تخليج المغرب الكبير – في طبيعة المصلحة السياسية: دلالة نقل انجرليك وإحياء بنزرت – الجزء الأول

هدف هذه المحاولة حسم إشكالية المحدد الرئيسي في السياسة الكلية وفروعها الجزئية لأخراج فكر الأمة السائد في الكلام عليها بمنطق “ويل للمصلين”.
▫️
فحكام الأقليم المركزي في الأمة يرجعونها إلى مفهوم “المصلحة” في الداخل والخارج بمعزل عن الخيارات القيمية الأسمى من المصلحة بمعناها السياسي المباشر الذي يلائم التوازنات الهشة التي تبقى على حكمهم سواء كانت هذه القيم ذات مرجعية دينية أو ذات مرجعية لا دينية.
▫️
▫️
وهذا المفهوم الغريب للمصلحة يحيرني فعلا لانه ينتهي في الغاية إلى سياسة رد الفعل الدائم والتعامل مع المؤثرات في الشأن الإنساني بمنطق تكتيكي دائم فاقد لأي رؤية استراتيجية غير عدم الرؤية المتجاوزة للفعل المقصور على اليوم بيومه.
ولو كنت أسلم بذلك لما شرعت في اعتباره الأمر مشكلا بل هو عندي المشكل الجوهري.
وقد انطلقت من هذا المثال المتعلق بالحماية والامن الخارجي لأنه في الحقيقة لا يهدف إلى الحماية والأمن بل إلى أمرين هما علة فقدان الأمة لسيادتها:
▫️
الأول هو المحافظة على تفتيت جغرافية الأمة الذي نشأن منذ أن ضعفت الخلافة العثمانية ثم لما انهارت وفرضت سيايكس بيكو الأولى.
▫️
الثاني هو المحافظة على تشتيبت تاريخيها ليناسب هذا التفتيت الجغرافي طلبا لشرعية الفتات الذي سموه دولا وهو فاقد لشروط السيادة ومن ثم فهو محميات وليست دولا.
▫️
▫️
والمعلوم أن الأول مع الثاني ينهي كل إمكانية للاكتفاء المادي فيحول دون التنمية الاقتصادية والثاني مع الأول ينهي كل إمكانية للاكتفاء الروحي فيحون دون التنمية الثقافية. واستحالت التنمتين تعني التبعية في مصادر القيام المادي و في مصادر القيام الروحي وهي نهاية الكيان الحر والكريم للأمة كلها مع ما يترتب على ذلك من حروب أهلية دائمة من أجل تقاسم الكفاف.
▫️
▫️
ولو كنت احدد المصلحة بهذا المعنى بل ولو كان تحديدها بهذا اليسير لكان الكلام في المسألة مضيعة للوقت.
لكن مفهوم المصلحة شديد الالتباس ولا يمكن أن يكون ومحايدا قيميا سواء اعتبرت القيم ذات مرجعية دينية أو ذات مرجعية فلسفية -علما وأني اعتبر التمييز بينهما من علامات عدم فهمهما كليتهما.
فدلالة مفهوم المصلحة ليست أمرا مفروغا منه عند الجميع بل الخلاف حوله من أهم محددات تمايز السياسات
الكلية (التي تتعلق بكيان الدولة ككل)
والجزئية (التي تتعلق بمقومات كيانها كلا على حدة).
▫️
▫️
والسكوت عن هذين الوجهين – أي كونه مفهوما ملتبسا وكونه غير قابل للفصل عن القيم بنوعيها علته الوهم بأنه مفروغا منه في حين أن المشكل الحقيقي هو عسر تحديد التناسب بين المصلحة الظرفية والمصلحة البنيوية أو المصلحة المباشرة والمصلحة غير المباشرة أو بعبارة أوضح مصلحة الآجل ومصلحة العاجل التي تحدد ما يحول دون الأولى وسد الآفق في العمل المتسقبلي لكونها مانعة للآجل بالعاجل.
▫️
▫️
والمشكل موضوع دائما في الخيارات السياسية وهو منطلق البحث. لكن التركيز فيه سيكون ذا صلة بشكله الحالي الذي صار أكثر الحاحا منذ أن صارت القوة العظمى الأولى في نظام العالم المحتضر -الولايات المتحدة- تبحث عن شروط محافظتها على هذه المنزلة في النظام الذي هو بصدد التحديد والذي يقتضي مراجعة شبه مطلقة لكل سياساتها وتحديد مصالحها في ضوء هذا الرهان والتحدي الاستراتيجي الذي يواجهها.
▫️
▫️
ومن ثم فهو يواجه العالم كله وخاصة دار الإسلام التي توجد بين العملاقين المتنافسين: الولايات المتحدة والصين لأن ما يجري في نقل قاعدة انجرليك من تركيا إلى اليونان واحياء قاعدة بنزرت وقبلها التمركز في ليبيا ومصر والسودان وغيرها كثير في كل اقطار الأقليم
وتلك هي علة الانطلاق مما سميته “تخليج” المغرب الكبير باعتبار مفهوم التخليج هو ما حصل من الإيهام بأن القبيلة يمكن أن تكون دولة في حين أنها لا تقوم إلى بحماية خارجية ماديا وروحيا وهو أخطر شيء على الاستئناف.
▫️
▫️
سبق فبينت أن الولايات المتحدة بوصفها قوة الغرب الأقصى لا يمكنها التصدي للصين بوصفها قوة الشرق الأقصى -وهما نوعان من المغول الجديد في العالم- وبينهما دار الإسلام الفضاء شبه الخالي من القدرة على الحماية والرعاية ربما أكثر مما كان لما تلاقى عليه نوعان من المغول
الغربي: الصليبيات والاسترداديات والاستعماريات
والشرقي والطائفيات والعرقيات
التي فرضت التفتيت وعادت بالأمة إلى ما قبل الإسلام الذي حررها من فارس وبيزنطة- من دون حل معضلة القوة الجامعة بين المشرقين والمغربين:
أي قوة الأمة الإسلامية التي تستأنف التحرير مما فتت جغرافيتها وشتت تاريخها.
وهي قد شرعت في الاستئناف للقيام بدورها الكوني الذي هو مشروع الرسالة الخاتمة.
▫️
▫️
وفرضيتي المستمدة من نقل انجرليك إلى اليونان واستعادة بنزرت التي كانت تحت تصرف الحلف الأطلسي بتوسط الاستعمار الفرنسي هي أن الولايات المتحدة ما زالت تحلم بإيقاف الاستئناف
واستعمال دار الإسلام في شكلها المفتت والتابع
وهو معنى
استبعاد تركيا
و”تخليج” المغرب الكبير الذي يقابل أوروبا ويمثل بوابة افريقيا
تخليجه باحلاف مع “دول” متفرقة ليس لها شروط السيادة لمنع تعاونها تحقيقا لهذه الشروط.
وتلك علة الوصل بين الحدثين:
▫️
1-فانجرليك في تركيا كانت تحت القيادة الأمريكية بتوسط الحلف الأطلسي لحماية أوروبا الغربية من السوفيات لما كانت تركيا فاقدة للسيادة وقبل أن تستعيد الطموح لقيادة المسلمين ممن يعون الحاجة إلى شروط السيادة التي هي الطموح الكوني الذي يمتنع من دون احياز مناسبة للعصر: الحيز الجغرافي المناسب والحيز التاريخي المناسب وثمرة الحيز الأول بتأثير الحيز الثاني أي الثروة وثمرة الحيز الثاني بتأثير الحيز الأول أي التراث والمرجعية الروحية الموحدة للحضارة التي ينتسب إليها أصحاب هذه الاحياز أي بالنسبة إليها الحضارة الإسلامية.
▫️
2-وبنزرت في تونس كانت تحت القيادة الامريكية بتوسط الحلف الأطلسي لما كانت فرنسا من أهم مكوناته بعد إنجلترا في أوروبا الغربية. وقد اخرج الشعب التونس فرنسا من بنزرت بكلفة من الدم والالم يعلمها الجميع
وها نحن نعود إلى تسليم القاعدة للولايات المتحدة مباشرة بنفس الشكل المطبق في محميات الخليج حيث لأمريكا قواعد فيها جميعا باعتبارها توابع لها ولإسرائيل.
والتبعية لإسرائيل صارت علنية في الخليج ويراد لها أن تصبح كذلك في المغرب الكبير.
▫️
▫️
وطبعا الهدف هو منع أي إمكانية للحلف بين المغرب الكبير وتركيا باعتبار ذلك اجراء استراتيجيا كفايا لحماية أوروبا الغربية ليس من الروس بعد السوفيات بل من الاستئناف في الأقليم الذي يمثل قلب دار الإسلام وأصل كل قوته المادية والرمزية خلال كل تاريخه وخاصة خلال تنافسه مع الغرب القديم.
وإذن فالاجراء الأمريكي يحاول منع ما يمكن أن يستعيد به المسلمون التفوق على الغرب القديم الذي يبحث عن بديل عن الحلف الأطلسي الذي لم يبق الهم الأول للولايات المتحدة.
▫️
▫️
فكيف نفهم سلوك تفتيت الإقليم الإسلامي حول الأبيض المتوسط وفي ملتقى القارات الثلاث كما يبرره حكامه ونخيه التابعة لهم؟

وكيف نعالجه بمنطق المصلحة التي لا تقبل الفصل بين أبعاد الزمان الخمسة؟
أي بين
الماضي حدثا وحديثا
والمستقبل حديثا وحدثا
والحاضر الذي هو غليان هذه المعاني الأربعة
لكونه أصلها باعتباره شرط التواصل بين
الحدث والحديث الماضيين
والحديث والحدث المستقبليين
ليس الخاص بالأمة وحدها
بل بما بين الأمم من تاريخ سلمي وحربي
يحدد كيان كل واحدة منها بما بين القوى في العالم من تعاون وتنافس على شروط البقاء العضوي والروحي للشعوب.
▫️
▫️
وتلك هي السياسة الخارجية التي يمكن اعتبارها متقدمة على السياسة الداخلية التي تمثل الحماية والرعاية من أجل المحافظة على الذات بالقوة الذاتية.

وذلك هو مفهوم المصلحة السياسية التي لا يمكن فصلها عن الخيارات القيمية دينية كانت أو لا دينية لأنها محددة لقوة الدفع والمنع في الكيان ومن ثم فهي شرط البقاء في ما يترتب على الاشتراك في ثروات الأرض وتراثها بين الشعوب المتنازعة على الحصص منهما.
▫️
▫️
وفرضيتي هي أن من يتعامل ما مفهوم المصلحة بالمنطق السائد في الأقليم والذي هو في قطيعة مع هذا المعنى لأنه لا يرى من المصلحة إلى مصلحة الحكام المؤبدين للتبعية والنافين من ثم لقيام الأمة يقع في خطأين دالين على:
▫️
1-جهل بشروط تحديد المصالح أولا تحديدا يحول دون جعل العاجل يلغي الآجل بل ويصبح عائقا دونه ما يعني أنه يضحي بمصلحة أهم من أجل مصلحة يعتبرها هامة لأنها ضاغطة عليه بما يسمى الاكراهات السياسية التي هي من علامات غياب الاستراتيجية التوقعية حول ما يمكن أن يصبح ضاغطا فيدفع إلى التضحية بالأهم من أجل المهم.

ومن هذا النوع رؤية المرحوم بورقيبة لمفهوم سياسة المراحل لكأن المشكل في السياسة هو كونها بالضرورة سياسة مراحل وليس تحديد المراحل بصورة تكون سياسية لا تضحي بالاهم من اجل المهم بمقتضى ضغط العالج الذي يهمل الآجل لغياب الرؤية الاستراتيجية وما تتوقعه من العواجل الملهية عن الأواجل.
▫️
2-الجهل بالتمييز بين الآجل والعاجل في العمل أعني بين النظر الاستراتيجية والانجاز التكتيكي في كل عمل حتى في العمل البسيط مثل التخطيط المدن وحتى مثل خطط البناء في المعمار المعقد كالحال في المطارات والطرقات وحتى في العمارة الواحدة إذا كانت متعددة الطوابق.
▫️
▫️
وطبعا فالسياسة تعتبر من أعقد الأعمال لأنها في السلم حرب باردة وفي الحرب حرب ساخنة وهي من ثم بحاجة إلى خمس استراتيجيات في الداخل للرعاية والحماية وخمس في الخارج للرعاية والحماية شرطين للسيادة:
وتلك هي مهمة قوامة الدول في شعب من الأحرار الحريصين على هذه الشروط باعتبارها جوهر حريتهم وكرامتهم.
▫️
▫️
فلو نظرت من الجانب الثاني أي من جانب الولايات المتحدة التي هي بصدد نقل قاعدة انجرليك من تركيا إلى اليونان واحياء قاعدة بنزرت لفهمنا أنها هي أيضا تخطط لحماية مصالحها بافتراض إمكانية مواصلة تفتيت دار الإسلام بحيث تعقد تحالفات شكلية وتوطيدات فعلية للمحميات منعا لكل إمكانية لتكون قطب إسلامي في الإقليم المركزي للدار الإسلام التي توجد بين المشرقين وبين المغربين.
▫️
▫️
ومعنى ذلك أن الولايات المتحدة ما زالت تعقد أنه يمكن الاستغناء عن التحالف مع المسلمين وتحاول السيطرة عليهم بهذه الطريقة التفتيتية.
لا تريد التعامل معهم إلا كما تعاملت مع الهنود الحمر بعد تكون الفدرالية الأمريكية بالتفتيت والاضعاف الدائم إلى حد الافناء. ومعنى ذلك أنها ما زالت تتصور بالوسع منع الوحدة الجامعة بين ما صار محميات
▫️
▫️
فبعد أن ضعفت الأمة إلى حد سقوط الخلافة وفرض تقسيم سايكس بيكو بديلا من الوحدة استكمل ما اقتطع من أرض الخلافة منذ بدايات القرن التاسع عشر في الإقليم ومنذ حروب الاسترداد والاكتشافات الجغرافية حول الإقليم المركزي إذ هي مكنت من احتلال البلاد الإسلامية البعيدة عن المركز مثل جنوب شرق آسيا وبعضها وقع تمسيحهم نهائيا مثل الفيليبين.
وحتى بعض مناطق من أمريكا فانها ربما كانت إسلامية ثم وقع تمسيحها أو تصفيتها العرقية.
▫️
▫️
وإذن فالمصلحة تتحدد بمعيارين:
▫️
1-الأول هو تعدد الأبعاد لأنها ليست مقصورة على أحد العوامل التي تتحدد بها المصلحة السياسية التي تشمل المجالات العشرة التي أشرت إليها في الداخل وفي الخارج وتتراتب بتراتب المجالات ودورها المتبادل في ما بينها. فلا يمكن أن يحدد أي سياسي يفهم معنى المصلحة السياسية التي لا تقتصر أبدا على الاقتصادي أو على السند السياسي الذي ينتظره الحاكم من قوة سياسية سواء كانت داخلية أو خارجية.
ذلك أن من يسنده هو بدروه له مصلحة في ذلك وهي لا تتحدد بنفس ما تحدد به المصلحة عنده ضرورة.
▫️
2-الثاني هو ترتيب الأبعاد المؤثرة ترابت درجات التأثير إذ هو تراتب بين الحاجات وأوزفها.
لكن ربط المصلحة بتحديد للعامل المؤثر بمقتضى الأزوف وليس بذاته من حيث هو ذو صلة بشروط القيام عامة دليل وجود ثغرة ثغرة في تحديد هذه الشروط وغياب التوقع لسدها قبل حالة الأزوف كأن يدخل الإنسان حربا وهو ما لم يعد لها العدة الكافية (لم يعمل بالأنفال 60 مثلا) واضطر خلال مجرى الحرب إلى تنازلات بحكم ما يسمى بالاكراهات السياسية:
ما يسمى إكراهات سياسية هو غياب الاستراتيجية التي لا تقدم علاج العاجل على علاج الآجل إلا في حدود العجلة التي لا تفسد الآجل.
▫️
▫️
وقد عرف ابن خلدون الإمامة في الفصل العاشر من باب المقدمة السادس فصل علم الكلام – ويقصد الخلافة بالمعنى السني وليس الإمامة بالمعنى الشيعي – فقال:
“وقصارى أمر الإمامة أنها قضية مصلحية اجماعية ولا تلحق بالعقائد”
وقدم على هذا التمييز للإمامة بمعنها السني عن الإمامة بمعنها الشيعي فقال
“وألحق الكلام في الإمامة لما ظهر حيينئذ من بدعة الإمامية وفي قولهم إنها من عقائد الإيمان وإنها يجب على النبي تعيينها والخروج من العهدة فيها لمن هي له وطلك على الأمة”.
▫️
▫️
وفي الحقيقة فإن هذا الإلحاق كان ينبغي ألا يعتبر زائدة بل هو جوهري لأن التعريف لا يكون جامعا من دون أن يكون مانعا.
وبهذا المعنى فالإلحاق لم يكن اختيارا بل كان ضروريا لمنع الخلط بين الخلافة والإمامة لأن
الأولى بالاختيار والاجتهاد
(كما حدد ذلك الغزالي في فضائح الباطنية)
والثانية بالوصية والنص
(كما احتج محاور الغزالي في فضائح الباطنية)
لمسائل علم الكلام التي هي ليست منه
إلا بهذا المعنى السلبي للنظرية الشيعية التي تعتبرها من العقيدة.
▫️
▫️
وهذا التمييز الأول ينفي عن الطابع الثيوقراطي عن الدولة في الفكر السني بالمقابل مع الرؤية الشيعية.
ويترتب عليه نفي ثان للطابع الانثروبوقراطي بالمقابل مع مع الرؤية العلمانية.
▫️
▫️
ذلك أن الاجتهاد والاختيار دون أن يكون ثيوقراطيا يبقى مع ذلك ذا صلة بالقيم التي تؤمن بها الجماعة والتي تحدد قيم الاختيار الاجتهادي بحث إن الأمة تعتبر صاحبة الامر تديره بالشورى من منطلق ما تؤمن به من قيم هي التي تربي بها الأجيال وتعدهم بالانتخاب لأداء المهام الخمس التي من دونها لا تقوم دولة ترعى بها الجماعة ذاتها وتحميها:
▫️
1-انتخاب من يمثل إرادة الجماعة وهي إذن قوامة لإن إرادة الجماعة التي تنتخب من يمثل إرادتها هي بدورها ممثلة للجماعة من حيث هي احد عناصرها التي تنتخب الحاكم وتراقبه بمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السياسيين.
▫️
2-انتخاب من يمثل علم الجماعة وهي إذن قوامة لأن علم الجماعة التي تنتخب من يمثل علمها هي بدروها ممثلة للجماعة من حيث هي احد عناصرها التي تنتخب صاحب العلم وتراقبه بمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعرفيين.
▫️
3-انتخاب من يمثل قدرة الجماعة -الاقتصادية والثقافية أي التموين المادي والروحي للجماعة-وهي إذن قوامة لأن قدرة الجماعة التي تنتخب من يمثل قدرتها هي بدروها ممثلة للجماعة من حيث هي تنتخب صاحب القدرة وتراقبه بمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التموينيين.
▫️
4-انتخاب من يمثل ذوق الجماعة العضوي والروحي أي المائدة والسرير وفنيهما وهي إذن قوامة لأن ذوق الجماعة التي تنتخب من يمثل ذوقها هي بدورها ممثلة للجماعة من حيث هي تنتخب صاحب الذوق وتراقبه بمعنى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذوقيين.
▫️
5-انتخاب من يمثل رؤية الجماعة الدينية او الفلسفية (بالنسبة إلى المسلمين القرآن أساسه الواحد فيهما).
وهي التي وصفها نص ابن خلدون الذي أوردته وهو يؤيد ما وصفه الغزالي وابن تيمية وما لم يقترب منه محاولو بعث الرؤية الإسلامية في الحكم لأن الاخوان ومفكريهم وكذلك السلفيين ومفكريهم توهموا أن المرحلة النموذجية أو عصر الراشدين كان ثيوقراطيا.
▫️
▫️
ومن ثم فهم بذلك قد تبنوا الرؤية الشيعية لما اعتبروا ما تلا عصر الراشدين في قطيعة مع العصر الراشدي في مقابلة حمقاء بين الملائكة والشياطين.

ولم يروا أن الدولة الأموية قد طبقت اجتهاديا قاعدة الضرورة التي تبيح المحظور دون أن تقطع مع المرجعية حتى في القول بتوريث الحكم مع المحافظة ولو شكليا على البيعة لعسر تطبيق الانتخاب خلال الحروب الأهلية المتوالية.

إنها حالة طوارئ شبه دائمة بسبب الحروب الأهلية التي لم تتوقف وكانت تقتضي تقديم الشوكة على الشرعية دون نفيها لأن الشرعية نفسها هي التي وضعت هذا المبدأ:
مبدأ الضرورة التي تبيح المحظور والتي تشبه حالة الطوارئ.

وإذا كان في ذلك عيب فليس في استعماله بل في عدم الاستعداد لإزالة الضرورة والخروج من حالة الطوارئ.
▫️
▫️
وبذلك فقد حددنا مجالات الانتخاب وكل منها مضاعف لأنه يتعلق بالفرد الإسلامي من حيث هو ناخب منتخب وبالقيم الذي ينوبه الفرد بالبيعة ليكون قائما بمهام التربية والحكم
والأولى لتكوين شروط الراعي وشروط الممون للرعاية
والثاني لتكيون شروط الحامي وشروط الممون للحماية

وتلك هي وظائف الجماعة والدولة التي تنوبها في قوامة تلك الوظائف بانتخابها ومراقبتها.
▫️
▫️
لكن ذلك كله لا يكون فعالا ومجديا من دون الشروط التي تتعلق بالتناسب بين الوظائف والاحياز الخارجية أو الآفاق الكافية لتحقيقها لأن ما ذكرناه يتعلق بالاحياز الذاتية في كيان الأنفس العضوي والروحي لأن الجغرافيا في الآفاق متضايفة مع البدن في الأنفس والتاريخ في الآفاق متضايف مع الروح.
▫️
▫️
وبذلك نكون قد حددنا فصول المحاولة التي هي شرح لمضمون الآية 38 من الشورى والتي تناسب التحديد الخلدوني للإمامة من حيث إن
“وقصارى أمر الإمامة أنها قضية مصلحية اجماعية ولا تلحق بالعقائد” .

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي