المقاومة السنية – تصنيف تياراتها بمقتضى رهان المعركة



لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص



حرصت على الاستفادة من عنفوان الشباب -في ندوة معرض الكتاب العربي باسطنبول- فحضرت ندوتين

  • أولاهما بحثية حول تصنيف حركات المقاومة لذاتها وتصنيف غيرها لها أي من الداخل ومن الخارج فأفدت كبير الفائدة
  • والثانية شعرية جمعت بين توسيع الأفق السياسي والوجودي لإخراج الإنسان من محبسيه التاريخي والوجودي.

فوجدت في الحالتين الشعرية والعلمية شابين في البحث وشابين في الشعر يبشرون أربعتهم بكل خير بالنسبة إلى مستقبل الأمة علما وإبداعا:
طمأنوني على أن

  • الاجتهاد بالقلم
  • يصحب الجهاد بالسيف على بينة وروية.

وقد حاولت أن أصل فلسفيا بين صاحبي البحث وصاحبي الشعر في تعليقي الذي رأيت من واجبي بصفة المراقب لساحة الفكر والابداع الشبابيين ممثلين للاجتهاد سندا للجهاد في معركة الاستئناف.

  • فالشاعران قد مثلا بحق لفاعلية توسيع الأفق لئلا يبقى الإنسان حبيس المكان والدنيوي فيعبر عن اشرئبابه الخلقي والوجودي نحو اللامتناهي.
  • والباحثان مثلا بحق عرضا شديد الدقة والوضوح لتصنيف فرق المقاومة من منطلق رؤيتها لذاتها أو تمايزها بعضها عن البعض ومن منطلق أجنبي عدوا كان أو صديقا وحاولا تجاوز علني الدوافع إلى خفيها.

والسؤال:
هل يوجد تصنيف ليس هو داخلي ولا خارجي لأنه يتجاوز الدوافع إذ تقرأ بمعيار أصحابها أو أعدائها لنصل إلى محددات فعل المقاومة نفسه؟

ذلك أننا إذا بقينا ننظر إلى القضية انطلاقا من موقفي الصفين المتصارعين فسنبقى كمن يعتقد أن الموجود فحسب هو تصورهما للمشكل فيغيب المشكل
ولأضرب مثالا من القضاء ليفهم قصدي:
لو يكتفي القاضي بتصور الخصمين الحاضرين أمامه لامتنع عليه أن يقضي بينهما من منظور النزاع ذاته.
موضوع النزاع هنا هو ما يختلف عليه وحوله الثوار
ومنه يمكن تحديد المصيب والمخطئ بمنظور يمكن تحديد معاييره عقلا (وكذلك نقلا وليس من أغراض بحثي هنا).
صحيح أنه لا توجد موضوعية مطلقة.
لكن شتان بين نسبية الموضوعية وإطلاق الذاتية.
فللأشياء طبائع يمكن البحث فيها بصورة مستقلة عن المناظير.

ولهذا عرجت في محاضرة اسطنبول إلى ملاحظتين:

  • الأولى ابستمولوجية تتعلق بشرط المعرفة العلمية.
  • والثانية أكسيولوجية تتعلق بشرط القيمة الخلقية.

بل وبهما بدأت المحاضرة.
نحن أمام صراع معقد والتصنيف بمنظور طرفي الصراع لا يمكن أن يوصلنا إلى تحديد الأطراف فضلا عن محل النزاع وخصائصه ودوره في تعيين رهانه.
كلاهما يتعلق بالتعامل مع الثورة وليس بتعامل الثورة مع ما ثارت لأجله.
أولى الملاحظات تتمثل في تبسيط الأطراف بردها إلى حدين مجردين متعاديين دون أن نفهم أن كلا الحدين ليس واحدا بل طيف متعدد التقازيح والأهداف.
فيكون الإشكال هو أنك أمام صراع ما بين طرفين كلاهما في صراع أو في صراعات:
النزاع بين حصيلتين لمجموعتين من القوى المتلائمة استراتيجيا رتبتك العدو المشترك الأول.
لذلك فالتصنيف بنبغي أن يبدأ من تحديد هاتين الحصيلتين اللتين تترجمان في استراتيجيتين تجمع بين صفين متقابلين على رهان لكل فيه هدف فرعي.
وإذن فالاساس الذي ينبغي البدء به هو كيف تتحقق حصيلة القوى المتحالفة في كلا الصفين:
الجواب هو درجات العداوة كما يراها أعضاء الأحلاف.
ما يعتم الرؤية لدى المقاومة السنية هو أنها لم ترتب العداوات لتبني استراتيجية تمكن من تحقيق حصيلة قوى فتحقق توحيد الفعل المقاوم.
لذلك فالحصيلة المضادة تمكنت من تحقيق وحدة الفعل المضاد للمقاومة السنية بسبب هذا الغياب:

  • حلف الغرب بَيِّنُ المعالم (بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية)
  • وحلف الشرق بين المعالم (بقيادة روسيا الإتحادية)

وهما متناقضان من حيث المصالح ولكنهما متحدان من حيث إن هذه المصالح تشترك في القضاء على المقاومة السنية:
ولأمثل بإيران وإسرائيل للتوضيح.
كلتاهما تريد استرداد إمبراطورية متقدمة على الإسلام
إذن كلتاهما تريد إزالة قدرة العرب على حماية أرضهم.
متفقتان على ذلك في انتظار قسمة الغنيمة إن نجحتا.
كلتاهما عدوة للأخرى حول وراثة أرض العرب.
لكن كلتيهما تعلم أن المعركة على الفريسة قبل صيدها غباء.
إذن تتحالفان لصيدها وتتقاسمانها.
معرفة الفرق بين دورالقوتين اللطيفة والعنيفة لديهما يفهمنا استراتيجية لعبة العداءالظاهر:
القوة اللطيفة أهلية إيرانيا في الظاهر وأجنبية اسرائيليا في الحقيقة.
القوة اللطيفة:

  • إيران تربح قلوب السذج بدعوى محاربة الغرب وإسرائيل.
  • وإسرائيل تربح قلوب النخب الحداثية بدعوى محاربة الدكتاتورية والاستبداد.
  1. فتخسر المقاومة السنية الشباب المتدين الذي يصبح أميل لخدعة الايراني: معادة الغرب.
  2. وتخسر المقاومة السنية الشباب المتعلمن الذي يصبح أميل لخدعة إسرائيل.

وكلاهما خال من فهم استراتيجية دفعهم للتهديم الذاتـي بسبب الاغترار بخبث الأعداء.
وبهذه اللعبة يدخل العرب في حرب أهلية بين أنظمة قومية في الظاهر (وهي طائفية) وأنظمة دينية في الظاهر (وهي قبلية) وبين أعداء أولئك وأعداء هؤلاء مع غفلة عن سر اللعبة.
ومع ذلك فالعرب السنة لكونهم هم الأغلبية في الإقليم ولأنهم الأقوى ماديا وروحيا لم تكن اللعبة كافية فاحتاج اللاعبان إلى قوتي مساندة.

  • إسرائيل سندها من خلقها شرطيا في مستعمراته العربية ومن ثم فقوتها العنيفة هي العامل الأهم في دورها.
  • إيران تنافس على دور الشرطي دون نجاح.

لذلك بعد الشاه اختار الملالي دورا أكثر فاعلية من دور الشرطي: إنه دور المليشيات التي تهز استقرار الأنظمة العربية وتفتك السلطة الفعلية.
لكن الثورة غيرت اللعبة كلها:
اضطرت إيران وعلماؤها إلى الكشف عن الأوراق
والمعلوم أن القوة اللطيفة إذا كشفت تفقد فاعليتها ككل خداع.
ومثال ذلك انكشاف ما يسمى بحزب الله فدوره في سوريا كشف أمرين

  • أنه مجرد فرع من حرس الثورة الإيراني
  • وأن خدعة المقاومة ورقة إيرانية.

ودون أن أدعي علما لدنيا نبهت إلى ذلك منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.
لكن إسلاميي السنة يلدغون أكثر من مرة من نفس الجحر والقوميون متواطئون.
وأكثرهم تواطؤا تذاكي المقاومات التي تتصور أن إيران تساعدها وهي في الحقيقة تستعملها استعمالها لحزب الله للغايتين اللطيفة والعنيفة.
ولما كانت إيران دون إسرائيل قدرة عنيفة بسبب التخلف التقني والعلمي وفوقها قدرة لطيفة بسبب الانتساب إلى نفس الحضارة احتاجت إلى روسيا.
وافتضاح القوة اللطيفة أزال مفعولها ومن ثم فهي لم تعد تستحي من استعمال القوة العنيفة للغرب الذي من مصلحته القضاء على قوة الإقليم بحق.
الغرب لن يتخلى عن الإقليم لكنه يتخلى عن السنة لأنهم هم الأغلبية التي يمكن أن تصبح غنية عنه بخلاف إيران وإسرائيل:
موقف الغرب ملائم لحاجة إيران.
فتعمل حركات المقاومة وكأنها عليها أن تدخل في حرب مع العالم كله ما دام الجميع يتآمر عليها.الم
قاومة السنية تعمل بانفعال عاطفي لا بعقل.
من هنا يطرح مشكل تصنيف فرقها:بمقتضى

  1. الغاية
  2. والوسيلة
  3. والطريقة
  4. والعقيدة
  5. والاستراتيجية الموحدة لهذا المربع الضروري في كل فعل مثمر بحق.

وغياب النقاش العقلي لهذه العناصر للوصول إلى توحيد الاستراتيجية بمقتضى توحيد الغاية والوسيلة والطريقة والعقيدة يثبط عمل مقاومة السنية.
كل المقاومات تبدأ مشتتة الصف لأن تكونها المتعدد ثم تدرجها نحو الوحدة هو ثمرة هذا النقاش حول هذه العناصر الأربعة لتوحيد الاستراتيجية.
والتصنيف الذي ينظم التعدد متعلق بالاختلاف الغائي والوسيلي والعقدي والطريقي والجامع هو الاستراتيجي.وكل هذه العناصر مزدوجة كالتالي.

  • الغاية – المقابلة بين القطري والإسلامي أو العلماني والإسلامي هي خطأ الإسلامي: نفي القطري بدل الاقتصار عليه. فهو شرط وحدة الهدف المرحلي.
  • الوسيلة – المقابلة بين المناورة السياسية والتشدد القتالي. هي خطأ الإسلامي: نسيان أن الحرب خدعة وأن المناورة السياسية لتحسين الصورة أمضى سلاح.
  • الطريقة – الرحمة في القتال تفصل بين العدو وشبعه فتجعل رأيه العام أقل التزاما بمحربتك بدلا من ضمه إلى سلطته المعادية: الإسلامي ينسى ذلك.
  • العقيدة – الإسلامي يحارب بعقيدة غير إسلامية. فأول من وضع الشروط الخلقية في الحروب هو الإسلام.وكان من المفروض أن تكون المقاومة انتقائية وكان من المفروض أن تكون مرحلية.

فالرسالة لم تنجح إلا لأن الرسول والخلفاء الراشدين من بعده طبقوا المرحلية في غزو القلوب قبل الحرب.
وإذن فبهذين المعيارين يمكن تحديد الاختراق المخابراتي الذي يهدف إلى تشويه المقاومة السنية بحيث تصبح أداة حرب نفسيه على نفسها والسنة
فالصفات الأربع التي ذكرتها تبين أحد أمرين

  • إما أن المقاومة السنية ذات المرجعية الاسلامية ليس مدركة لمعنى المرجعية الإسلامية
  • أو هي مخترقة

وتصنيف حركات المقاومة بهذه المعايير يعطينا أربعة مجالات تصنيف:

  • بالأهداف
  • والوسائل
  • والطرق
  • والعقائد

وازدواج هذه المعايير يثمر استراتيجيتين

  • فتكون الفرق ثمانية
  • والاستراتيجيا اثنتين.

وفيها جميعا الخطأ هو من قبل الإسلاميين لأنهم هم الغالبية.
وما يعنيني هو كيف نوحد الاستراتيجية؟
الجواب مضاعف:

  • وجدنا المعيار المحدد للاختراق وكيفية فضحه.
  • ووجدنا معيار تحديد المخطئ في العناصر الأربعة

.فلنتخلص من الاختراق ومن الخطا.
الغاية والوسيلة والخطة والعقيدة يوحدها الحد الأدنى فلا تتنافى ومثاله المقابلة بين القطري والإسلامي لتتحد الاستراتيجية سياسيا وعسكريا
فكل حركات المقاومة تبدأ كثيرة ومتنوعة ثم تتحد إلى أن تقرب من النتيجة عندها تبرز الخلافات على الثمرة.
لكننا ما زلنا بعيدين عن ذلك.
علينا أن ننتقل من البديات المشتتة إلى وحدة الصمود المديد وعندما نقرب من النتيجة نضع استراتيجية الحد من الخلاف لنبقي الحسم بيدنا.
وبذلك فدون أن استنقص أهمية التصنيفين اللذين قدمهما شابان سعدت بسماعهما فإن التصنيف العلمي ممكن من خلال المواقف من طبيعة الموضوع نفسه
ومزية التصنيف من مقومات الموضوع نفسه ومحل النزاع والرهان يمكّن من حض الفرق المقاومة على التفكير الجدي في تحقيق شروط النجاح بأقل كلفة
ذلك أن الاستراتيجية هي اقتصاد الكلفة في الحروب وفي السلم لتحقيق الأهداف بما هو متوفر من الوسائل المتاحة مع توزيع الجهد برزنامة جيدة.
وقد درسنا سابقا دور الأحياز الخمسة: أي المكان وثمرته (الثروة) والزمان وثمرته (التراث) والحيز الموحد أو المرجعية الروحية أساس الحصانة:
وبذلك فإن الاستئناف يزداد قربا من حيث الطموح والتوجه من النشأة الأولى مع كل ما حققته هذه لمد تلك بشروط النجاح.



يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي