ثورة الجزائر، من يستهدفها؟ وما المستهدف فيها؟

ه

“ما المستهدف في الجزائر ومن يستهدفها؟
• المستهدف في الجزائر خمسة أهداف.
• ومستهدفوها خمسة قوى.
فأما العناصر الخمسة فهي:

  1. وحدتها الوطنية والثقافية أصلا وفروعه الأربعة
  2. وحدة جغرافيتها وثروتها
  3. وحدة تاريخها وتراثها
  4. دورها الأفريقي
  5. دورها الإسلامي.
    وأما المستهدفون الخمسة فهم:
  6. الأصل هو إسرائيل خوفا مما ينسب إلى الجزائر من سعي حقيقي للحصول على السلاح النووي.
  7. فرنسا خوفا من الدور الجزائري في افريقيا
  8. إيران خوفا من دور الجزائر الإسلامي
  9. العملاء العرب التابعين للثلاثة الأول
  10. وأخيرا أجوارها في المغرب الكبير.
    ونصيحتي لشباب الحراك: لا تصغوا للمزايدات. فهي كلها أفخاخ ممن وصفت بهدف إفشال الثورة بالفوضى الهدامة.
    حققوا الممكن حاليا مع المحافظة على وحدة الجزائر فهي المستهدف الأول من كل هذه المزايدات. فلا توجد ثورة حققت كل مطالبها دفعة واحدة. ولا تبالغوا في التشكيك في وطنية الجميع. ابقوا يقظين لتجنب الغدر.
    وأخيرا فالحذر الواجب. لكن لا ينبغي أن يتحول إلى توجس الكل من الكل. فغالبية الشعب مخلص وإلا لما حصل ما يشبه المعجزة في هذا الحراك.
    الخونة قلة وسيفرزهم النضال. فواصلوا اليقظة وتسعون يوما ليست كثيرة في تاريخ شعب حارب فرنسا مائة وثلاثين سنة وهزمها شر هزيمة في عقد والآن سيطهر الجزائر من بقايا أذيالها فتوكلوا الله وثقوا في شعبكم والسلام”.
    لما ختمت كلامي البارحة بما قد يبدو نصائح من متطفل بدعوى أن الأقطار دول مستقلة وليس يحق للجزائري أن يكون له رأي في ما يجري في تونس ولا للتونسي لما يجري في الجزائر إلخ … بالنسبة إلى كل أقطار الإقليم الذي هو ساحة هذه الحرب العالمية التي لم تعلن عن نفسها، كان هدفي تحديد الرهان وتوصيف ما يجري لتشخيص الداء وهو الفخاخ التي نصبت وتنصب للثورة وشبابها من الجنسين.
    وما يخلص له القارئ هو أن الجزائر لا تستهدف من حيث قطر فحسب، بل من حيث هي قطر يمكن أن يكون قاطرة لقارة وأكثر من قارة بسبب منزلتها في افريقيا وفي “العالم” الإسلامي.
    ومعنى ذلك أن في كلامي على هذين الدورين شبه تبرير لما أبديه من رأي وموقف، فضلا عن وشائج القربى الشخصية مع الجزائر.
    وما أريد إضافته اليوم دون إطالة هو تحديد طبيعة المرحلة المتقدمة التي تحققت والتي يمكن اعتبارها حجر الأساس لكل ما سيأتي تباعا ولن يأتي وكأنه دون مخاض عسير. وهو آت لا محالة. وكلمة وجيزة تكفي: ما كان لا يقرأ له حساب صار العامل الأساسي في كل أحداث التاريخ المقبل: الإرادة الشعبية.
    وهي إرادة شعبية تعلم الموجود وتريد المنشود. وفي ذلك يمكن القول إن شعب الجزائر متقدم بخطوة على كل بلاد الربيع الإقليمي ولا أقول العربي لأن الإقليم وحدة حضارية وثقافية لشعوب متعددة وحدتـها الجغرافيا والتاريخ بوجودها وبمنشودها لأن مصيرها واحد بذاته وبما حوله ممن يريد السيطرة عليه ليس في التاريخ الحديث فحسب بل منذ التاريخ القديم: علاقة الضفتين حول المتوسط معلومة للجميع.
    ومعنى ذلك أن ما قلته البارحة ليس أمرا يجهله الجزائريون بكل طبقاتهم لأنه مجرد وصف لما يجري ولما يمكن اعتبار الشعب الجزائري الذي قلت إنه متقدم بمرحلة على شعوب الإقليم داريا بها دراية كان سبقه اليها هو تجربة العشرية السوداء التي اعتبرتها البداية الحقيقية للربيع ومعها الثورة المضادة التي جعلتها إخمادها درسا تطبقه في كل بلد ثار.
    وهي بدأت ليس من حيث استراتيجية السعي للقضاء عليها في مستواها العسكري والمادي بل وكذلك وخاصة في ما هو أعمق وكانت العلة في ذلك الفرصة التي آمل ألا تتوفر ثانية لأعداء الشعب الجزائري. فالقوة السياسية التي بدت وكأنها هي التي ثارت يسرت استعمال حرب الهويات على أعداء الشعب الجزائري: وذلك ما ينبغي تجنبه بكل ما أوتينا من قوة.
    فإذا تحرر الشعب بوصفه شعبا واحدا لا فرق فيه بين إسلامي وعلماني من حيث الانتماء الحزبي لأن جل الشعب مسلم إن لم يكن كله ومن ثم فالكرامة والحرية في معركة التحرر والاستقلال وعدم التبعية في مرحلة التحرير هي المبادئ التي تجمع كل الجزائريين ولا معنى لأي فروق بينهم في طلبها والسعي لتحقيقها.
    والمعلوم أن مدخل الأعداء للفتنة مضاعف:
    • الهويات العقدية.
    • والهويات العرقية.
    ولست أشك لحظة واحدة أن هذه معركة ربحها الشعب الجزائر منذ ما يقرب من قرنين وإلا لما وجدت الجزائر أصلا لأن فرنسا طيلة وجودها المادي في الجزائر الصريح خلال الاستعمار المباشر ووجودها الخفي خلال الاستعمار غير المباشر كان ذلك هدفها الأول والأخير وفشلت فشلا ذريعا في تفتيت الجزائر، بل ساهمت من حيث لا تدري لجعلها قلب المغرب الكبير كله.
    والآن أعلم أن فرنسا وأعراب الثورة المضادة بقيادة إسرائيل وإيران يسعون إلى نفس الاستراتيجية من أجل من أشرت إليه أمس من الأهداف الخمسة أعني كيان الجزائر الدولة الكبرى والقوية ثم دورها الأفريقي والإسلامي وما يمكن أن تكون عليه في المغرب الكبير نظير ما عليه تركيا في المشرق الكبير: كما كانا منذ سقوط الاندلس إذ لولاهما لكانت الضفة الغربية من المتوسط قد ترومنت مرة ثانية.
    وواضح أن المستهدف الأساسي هو وحدة الجزائر الجغرافية أصل قوتها المادية ووحدتها التاريخية أصل قوتها الروحية وبقية الأهداف توابع لهذا الهدف الأساسي. لذلك فالمرحلة التي وصلت إليها الجزائر والتي ينبغي المحافظة عليها بالنواجد هي: عودة دور الشعب عاملا أولا مع فشل الفوضى “الخلاقة” فيها.
    وإذا أضفنا تجربة العشرية السوداء فإن ما يهدد الجزائر اعتبره وراءها الآن والمطلوب هو الصبر على المخاض. فلا يمكن أبدا أن يحصل النكوص الذي يتخوف منه الكثير- ولهم حق في ذلك لأن الأعداء كثر في الداخل والخارج: فما حصل في اقطار الربيع عرفته الجزائر في العشرية وتجاوزته.
    فالجيش جرب الانقلاب على إرادة الشعب وفشل واضطر للمصالحة. وهذه من فضائل بوتفليقة رغم كل ما يقال فيه. ولذلك فلا بد من تكريمه والاستفادة منه رمزيا في تنظيف الجزائر من بقايا الحركيين. والإسلاميون تعلموا الدرس وعليهم أن يتعاموا مع الشعب في ما يحقق الحرية والكرامة والإسلام غني عمن يدافع عنه إذ هو سر بقاء الجزائر وثورتها.
    وينبغي ألا ينسوا أن الثقافة الديموقراطية لا تولد بين عشية وضحاها وأنه حتى لو أعطاهم الشعب الاغلبية فإن ذلك لا يكفي لحكم الجزائر وحدهم بل لا بد من تعاون على إرساء الثقافة الديموقراطية بمشاركة الجميع حتى يستقر النظام الديموقراطية ويصبح من ثقافة غير قابلة للتراجع.
    والعلمانيون الصادقون لا يمكن ألا يكونوا وطنيين ولا يمكنهم أن يركبوا العرقيات لأن الجزائريين لو كانوا ممن يؤثر فيه مثل هذه التخاريف لما كانت قيادات ثورة التحرير من الأمازيغ ولاستطاعت فرنسا أن “تكثلكهم”. لكنها فشلت وبقي الشعب الجزائري متحدا ولولا اتحاده لبقي الاستعمار المباشر.
    صحيح أن الاستعمار غير المباشر أعسر علاجا من المباشر لأنه يعتمد على أبناء البلد ممن يغريهم الاعتماد على الأعداء بدل الاعتماد على الشعب ليكون لهم دور في السياسة.
    لكن ما حدث في العشرية وما يحدث الآن يبين أن هذه العقبة زالت أو هي في احتضار لأن الشعب صار يدرك استبدادهم وفسادهم “قع”.
    واختم بـكلمة “قع” وأخطارها. فإذا لم نتعامل معها بحكمة فستعيدنا إلى كل عوامل الفتنة التي عطلت بلاد العربي. فـ”قع” مخيفة لـ”قع”. ذلك أن لحكمة تقتضي أن نميز بين “قع” للرؤوس الكبرى و”قع” العامة التي تقويهم باعتبارها قد تعتبر تهديد للغالبية التي تتبعهم لعموم ثقافة الفساد بين العباد في البلاد.
    والحل هو المثل التونسي: قص الراس تنشف العروق. “قع” الرؤوس وليس التوابع. وحتى يصبح التوابع مع الثورة ينبغي ألا تخيفهم الثورة. وهي لا تخيفهم إذا أعلنت من البداية دلالة “قع”. وهو ما سميته ونصحت به في تونس “المصالحة” قبل المحاسبة والمحاسبة بالقانون وليس بالعزل السياسي.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي