لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
تنبيه مدير الصحفة:
نعلم أن قضية المرأة في الوضعية الإسلامية الحالية قضية شائكة وخاصة حيث هي ما تزال موضوع تفكير في الخليج لأن أغلب الأقطار العربية إما اختارت التقليد القردي للنموذج الغربي أو حافظت على النموذج التقليدي لعصور الانحطاط بإهمال علاج علله وأسبابه.
لذلك فلما طرحنا المشكل على الأستاذ قال لنا إن علاجه سيكون علاجا لن يعجب صفي الانحطاط :
- الذين يخلطون بين قيم الإسلام والنكوص عنها بسبب الانحطاط الذاتي
- والذين يخلطون بين قيم الحداثة والنكوص عنها بسبب الانحطاط المروث عن الاستعمار.
وعلاجه هنا يمثل ربما أطول سلسلة من سلاسل التغريد التي أملاها علينا إلى حد الآن ربما لأن المشكل جوهري فهو يمثل:
- أحد الثغور التي تحمي الأمة لئلا يحوله العدو إلى ثغرة
- وعورة بالمعنى الاستراتيجي(حجة العازفين عن حماية البيضة في حرب الأحزاب في المدينة المنورة)
لوظيفتي الدولة : الحماية والرعاية.
والخطاب موجه إلى الشباب بجنسيه الشباب المتحرر من الانحطاطين الذاتي الذي يخلط بين قيم الإسلام ونكوص الأمة إلى قيم الجاهلية والذي يخلط بين قيم الحداثة ونكوص البشرية إلى سلطان الغرائز والقوة بدل الفضائل والعدل.
وقد يغضب بعض المتزمتين من ممثلي الانحطاطين فيوقعوا الأمة في صدام حضاري داخلي هو منفذ الأعداء لتخريب أسس قيامنا الروحي:
ذلك هو حصان طروادة لتخريب المجتمع المسلم.
ولهذه العلة فليس الكلام في الموضوع خروجا عن عاصفة الحزم ممثلة لاستفاقة الأمة بداية لاستئناف دورها التاريخي:
فسد الثغرات من أهم عوامل حماية الثغور.
أستاذنا لم يهمل العناية بعاصفة الحزم التي سعى إلى ما هو من جنسها منذ أكثر من ثلاثة عقود.
لكنه يعتبر أن الأعداء ينفذون من أي ثغرة نتجت عن الانحطاطين لتخريب شروط الاستئناف التي من علاماتها ومبشراتها عاصفة الحزم.
والانحطاطان متغاذيان كلاهما ينهل من الآخر في ما يشبه صراع الحضارات الداخلي.
ثورة التحرر الإسلامي أو الحرية والحب شرطا الكرامة والمهابة
1-سألنا أستاذنا:
ما الذي تستنتجه مما اطلعت عليه حول مواقف الشباب الخليجي وخاصة الجنس اللطيف الذي يظنه الكثير قدم أخيل في ثقافة الخليج خاصة وثقافة المسلمين عامة؟
2-فأجاب:
لعل سؤالكم هذا أكثر القضايا حساسية في ثقافتنا العربية الحالية التي يمثل الخليج عينة منها
يظن الكثير من شعوب الأمة متوهما أنه قد تجاوزها.
3-ولنكن صرحاء :
- قضية أولى هي علاقة ثقافتنا بحرية المرأة
- وينتج عنها قضية علاقة المرأة بالحب.
هذا ما يطغى على المواقف في العينة التي قدمتوها.
4-لماذا يعد الخليج عينة حية من هاتين القضيتين دون سواه من مناطق العرب الأخرى؟
لأن هذه تنقسم إما إلى من حلها زائف الحل أو إلى من تجاهلها.
5-فالحل الزائف هو نسخ الرؤية الأوروبية.
ولا حاجة لضرب الأمثلة فهي معلومة.
وإهمال العلاج هو التغافل عما يفاقم الداء برفض التشخيص والدواء.
6-وسأبدأ بذكر أمر إيجابي جدا اعتبره من علامات الصحة :
فقد اجتمع في ما قرأت للشباب بجنسية ضمأ للحرية والحب مع تقوى وإيمان بهَراني وحيَّراني حقا.
7-ومعنى ذلك أن الشباب بجنسيه صاحب فطرة سوية :
لا يعتبر حق الحرية وحق الحب خروجا عن القيم السامية بل هو ينزلها منزلتها ويعللها بظلم عرضي.
8-قلَّ ما اعترضني في نصوص الشباب بجنسيه قول بأن هذين الحقين ما يحول دونهما هو من جوهر الدين سواء في نصه (القرآن) أو في ما يعينه بالفعل (السنة).
9-ومعنى ذلك أن الأمر يتعلق بثورة خلقية وقيمية وليس بالتوظيف السياسي الذي يراد فرضه من الخارج كما حصل في البلاد التي قلدت الحل الغربي.
10-فإذا لم يفهم الفقهاء هذا الفرق فمعنى ذلك أنهم يضيعون فرصة ذهبية لتحقيق إصلاح يعيد قيم الممارسة في المجالين إلى جوهر القيم القرآنية.
11-وبعبارة أوضح :
الشباب بجنسيه بهذه الثورة الخلقية والقيمية حرية وحبا أقرب إلى روح القرآن والسنة من نكوص بعض الفقهاء إلى قيم الجاهلية.
12-المشكل :
كيف تتحقق قيمتا الحرية والحب بمعزل عما ترتب عليهما في النموذج الغربي من توظيف للمرأة في ما يحط من منزلتها الخلقية والجمالية؟
13-ولنبدأ أولا ببيان المسألة المبدئية :
فالحرية عامة تتعين في مسألتين كلتاهما يفرضهما القرآن فرضا أي التعبير الحر عن الإرادة (المشاركة السياسية) وعن القدرة (المشاركة الاقتصادية).
14-فأما التعبير عن الإرادة فما خاطب الله الرجل تكليفا إلا وخاطب المرأة معه.
وأهمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: السهم في الشأن العام.
15-لذلك فالرسول الأكرم لم يبايعه الرجال وحدهم بل بايعته النساء :
إذن فحرية التعبير عن الإرادة وسنامها المشاركة السياسية يؤسسها القرآن والسنة.
16-أما التعبير عن القدرة فهو حق الملكية.
والمرأة في القرآن الكريم وفي السنة وحتى في التقاليد لها كل صفات المالك وحرية التعامل دون وصي بعد الرشد من الأهل أو من الزوج.
17-والحصيلة هي حرية الإرادة وعبارتها الأسمى الذات السياسية وحرية القدرة وعبارتها الأسمى الذات المالكة ثم المساواة في التكليف الديني عقدا وشرعا.
وبذلك تكون الـمساواة بين الجنسين مساواة تامة.
18-لكن الاعتراض على المساواة التامة يصدر عن التأويل المتسرع لما يبدو منافيا لحرية الإرادة والقدرة في وضع النظام الأسري والنظام السياسي.
19-والتأويل المتسرع هو الذي يمكن أن يقلب ما هو ثورة خلقية وقيمية إلى حركات هدامة للظن بأن مقصود المرجعية هو ما فهم منه التأويل الفاسد.
20-التغريد لا يسمح ببيان القصد من التأويل المتسرع وكيفية التحرر منه. ووصفي الظاهرة بكونها خلقية قيمية هو الذي ينبغي أن يكون منطلق الحل.
21-والحل سره في أن القرآن يعترف بهاتين الحريتين بل ويعتبرهما من أهم مقومات حياة المؤمن أيا كان جنسه ويضع حدودا تحول دون مآلها الغربي.
22-المشكل يتمثل في إطلاق هذه الحدود بمنطق سد الذرائع فنفيت الحريتان:
نفس المنطق في القانون الحديث مكن الأنظمة المستبدة من إلغاء كل الحريات.
23-ووعد الأستاذ ببحث في المسألة يعالج القضية علاجا دقيقا حول ثورة الشباب الخلقية والقيمية للحرية والحب بمعزل عن مآلهما الغربي الأليم.
24-فلنحاول الوفاء بالوعد :
كيف نتجاوز الصدام بين توق الشباب بجنسيه للحرية والحب ومنطق سد الذرائع الذي ضيق عليهم بما ينافي قيم القرآن؟
25-نفس السؤال:
كيف نتجاوز حصر سبل تحقيق الحرية والحب بالمنطق الذي يبحث بمنطق مقابل عن الذرائع لجعل الحرية والحب تحللا من قيمنا السامية.
26-ثورة شبابنا بجنسيه الخلقية والقيمية هي حرصهم على قيمنا السامية مع توق حميم للحرية والحب قد يفسد إذا عومل بمنطق سد الذرائع فيصبح تغربا.
27-وثقل القضية يتعلق بالفتيات أكثر من تعلقه بالفتيان رغم أن دور هؤلاء في تعميق الأزمة أكبر:
فهم لا يساعدون الفتيات العربيات على الثبات.
28-وقبل أن أواصل البحث عن الحل ينبغي أن اشير إلى أن المسألة ليست مقصورة على شباب الخليج بجنسيه وحده إلا لأن شروط حلها ممكنه في ظرفه.
29-وهي شروط إمكانها متوفرة في الظرف الخليجي بسبب ما أشرت إليه من رجحان الطابع الخلقي والقيمي على المآل الثاني الذي نرى ضرره في التغريب.
30-ومما يساعد في بحثنا هو أن الغرب نفسه بدأ يدرك أهمية المسألة على السلامة النفسية والقيمية للفرد والجماعة من خلال منزلة المرأة والأسرة شرطي الأنس والسعادة لمقوميها (الرجل والمرأة) والتنشئة السوية لثمراتها الإنسانية (الأجيال الصالحة).
31-ومعنى ذلك أن الغرب نفسه لم يعد يولي أهمية مرضية للجندر بل أصبح الكثير من مفكريه وطبقاته يبحث عن حلول تحقق الحرية والحب بصورة أفضل.
32-وحل المشكل فلسفيا:
كيف نجد المزاج السوي بين مطالب الطبيعة ومطالب الثقافة ليكون وجود الإنسان متوازنا بين حاجاته الطبيعية وقيمه الروحية.
33-وقد يعاب علي إحالتي على ابن خلدون دائما: ما حيلتي إذا كان الرجل قد اعتبر علة الانحطاط التدجين الثقافي للإنسان بصورة تنفي حاجاته الطبيعية؟
34-ما حيلتي إذا كان يؤمن بأن الإنسان بجنسيه رئيسا بالطبع ولا يقبل أن يستعبد (الحرية) وأن يكبت (الحب) بل يريد التوفيق بين الطبيعة والثقافة؟
35-نعود إلى البحث عن الحل من ملاحظتين:
أولاهما تتعلق باعتبار ثقل القضية يقع على الفتيات لأنهن أكثر من الفتيان شعورا بفقدان الحرية والحب.
36-والثانية: الفتيان لا يساعدون على الحل لأنهم بسلوكهم وكأنهم يطلبون المستحيل.
يريدون العشيقة جارية غربية والزوجة جاهلية. هذا ظلم للمرأة المسلمة.
37-وهذا السلوك لا هو حداثي ولا هو قرآني بل هو نكوص عن الحداثة وعن القرآن بتصورهما عند انحطاط أصحابهما :
بُناة الحداثة محافظون خلافا لحفدتهم.
38-والحل ليس خلقيا وقيميا فحسب بل هو كذلك موقف فلسفي وديني من العلاقة بين الطبيعي والثقافي موقف يترتب عليه حل اقتصادي اجتماعي مبدع بحق.
39-الحل ممكن في الخليج خاصة لأن الله منَّ عليه بشروط تحقيقه:
المرأة تعلمت وهي قادرة على القيام بكل الوظائف فلا ينبغي أن يضيع أسمى وظائفها.
40-فلا يمكن أن نطلب من المرأة أن تكون وحدها حريصة على الأسرة وتربية النشء رغم أن دورها لا يمكن أن يعوضه أحد لأن الله حباها بالأمومة.
41-وهذا يقتضي أن يكون دور المرأة الأسري من أسمى الأدوار.
لكن المحافظة على السمو له كلفة ينبغي أن يتحملها المجتمع الذي يريد أجيالا سوية.
42-رأينا أن الإسلام شرَّع لشرطي المساواة بين الجنيسين:
- التعبير عن الإرادة (السياسة)
- والتعبير عن القدرة (الملكية)
المرأة ذاتٌ تامة كمواطنة.
43-ولا يمكنها أن تمارس هذين الحقين إذا بقيت موصى عليها بحجة تأويل خاطئ لمعنى قوامة الرجال أو لمعنى ولايتهم عليها أو بحجة دورها الأسري.
وكلا التأويلين بحاجة إلى فهم مطابق لمقاصد الشرع في سورة النساء.
44-ولنبدأ بالدور الأسري:
إذا اعترفت الجماعة بأهمية الدور الأسري فإن الحل يكون في تحمل كلفته لا تركه على كاهل المرأة وحدها بدون مقابل.
44-وهذا الدور فيه ما لا يمكن أن يقوم به غيرها وفيه ما يمكن تخفيف عبئه عنها ليكون لها الحق في المشاركة في الحياة العامة للمساواة بحق.
وما لا يمكن أن يقوم به غيرها هو الأسمى وينبغي أن يحسب في قيمة وظائفها الاجتماعية المحافظة على الأخلاق والقيم : الدور الأسري التربوي.
45-ويمكن أن يقدر ذلك بأن يكون عمل المرأة العام نصف عملها فتحصل على أجر كامل فيه لأن النصف الثاني هو عملها الذي يكون تعويضها فيه ضارا.
46- والحل الإقتصادي يسير لأن كلفته هي ربع الأجور في أي بلد (اعتبارا إلى نسبة الجنسين المتناصفة تقريبا في القوة العاملة أي نصف النصف).
وتقبل التحميل على جملة الأجور مع مساهمة خاصة من الدولة.
47- ثم إن البديل من حالة المحافظة على عمل المرأة كامل الوقت ليس بلا كلفة اقتصادية فضلا عن الكلفة المعنوية الخاصة بتربية الأطفال ورعاية الأسرة :
فلا بد من رعاية مكلفة ربما أكثر مع نتائج وخيمة على صحة النشء النفسية.
48-وقد يعجب الكثير من هذا الحل إذ هو قد جعل حظ الأنثى مثل حظ الذكرين في الظاهر:
الرجل يعمل ضعف المرأة ويحصل على أجر مماثل لأجرها.
وهذا خطأ :
فعملها الذي لا يمكن أن يقوم به غيرها أهم من كل عمل آخر سواء كان رجاليا أو نسويا وهو شاق بخلاف ما يتصور من يهمل اعتباره جزءا من العمل.
49-النصف الثاني أساس التربية الخلقية واللغوية والعاطفية وفي كلمة واحدة أساس النشء السوي نفسيا
والمربية مساعد مادي لا تعوض الأم نفسيا.
50-لا يمكن أن نحافظ على قيمنا وأخلاقنا وسلامة النشء من دون تغيير منوال الحياة الاقتصادية بحيث تكون مشاركة المرأة في العام والخاص محسوبة.
51-فإذا اعتبرنا عمل المرأة الذي لا يمكن تعويضها فيه شيئا لا يستحق التضحية الجماعية من أجله فلكأننا نطالبها بما يتجاوز طاقة البشر: ظلم.
52-الخليج الذي ما يزال المشكل مطروحا فيه لأن بقية العرب إما اختاروا التقليد الأعمى أو لم يفكروا في المشكل أصلا من الله عليه بشرطي حله.
53-الشرط الأول جاء من الشباب نفسه بجنسيه:
توقه إلى الحرية والحب لم يخرجه بعد عن الإيمان بالأخلاق والقيم الإسلامية: وهذا هو الشرط الأساس.
54-والشرط الثاني هو القدرة المادية للدول الخليجية التي يمكن أن تحدث ثورة عالمية لمشكل يفتقد حلا: عمل المرأة العام نصف وقت الرجل بنفس أجره.
55-وذلك عين العدل:
من دون دور المرأة الذي لا بديل عنه لا أجيال سوية.
فالأمومة هي عين التوازن الحقيقي بين الطبيعي والثقافي:
فهي حب غريزي حامل للتثقيف الفطري.
56-الأم طبيعيا هي معين الحياة العضوية وهي ثقافيا المعلم الأول للسلوك وللكلام وللأخلاق وللآداب بشرط أن تكون حاضرة ومتابعة لنمو أطفالها.
57-فكل مآسي الأجيال البائسة واليائسة في المعمورة سببها أن البشر صاروا عبيدا للنظام الاقتصادي الرأسمالي تقديما للأدوات على الغايات.
58-والكلام على الثورة القرآنية الموجهة إلى الإنسانية تتمثل في رفض هذا النظام الذي يجعل الأنسان وحياته الروحية أدوات في علاج شروط مادية تظن من عوامل السعادة وهي في الحقيقة من عوامل هذا الشقاء.
59-لكن عوامل الشقاء هذه أصبحت جذابة لعلتين:
- قوة الدعاية التي يعتمد عليها النظام الراسمالي لنموذج الحياة الذي يقدمه
- وسيطرته على ثروة الأمم وشروط حياتها المادية.
لكن العامل المؤثر بحق هو ما ترسب في حياتنا من شوائب الانحطاطين اللذين أفسدا قيم الإسلام وقيم الحداثة.
60-ومن ثم فما بقي علينا علاجه هو بيان التأويل الفاسد لقيم القرآن الناتج عن انحطاطنا الذاتي لدى النخب التي تخلط بين الإسلام والنكوص إلى الجاهلية والفهم الأفسد لقيم الحداثة الناتج عن الانحطاط الموروث عن الاستعمار لدى النخب التي تخلط بين الحداثة والإخلاد إلى الأرض.
61-والنخب التي تخلط بين قيم الإسلام والنكوص إلى الجاهلية بسبب الانحطاط تسيء تأويل مفهومين قرآنيين هما مفهوم القوامة ومفهوم الولاية.
وكلا المفهومين يتضمن السلطة وشروط شرعيتها.
وسوء التأويل علته الاقتصار على السلطة دون شروط الشرعية.
62-والنخب التي تخلط بين قيم الحداثة والنكوص إلى الإخلاق إلى الأرض بسبب الانحطاط الاستعماري تسيء تأويل مفهومين هما مفهوم الحرية ومفهوم المساواة.
وكلا المفهومين يتضمن التوفيق بين الحريات والتوفيق بين الطبيعي والثقافي في كيان الإنسان فردا وجماعة.
63-وبذلك فنحن أمام أربعة معان ينبغي تحليلها لتصويب استعمالها استعمالا يؤدي الوظيفة المنتظرة منها في تحقيق شروط السعادة لمقومي الأسرة وشروط النشأة السوية للأجيال: القوامة والولاية والحرية والمساوة بين الجنسين.
64-ولا بد من البدء بالمفهومين الحداثيين لعلتين: لأنهما
- أولا أداتا دعاية محاربي ثورة الشباب بجنسيه الثورة الخلقية والقيمية طلبا للحرية وللحب لجعلها في قطيعة مع الأصالة بدعوى الحداثة المسيئة لتأويل مفهومي الحرية والمساواة.
- وثانيا لأن شوائب الانحطاط في تأويل المفهومين الإسلاميين يجعلان رد الفعل الشبابي معرضا لإمكانية التطرف في الاتجاه الذي يريده التحديث السطحي بمعارك حول أعراض سخيفة مثل معركة السياقة التي هي من الحريات البدهية لصلتها بالمشاركتين السياسية والاقتصادية.
65- فسوء تأويل الحرية أدى بالانفلات إلى نفي شرطها الجوهري أعني تحادد الحريات لتكون حقا للجميع بمقتضى التعاقد بين الجنسين في التعامل الأسري سواء مع الأهل أو مع الزوج.
وأول هذه الحقوق احترام واجبات الأهل إزاء أفراد الأسرة واحترام التزامات التعاقد بين الزوجين في كل العقود ومن بينها عقد النكاح. ويمكن أن تصبح عقود النكاح متضمنة للالتزامات الصريحة حول هذه المنافع المتبادلة وأولها احترام شروط التآنس والسعادة بحقوق الجنس والأنس والتعاون في بناء الأسرة وتربية الأبناء.
66-وتأويل المساواة لا ينبغي أن ينافي ضرورة التوازن بين الطبيعي والثقافي في وظائف الجنسين (فالذي يريد أن يظلم المرأة يركز على الفروق الطبيعية والذي يريد أن يظلم الرجل يركز على نفيها واعتبار كل الفروق ثقافية) حتى يكون تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات غير ملغ للجوهري من الوظائف التي تحفظ الصحة النفسية للنشء والنواة الأسرية للسعادة والأنس.
67-والكلام على المفهومين الإسلاميين يقتضي أن نضع مبدئين معناهما مشروط بأن يكون الخاضع لهما مؤمنا بهما بحق وعاملا بهما لئلا يستفيد مما يعتبره حقا ويتفصى من الواجب المترتب عليهما.
ومعنى ذلك أنه مطيع للشرع فعلا وانفعالا وفاهم لمقاصده من الأحكام.
68-فالقوامة للزوج كما أسلفنا تتضمن سلطة ورعاية:
وللسلطة والرعاية في الإسلام شروط غالبا ما تهمل فلا يؤخذ منها من يتصورهما مطلقين إلا ما يعتبره من حقه ويهمل شرطها أعني الواجب المناظر لها.
وقانون العلاقة بين الحق والواجب يشبه القانون الفيزيائي بين الفعل ورد الفعل.
وما نقوله هنا عن القوامة أشبه بما يقوله الإسلام عن السلطة السياسية:
إنها خدمة وليس سلطة وما فيها من سلطة هو لأجل تحقيق الخدمة وغالبا ما تكون مشفوعة برضا المخدوم.
69-وما يغفله الكثير من مسيئي تأويل القوامة هو أن عقد النكاح عقد والعقد ككل العقود يخضع لنوعين من التشريع ان صح التعبير:
- تشريع إرادتي المتعاقدين
- بشرط احترام التشريع النظام أو النظام القانوني
بمعنى أنهما لا يمكن أن يتعاقدا على ما ينافي النظام الشرعي ومنه خاصة الشروط التي وضعها الإسلام لسلطة الحماية والرعاية سواء كانت في الأسرة أو في الدولة.
70-والولاية للأهل كما أسلفنا تتضمن سلطة ورعاية كلتاهما تتوقف بمجرد رشد المطلوب به في حقه أي أنها ليست دائمة بل هي من توابع الحماية لغير الراشد وحتى إذا تواصلت فهي تصبح من جنس التوكيل الذي يكون برضا الموكل كالحاجة إلى المحامي أو المستشار الفني في ما يحتاج إلى ذلك.
71-وبذلك يكون الحل في تحقيق شرط المساواة بين الحق والواجب للجميع بشروط لا تنافي قيم الدين ولا تربك التوازن بين الطبيعي والثقافي في القيام السوي للفرد والجماعة.
وما يحقق ذلك له كلفه اقتصادية واجتماعية إذا تجردنا منها نقع في كلفة خلقية وقيمية تؤدي إلى كلفة اقتصادية واجتماعية أكثر حدة.
وذلك هو القصد بالأجيال البائسة اليائسة لاختلال التوازن بين الطبيعي والثقافي في شروط التنشئة التي من أهمها دور الأم الضامنة للتوازن المطلق بين الطبيعي والثقافي في وظيفة التنشئة كما أسلفنا.
72-وهذا هو المقصد الأساسي من جمع سورة النساء بين:
- حدا الجماعة البشرية قانوانا عاما لكل تشريع رحم الأخوة البشرية العقدي والرمزي ورحم الأخوة الأسرية الطبيعي والفعلي.
- منزلة المرأة في الأسرة وصلة ذلك بقضية الملكية.
- شرطي السلطة أيا كان مجالها أسريا أو سياسيا أي الأمانة والعدل
- انطباق هذين الشرطين في الداخل والخارج أي بمقتضى الأخوة الأسرية أو الأخوة البشرية.
- اعتبار ذلك كله جامعا بين قانونين: المربوبية والآلهية كما حددتهما الآية الأولى من النساء.
73-وحتى يتأكد أصحاب التأويل السيء للعلاقة بين الزوجين فليعلموا أن مفهوم النشوز لا ينطبق على المرأة وحدها بل هو ينطبق على الرجال كذلك ولكل منهما أحكام إذا لم نسوي بينهم يحصل ظلم لا يرضاه العدل القرآني.
74- وبصورة نهائية ينبغي أن نفهم كلمة “اضربوهن” بمعناها الذي لا يعارض مفهوم العدل الإلهي:
فالقصد ليس ضرب المرأة الناشز بل جعلها مثالا على ما يترتب على عدم احترام العقد.
فالضرب لا يمكن أن يكون عقابا بدنيا لا لطيفا ولا مبرحا بل إنهاء لعقد الزواج بخلاف ما فهم في التأويل السيء.
75-ذلك أن العقاب يقتضي الحكم القضائي وبحسب العدل الإلهي.
فلو كان الرجل له حق العقاب حكما به وعقابا لكان قاضيا ومتقاضيا في آن. وأكبر الأدلة أن الرسول الأكرم الذي هو أسوة كل مسلم صادق لا يذكر التاريخ أنه ضرب إمرأة قط بل كانت إهانة النساء عنده من علامات السفالة والخسة.
76-وليس خافيا أن معاملة الضرب بما هو عقاب بدني يحصل في جل الحضارات.
لكنه ليس حقا للرجل بل هو تجاوز ينتج عن الغضب وقد تشارك فيه النساء.
وهو من الأمراض الاجتماعية العصية على العلاج لعدم تحديد دلالته: إذ هو في الأغلب من جنس الجريمة الانفعالية Crirme passionnel.
77-والمشكل لا يتأتى من حصول التجاوز رغم خطورته بل من الوصف القانوني للفعل:
وعلته التأويل السيء لـ “اضربوهن” التي اعتبرت أمرا بالضرب البدني.
وقد بينا أن ذلك لا يمكن أن يكون القصد لأنه متناف مع نظرية العقوبات ومع نظرية العدل القرآنيتين:
- فالعقوبة ليست بيد أحد طرفي النزاع بل بيد القاضي
- والعدل يقتضي كبح جماع القوة البدنية التي يستغلها الرجل لحماية المرأة.
والتناسق مع عضوهن واهجروهن في المضاجع يقتضي أن يكون اضربوهن أيضا فعل يجمع بين معنى العضة ومعنى الهجران:
وهو ضرب المثال للناشزات بالطلاق.
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/