بوتين يحفر قبره بيده

****،

الثابت عندي أن محاولة بوتين خوض حربين على تركيا في سوريا وليبيا ستكون نهاية أحلامه. فلهما أثر افغانستان على الاتحاد السوفياتي.
هذه أرجعت روسيا إلى ما كانت عليه قبل ثورة 1917.

وتلك سترجعها إلى ما كانت عليه لما هزمتها اليابان قبلها. ستكون تدخلات بوتين في سوريا وليبيا فرصة إرجاع روسيا إلى ما قبل شروع نظام “التزار” في محاولة التحديث ومحاكاة أوروبا.
سترجع إلى رتبة متدنية حتى في العالم الثالث خاصة إذا تواصل هبوط سعر البترول ونافسته إسرائيل في الوصول إلى أوروبا بغازها الذي تنازلت لها عنه قيادات مصر الخائنة.

بوتين وقع في الفخ الأمريكي ومثله مثل قيادات إيران التي يظن الكثير أنها في قمة الدهاء والذكاء. الاتحاد السوفياتي سقط في محاولة المنافسة مع أمريكا بما تصوره نصرا في افغانستان فإذا به يصبح بداية نهايته.

وبوتين سقط في محاولة العودة إلى الإقليم بخردة السوفيات التي يستقوي بها على أوروبا وتركيا. فأوهمته أمريكا بأنها تركت له حرية التدخل في سوريا والتحالف مع إيران بشرط ألا يضر بإسرائيل بل يخدمها. والضربة القاضية ستكون في ليبيا.

فما يملكه في سوريا لا يتوفر له في ليبيا: لن يستطيع السيطرة على سمائها مثلما فعل في سوريا لقربها من مراكز الحلف الاطلسي الاستراتيجية. ومن كان يمول حروبه أفلس (الثورة المضادة الخليجية).

ومن كان يمده بجيش أرضي “يفغم” يعني بالتونسي يحتضر. والمرتزقة لا بد أن يوجد من يدفع لهم. ومن عادة المرتزقة أن يطيلوا الحرب حتى يطيلوا مدة الحصول على الأجر المجزي. وكل ذلك مؤذن بنهاية حلم بوتين. وكملت عليه- وعلى فرنسا التي يمكن أن تساعده- كورونا.

ثم إن أوروبا عند التفكير البعيد لا يمكن أن تقبل اعطاء رقبتها لبوتين فتمكنه من السيطرة على موردي الطاقة لتصبح مطلقة التبعية فيهما لنزوات المافية الروسية. لذلك فستكون فرنسا الوحيدة التي تحاول المستحيل للبقاء في شمال افريقيا بوابتها للبقاء في افريقيا.

وما أن يتحقق الحلف الاستراتيجي بين تركيا والجزائر ومع الضوء الاخضر الأمريكي فإن بوتين مقدم على نكبة لا تقل وطأتها عن نكبة افغانستان للسوفيات. ومن أنذر فقد اعذر . واعتقد أنه لن يغامر: ما يفعله حاليا هو بعض العنتريات حتى يحلب اغبياء الثورة العربية المضادة. لكن الضرع جف.

وبالمناسبة أود أن أقدم تأويلي للمعلومات التي يقال إنها وجدت في الوطية.
ما نشر ليس متضمنا للمعلومات التي اكتشفتها تركيا بل للتغطية عليها. فماكرون يعلم ما يوجد فيها ولا يعلم ما وجدته تركيا.

ولما كانت قيادات تركيا ليست ببساطة قيادات صاحب المنشار التي نشرت خاشقجي فهو يجعل تسريب المعلومة يعمي العدو ولا يساعده على معرفة ما يعرفون عنه.

وذلك هو شرط لعبة البوكار الاستعلامية. فماكرون في حيرة من أمره: ماذا يعلم اردوغان عن مؤامراتي للمحافظة على استعمار شمال افريقيا مدخلا لمواصلة استعمار افريقيا؟

بذلك نفهم عجلة الفرطاس في محاولة تهدئة اللعب بما يمثله دوره كمقيم عام ومسؤول كبير من قدرة على “تطويع” عملاء فرنسا الطيعين “لصاحب الامر” فهم جامية الحداثة المزعومة التي لا تختلف عن جامية الأصالة المزعومة.

وصادف أن الجماعتين اجتمعتا في خطبة التهنئة بعيد الفطر: فالكلام فيها الموجه إلى “المخربين” هدفها تهدئة اللجان الشعبية التي كانت ستمثل الرصيد الشعبي- رغم تضاؤله بعد فهم الشعب للمشروع القذافيست والسوفياتيست- لأصحاب صفر فاصل من قادة الانقلاب.

وإذا كانت تركيا لم تمنع روسيا من تجميع قواتها في قاعدة ليبية ثانية وانتظرت وقوع روسيا في الفخ الليبي فلأن وضعيتها فيها أفضل من وضعية روسيا. هزيمة روسيا في ليبيا أيسر من هزيمتها في سوريا. وهزيمتها في ليبيا تعد لهزيمتها في سوريا.

ولا يمكن أن تجهل تركيا أن أمريكا يمكن أن تريد ضربها هي أيضا لترتاح من خصمين. لكنها لا ترجح ذلك لأن استراتيجية الاستعداد للتصدي للصين تقتضي اضعاف صفها (ضرب بوتين) وتقوية حلفها (الحلف الأطلسي) الذي لا وزن له إذا فقد تركيا: وهو جوهر الخلاف بين أمريكا وفرنسا بخصوص دور تركيا فيه.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي