تخليج المغرب الكبير – في طبيعة المصلحة السياسية: دلالة نقل انجرليك وإحياء بنزرت – الجزء الرابع

▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️
ملاحظة: 20.10.06
الغيت مضاعفة الفصول
بالفصل بين انتخاب الذات الفاعلة وموضوع الفعل.
فتصبح الفصول بحسبان المقدمة والخاتمة سبعة
مع تمييز الفصل الثاني
الذي عالج الإشكالية بصورة عامة
لوضع الخطة والمطلوب من البحث.
فتكون الفصول خمسة مع المقدمة والخاتمة.
▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️▫️
الفصل الرابع
انتخاب النخب الخمس في كل جماعة
▫️
▫️
سبق أن بينت أن الجماعة السوية تشبه سمفونية مؤلفة من خمسة آلات موسيقية لا تعمل عملها السليم إلا إذا أزالت النشاز بين هذه الألات الممثلة لكيانها من حيث هي أشبه الفرد الواحد متعدد الأبعاد.
فمثلما أن الفرد لا يمكن تصوره من دون إرادة وعلم وقدرة وذوق ورؤية فإن الجماعة لا يمكن تصورها من دون ممثلين لهذه الوظائف تمثيلا أساسه غلبة صفة من هذه الصفات على اصحابها.
▫️
▫️
كل فرد له هذه الصفات الخمس. لكنه يتميز عن غيره بغلبة واحدة منها وتلك هي علة اعتمادي على هذه الغلبة لأجمع كل المتصفين بها وأسميهم بتلك الصفة الغالبة ثم اعتبرهم النخبة الممثلة لها.

▫️
فيكون علينا تحديد النخب الخمسة والكلام على انتخابهم كيف يكون في الجماعات الإنسانية.
▫️
وكل انتخاب مضاعف لأنه يتعلق بانتخاب صاحب الصفة أولا وهم ينتخبون من يعتبرونهم الأولى في قيادة اصحابها باعتبارهم المبرزين في حيازة تلك الصفة:
1- والانتخاب الاول معياره مستمد من علاقة الصفة بمجال فعلها الذي هو ما به سميت الصفات.
2- والانتخاب الثاني معياره موقف غالبية الحائزين على الصفة في تعيين المبرزين منهم قيمين عليها أو رموزا في حيازتها.
▫️
وهؤلاء هم من يسميهم الغزالي معتبري الزمان في الإرادة وفي العلم وفي القدرة وفي الذوق وفي الرؤية وهم أهل الحل والعقد في مراحل تطور الجماعة بحسب توالي الأجيال في الجماعة.
▫️
▫️
وما أتكلم عليه موجود سواء صار منظما في مؤسسات شكلية محددة بالقانون الوضعي أو بقيت من العرف الذي لا تخلو منه الجماعات في كل الأمم وفي كل العصور لأنه أقرب إلى القانون الطبيعي منه إلى المؤسسات القانونية الوضعية.
▫️
وحتى عندما توجد هذه المؤسسات فإنها لا تلغيها بل غالبا ما يوجد النظامان المؤسسي شكلا والعرفي مضمونا وهو المؤثر الحقيقي لأن تأثير الثاني علته قبول أصحابه احترام الشكليات على الأقل في العلن. لكن الجاري الفعلي هو تقدم النظام العرفي على النظام المؤسسي.
▫️
وما هو حاصل فعلا هو حلول وسطى بينهما لكأن الأمر يتعلق بتنازع بين المضمون والشكل:
1-النخبة الممثلة للإرادة والقيمين عليها.
2-النخبة الممثلة للعلم والقيمين عليه.
3-النخبة الممثلة للقدرة والقيمين عليها.
4-النخبة الممثلة للذوق والقيمين عليه.
5-النخبة الممثلة للرؤية الوجودية والقيمين عليها.
▫️
وعلاقتها بالقانون الأول المتحكم في الانتخاب في الغاية رغم تدخل عدة مؤثرات في الانتخاب بعضها تقوي مفعوله وبعضها تحاول التحرير من طغيانه دون نفي دوره أو حتى التقليل منه.
▫️
▫️
ويمكن أن أزعم أن كل المواقف التي تنقد الإسلام ترد إلى موقفه الذي يبريء القانون الأول من التحريم الذي ظنه الكثير أنه جوهر الموقف الديني. ويمكن جمع ذلك كله في مفهوم قرآني جليل يسميه “النصيب من الدنيا”.
▫️
ولعل أبرز تجلياته هو منزلة الجنس في الإسلام التي كان المتكلمون المسيحيون يعتبرونها حجة على الأسلام عامة وعلى محمد خاصة وصارت اليوم من أهم علامات فهم السلوك الإنساني السوي.
▫️
فالوصل بين العبادة والعزوبية فضلا عن كون العزوبية مستحيلة من دون بديل بشع فإنها من علامات “الفسق” وليس الإيمان في الرؤية القرآنية لأنها في الغالب الرديف الحتمي للمثلية الجنسية.
▫️
▫️
ومن الأمثلة التي لا ينكرها أحد مثال من محاولات فرض الذوق الجمالي على النمو الطبيعي للبدن في الشرق وفي الغرب القديمين على حد سواء.
فقد كانت بعض الثقافات تعتبر إطالة رقبة المرأة أو-و تصغير قدميها من محددات جمالها مثلهما مثل الوشم والحلي وأساليب اللباس والزينة. وبعض هذا المجملات تحافظ على النمو الطبيعي للبدن وبعضها تتدخل فيه لإطالة للرقبة وتصغير القدم.
▫️
▫️
وفي الحضارة الحديثة صارت مميزات الكيان الجسدي للمرأة بدانة وخساسة من الفنيات الأساسية في فرض معايير جمالية متنافية في الغالب مع النمو الطبيعي للبدن حتى وصلنا إلى التدخل الجراحي في تغيير سيماء الوجه وعناصره المكونة مثل الانف والأسنان والشفتين إلخ..
▫️
▫️
وكل هذه المعاني تتعلق بنوعي بعلاقة قانوني الانتخاب التي تتعلق بالأشياء ذاتها من منطق مصدر نموها الطبيعي ومصدر تجميلها الثقافي. وهذه العلاقة بين القانونين لا يخلو منها شيء في المجتمعات البشرية لأنها حصيلة علاقة متضايفة بين الطبيعي والثقافي والأول هو اثر ضرورة الحياة العضوية والثاني هو أثر الاختيار الذوقي.
▫️
وينطبق ذلك على المائدة وفنها وعلى السرير وفنه. والفن في الحالتين لا يقتصر عليهما بل على ما يحيط بيهما: فالمائدة يحيط بها العمران وذروته جعله شبيها بالجنة في الوصف القرآني. والسرير يحيط به ما لا يمكن أن يشبه الجنة لكنه يشبهه في جعل ما يتوفر بالتعدد المستحيل في الدنيا يتوفر بجعل الواحدة أو الواحد بحسب منظور الجنس ما يتوفر في الكثرة بالتنويع وتقوية الجاذبية.
▫️
▫️
ومعنى ذلك أن الجنة هي غاية ما يمكن الصبو إليه في الدنيا في ما يخص المائدة وفنها والسرير وفنه وما يحيط بهما من وصف للبيئة مطلقة النقاوة والنظافة والشروط الصحية والجمالية لا يمكن تحقيقه في الدنيا.
ومهما فعل الإنسان في الدنيا للوصول إلى هذه الغاية فإنه لا يلغي الفرق بين الموجود والمنشود ما يعني أن الغاية الأخروية مستحيلة دنيويا.
▫️
وهذا الفرق بين الموجود والمنشود هو المحرك الأساسي لكل تجويد في كيان الإنسان العضوي والروحي:
1-فالملاحظ أن جمال المرأة يتغير ليكون على ذوق الرجال بوصفه مجال التنافس بين النساء لغزو قلوب الرجال.
2-والملاحظ أن جمال الرجل يتغير ليكون على ذوق النساء بوصفه مجال التنافس بين الرجال لغزو قلوب النساء.
▫️
▫️
ولهذه العلة فإن العلاقة الزوجية إذا كانت مخلصة ليست بين إمرأة ورجل بل هي بين كل النساء وكل الرجال في آن.
وهي على الاقل بين امرأتين ورجلين دائما إذا كان الحب بينهما فعليا وليس نفاقا لأنه في هذه الحالة تصبح الشركة فعلية وليست خيالية.
وهو السر في الخيانات التي صارت من مميزات الثقافة الغربية الحديثة.
▫️
▫️
ومعنى ذلك أن الظاهرة كونية من حيث وجودها الخيالي وتصبح ذات وجود فعلي عندما تتضاءل أهمية العلاقة الزوجية وقدسيتها:
▫️
1-فكل رجل له في ذهنه صورة الرجل الذي يتصور أنه ما تحلم به زوجته ويتننى أن يكونه فيعتبر هذه الصورة ضر له فيحاول أن يتمتاهى معها ليكونها حتى يفقد هذا الشعور بان له في تصور زوجته منافس وعليه أن يكون أفضل منه. ومعنى ذلك أنه ما من رجل ليس في ذهنه مقارنة بين موجوده ومنشوده في ما يعتبره منشود شريكه فيه.
▫️
2-وكل امرأة لها في ذهنها صورة المرأة التي تتصور أنها ما يحلم به زوجها فتعتبر هذه الصورة ضرة لها فتحاول أن تتماهى معها لتكونها حتى تفقد هذا الشعور بأن لها في تصور زوجها منافسة وعليها أن تكون أفضل منها. ومعنى ذلك أنه ما من امرأة ليس لها في ذهننا مقارنة بين موجوده ومنشوده في ما تعتبره منشود شريكها فيها.
▫️
▫️
ومعنى ذلك أن كلا الجنسين مضاعف هو في واقعه وهو في مخياله الذي يمثل منشود موجوده.
▫️
والسؤال هو
ما علاقة هذه الرؤية الخيالية للذات في ضوء ما يتخيله الواحد منشود غيره فيه؟
▫️
هل هو حصيلة تجربة الشريك وما يستوحيه فيه أم هو صورة الشريك عند كلا الجنسين قانونا طبيعيا للتعبير عن حب الشريك إذا كان صادقا وعن نفاقه إذا كان مخادعا فيكون مسرحية معه وحقيقة مع البديل منه كما يتخيله الواحد في الشريك المنشود؟
▫️
▫️
وبهذا المعنى فالأسرة بالضرورة أدنى أشكالها مخمس: الزوج والزوجة الفعليان ومثالاهما ثم وحدة الأسرة المراوحة بين هذين الحدين الموجود والمنشود لكل منهما.
وهذا على مستوى شراكة العواطف والتواصل وكذلك على مستوى الشراكة المصالح والتبادل.
فالأسرة مؤسسة مضاعفة: هي مؤسسة خلقية ذات تأسيس روحي ومؤسسة اقتصادية ذات تأسيس مادي. والبعدان متكاملان في حالة وجود الحب بينهما ومتصادمان في حالة عدمه أو فتوره.
▫️
▫️
ولما كان المنشود العضوي سواء تعلق بالجمال البدني أو بالقوة الجنسية عند الشريكين – وهما سر الجاذبية الطبيعية بينهما – ليس يسير التغيير عند كلا الجنسين لأنهما شبه محددين عضويا ولا يمكن لفنون التجميل والتقوية أن تتجاوز حدا معلوما فإن التعويض يكون في المنشود الروحي وآيات التعبير عنه.
▫️
▫️
ومن ثم:
1- فالانتقال من التبادل العضوي بمنطق التعاوض العادل-الاشباع الجنسي الذي هو رهن الإمكانات العضوية الفعلية
2- إلى التواصل الروحي بمنطق التعاطف الصادق -السكن والمودة والرحمة الذي يتحرر من الخضوع للإمكانات العضوية وحدها بل يضيف إليها أواصر الأسرة وخاصة الأبناء المتشركين.
▫️
▫️
فيأتي دور ما يستكمل به التبادل والتعاوض المادي من تواصل والتعاوض الروحي وغالبا ما يضفي على المادي بعدا روحيا وتلك هي آيات التعبير عن منزلة الشريك عند المبادر بإضافة ما يعتبر تضحية مادية من أجله وهو أساس الهدايا بين الجنسين أو الاستجابة للرغبات ذات الكلفة المادية.
▫️
▫️
وقبل المرور إلى الانتخاب في الجماعة للتمييز بين النخب بمعيار الصفات والانتخاب في كل نخبة بمعيار البروز في الصفة التي تتميز بها النخب لا بد من تحديد الصفات العضوية والصفات الروحية التي تؤسس للتجاذب بين الإنسان والطبيعية في المائدة وفنها وبين الإنسان والإنسان في السرير وفنه.
▫️
فمن دون هذين المعيارين لا يمكن تحديد المعايير التي تتجاوز العلاقة الطبيعية إلى العلاقة التي تعدلها.
▫️
فهي علاقة إنسانية وليس طبيعية لانها تستند إلى قيم دينية وخلقية تجعل تلك المعايير الطبيعية خاضعة لقوانين تحد من الطبيعي بما يتعالى عليه حتى يصبح العمران والاجتماع ممكنين أي حتى يكون التعاون والتبادل والتعاوض ممكنة في سد الحاجات المادية وكذلك التفاهم والتواصل والتعاطف ممكنة في سد الحاجات الروحية.
▫️
فهذه العملية لا تتوقف عند الأسرة الضيقة بل هي أداة تمتين صلة الرحم الجزئية بدرجات التوسع حول الأسرة الذرية حتى تصل إلى الرحم الكلي كما تحدده الآية الأولى من النساء بمنطق الآية الثالثة عشرة من الحجرات.
▫️
▫️
ومعنى ذلك أن الإنسانية كلها أسرة واحدة في رؤية القرآن للجماعة الكونية التي ينبغي أن يكون منشودها تحويل المعمورة كلها إلى جماعة واحدة ذات دولة واحدة بمنطق هذين الآيتين.
▫️
وكل ما يراد تجنبه في العلاقة التبادلية الناتجة علة للتعاون والتعاوض العادل وفي العلاقة التواصلية الناتجة عن التراحم والتعاوص الصادق هو أن يصبح التبادل خاضعا لربا الأموال والتواصل لربا الأقوال فيصبح منطق التشارك مستندا إلى الاستغلال المادي والخداع الروحي في الأسرة من أدنى أشكالها التي وصفت إلى اسماها ويتحول الجميع دائنين بدين العجل. وهذه الحالة هي التي تسيطر حاليا على نظام العولمة عامة وفي كل دولة بصورة خاصة.
▫️
المعيار الجمالي والعضوي: في التجاذب سواء تعلق به من حيث المائدة وفنها علاقة بالغذاء ومكملاته أو من حيث السرير وفنه علاقة بالجنس ومكملاته. وفي دور الروحي في المادي.
▫️
المعيار الخلقي ومكمل العضوي: في التعاقد وفي دور المادي في الروحي.
▫️
▫️
وتتعلق الإشكالية بقضية جوهرية وهي مدى صحة الدعوة القائلة إن الفروق بين الجنسين كلها ثقافية وليس فيها ما هو طبيعي كوني في مجالي الجمال والقوة العضوية التي تحكم المائدة والسرير.
▫️
وفرضيتي في الأمر مضاعفة:
▫️
1-أنه توجد فروق فعلية طبيعية وكونية في تحديد في فن السرير بخصوص علاقة الجنسين أحدهما بالثاني وهي سر الجاذبية الأصلية وما تضيفه الثقافة تكميلي وليس أصليا وهو في الغالب لتعويض ما لم توفره الطبيعة.
▫️
2-وهذه الفروق تشبه إلى حد كبير ما بين الإنسان في فن المائدة بخصوص علاقة الإنسان بالغذاء. بمعنى أن عوامل الجاذبية واحدة في الحالتين وإذن فالذوقان الغذائي والجنسي من طبيعة واحدة.
▫️
▫️
ولا يمكن الفصل بين المائدة والسرير ولا بين فينهما. ويمكن اعتبار لغة المائدة ولغة السرير لغة واحدة بحيث إن المأكول والمنكوح يتبادلان الدور. والمآكلة تصاحب المجامعة والعكس بالعكس. وبهذا المعنى فالبيت الخصوصي جزء لا يتجزأ منهما وهو أساس الأسرة الطبيعي المتقدم على أساسها الخلقي والتعاقدي.
▫️
والمحل هنا لا يحتمل الكلام على المعايير الجمالية الطبيعية المشتركة بين المائدة وفنها والسرير وفنه. سأعود إليهما لدحض خرافة رد كل شيء للثقافي ونفي دور الطبيعي في الأديان وفي الفلسفات.
▫️
وطبعا فالأمر لا يقتصر على عقد ديني يقول بالفطرة بل هو حقيقة فلسفية تنفي أن يكون الإنسان فاقدا للكلي من حيث هو إنساني قبل تمايز الثقافات ورغم تعددها.
▫️
▫️
فالتعدد يتعلق بأساليب التعين وليس بنفي ما يتعين في أساليب التعين.
والقرينة التي تدحض هذه الخرافة التي تدعي رد كل شيء إلى الثقافة فلا تعترف بالكليات فيها مضاعفة:
▫️
1-اسلوب التعين لا يغير طبيعة المتعين بمعنى أن المأكولات قد تتخلف لكن وظيفتها واحدة وجاذبيتها ينبغي أن تكون مشتركة بين تنوعاتها لأنها هي ما يجعلها مطلوبة وهي جمالية وذوقية حتما مع ما فيها من ساد للحاجة الغذائية التي تقاوم الجوع الغذائي وهو ما يقبل القيس بما يمد البدن بحاجته من شروط توازنه العضوي وتعويض ما يستعمله من امكاناته في عملية المحافظة على هذا التوازن.
ونفس الأمر يقال عن المنكوحات التي قد تختلف لكن وظيفتها واحدة وجاذبيتها ينبغي أن تكون مشتركة بين تنوعاتها لأنها هي ما يجعلها مطلوبة وهي جمالية وذوقية حتما مع ما فيها من ساد للحاجة الجنسية التي تقاوم الجوع الجنسي وهو ما يقبل القيس بما يمد البدن بحاجته من شروط توازنه الروحي وتعويض ما يستعمله من امكاناته في عملية المحافظة على هذا التوازن.
▫️
2-كثرة المأكول والمنكوح خاصة في عمليات الإشهار تشير بالذات إلى هذه العناصر الجاذبة بالجمال والمطابقة مع سد الحاجة التي يحاول الأشهار الوصل بينها وبين البضاعة أو الخدمة التي يكون الإشهار وسيلة من وسائل تسويقها. وهو أمر صار يشمل بيع الافكار وحتى الأشخاص المرشحين للخطط السياسة والقيادية. ولعل أبرز الادلة هو أن كل الخيانات التي تحتاج إليها المخابرات لجمع المعلومات حول الأعداء هجوما وحل الذات دفاعا تعمل دائما في إطار يكون دائما حول المائدة والسرير وحول فنيهما.
▫️
▫️
ولما كان التنافس بين الجماعات والدول مداره الاستفادة من خبرة النخب الخمسة وابداعاتها فإنها كلها معرضة لاستعمال هذه المؤثرات على النخب للحصول على المعلومات التي تمكن الجماعات من السبق في شروط الرعاية وشروط الحماية وكلها شروط تعود إلى وظائف النخب الخمسة في الأعمال نفسها ووظائفها في قوامتها والاول تقني وذوقي والثاني عملي وخلقي.
▫️
والتأثير على النخب يكون باستعمال المائدة والسرير وفنيهما من قبل المخابرات التي لم تعقد مصورا دورها على الحماية بل هو يشمل كذلك الرعاية لان الجوسسة لا تقتصر على التسلح والتقدم التقني العسكري فسحب بل هي تشمل كل تقدم تقني وعلمي وذوقي في كل ما يتعلق بشروط المناعة المادية (الاقتصاد) والروحية (الثقافة).
▫️
▫️
وبهذا المعنى فانتخاب النخب في المجالات الحساسة وفي قوامتها أمر جوهير للدفاع وللهجوم. بمعنى أن اختيار من يحمون أسرار الجماعة ويكتشف أسرار اعدائها تقنيا وخلقيا من أهم شروط الانتخاب الثاني خاصة أي انتخاب القيمين ليكونوا من معتبري الزمان وأهل الحل والعقد في كل المجالات الاستراتيجية التي تحمي الرعاية والحماية.
▫️
▫️
يمكننا الآن أن نحدد المعيارين المتعلقين بالنخب موضوعا لهذا الفصل بوصفه الموضوع الذي يفهمنا دور الجماعة في هذا المزج بين الطبيعي والثقافي كما يعرفهما ابن خلدون في الباب الأول من المقدمة بعناصره الخمسة:
1-الطبيعة ممثلة بالجغرافيا.
2-الإنسان ممثل بالتاريخ
3-فعل الجغرافيا في التاريخ أي الثروة المادية.
4-فعل التاريخ في الجغرافيا أي التراث الروحي.
5-أصل هذه الفروع لكيان الجماعات والدول: مرجعية الحصانة الروحية ومرجعية المناعة المادية.
▫️
والمعياران المتعلقان بالنخب هما لا يكون متعلقا باشخاصهم مباشرة بل بنتائج أفعالهم في هذه المجالات التي هي الأحياز التي لا يمكن لفعل الانسان أن يتعين فيها فتكون نتيجة فعل الإنسان ما به يقيم بما أجاد فيه تقنيا وخلقيا بحسب الإرادة أو العلم أو القدرة أو الذوق أو الرؤية.
▫️
▫️
لكن هذه المجالات تقبل التقسيم إلى أهم الوظائف العشر التي تتألف منها أعمال الجماعة والتي عرفت بها وظائف القوامة أيضا أي الخمسة التي تتعلق بالرعاية تكيونا وتموينا والتي تتعلق بالحماية الداخلية والخارجية مع ما تتفرع إليه كل وظيفة من هذه الوظائف العشرة إلى ما يكاد لا يتناهى من الاختصاصات بحسب تعقيد الحضارة وتراكم الابداعات في كل مجال من مجالات ما يسد الحاجات المادية والروحية.
▫️
▫️
سأكتفي إذن بالوظائف التي لا بد منها في كل جماعة وهي خمسة للرعاية وخمسة للحماية ولك واحدة من الخمسة الأولى ومن الخمسة الثانية قابلة للتقسيم بصورة لا تتكاد تتناهى بسبب التفصيل في أجزاء كل واحدة مها بحسب تقدم الجماعة وتزايد التخصصات في كل واحدة من هذه الوظائف الخمسة وهي محل الامتحان الذي هو أساس الانتخاب:
▫️
الامتحان في وظائف الرعاية الخمسة:
أولا وظيفتا تكوين الأجيال وهما المستوى الأول والثاني من الانتخاب الذي تتعين فيه صفات البشر فيصنفون في من تغلب عليه الإرادة أو العلم او القدرة أو الذوق أو الرؤية:
1-مجال التربية النظامية في المؤسسات التربوية وهي التكوين في كل الاختصاصات التي تحتاجها الجماعة لتحقيقش شروط التموين خلال التبادل والتواصل..
2-مجال التربية الاجتماعية التي تتعين بتقسيم العمل في سد الحاجات المادية وسد الحاجات الروحية أي مجال التبادل والتواصل في الجماعة. وهذه عادة ما تكون استعمالا للكفاءات والأخلاق التي حصلتها الأجيال في تلك.
ثانيا وظيفتا تموين الأجيال التي تم تكوينها في التربية النظامية والتربية الاجتماعية:
3-بما يسد الحاجات المادية (العمران البشري بلغة ابن خلدون وهي مشمولات الاقتصاد): انتاح الثروة
4-وبما يسد الحاجات الروحي (الاجتماع الإنساني بلغة ابن خلدون وهي مشمولات الثقافة العلمية والعملية): انتاج التراث.
5-وأصل ذلك كله وغايته هو ما يعتبر الجهاز العصبي لكل هذه الوظائف الأربعة باعتباره ما يجعلها تعمل على علم واقصد به البحث والاعلام العلميين في الجماعة. فلا شيء مما يحصل في التكوين بمستوييه وفي التموين بمستوييه من دون البحث العلمي والاعلام العلمي في الجماعة.
▫️
الامتحان في وظائف الحماية الخمسة:
الحماية الداخلية وهي:
1-القضاء
2-الأمن
الحماية الخارجية وهي:
3-الدبلوماسية
4-الدفاع
5-وأصل ذلك كله وغايته هو ما يعتبر الجهاز العصبي لكل هذه الوظائف الأربعة والخامسة ذاته -وحتى للوظائف الخمسة المتعلقة بالرعاية هو ما يجعلها تعمل على علم وأقصد البحث الاستعلامي والأعلام السياسيين في الجماعة.
وهذا الجهاز العصبي اخطر حتى من الجهاز العصبي الأول لأنه يعتمد عليه ويزيد الاعتبار السياسي الذي يحاول البحث العلمي التحرر من الالتزام بالمسائل العملية المباشرة حتى وإن كان في خدمتها في الغاية.
▫️
▫️
تلك هي المجالات التي يتم فيها الانتخاب بالمستويين التاليين وفي كل المجالات الجزئية التي تتفرع لها هذه العناصر العشرة الرئيسية والتي هي قطاعات الفعل الإنسان من حيث هو مستعمر في الأرض ومستخلف فيها:
1-معيار انتخاب أصحاب الصفات وهي للجميع وهو إذن المعيار المميز بين النخب من حيث هي مجموعات خمس كل واحدة منها ممثلة لصفة من الصفات الخمس.
2-ومعيار انتخاب أصحاب القوامة عليهم منهم من بينهم وهو إذن المعيار المحدد لمعتبري الزمان من كل مجموعة من المجموعات الخمس وهم أهل الحل والعقد في كل جماعة ودولة.
▫️
▫️
وكل ما عليه حال الجماعة والدولة رهن هذين الانتخابين. فإذا كانا بشروط المطابقة الفعلية بين الموصوف والصفة كانت الجماعة والدولة على أحسن ما يرام وإذا كانت أسماء دون مسمياتها فإن الجماعة والدولة تكون على أفسد ما لا يرام. ويمكن القول إن الغالب اليوم على الجماعات في الإقليم هو النوع الثاني.
▫️
بمعنى أن كل النخب أسماء بلا مسميات ولعل أبرز رمز دال على ذلك هو الشهادات المزيفة التي صارت تشترى بالمال ولا تعبر عن أي تكوين سليم في أي ميدان من ميادين أفعال البشر التي تحتاج إليها الجماعات في الرعاية والحماية. وطبعا فالقصد ليس الكفاء الفنية فحسب بل وكذلك الجدارة الخلقية.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي