلاميين حتى قبل أن يصبح رئيسا بأقل من ثمن ما حصل عليه غيره من الأصوات في الانتخابات.
وكل من يستعد لركوب النهضة للحصول على عضوية المحكمة الدستورية له نفس الرؤية.
سيركب على قيادة النهضة ثم سينقلب عليها لعلمي أنه لا يمكن:
1-ليساري
2-أو لقومي
3-أو لليبرالي
4-أو لأي عميل آخر معاد لحضارته
5-أوعابد لمستعمره
أن يصبح صديقا لإسلامي إلا لأنه يستغبيه حتى يركبه للوصول إلى ما يعلم أنه لن يصل من دون ركوب احمق منهم عديم الفراسة فيصعد اللحاسين ويبعد الصادقين.
تلك هي دلالة مقال جون افريك.
أما أبو يعرب فهو ليس أداة لأحد – إنه حر كطيف النسيم – ولم يكن أبدا عضوا في حزب بعد أن غادر حزب المرحوم بورقيبة بل هو في اختصاصه وفي مشاركته السياسية يحاول فهم ما يجري ويبدي رايه بما يقتنع به بعد بحث لا يراعي فيه إلا امرين:
معايير البحث العلمي التقنية
ومعايير قيمه الخلقية.
لذلك فكل الذين كانوا “يهزأون” مما يبدو لهم ندرة في مسيرته الفكرية والخلقية وخاصة في أمرين بين راهن التاريخ صحة رؤيته فيهما فضلا عن مساره في التكوين المناسب لما يريد البحث فيه بشروطه:
1-تحديده لمنزلة الحضارة الإسلامية في مستقبل الإنسانية بخلاف ما كان يؤمن به باعة الروبافيكا الفكرية. ولذلك فهم قد انتهوا في الأخير إلى ما له صلة بحدوسه وهم صاغرون.
فتبين للجميع صَغارهم الفكري وتبعيتهم الدالة على عدم فهم معنى الكونية الإسلامية التي كل تخل عنها دليل عدم فهم تعين المفهومي في التاريخي.
فقد كانوا كلهم مثل العروي يرون أن حضارتنا ماض وصفحة ينبغي طيها والاستسلام لما لا يفهمون للتخلي على ما لا يفهمون.
2-إيمانه بأن الحضارة الإسلامية لم تهزم ولن تهزم وأنها لا تمثل ماضيا ميتا بل هي مستقبل الإنسانية وفرصتها. وهو إيمان اثبت الراهن صحته وأثبت جهل من كان يضحكهم مثل هذا القول.
والعلة هي أنهم لا يفهمون معنى الزمان التاريخي لتصورهم إياه خطيا ومثلثا ماضيه واحد ومستقبله واحد وحاضره حرب تحرره من ماضيه وذلك الحاضر هو ما تصوروا أنفسهم قد استوعبوه من الحضارة الغربية ألتي هم أجهل الناس بها لاقتصارهم على قشورها.
فلا يوجد حاضر أجنبي أرقى من حضارة الإسلام فضلا عن كون الكوني واحد في كل الحضارات.
وخرافة الآفهيبونج بمنطق صراع أرواح الشعوب (هيجل) أو بمنطق صراع الطبقات (ماركس).
فهذا القول دليل وهم يجعل أصحابه يتجاهلون أن الحاضر الحي هو دائما صلة ما قبل البداية وما بعد الغاية أي إنه سر الماضي وسر في كل حضارة كونية مثل حضارة القرآن.
ولست معنيا بالفروق المضمونة بين الرؤى بل بمحدداتها الصورية التي هي جوهر الفكر الفلسفي والديني لأن المضامين تعود في النهاية إلى مجرد قيم المتغيرات بالمعنى الرياضي القيم التي تحددها المفهومات النظرية والقيمية التي يعمل بها الفكر الفلسفي والديني في كل حقبه.
وهما زبدة ما يغيب عن باعة الفريب في الفكر الديني والفلسفي وخاصة في فلسفة التاريخ وفلسفة السياسة وأساسهما هو فلسفة الدين وهما ليسا في متناول الجاهلين:
1-بمنطق المفهوم.
2-بمنطق الاقتصاد.
3-بمنطق الثقافة النظرية والثقافة القيمية.
4-بمنطق فلسفة السياسة التي هي التربية والحكم بما تقدم
5-بشروط تطبيق هذه الأصناف من المنطق على الوضع الحضاري الإنساني ومنزلة الإسلام فيه. وذلك هو ما يعنيني ولست في خدمة أحد لا الغنوشي ولا غيره.
وبهذا المعنى فصاحب المقال ورئيسه كلاهما عبد لغاية دالة على صغارهما ونذالتهما وليس ما ورد في المقالة دالا على معرفة بحقائق ما يجري في تونس.