جنجرينا الأنظمة العربية قابلة للحصر النسقي انطلاقا من وظائف الدولة التنقيذية بصنفيها حماية ورعاية. فهذه الوظائف فسدت جميعها فضلا عن وظيفتي التشريع المستقل المفقودة ودور الشعب المسحوق حكما ومراقبة للحكم.
جنجرينا وظائف الحماية الخمس – القضاء والأمن والدبلوماسية والدفاع والاستعلام والإعلام السياسي
ففساد وظيفتي الحماية الداخلية أي 1-القضاء و2-الأمن هو فساد وظيفتي ما يسمى بوزارتي السيادة الداخلية أعني ما يمثل قوة الدولة الشارطة للحياة المشتركة بين المواطنين في التعاون والتبادل والعيش المشترك: والمثال الصارخ هو ما يجري في القضاء والامن المصريين.
وفساد وظيفتي الحماية الخارجية أي 3-الدبلوماسية و4-الدفاع هو فساد وظيفتي ما يسمى بوزارتي السيادة الخارجية أعني ما يمثل قوة الدولة الشارطة للحياة المشتركة بين الدول في التعاون والتبادل والعيش المشترك: وهما لا تقومان بحماية الوطن بل هما تقتصران على حماية الأنظمة وتلميع الحكام. ولا حاجة لأمثلة لأن ذلك يصدق عليها جميعا.
ومصدر الجراثيم والفيروسات في هذه الوظائف الأربع التي ذكرنا هو جهازها العصبي المتحكم في كل جزئياتها وتوظيفاتها أعني جهاز المخابرات والإعلام السياسي التابع له. فهو مصدر الجنجرينا التي اصابت تلك الوظائف وتوجيهها في الظاهر لصالح النظام وهي في الحقيقة لصالح حاميه الذي نصبه على شعبه نائبا له في نهبه.
جنجرينا وظائف الرعاية الخمس- التربية والمجتمع والثقافة والاقتصاد والاستعلام والإعلام العلمي
كل وظائف الرعاية التنفيذية أصبحت خامجة أو مصابة بالجنجرينا مثلها مثل وظائف الحماية التنفيذية. فهي قد أصحبت مجرد أجهزة لخدمة الأنظمة التي تخدم حماتها الذين تستمد منهم بقاءها ولا تدري أنهم أعداؤها في النهاية لأنهم أعداء شعبها:
وظائف الرعاية الداخلية: التربية+المجتمع المدني (تكوين الإنسان).
وظائف الرعاية الخارجية: الثقافة+الاقتصاد(شرط الاستقلال الروحي والمادي).
فـجنجرينا 1-التربية و2-المجتمع المدني عطلت وظيفتي تكوين الإنسان والمواطن ما جعله يصبح عاجزا عن الإسهام في إنتاج الثروة المادية (الاقتصاد) والروحية (الثقافة) فعم العقم وتوقف الإبداع المادي والرمزي.
ذلك أن جنجرينا الثقافة والاقتصاد عطلت شروط التحرر من التبعية الروحية (تقليد قردي لسطحيات الحداثة) والمادية (العيش على التسول والتوريد)فعم العقم الإنتاجي وبات الجميع يعيش على توريد مبدعات الغير وتصدير ثروات الأرض وحتى العرض (السياحة). وقد ذهب البعض إلى توريد الباحثين والمطبلين في الإصلاح الديني المزعوم النافي للعقل والمفهوم-للزعم بأن جامعاتهم ومؤسسات بحثهم متقدمة في نتائج العلم المستعار التي عند التعمق تكتشب أنها عين العار-توريدهم للاعبي الكرة لتكوين الفرق الوطنية التي ليس فيها وطني إلا الأعلام وصياح المتفرجين.
وأصل الجنجرينا التي تمثل مصدر عقم وظائف الرعاية الأربع (التربية والمجتمع المدني والثقافة والاقتصاد) هو جنجرينا جهازها العصبي الذي تحول إلى طاحونة تجعجع دون طحين الا بمعناه التونسي. نظام الاستعلام والإعلام العلمي أو البحث العلمي العقيم لأن الجامعات تخرج العاطلين والمعطلين لجهازي الإنتاج الفكري والاقتصادي: كلهم موظفون أي بطالة مقنعة.
أصل الداء وبه يبدأ الدواء وبإصلاحه يأتي الشفاء
أصل الداء هو جنجرينا جهازي صورة العمران ومادته جهازيهما العصبيين:
فالحماية جهازها العصبي هو الاستعلام والإعلام السياسي(المخابرات والدعاية).
والرعاية جهازها العصبي هو الاستعلام والإعلام العلمي(الجامعات والإيديولوجيا).
وما لم نصلح هذين الجهازين فنجعلهما في خدمة الأمة لن تقوم لها قائمة: فلا يمكن لجسد حي أن يبقى قادرا على الحياة المستقلة فيصمد أمام الجراثيم والفيروسات التي تنخره من الداخل من دون إصلاح جهازه العصبي الحامي (المناعة) والمحيي (الرعاية).
وما من دولة فسد جهازها العصبي السياسي(الاستعلام والإعلام السياسي) وجهازها العصبي المعرفي (الاستعلام والإعلام العلمي) يمكن أن تصمد أمام الأعداء لأنها تكون فاقدة للاحم المادي والرمزي فتصبح مجرد ركام يسير التفتيت.
أخطار عدم ردع السيسي
ويمكن أن نقدم دليلا على يسر اندساس الجراثيم في جسد الأمة بدولها الهشة بمثال عجز الأنظمة العربية على التعامل مع ظاهرة من جنس ظاهرة السيسي وبشار وحفتر والحوثيين وكل مليشيات إيران العربية في جل اقطار الوطن. ولنكتف بعجزها على ردع السيسي وما يمكن أن ينجر عن التخاذل.
فعدم ردع المجرم السيسي سيجعل مصرمثل سوريا وأكثر. حينها ستسقط المنطقة كلها في حرب أهلية مدمرة ليس للمسلمين وحدهم بل كل العالم من حولهم.
ولا أحد مهما فهم تأثير الانحطاط الذي أوقع فيه العسكر مصر منذ ستة عقود يمكن أن يتوقع أن تصل النخبة المصرية إلى هذا التردي فيحكمهم أغباهم.
فمهما صبر شباب مصر فإن ما يجري من عدوان نسقي عليهم يهدف إلى إجبارهم إلى اللجوء إلى العنف حتى يحتج السيسي بما ينجيه من المحاكمة الدولية بحجة مكافحة الإرهاب التي أصبحت المصباح السحري لكل انظمة الاستبداد والفساد في وطننا.
فدعوته الأخيرة إلى الانتقام والثأر فيها تحريض بين على الحرب الأهلية والاقتتال الأهلي. فلما تبين له أن الشباب لم يرد على بلطجيته بنفس العنف أراد أن يرجع مصر إلى قانون الغاب والثأر البدائي.
لم يكتف السيسي بخدمة إسرائيل وتفريغ سينا من ساكنيها وتطبيق سياستها في تهديم العمران بل شرع مثل المجرم بشار في تطبيق التهديم النسقي. إسرائيل تطبقه بتدريج وهو يجعله نسقيا: هدم مدن سينا واقتلع زياتينها.
وهو بدعوته للثأر والانتقام سينتقل إلى أمرين: مهاجمة غزة ومهاجمة المدن والقرى التي تقاوم بنفس طريقة بشار: البراميل المتفجرة من الجو وتهديم العمران نسقيا من الأرض.
وحينئذ فما يجري في سينا الآن سيصبح الحدث العام في كل أرجاء مصر فتشمل المقاومة مصر وليبيا وقد تتجاوزهما مغربا وهي بعد شاملة لسوريا والعراق وقد تتعداهما مشرقا.
وبذلك فقد بدأ امتداد الحرب الأهلية العربية لتشمل البقية أي الخليج لأنها الآن تستعر تحت رماد اليمن وقرن إفريقيا والبحرين وجنوب العراق والهدف هو احتلال إيران للممرات لتصبح محاور الغرب الثاني بعد إسرائيل في المنطقة كلها.
والنتيجة هي أن الأبيض المتوسط والممرات ومن ثم الطاقة والجسر بين الشرق والغرب سيصبح في فوضى لن تتوقف إذا لم يتم تدارك الأمر الآن وحالا.
ومن يغفل عن هذا المآل عليه ألا يلوم إلا نفسه من قيادات العرب أو من قيادات الغرب: لن يسلم أحد من دون تحرير الأمة من الاستبداد والفساد : وتلك هي غاية الثورة في الموجة القادمة بشرط أن يتخلص الشباب من فكر الجهاد العري عن الاجتهاد.
فمن دون استراتيجية هدفها إنهاء جغرافية الاستعمار وتاريخه المتحكمين في واقعنا لن يكون للثورة معنى وستكون مجرد عنتريات سخيفة من جنس ما يحصل هنا أو هناك من حمية شبابية خالية من كل استراتيجية ويغلب عليها مناهج المقاومة البدائية التي تتصور العنف الأعمى يمكن أن يكون أداة سياسية بعيدة النظر : لا تفهم أنه يحط من المقاومة خلقيا ويفقدها السند الشعبي في الأهل وعند الخصوم فيقوي العدو بدل إضعافه إذ هو يمكنه من الحصول عما تفقده هذه المقاومة لغبائها أي السند الشعبي لديه وحتى لدى شعب المقاومة.
لا يمكن لأمة أن تستعيد دورها بأقل مما أسسه في البداية : الثورة ينبغي أن تصبح صريحة الهدف : توحيد الأمة من المحيط إلى الخليج. وهذا الهدف له عدوان : الغرب الاستعماري وعملاؤه الذين هم في آن عملاء إسرائيل وإيران. فالغرب الاستعمار يريد الابقاء على الجغرافيا والتاريخ الذي فرضه لتأسيسها حتى يتمكن من كيانات قزمة بحاجة لحمايته ورعايته وإسرائيل وإيران يريدان القيام بوظيفة الشرطي ومساعده في هذه المنطقة بهذا المنطق ولهذا الغرض.
أبو يعرب المرزوقي