الفيلسوفة الضحوكة، الفلسفة ليست في متناول الطبالين

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله الفيلسوفة الضحوكة

ليس من عادتي الرد على من يبدي رأيه فيما أكتب لكن سأستثني السيدة زليخة أبو ريشة لأنها سيدة ولأن بشاشة ضحكتها من علامات السذاجة المحببة.

تفضلت فقارنتني بمن لا تعلم أني أشد الناس هجوا لأصحاب الأعجاز العلمي وظنت أنها تنقص من قيمة ما أدعو إليه بنسبته إلى موقف اخواني يرنو لحكم العالم.

وقد اعتبرت ضحكتها دالة على السذاجة ليس بمجرد الفراسة بل لأنها من حيث لا تعلم أرادت أن تعرفني فعرفت نفسها: عرفت نفسها بوضوح لا مثيل له.

لم تكتب ضدي بل ضد الإخوان وضد العلاقة بين الفلسفة والدين بموقفين سياسي وفلسفي من أكثر مواقف النخب العربية الدالة على التخلف الفكري.

والتخلف الفكري النظري يبرز في تصورها أن الدين والعقل متناقضان والتخلف الفكري العملي يبرز في تصورها أن النزوع الى حكم العالم خاص بالاخوان.

وسأبدأ بعلامة التخلف النظرية: عن أي عقل تتحدث الأخت الفيلسوفة؟

تخلف فهمها هو العقل مناقضا للدين وتظن كلام الفلسفة في الدين دجلا فلسفيا.

لا أظن أحدا عدا السطحي من الصحافيين يجهل أن الفلسفة قديمها وخاصة حديثها رفع كلامها مداره الدين من أفلاطون إلى هيجل إلى نيتشة إلى هيدجر.

من يعتبر الماركسيين العرب فلاسفة يمكن أن يعتقد ما تعتقده فيلسوفة الصحافة العربية السيدة الضحوكة. فنظرية المعرفة المطابقة توثن العقل بإطلاقه.

لكني لا أعتقد أنها تتكلم على علم بماركس بل منطلقها هو ما يعلل اللقب الثاني الذي تنسبه لي: تعتبرني أدجل فلسفيا لأؤسس للإمبريالية الاخوانية.

وطبعا لا يمكن ألا ترى غير ذلك إذا كانت تجند قلمها للمعركة الجارية حاليا بين النظام والاخوان في بلدها. لا أنازعها مسعاها للتقرب من النظام. فليست شاذة في ذلك فجل النخب التي من جنسها تجد في ذلك مورد رزق مجز مرتين: أنظمة المحميات كلها تجند امثالها. الحامي يجازيهم بأن يوصي بهم خيرا.

هي تعلم أن الدجال لا يختار من لا يفيد مشقة الدجل إلا إذا غبيا. وكان ينبغي أن تتركني وشأني لأن الناس لا يردون على من لا أثر على نجاحهم.

فإذا كان فيما أكتبه ما حرك فيها هذا الرد معنى ذلك أن الثورة المضادة التي تتكلم باسمها بدأت تفقد ثقتها في نفسها وتحاول المنازلة “الفكرية”.

كانوا يتصورون أن “الاخوان” مدرسة تقليدية لا تعبر عن فكر سياسي حديث معتبرين المحميات هي التي تمثلها: ظنا أنه يمكن الجمع بين التبعية والحداثة.

ومعنى ذلك أن العقل الذي تتكلم باسمه يمكن أن يسمي محميات أنشأها المستعمر تعيش بصدقاته بشرط أن تحارب ثقافة شعبها باسم العقل دولا حديثة.

لكن من يحمي من وظفوا لهذه المهمة يحارب الاخوان ليس لخلطهم بين الدين والسياسية بل لما تعيبه الفيلسوفة عليهم أي شروط الحداثة التي لا يردها للأمة.

لا يريد جماعة تسعى إلى التحرر من التبعية مثل من تتكلم باسمهم فصلا عن العقل والدين وبين السياسة والطموح الكوني للإبقاء على المحميات.

ليس مشكل زليخة مع الاخوان غير هذا المشكل: أن يوجد من لا يرضى بوضع المحميات العربية التي من شروط بقائها أن تحارب ما يخشاه العدو.

ما يخشاه العدو بصرف النظر عن كونه اخوانيا أو بوذيا متدينا أو ملحدا هو أن يكون تصوره للسياسة مثل تصوره هو: أي تحقيق شروط السيادة والريادة.

فليبق قزما في محمية وليوظف نخبا تعلل هذا الوضع بالكلام باسم الحداثة دون شروطها وبالحرب على دور الدين محفزا للحريتين الروحية والسياسية.

ذلك هو تعريف السيدة فيلسوفة الجرائد لنفسها عندما حاولت تعريفي بالانتساب إلى الاخوان وبتعليل رؤيتهم لشروط القيام الحر الذي يحقق شروط السيادة.

فليس من الصدفة أن صار عدو الثورة المضادة مقصورا على الاخوان في كل مكان وأن الثورة المضادة كلها بلا استثناء محمية للاستعمار ولذراعيه.

ذلك أن هذه المحميات بدأت تشعر أن كراسيها تتهاوى لأن الشعوب -وليست كلها اخوانية-بدأت تطلب الحرية والكرامة وتعلم أن شرطهما هو شرط السيادة.

فلا حرية لمواطن في محمية ولا كرامة لأمة يعيش حكامها المستبدون والفاسدون والطبال من نخبهم على فضلات حاميهم مما ينهبه من ثروات الأمة.

والحامي له الحق في أن يريد حكم العالم. لكن المسلم إذا أراد ذلك صار متطرفا عند فلاسفة آخر الزمان: لكأن الدول السيدة كلها ليس لها هذا الطموح.

الدول السيدة وخاصة في عصر العولمة تسعى لبث سلطانها في المعمورة كلها ولا تقتصر على قطعة منها. وهو ما لا يفهمه المتطفلون على الفلسفة السياسية.

والمسلمون بنفس هذه الاستراتيجية دخلوا التاريخ العالمي ومن ثم فالممثلون الوحيدون للسياسة الحقيقية التي تستهدف تحقيق شروط السيادة هي هذه.

أما حكام المحميات القزمة ونخبهم السخفاء فيتصورون ذلك سياسة اخوانية أو دينية توهما منهم أن كل ما هو ديني مناف للعقلي لجهل بطبيعة علاقتهما.

أمريكا-و”الفيلسوفة” لا تجهل ذلك-أسسها من سموها أرض الميعاد الثانية وإسرائيل حققت أرض الميعاد الاولى لحكم العالم ليس بكتبة عواميد صحفية.

والسيد زليخة توجد في قطر ملاصق لأحدث دول الإقليم -إسرائيل-وهي لا تستحي بتأسيس وجودها على دينها ولم ير مفكروها أن الدين مناف للعقل مثلها.

نخب تدعي التفلسف وتمضغ كليشيهات الحداثة يطبلون لبقاء محميات عربية للمبدعين في العالم يوظفونهم وأنظمتهم للحرب على شروط السيادة والريادة.

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي