المليشيات الخمس – كيف نفهم ولاءها لإيران وإسرائيل؟

– كيف نفهم ولاءها لإيران وإسرائيل؟ –



لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص



لغز حيرني لم أجد له تفسيرا:

هل صحيح أن ولاء غالبية شيعة العرب لإيران علته مظلوميتهم من قبل الأنظمة المستبدة وحرمانهم من حقوقهم كغيرهم من المواطنين؟
هل هم واثقون من أن إيران ستنصفهم؟
ألا يكفيهم مثال الأحواز والعراق وسوريا؟

فالاستبداد والفساد والحرمان من الحقوق تحت الحكم في بلاد العرب لا يقتصر عليهم بل هو يشمل كل المواطنين سنة كانوا أو شيعة:
فصدام مثلا طاغية على الجميع.
فلو فرضنا أن العرب الشيعة قضوا على السنة وحكموا أقطارهم هل سيكونوا أسيادا أم سيبقوا عبيدا لآل ساسان؟
مثال العراق بعد الغزو الأمريكي يثبت العكس تماما:
صاروا أكثر عبودية حتى في ما بينهم فضلا عن علاقتهم بسنة بلادهم.

ولعل أفضل مثال أن ابن العلقمي كان الوزير وصاحب القرار في الخلافة لما باعها للمغول وحرض عليها إلى أن تم القضاء عليها لسنيتها.
فالطغاة سواء في الأنظمة الوراثية اسما ومسمى والأنظمة الوراثية مسمى وإن كانت اسما جمهورية غالبا ما يفضلون الأقليات وهم منهم.
والقيادات البعثية ليست سنية وما كانت أبدا بل هي إما ملحدة أو شيعية في الغالب وفي الحقيقة لا معنى للتسنن في البعث إذ عقيدته فاشية إلحادية.

إذن لا بد من تفسير معقول لا تكفي فيه المظلومية حتى لو قبلنا بأن لها دورا في الظاهرة.
فماذا يمكن أن يكون التعليل المقبول عقلا؟

وسنرى أن الكثير من حقائق التاريخ يتجاهلها اشباه المحللين أو لعلهم يجهلونها.

ولنبدأ بالتفسير التاريخي كما يعرضه ابن خلدون لتفسير الفتنة الكبرى وهو تفسير شديد الشبه بموقف عرب الشمال بعرب الخليج الحالية.
وأكثر من ذلك فتفسيره يصل الأمر بما بين العرب يصله بما بينهم وبين مستعمريهم قبل الإسلام (فارس والروم) ويمكن وصله بالحاصل حاليا بمستعمريهم قديما (فارس وبيزنطة) وحديثا (إيران والغرب).
في فصل ولاية العهد من الباب الثالث لتفسير أعماق الفتنة الكبرى الثقافية والفكرية ذكر ابن خلدون القبائل التي كانت تحتقر قريش والمهاجرين والأنصار الذي صاروا يحكمون العرب باسم الإسلام.

“فاستنكفوا (القبائل العربية الكبرى) من ذلك وغصوا به (دولة قريش للقبائل العربية الصغرى) لما يرون لأنفسهم من التقدم بأنسابهم وكثرتهم ومصادمة فارس والروم”

ذانك هما عاملا الأعماق.

بلغة الأناسة -الانثروبولوجيا- يفسر ابن خلدون ظاهرة الفتنة الكبرى بعاملين:
هما التنافس بين القبائل بالأحساب وبالمستوى الحضاري للقبائل.
يقابل بين قبائل كبيرة وقوية وذات صلة بحضارة فارس وروما تحكمها قبائل صغيرة وضعيفة وبعيدة عن الحضارة هي صاحبة ثورة الإسلام.
ماذا يناظر اليوم الموقف من القبائل الضعيفة والصغيرة وغير المتحضرة التي حكمت باسم الإسلام فسببت النقمة عليها وعلى الإسلام ؟
ضع مكان قيادة قبائل صغيرة لقبائل كبيرة ذات الصلة بفارس وروما سابقا بقيادة أقطار صغيرة لاقطار كبيرة ذات صلة بفرنسا وانجلترا.
واقرأ المشهد:
النقمة التي لعرب العراق والشام ومصر على الخليج وخاصة ممن ليسوا سنة حاليا لوجدتهم حفدة النقمة ضد قريش سابقا.

لكن التفسير الخلدوني لا يكفي.
صحيح أنه انثروبولوجي عميق لأنه جمع بين أصلي الصراع القبلي (الأنساب والعدد) والتراثي (التحضر).
لكنه لم يصله بعلل التنافس:
التنافس كان على الحكم ومنافعه وليس مجرد تفاخر بالأنساب أو بالتحضر كما يزعم العرب غير الخليجيين.

كيف نفهم مرض المفاخرين بأنهم ليسوا أعرابا وبحضارة بابل والفراعنة والفينيقيين والقرطاجنيين وبالحضارة الفارسية والرومانية؟
لا أحد منهم على الأقل في حديث النفس يجهل أنه لا يقل تخلفا عن بقية العرب وأن العرب كلهم في الهوى سواء لعموم الاستبداد والفساد.
يعلمون أن كلامهم تنفيس عن حرمان ذاتي وتعزية بالتفاخر الزائف:
فالمصري الذي يفاخر بالحضارة الفرعونية ليس له منها إلا الآثار.
والشامي وخاصة اللبناني الذي يعير الأعراب ليس إلا لحاس لاحذية ما يعبده أي علة نقمته على العرب السنة:المال مقابل شرفه بمعنييه.

لا أقول هذا لأعير أحدا:
هدفي الوصول إلى حقيقة الأزمة.
إنها أزمة قيم تجعل العرب في شحناء مآلها الحرب الأهلية ورمزها التشيع.
التشيع لا يحتكر المعركة بل كل المليشيات الخمس:

  • الباطنية (تابع فارس)
  • والصليبية (تابع الروم)
  • والعلمانية (تابع فرنسا)
  • والليبرالية (تابع انجلترا)
  • والقومية الفاشية (تابعة لأي منهم يحمي استبدادها وفسادها).

فيتطابق تعليل ابن خلدون لأعماق الحرب الأهلية العربية القديمة مع تعليلها الحاضر بنفس العوامل المردودة إلى صراع سياسي اقتصادي.

لكن ما غاب في التفسير الخلدوني بالإضافة الى الصراع السياسي الاقتصادي هو العامل الخارجي:
كان ذكرى في الماضي وهو حاضر حاليا.
احتقار قريش كان قبيلة وحضارة أزالها الإسلام.
حاليا احتقار السنة دول تابعة لتراث ماض ولمستعمر حاضر يسيطر عليهم وعلى المسلمين.

علة مضاعفة للنقمة على السنة أنها رمز العروبة والإسلام (وإن بتحريف شديد) وأغلبية:
العامل الداخلي والعامل الخارجي ماضيا وحاضرا.
تسمع عربي من المليشيات الخمس يعبر عن احتقاره للعروبة والسنة فهو يتكلم على البداوة وبول البعير والبترودولار ليخفي علل نقمته.
المليشيات مصدر التحريض على الحرب الأهلية ضد السنة:
الباطني والصليبي (ايران) والعلماني والليبرالي (إسرائيل) والمظلة (القومية الفاشية).

أعتقد أني تقدمت نحو الحل بفضل إشارة ابن خلدون:
العقدي في التشيع والمظلومية كلاهما لا يكفي للتفسير بل العاملان المذكوران.
الصراع السياسي والاقتصادي داخليا سعي لاحتكار السلطة
والسند الخارجي سعي لتوطيد الاستبداد والفساد معلولي الاستضعاف والاستتباع وعلتيهما في آن.
من دون إيران وإسرائيل نعود إلى صراع طبيعي في مجتمع سوي:
فالتنافس على الثروة والسلطة من محركات التاريخ في جميع والأمم.
توظيف هذا الصراع وتغطيته بالمعركة العقدية والقيمية هدفهما التحشيد العامي الذي ينقل الصراع من اللطيف إلى العنيف: دور الملالي.

يظن الإيرانيون والإسرائيليون أنهم بذلك يمكن أن يغيروا القوانين الموضوعية للتاريخ:
العرب السنة هم الغالبية الساحقة في الإقليم.
ومهما بدا في ما سأقول من تناقض فإن فضل إيران وإسرائيل على السنة أنهما يؤديان دور المهماز للجواد العربي السني الذي طالت غفوته.
والشباب بجنسيه هو طليعة الاستفاقة وقد هزمهما بدليل لجوء إيران وإسرائيل لأمريكا وروسيا ليصمدا أمام فزة الشباب السني العملاق.

وإذا صدق العرب في التعاون مع الأتراك فإن الضربة القاضية تصبح لازبة.
لكني أخشى من انتهازية الحكام العرب وقصر نظرهم وجبنهم.

آمل ألا يكرروا خيانة الحرب الأولى التي أسهمت في إسقاط الخلافة:
فاصحابها أحفادهم هي المليشيات الخمس.
فحذار من الغدر بالأمة.

الولاء المطلق هو الذي ينبغي تفسيره ولا يمكن اعتباره تفسيرا.
فهل هو لذكاء المجوس أم لغباء العرب أم بسببهما كليهما؟
أم توجد علة أعمق؟

لست غافلا عن كون محاولاتي فهم الظاهرات انطلاقا من طبائعها لايعجب الكثير وخاصة أدعياء التحليل الغارقين في الأعراض بدل عللها.
ولو كان يحق لمن يطلب الحقيقة أن يطلب معها إرضاء الغير لفسد كل سعي لمعرفة ما يجري والتوقي من الأخطار:
تلك أزمة فكرنا القشوري.


– كيف نفهم ولاءها لإيران وإسرائيل؟ –


يرجى تثبيت الخطوط
عمر HSN Omar والجماح ياقوت AL-Gemah-Yaqwt أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ومتقن الرافدين فن Motken AL-Rafidain Art وأميري Amiri
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي