لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفلهتهاني لقطر
لم أكن انتظر نتيجة أخرى غير ما حصل لممثل قطر. كنت واثقا أن من نكص إلى الجاهلية لا يمكن أن يتعامل بغير منطقها: أفقأ عيني وأرى أخي أعمى. ولا أخفي أني لم آسف لعدم نجاح ممثل قطر. فقطر غنية عن علة أخرى للحرب عليها ممن يتصورون أنفسهم “كبار” الامة رغم ان الجميع يعلم صغار حقارتهم. ولم آسف لنجاح ممثلة الصهيونية لأن حضورها لن يزيد الصهيونية قوة وحضورا في العالمين الأوروبي والعربي: فهي ممسكة برقاب نخب السياسة والثقافة. ولم آلم لفضائح العرب في المعركة وخاصة المشهد الذهاني الأخير لأحد أعضاء الفريق المصري بعد اعلان النتيجة: فما ذلك إلا قمة جبل الجليد العربي. ما آلمني فعلا هو حال “كبار” العرب: “وفسدت معاني الإنسانية التي له من حيث الاجتماع والتمدن وهي الحمية والمدافعة عن نفسه ومنزله وصار عيالا على غيره في ذلك بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتها فارتكس وعاد أسفل سافلين”: وصف ابن خلدون لهم. عاد من يتصورون أنفسهم “كبار” العرب أسفل سافلين وارتكسوا “فكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميع فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتها”. والمشكل أني لا أستطيع ألا أشعر بأنهم لم يذلوا أنفسهم فحسب بل ذلوني معهم لأني بخلافهم أشعر بخزي مواقفهم خاصة وهم يمثلون العرب عددا ورمزا. فالذين أذلوا الأمة يوم أمس هم ممثلوا مصر والسعودية. لن أتكلم على الذيلين الآخرين حتى وإن انقلبت الآية فصار أحدهما رئيس الجوقة بماله وحمقه. فمصر أحببنا أو كرهنا هي أكبر أقطار العرب عددا والسعودية أحبننا أم كرهنا هي رمز الحرمين: العدد والرمز وضعا تحت أرجل الصهيونية شماتة في قطر. وهذا يرفع منزلة قطر في قلوب الشعب العربي من الماء إلى الماء ولا غرابة: فكل الأمم تنبعث من القلة وليس من الكثرة. وفي ذلك رمزية للثورة. فالمنعرج التاريخي لثورة الشباب بدأ بعرب قطر عربي صغير وكان لقطر فيه دور المساعد الإعلامي والمادي الذي جعلهم ينقمون عليها حسدا وقلة حيلة. لذلك وخلافا للمعتاد أنا أهنئ قطر بما حققه ممثلها في هذه المعركة. وأعتبر ما حصل ليس هزيمة بل هو بداية النصر في حرب المطاولة. وهي بداية عظيمة. فما أعاق النصر مؤقتا هو نفس ما يعوق انتصار الثورة: المرض في “كبار” العرب أي في العملاء. فهم كما وصفهم ابن خلدون “عيال على الغير”.