ثورة العراق أو استئناف قلب الإسلام دوره

ه

يقتضي فهم هذا العنوان الذي يبدو وكأنه شعار أن نفهم فنحدد:
علام ثار العراق؟
ولماذا يعتبر ذلك استئنافا لقلب الإسلام؟
أعني الوصل بين مراكز الخلافة الإسلامية الأربعة الأساسية بروح جديدة تشبه التجمعات الحديثة في عالم العماليق الذي سيحدد نظام العالم ما بعد الهيمنة الأمريكية بما يشبه كنفدرالية تتجاوز سايكس بيكو الأولى وتحول دون الثانية التي شرعت امريكا وروسيا وإيران وإسرائيل والعملاء في الاقليم في تحقيقها تحت مسمى انتقل من الشرق الاوسط الكبير إلى الصفقة الكبرى بتفتيت العراق وسوريا وتركيا وبقية بلاد الإقليم.

1-فالشروع في احتلال العراق الأمريكي الإيراني اعتمد على فتنتين كلتاهما مضاعفة:
فتنة الانتقال من تعدد الطوائف إلى الطائفية التي تريد أن تقضي عليه بسيطرة إحداها والتبشير برؤاها.
وهي ذات مرحلتين:
واحدة جاءت بأمريكا والثانية جاءت بإيران
ليتقاسما الهيمنة على العراق والعراقيين وكل الهلال في الحقيقة.
ذلك أن لبنان لم تكن إلا قاعدة وموطئ قدم.
لكنها مهما كانت أهمية دورها فإنها فاقدة للوزن الذي يملكه العراق وخاصة تمويل الغزو الإيراني لكل الهلال وحتى لكل الخليج.

2-والنجاح في احتلال العراق الأمريكي الإيراني كان ينبغي أن يتغلب على المقاومة السنية التي أذاقت أمريكا أول هزيمة في تاريخها بخسارة ما يفوق أربعة آلاف قتيل وأكثر من أضعافها خمس مرات جرحى هذا إذا صدقنا ما قاله إعلامها الذي يخفي الحقيقة كما هو معلوم.
والفتنة الثانية كانت كذلك ذات مستويين.
أولهما هو استعمال ورقة الإرهاب الذي هو إيراني أمريكي إسرائيلي الخطط والاستراتيجيا وعربي الإنجاز تمويلا وتجنيدا للحمقى من ادعياء الجهاد اعمى البصر فضلا عن البصيرة:
لانه هو الذي أوقف المقاومة العراقية وحال دون نجاح المقاومة السورية.
فلولا غباء الإرهابيين الذين لا يدرون أنهم كانوا أداة إيرانية وإسرائيلية وامريكية بتمويل وتجنيد عربي لاستحال على القبائل والعشائر العراقية السنية وقليل من الشيعية أن تضطر للقبول باستراتيجية الصحوات التي أنهت المقاومة.
وقد كتبت الكثير في ذلك لما كنت مقيما في ماليزيا.
وجادلني الكثير من الحمقى الذين يدعون التحليل الاستراتيجي ولا يميزون بين
العنتريات التي من جنس كلام أمير داعش ولا تختلف عنها إلا في كونها كانت بدايات الظاهرة
والفعل الجهادي الذي يتعامل مع أمر هو صاحبه وليس هو فيه مجرد يد منفذة بجهل مطلق بالمقدمات والنتائج.

وما رأيناه في سوريا راينا مثله في العراق وأكثر رغم أن الطائفية في العراق صارت بين الشعب العراقي جلية مثلها مثل الطائفية في لبنان.
في حين أنها في سوريا بقيت خفية لأنها ألصقت بالنظام وحده.
وتجاهل الناس أن جل الأقليات هي التي ساندته مع أثرياء السنة الخائفين من المجهول وتحالفوا معهم لمصالح خاصة وكذلك للإبقاء على ما يمكن الإبقاء عليه ليوم الحسم.

ما الذي يجعلني الآن أقول إن تحرر العراق قد بدأ؟
وأنه بداية لاستئناف العرب دورهم في إعادة هندسة الإقليم لتحريره من سايكس بيكو الأولى ومنع سايكس بيكو الثانية؟
وكلاهما من مطالب الملالي والحاخامات ومعهما روسيا وأمريكا وحتى أوروبا رغم عماها الاستراتيجي لأن سيطرة إيران وإسرائيل وروسيا وأمريكا على الإقليم وما فيه من مقدرات يعني بقاء أوروبا نمرا من ورق وهو الذي كان تابعا للسوفيات والامريكان.
وسيصبح تابعا للملالي والحاخامات وروسيا وأمريكا إلى الأبد.

ومعنى ذلك أن عودة الإقليم إلى أهله وإحباط مشروع الملالي والحاخامات وروسيا وأمريكا فيه تحرير لكل ما يحيط بالأبيض المتوسط ليتكون في مستقبل تعي فيه نخب الضفتين أن مصلحتها واحدة في عصر العماليق وخاصة العملاقين الصيني والأمريكي أو مغول الغرب ومغول الشرق المقبلين.

وقد أفهم أن تكون الأجيال الأوروبية الحالية خائفة مما لا يزال عالقا بذهنها من ماضي العلاقة بين المسلمين والأوروبيين في القرون الوسطى.
لكن التاريخ الحالي مختلف لأن كلتا الضفتين بحاجة إلى الثانية في مصير واحد يهدده العملاقان اللذان سيتقاسمان الإقليم كله إذا بقي خاليا من قطبين متعاونين هما
نحن كل أبناء الضفة الشرقية والجنوبية وما جاورهما في القارات الثلاث التي تلتقي فيه
وأوروبا أبناء ما بقي من محيطه وتوابعهم فيها.

ما ألاحظه حصل البارحة وكانت بشاراته قد تقدمت بفضل صمود الشباب العراقي بجنسية أكثر من شهرين في هذه المحاولة الثانية الصامدة في مقاومة سلمية تجاوزت الفتنة الأولى بمستوييها:

1-تجاوزت الطائفية بمستواها الأول الذي جاء بالغزو الأمريكي بحجة المظلومية والاستبداد – حتى وإن للأمرين وجودا لا خلاف إلا في درجتهما التي توصل إلى خيانة العراق لا في وجودهما –
أولا بمعنى أن السنة والشيعة صار شبابهم يجاهد الحضور الأمريكي وشبه نادم على سماع كلام فتاوى المرجعيات التي رحبت بالاحتلال الأمريكي وحرمت الجهاد ضدهم.
وطبعا ما كان السيستاني يفتي تلك الفتوى اللعينة لولا ضوء اخضر من إيران.

2-والآن تجاوز الشباب العراقي الطائفية التي من المستوى الثاني والتي كان الهدف منها تثبيت الاحتلال الإيراني بحماية أمريكية إلى الآن.
ومعنى ذلك أن هذا النوع الثاني الذي بدأ بتخريب المراقد في سامراء خاصة هو الذي آل إلى تكوين المليشيات في الغاية لجعل العراق محكوما مباشرة من الملالي بتوسط غاية هذا المشروع وهو الحشد الشعبي.

لكن ذلك يعني أن هذين المرحلتين في الطائفية كان لا بد أن تصبحا بنيويتين بصورة تقضي على كل إمكانية لقيام دولة عراقية ومن ثم فلا بد من خطة تنهي كل إمكانية للمقاومة.
وتلك هي خطة الإرهاب المصنوع بهدف تكوين الحشد الذي هو مجرد ذيل للحرس الثوري الإيراني الذي يحكم في مسرحية الأحزاب والبرلمان والحكومة والجيش والقضاء وكل ما يوجد في العراق من مؤسسات صورية
وهي عينها التي توجد في إيران في ما يسمى الحكم التي يديره الولي الفقيه بالحرس الثوري وكل المافيات التي تستعبد الشعب الإيراني وتستبعد العراقيين والسوريين واللبنانيين والكثير من دول الخليج وبدأت تمد يدها لتونس والجزائر والمغرب.

وكانت علامة نجاح هذا المشروع الأمريكي الإسرائيلي الإيراني الروسي بتمويل الثورة العربية المضادة والعملاء من النخب العربية هي توقف المقاومة السنية في العراق وعجز المقاومة السنية في سوريا واستسلام جل بلاد الخليج للهيمنة الإيرانية أو الإسرائيلية وكلتاهما تهددهم بالأخرى وتدعي حمايتهم منها.

ما حصل أمس هو عودة العشائر والقبائل العربية للجهاد لحماية ثورة الشباب.
تلك هي البشرى التي تعد عندي بداية تحرر العراق والهلال كله.
وخاصة – وهذا هو الأهم – بداية تحرر إيران نفسها من سرطان الملالي ونظام القرون الوسطى الذي يكرر نفس سياسة الباطنية التي تحالفت مع الصليبيين والمغول والاسترداد البرتغالي ومع الاستعمار الإنجليزي وأخيرا الأمريكي.

ذلك ما فهمه شباب العراق الذي بثورته هذه وبالسند الذي جاءهم الأمس من استنفار القبائل والعشائر العراقية وقواتها لحمايتهم في ثورتهم السلمية.
وذلك ما يعتبر القضاء النهائي على مرحلتي الطائفية ومرحلتي الإرهاب الاصطناعي الذي حال دون القبائل والعشائر دونهم والاتحاد من أجل تحرير العراق وتجفيف منابع تمويل سياسة إيران لاحتلال بلاد العرب بأموال العراق.
العراق الذي صار من أفقر بلاد العرب في حين أن الله رزقه بما يجعله أغنى العرب وقاطرة عودتهم الى التاريخ بمنطق العصر واستعادة وحدة الاقليم الكنفدرالية بين
العرب والأكراد والأتراك في المشرق
والعرب والأمازيغ والافارقة في المغرب.

وبذلك يستعيد الإقليم دور القاطرة المركزية في دار الإسلام كلها.
إني حقا شديد التفاؤل.
وهذه المرة ليس مجرد تيمنا بل إن العلامات الأولى لاحت في الأفق.
والله ولي التوفيق.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي