لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفلهالمرأة
تكلمت على السلطانين الخفي والجلي ولم أحددهما بصورة تصل الامر بما اعتبرت اساس الإبداع كله فنيه وعلميه وخاصة في فني الرواية والرياضيات. فكلاهما يدوران حول الأحياز شكلها وفي الأحياز مضمونها أي ما يجري فيها ليجعلها أحياز حياة البشر وركح مجرى علاقتهم بالطبيعة والتاريخ. فمضمون الأحياز هو مستوى الذوق الفعلي ببعديه غذاء وجنسا ورمزهما الجمالي والخلقي ومستوى الذوق الرمزي عبارة عن الأول واشرئبابا لدلالته الوجودية. والأحياز هي: 1. المكان المجغرف 2. والزمان الذي يؤرخن. والتفاعل من بين 1و2 هو: 3. التراث والتفاعل بين 2و1 هو : 4. الثروة 5. وأصلها كلها رؤية وجودية فيكون المضمون هو علاقة الجنسين في علاج شرطي البقاء العضوي والروحي للفرد وللجماعة بشروط استمداد شرطيهما (الغذاء والنسل) من هذه الاحياز. فيكون علاج قضيتي الغذاء والجنس في مستوى الذوق الاول غاية بأدوات الإبداع الاول أداة هو الأصل في المستوى الثاني منهما أي ذوق الجمال والجلال. وذوق الجمال والجلال هم لحمتا كل جماعة تعي وحدتها الروحية وتسعى للتعبير عنها بما يمكن من حل معضلات العلاقتين: بالطبيعة (علوم) وبالتاريخ (فنون). والعلاقة بالطبيعة عمودية لأنها بين الجماعة شروط حياتها العضوية والروحية أي حاجات الإنسان المادية وأهمها الغذاء وحاجاته الروحية وأهمها الحب. والعلاقة بالطبيعة عمودية بين الجماعة شروط حياتها العضوية والروحية أي حاجات الإنسان المادية وأهمها الغذاء وحاجاته الروحية وأهمها الحب العضوي. والعلاقة بالتاريخ أفقية بين الجماعة وشروط العيش المشترك السلمي أي حاجات التواصل المصاحبة للتبادل فيما يتعلق بثمرات العلاقة العمودية. فالصراع الممكن بين البشر لا موضوع له إلا ثمرات العلاقة العمودية بين البشر في تبادلها والتواصل حولها وما يترتب عليهما من منازل ونوازل. لكنه يتجاوز الثمرة إلى المثمر من الملكية: فلا يكتفي البشر بالصراع بسبب الثروة والتراث ثمرتين لتفاعل المكان والزمان بل بسبب حيازتهما. فينعكس ذلك على التزاوج بين الجنسين لحرص الاسر والقبائل على الثمرتين الثروة والتراث وأصلهما المكان والزمان فيتضاعف صراعهم حول المرأة والنسل. ولا يزال إلى اليوم الصراع بين الأدوات والغايات في علاقة الزواج محكوما بعلاقته بالملكية والمنزلة ورمزه ما يسمى في الخليج بعدم التكافؤ. فعدم التكافؤ الذي يحول دون الزيجات المبنية على الحب إذا لم تكن في آن مبنية على المصلحة المادية والمنزلة الاجتماعية من عادات قبائل العرب. وقد لا تجتمع الثروة المنزلة في الشخص الواحد فيتم التعاوض من كان أقل منزلة وأكثر ثروة يمكن أن يرفع منزلته مقابل ثورته والعكس بالعكس. وهي ظاهرة كونية: فقد كانت برجوازية أوروبا تشتري منزلة النبلاء بالمصاهرة وكان النبلاء يخرجون من وضعهم المادي المتردي بمصاهرة البرجوازية. وإذن فالجمال والحب هما في الغالب ضحيتان للثروة والمنزلة في كل المجتمعات وليس في القبائل العربية وحدها. والموقف يشترك فيه الأهل والمتحابان. فهما أيضا يوجدان أمام خيار بين الغايات والأدوات: الغايات الجمال والحب والأدوات المنزلة والثروة. فنفهم تداخل الزيجات والثروة في سورة النساء. ونفهم أن حق الملكية الكامل للمرأة في الإسلام هو الذي يؤسس لتحرير النساء من سلطان الرجال. لكن الفقه القاصر أفسد العلاقة بعقم فهم القوامة. لا أنوي إطالة الكلام في المسألة لأني عاجلتها في غير موضع. فهدفي هو جعل اعادة طرح إشكالية النسوية في الحضارة الإسلامية فرصة لإبداع حل فريد. والمنطق هو محاولة تصور علاج يحرر الجنسين من المفاضلة بين الغايات والادوات تقديما وتأخيرا: فهما متلازمتان تلازم فني المائدة والسرير. أستعمل كناية فني المائدة والسرير وهي مفهومة لأتكلم في العلاج الذي يمكن أن يناسب ثورة الإسلام في علاج علاقة بين الجنسين تحافظ على الوظيفتين. وظيفة شروط بقاء الفرد(الغذاء) والنوع (الجنس) مع تحقيق شروط السعادة فيهما معا بصورة تجمع بين الوظيفة العضوية والوظيفة الجمالية وتبادل السكن. فالإسلام قدم الشرطين الاقتصادي (حق الملكية للمرأة) والقانوني (الزواج عقد) وهما منطلق حل ما يبدو حيفا إزاء المرأة: التعدد ولو كان مشروطا. ولو حللنا مفهوم التعدد لوجدناه على نوعين متساوق ومتوالي. فالتعدد المتوالي ممكن للنساء بالطلاق بسبب النسب حفظا والتساوق ممكن للرجال بشروط. والشروط نوعان: تخص الحاجة إليه وتخص راي الزوجة فيه. فشرطه الأول يحدده القرآن وشرطه الثاني يحدده عقد الزواج لأنه من حق الزوجة اشتراط منعه. وحينها لا تصبح القوامة مقابل الانفاق وإلا لكان أول من لم يحترم هذا المعنى الرسول نفسه لأن أم المؤمنين خديجة هي التي كانت تنفق على الأسرة. وإنما معناه خدمة الحماية بمعنييها: 1. حماية سمعة المرأة لأنها متزوجة 2. وحمايتها من العنف في حالة حدوثه وذلك في كل العصور وكل الحضارات الإنسانية القوامة يعني القيام بشؤونها التي لا تستطيع القيام بها بنفسها مهما “استجملت النياق” حتى في عصر “استنياق الجمال” وغلبة التخنث الحديث. فيصفو الأمر للغايات من العلاقة لتصبح هي المحددة للأدوات. لكن ذلك يقتضي إصلاحا جوهريا في الانظمة الاقتصادية الحديثة التي استعبدت الجميع. أكلت حروب أوروبا والانتاج الرأسمالي شبابها فصار الذكور غير كافين للقيام بالحماية في العلاقتين العمودية والافقية فاستعبد الرجال والنساء. لكن تبين أنه لا يوجد اقتصاد في العالم يمكن أن يوفر العمل للجنسين وتلك علة البطالة والنساء العاملات كامل الوقت مظلومات لأن ما يتركنه أهم. وأعدل حل هو أن يعملن وأن يتعلمن مثل الرجال لكن على المجتمع أن ينصفهن فلا يعملن إلا نصف الوقت فهن يقدمن للجماعة أهم خدمة: تربية الأجيال. وينبغي أن يكون أجرهن مع ذلك مثل الرجل كاملا غير منقوص والمجتمع بذلك يكون رابحا أيما ربح: فهو يحل مشكل البطالة ويحل مشكل تربية الأجيال. ومهما كسد الاقتصاد فإن البطالة قلما تصل إلى ربع القوة العاملة. وثلاثة أرباعها يمكن أن تتحمل النصف الثاني من أجر الربع الذي يعمل نصف الوقت. وبذلك تسهم المرأة في الإنتاج المادي للاقتصاد ولا تهمل ما هو أهم منه أعني الانتاج العضوي والخلقي للأجيال التي تمثل مستقبل الجماعة دائما. ثم إن المرأة التي تعمل كامل الوقت لا تستطيع أن تضفي على الحياة الجمال والحب لأنها كعاملة لن يكون لها لا الوقت ولا المتعة للعناية بنفسها. فتصبح الأسرة سكنا للزوجين وللأبناء فتكون بحق جامعة بين بعدي الشراكة المتساوية: علاج المسألة الاقتصادية والروحية بين الجنسية وخلائفهما. إنه الحل المعين للحل لشروطه القرآنية والتي تجعل الزواج للسكن والحب لكأن الزوجين يصبحان في آن زوجين وعاشقين أحدهما للآخر: أعسر أمور العلاقة. واعتقد أن ختم هذه المحاولة -وقد قدمت عليها فصولا اخرى أهمها الحليين اللذين ينبغي تجنبهما الأفلاطوني والكاثوليكي-بملاحظتين ستغضبان الكثير. الأولى تتعلق بما قصدته بالرعاية والحماية. اعتقد أن أفضل من يرعى المرأة أفضل من يحمي الرجل وأن جبر المرأة على دور عسكري أو أمني خدعة. وليس لزعم بأن النساء أضعف من الرجال فمنهن من هن أقوى من بعض الرجال. وإنما لأن ذلك يخل بالرعاية التي تربي الرجال الأسوياء شرط كل حماية. والملاحظة الثانية تتوجه للسيدات: فاغلب المفرطات في النسوية فاقدات لسر سلطان المرأة الحقيقي. ولست بحاجة لمزيد التوضيح. سلطانهن في فرقهن. من يفقد مميزاته ليكون مثل من يعتبره مستعبدا له صار كمن ينفي ذاته ليكون مثل من يستعبده وهذا يذكرني بالفنان الامريكي الذي اراد إلغاء سواده. وهذا ليس مساواة بل تسوية بإلغاء مميزات الذات. المرأة الجميلة والمحبة مستغنية عن حلول قانونية قد تكون حبرا على ورق: اقوى سلاح يملكه إنسان. القانون لا يحمي أحدا ما يحمي هو توازن القوى بين طرفي كل علاقة: فالمرأة لها بالملكية السلطان الجلي (المال والمنزلة) ولها السلطان الخفي وحدها. والعكس ممكن: يمكن للرجل أيضا أن يكون له سلطان خفي لكن سلطان فن المائدة وخاصة فن السرير طبيعي وليس ثقافيا فحسب: لا يغلبها أحد فيهما أبدا. لذلك فمن السخف اعتبار كل شيء ثقافي ونفي المميزات الطبيعية بين الجنسين. هذا مرض عممته النسوية والوجودية. وما نراه عادة هو موضة أقبح العجائز. وذلك على الاقل حسب مشاهداتي في أبرزهن عن العرب في مصر وتونس خاصة. ولست مجبرا على ذكر الأسماء والكثير شاهدهن مثلي. انتهى.