ايدز السياسة، ذلك هو مرض تونس العضال

ه

لما رأيت قائمة المترشحين لرئاسة الدولة أول ما تبادر إلى ذهني هو أن جل المترشحين من حيث يعملون أو لا يعلمون يدفعون بالشعب إلى المطالبة بالبيان رقم 1.
ذلك أن الاثر الوحيد لمثل هذه الظاهرة هو أن العبث بالدولة جعل هذه المسؤولية من جنس سوق الفريب الذي يدعو الشعب إلى فرز فضلات المافية لما بقي من تونس لـ”لمشمشة” إذ لا أحد يصدق أن الدافع هو التفاني في خدمة تونس والشعب.
وطبعا هذا الحكم لا يصح على الجميع لكن “نزول الجميع” إلى سوق الفريب يجعلهم في ذهن الملاحظ متماثلين لأن الغاية في النهاية هي أن المافية التي تحرك الدمى تريد إيصال الشعب إلى هذه القناعة وهو أن الكل سواسية ولا يوجد من يمكن أن يكون حقا مخلصا.
وحتى لو وجد المخلص وهو دون شك موجود فلن يصدقه أحد إذ إنه إذا عم الكذب يصبح أكثر الناس قابلية للتكذيب هو الاصدق إذ لا أحد يمكن أن يصدق الصادق في مجتمع صار مصابا بسيدا السياسة أو فقدان المناعة الخلقية التي تمكن من تمييز الأفاضل عن الاراذل إذا كان الفضل الوحيد المعترف به هو ما يفضل صاحبه بالقدرة على الخداع والنفاق والكذب.
ففي بلد جل نخبه بزناسة -في كل شيء وخاصة في الجنسيات- كيف يمكن للمواطن أن يصدق أحدا خاصة إذا اراد أن يفضل على غيره بالصدق الذي لم يعد يصدقه حتى بوسعدية.
وقد حاولت أن أصنف النخب بما يشبه المقومات التي تحدد “الطبع” أو الكاراكتار أو مميز الشخصية. فلم أجد أي واحد من هذه المقومات الخمسة يمكن أن يصدق على نخبة تونس خاصة وعلى نخبة بقية البلاد العربية عامة.
تشعر بأنك أمام قشرة ليس وراءها لب في الأصناف الخمسة التي تنقسم إليها هذه المقومات أعني من يمكن أن تغلب على شخصيته:

  1. الإرادة (الساسة)
  2. أو المعرفة (العلماء)
  3. أو القدرة (المنتجون للمادي أو الروحي من حياة الإنسان)
  4. أو الذوق (الفنانون)
  5. أو الرؤية (رجال الدين والفلسفة).
    كل هؤلاء أو لنقل جل من يبرز منهم في سوق الفريب التي وصفت تجده حاملا للاسم خاليا من المسمى: أعجاز نخل خاوية. ولا شك أن 99 في المائة منهم لا تعنيه تونس ولا مستقبلها بل هو لا يترشح للرئاسة بل للحصول على صيت يجعله ذا وجود في حسابات المافية التي تنظم هذه السوق: لعله يفتح حانوت بيع الفريب أو حتى النفة أو الزطلة التي يسر الرئيس الذي تركنا على “المحجة البيضاء” تداولها فهذه كلها أسرع طريق ليصبح من الأغنياء الجدد ولو بتغذية التلاميذ بالجيف وتجديد اتفاقيات نهب ثروات البلاد تحت حس مس.
    وحينها لا تعجب أن تكون ألمانيا ألمانيا وتونس تونس.
    ففي اللحظة التي بنيت فيه ألمانيا لما كانت دون فرنسا في كل شيء ومتخلفة كان مدير المدرسة الثانوية من مستوى هيجل ووزير الثقافة من مستوى جوته والوزير الاول بعده من مستوى موحد ألمانيا وهازم فرنسا والنمسا.
    من عندك في تونس؟
    اذكر اسم مدير ليسي واحد ممن عينهم البكوش مثلا -أي آخر عمل في تهديم المدرسة وجعلها في خدمة إيديولوجيا وليس في خدمة التربية بعد بداية التهديم مع موجة تجفيف المنابع-اختير لعلمه أو لعمله التربوي وليس بحجة تسريح خدم النظام السابق واستبدالهم بخدم إيديولوجية البكوش الذي هو فعلا بكوش لأنه استاذ جامعي لم نسمع عنه شيئا يمكن أن يعتبر جامعيا.
    اذكر وزير تربية واحد عرف عنه شيء في المسألة التربوية أو حتى في ما يمت إليها بصلة شكلا أو مضمونا. فأفضلهم يمكن بالمقارنة مع لص “القوة الهادئة” ومؤسس الذباب في جهاز التربية يعتبر عبقرية.
    اذكر وزير ثقافة واحد يتجاوز موزعي الرشوة على مافيات الثقافة.
    اذكر وزير أول منذ “انقاذ” تونس من قبل نخبة الباجي التي تسير أربع دول ليس عميلا لفرنسا أو لعملائها.
    ماذا تنتظر في هذه الحالة من الانتخابات؟
    أنا لا أنتظر شيئا منها ولم أقل شيئا في من اراهم أهلا لها بعد أن صارت عديمة الأهلية لأنها “شلكت” إلى حد يمكن اكتشافه في من أحاط رئيس الدولة نفسه بهم ممن راينا منهم “مشترة” بين المترشحين ممثلين للجنسين.
    إذن ما الفائدة أن يبحث المرء في سوق الفريب على من يتصوره يمكن أن يقدم بضاعة تنافس السراويل الممزقة في عصر هذه الموضة والكتابة بالأحرف اللاتينية فيها؟
    ثم ماذا يمكن أن يفعل إذا اختاره بعض البرباشة في هذه الفريب ممن يرد على كلامي بأن موقفي يعني أنه علينا أن نتخلى عن تونس ولا “نقف” لها كلمة يقولها من يوقفونها ويقفون لأمهم التي أقسموا لها بالولاء؟
    إذا فرضنا أن أحد الافاضل من المترشحين سينجح فإنه لن يستطيع فعل شيء لأنه سيكون دمية بالأمر الواقع وحتى بالدستور الذي هو أفسد دستور يمكن أن يتخيله عاقل لأن من كتبوه لا عقل لهم ما داموا يتصورون تونس قد صارت مثل بريطانيا في مستوى الثقافة الديموقراطية.
    ولأختم بالتصنيف المناسب ما دام التصنيف النظري الذي اقترحته لا ينساب النخب التونسية خاصة والعربية عامة بعد أن أصاب الإيدز السياسة فيها جميعا وتبين أن ما يسمى دولا عربية ليست دولا إلا بالاسم وهي في الحقيقة محميات فقدانها للسيادة تجاوز ما كانت عليه حتى في عصر الاستعمار المباشر:
  6. فعندك اليساري الصباب
  7. وعند القومي البهبار
  8. وعند وريث ابن علي المافيوزي
  9. وعند البورقيبي الذي يحن للقافلة تسير
  10. وعندك الإسلامي الغر الذي يغفل عن أن أول من سيضحي به هو الإسلامي “المهف”.
    ولا حول ولا قوة إلا بالله.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي