ثورة الاستئناف، بدايتها تونس وغايتها السعودية

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله ثورة الاستئناف

بدايتها تونس و غايتها السعودية

أرى أن كل من يعارض الحراك السلمي في بلاده يريد لبلاده الوصول إلى مرحلة الانفجار والحرب الاهلية. وكل نظام يدفع شعبه إلى ذلك عديم الرشد. لما تكلم الرسول الخاتم عن الشعوب الحرة اعتبر التعبير عن رأي الجماعة في صد المنكر من شروط الحرية والكرامة فبدأ صنف النهي عنه بثلاث مستويات. وبدأ بأكثرها شدة لمنع بداية السقوط إلى الأوضاع التي نرى عليها الامة حاليا: 1. بدأ باليد 2. ثم ثنى باللسان 3. وختم بالقلب. وفي حالتنا الأمر معكوس. خاطب جماعة حرة بما يحول دون السقوط إلى العبودية فتعجز عن منع الاستبداد والفساد باليد ولا يبقى لها إلّت اللسان. ثم تعجز فيبقى لها القلب. واليوم نحن أما وضع “فساد معاني الإنسانية” لأن الاحرار في الجماعة صاروا قلة قليلة. لذلك فمراحل التصدي فيها للاستبداد والفساد معكوسة التدرج. تبدأ بالرفض القلبي ثم تثني بالرفض اللساني وتصل إلى الرفض باليد. وكل حاكم له ذرة من عقل عليه أن يستبق المآل لأن ذلك أمر لا مرد له: الثورة. كان الربيع العربي بداية التجسيم الفعلي لوصول التصدي للاستبداد والفساد إلى مرحلة اللسان. فكتمت الأنظمة الغبية الانفاس فآلت إلى الحرب الأهلية. ويبدو أن السعودية هي في هذه المرحلة. فإن حالت دون ثورة اللسان بعد أن تجاوزت ثورة القلب فإنها ستؤول حتما إلى ثورة اليد. والشعب سيرد الفعل. والنقلة من القلب إلى اللسان بينهما وسيط: وهو شجاعة بعض ثائري القلب بالانتقال إلى اللسان فيتشجع اللسان. ومن اللسان إلى اليد نفس المسار. فحذاري. الثورة بدأت في تونس ووصلت إلى مصر فليبيا فسوريا فاليمن. ولن تتوقف وهي ثورة شعوب لا تريد الحرب الاهلية بل تريد الحرية والحقوق الأساسية. من يريد الحرب الأهلية هم الأنظمة المستبدة والفاسدة ونخبها الغبية التي تتصور أن ما تتمتع به من فضلات الامراء والعساكر يغني عن الحرية والكرامة. والشعوب إذا ثارت لن يوقفها عنف الثورة المضادة حتى لو اتحد وراءه كل العالم الذي يزعمون أنه يتآمر عليهم وهم خدمه المطيعون كما يعلم الجميع. والدليل سند القوى الدولية التي تتهم بالتآمر على أنظمة الاستبداد والفساد لهذه الانظمة وخدمات الانظمة للقوى الدولية وذراعيها إسرائيل وإيران. بعض الثوار قد يغريهم لعب نفس اللعبة فيغازلون الاستعمار وذراعيه لكن ذلك سيطيح بهم لأنهم لا يختلفون عن انظمة الاستبداد والفساد ونخبهم العميلة. لكن الثورة لن تتوقف حتى تحقق أهدافها كاملة: صحيح ان الحرب ستكون سجالا. لكن الشعوب إذا ثارت فهي تعبر عن إرادة الله في تحقيق العدل والحق. والخليج كان يحتمي بالثروة التي تسكت وتعمي القلوب وتبكم الألسن وتشل اليد الفاعلة. فكان مكر الله الخير واصبحت أزمة البترول سندا للثورة. أريد استخراج حكمتين مما يجري في بلاد العرب عامة وفي الخليج خاصة أي ما كان في تونس بداية وصارت فيه السعودية غاية. فالرسول تكلم على شعب حر يمكن أن يقع في العبودية فبدأ بأقوى فعل معارضة من الأحرار لمنع ذلك: اليد. ثم ثنى باللسان وختم بالقلب ثمالة الحرية. ومن هذه الثمالة يستأنف فعل التصدي لقلة من الأحرار يتغلبون على الخوف من المستبد والفاسد فيخرجون ما في قلوبهم باللسان: الفعل الرمزي للثورة. لكن الفعل الثوري الرمزي يمر بمرحلتين: – خاصة حيث تتحرك الألسن ولكن في المجالس الخاصة ولا تنتقل إلى المجال العام لمدة متفاوتة الطول والقصر. – ثم يتجرأ الناس فيصبح الكلام في المجال العام وهو الذي يشجع حل عقد الألسن فتصبح أفعالا جماعية. وبعدها مرحلة اليد المضاعفة: فردية وجماعية. ولما كانت مرحلة القلب هي بدورها من جنس المرحلتين الأخريين تراكمية فإنها لا تتطور إلا بفضل المرحلة الأولى من اللسان في المجالس الخاصة. كما أن مرحلة اليد لا تتطور إلّا بفضل المرحلة الثانية من اللسان. فيكون اللسان الذي هو الأوسط والذي يمثل الفاعلية الرمزية هو الأكثر تأثيرا. فمرحلة اللسان مرحلة بحد ذاتها وهي في آن ذات تأثيرين فيما قبلها وفيما بعدها لذلك فهي قائمة بذاتها وبتأثيرها الوسيط المطور للأولى وللأخيرة. وعندما نبحث في السر نجد للأمر علاقة بأبعاد تاريخ الأمم: فهي غير أبعاد الزمان الطبيعي. فالتاريخ الإنساني مخمس الأبعاد لا مثلثها كالطبيعي. فالألسن عندما تتكلم على غضب القلوب في الحاضر يكون معين كلامها مستمدا من حديث الماضي حول حدثه ومن حدث المستقبل حول حديثه. بعبارة أوضح الشباب المتحرك في الحاضر يتحرك بتأثير من حديث نموذجي من ماضي أحداث امته وبتأثير ما يراه من حدث يحقق حديثه هو حول المستقبل. فالشباب بين مساري المراحل الثلاث: من اليد إلى القلب في مسار سقوط أمته في العبودية ومن القلب إلى اليد في مسار استئناف امته للحرية والكرامة لذلك فالثورة التي كانت بدايتها في تونس وستكون غايتها في السعودية رمزها فرار ابن علي إليها فهل سيفر حكام السعودية في الغاية إلى تونس؟ طبعا لا: فما يسرقه الأمراء والنخب العميلة لا يحول إلى بنوك تونس بل إلى بنوك الغرب. كل المستبدين العرب ونخبهم هم من “جنس ” حركيي الجزائر.

الكتيب

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي