لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله جهاد المتطوع
كيف زعمت في جهاد المتطوع: “لا يمكن فهم الدين من دون تكوين متين في الفلسفة” ثم أعكس “لا يمكن فهم الفلسفة من دون تكوين متين في الدين”؟
الا يعني ذلك ما يعنيه التلازم بينهما بمعنى “If and only if”؟
فما هي حقيقة هذا الترابط بين الديني والفلسفي بحيث يكون كلا منهما شرط الثاني؟
ولكي لا نقع في خطأ منهجي فلنميز بين التدين ممارسة والديني الذي هو مضمونه والذي ليس من شرطه أن يكون علما نظريا به بل هو يقتصر على العمل به.
ليس من شروط التدين العلم النظري بالديني ولا حتى الوعي بأن للتدين علما نظريا به: لأن “الذائقة” الدينية وجدانية وخلقية وليست علما نظريا.
وأكثر من ذلك فغالبا ما يكون العلم النظري بالديني علة لمسافة من الذائقة الدينية قد تفسدها لما تدخله فيها من مزلات الشكوك الملازمة للنظر.
فالنظر حتى في العلوم ليست مبينا على الثابت وجوديا بل على المفروض نظريا والمفروض يكون دائما حقيقة مشروطة بالمقدمات الفرضية وليس فيه يقين.
ولا دين من دون يقين: وذلك هو مفهوم الإيمان وحقيقة الفرق بين العلم والإيمان. والعلم عندما يدرك هذا الفرق يحقق الجمع الممكن بين النظر والعمل.
فالوعي بهذا الفرق هو أساس العلم كذلك: فكل علم حتى عند الملحدين ينطلق من مبدأين يقينيين:
المعرفة ممكنة وموضوعها موجود وقابل للمعرفة
والشك لا يتعلق بإمكان المعرفة بل بمداها. ولا يتعلق بواقعة الوجود بل بمطابقة علمنا لها. قد يكون علمنا محدودا لكن وجودها موضوعا لفكرنا ثابت.