تنازع العرب أو أعراض الثورة المضادة

هذه قصة خيالية تدور حول احتكام أخوين متجاورين لقاض ليس من القضاة المنتسبين إلى أي نظام قضائي عربي يتصف المنتسبون إليه من الشوامخ إلى من يتصف بالأمانة والعدل صفتي الحكم بالمعنى القرآني للقاضي الذي يفصل بين خصمين يتنازعان حول حق يدعيه كل منهما لنفسه وينفيه عن خصيمه. استمع القاضي لمحاميي الأخوين المتنازعين حول موقفهما من المصلحة الوطنية المشتركة التي يدعي كل منهما أن موكله أكثر ولاء لها من أخيه. ولنسم الأخوين الجارين: (ق)و (أ) ولنستمع للمحاميين يقدمان حجج الاخوين إذ يختصمان على تبادل التهم بخيانة المصلحة الوطنية كما دونت في ملف القضية. ويمكن بالتناظر اعتبار الحجج التي قدمها المحاميان من نفس الطبيعة: 1. وصف كلا الأخوين لموقف الأخ الثاني من مصلحة الأمة 2. نسبته إلى طرف ثالث مضاعف 3. تعيين ممثل الطرف الثالث الممثل للأصالة 4. تعيين ممثل الطرف الثالث الممثل للحداثة 5. استراتيجية الخصمين للدفاع عن مصلحة الأمة. والحجة الأولى تصف الموقف من مصلحة الأمة بمعيار الموقف من الاعداء المحيطين بها: ومن ثم فهو تقدير كل أخ لموقف الاخ الثاني من عدوين يهددان كيان الامة وتفضيل تقديره على تقدير أخيه للخطر وعلى ترتيبه إن قبل الأخوان بأن كلا العدوين يمثلان خطرا مع تقديم وتأخير في الترتيب. ولنسم العدوين (ف) و(ص) ولنعتبر أن وراء (ف)، (ر)، ووراء (ص)، (أ)، فيكون موقف كلا الأخوين من العدوين هو ترتيب هذين العدوين المضاعفين لأن كلا منهما ذراع مباشرة في الاقليم لسيد يحركه ويستعمله من خارج الإقليم. وأحد السيدين هو في آن سيد للأخوين المتخاصمين: أشبه بوضعية الخليج. لكنه شبه بالصدفة. فالقصة خيالية مائة في المائة لأن العقل لا يصدق انها فعلا بين اخوة حقيقيين كلاهما يدعي الانتساب إلى قوم واحد ودين واحد فضلا عن الجوار. لذلك فالقضية خيالية خالصة. وطبعا القاضي سيحاول سماع الحجج ويعرضها ويترك للقاري أن يقضي بنفسه لصالح أحدهما هذا أو ذاك. فلنستمع إلى محامي (أ) يوجه الاتهام إلى (ق): يقول: موقف خصم موكلي تابع لـ(ف) ولـ(ص) دون ذكر من وراء (ص) ولا من وراء (ف) أي (أ) و(ر) لأن كلا الأخوين تابع لـ(أ) ويخطب ود (ر). وهو في الحقيقة عديم الفكر وحرية الإرادة لأنه يستعمل ممثلين لسيادته أحدهما يفرض أجندة تابعة لـ(ص) باسم الحداثة، والثاني يفرض عليه أجندة باسم الاصالة: ولنسم الأول (عز) والثاني (قر). ومن ثم فخصيم من أنوبه خائن للأمة ومهدد لمستقبلها والدليل أنه يمول طاعون العصر. واستراتيجيته لتعميم هذا الطاعون مساندة مؤامرة (ص) و(أ) في تحريك الشعوب من أجل تعميم الفوضى في ارض العرب. استعمالي للحروف رموزا لشخوص القصة عملية مقصودة حتى تعتبر متغيرات كل قارئ يعوضها بتعيين يختاره هو فيضع اسما لمسمى حقيقي من الوضعية العربية الحالية حتى يكون هو القاضي وليس راي القصة التي لم يتخيلها بل سمعها من شخص عاشها في كابوس عربي عسير التعبير. ولنستمع الآن إلى محامي الاخ (ق): قال منوبي لا يتهم خصمه بشيء بل يكتفي بتصريحه هو عن الموقف الذي اختاره وبوقائع دالة عليه. فأما اختياره فهو يصرح بأنه يحالف (ص) ضد (ف) وله علاقة حميمة بسيد (أ) الجديد وخاصة بصهره ولوبيات (ص) في بلاد (أ). ولا ينكر منوبي أنه يستعمل كفاءات عربية لأنه يؤمن بوحدة الأمة ومن أشار إليهم الخصم هما من أفضل ممثلي الأصالة “قر” والحداثة “عز” ولا وجه للمقارنة بينهما وبين من يستعملهما خصم موكلي من الكفاءات العربية المزعومة مثل “مؤول الاحلام” و “وخبير مؤامرات الظلام” وكلاهما معلوم السمعة والمستوى. فهل توجد مقارنة بين “قر” الذي هو من أعلم علماء العصر في علوم الملة وبين مؤول أحلام للعوام؟ وهل توجد مقارنة بين “عز” الذي يجتهد في نشر المعرفة ومراكز البحث وبين ذراع المخابرات التي تنشر الفساد والمؤامرات؟ فمن إذن يمكن اعتباره حريصا على مصلحة الأمة ومن يخدم ركاب أعدائها؟ استمع القاضي للمحاميين. ولم ينبس بنت شفة بل اكتفي بضم الملف إلى ملف آخر هو المعركة الأوسع والتي بدأت منذ سبع سنوات. وكانت بدايتها من تونس: من هذين الصفين مع الثورة ومن مع الثورة المضادة؟ ذلك هو جوهر القضية المعروضة على الحكم الأسمى في حواسم لحظات التاريخ. إنه حكم التاريخ الذي لا يقضي فيه إلى إرادة الشعوب. ما يجري في هذه القصة هو ما يجري في بلاد العرب منذ سبع سنوات ليس زمن القضية بل زمن تجلي أعراضها. فهي قضية مطروحة منذ أربعة عشر قرنا أي منذ أن عطل الدستور المعرفي والسياسي في فاعلية الأمة بسيطرة الطغاة على عقلها وإرادتها. التصريح بالحكم يجري في التاريخ الفعلي وسيحسمه الشعب عندما ينبذ نهائيها خيار الثورة المضادة فيمكن الأمة من الاستئناف بإنهاء تعطيل الدستورين دستور الحرية الروحية والعقلية للفرد والجماعة ودستور السياسية والخلقية للفرد والجماعة فتتحرر الأمة من دجل مؤولي الأحلام ومدبري الأوهام.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي