الفوضى الخلاقة، طبيعتها وأدواتها ومناهجها وأهدافها – الفصل الخامس

**** الفوضى الخلاقة طبيعتها وأدواتها ومناهجها وأهدافها الفصل الخامس

ولا فرق عندي بين تحويل معركة تحرير المرأة إلى جعلها جارية، ولعل جاريات تونس دعيات التحرر أفضل مثال، ولهن مثيلات في كل بلاد العرب، وبين تحويل حرية التعبير إلى جعل صاحبها داعية. الدعاة اليوم هم جواري الفكر وهم على نوعين: • دعاة التجديد الديني • ودعاة التحديث. وكلاهما أهل فكر كاريكاتوري لكن الآن أريد الكلام على الداء الكوني الذي يحارب الإسلام لأنه يعلم أنه لا علاج له إلا بالإسلام: فتشعر وكأن الجراثيم والفيروسات الحضارية والخلقية تحالفت كلها لمنع الدواء الذي سيحرر الإنسانية منها. والداء الكوني هو البنية الخفية التي يتحد بها بقايا الثيوقراطية وبقايا الأبيسيوقراطية.

• فالجواري مشوهات مهام المرأة النبيلة، • والدعاة مشوهو مهام الفكر النبيل، كلاهما من أعراض هذا المرض الذي جعل المرأة والفكر بضاعة بخسة في خدمة بعدي دين العجل الذي هو البنية العميقة للنظام الثيوقراطي والنظام الأنثروبوقراطي، أعني النظام الأبيسيوقراطي أو نظام دين العجل: معدنه وخواره. فعندما يصبح العالم محكوما بمعدن العجل وبخواره، تنهار كل القيم فتصبح: • المرأة • والفكر بضاعة وخدمة لدى: 1. أصحاب البنك والبورصات (معدن العجل) 2. والإعلام والملاهي (خوار العجل). وتصبح النساء جواري وأسهم حاملة لإشهار تجارة مافيات معدن العجل، ويصبح الدعاة جواري وأسهم حاملة لدعاية مافيات خوار العجل. وهذا هو نظام العولمة التي هي ليست حربا على الإسلام لذاته بل لأنه هو الذي يمكن أن يحرر الطبيعة والإنسانية من الفساد النسقي باسم معدن العجل وخواره. • فمعدن العجل هو أداة استعباد الإنسانية ماديا واقتصاديا • وخواره هو أداة استعبادهم روحيا وثقافيا. لذلك فحرب أصحابهما على الإسلام وجودية.

سبق أن بينت أن المسألة تعود إلى تحريف الرمزين اللذين: • يمثل أولهما شرط التبادل • والثاني شرط التواصل أعني: • رمز الفعل (العملة) • وفعل الرمز (الكلمة). فهما ضروريات للتبادل والتواصل في دور الأداة الرمزية التي تحقق التجريد الحامل للقيمة الاقتصادية في التبادل والمعنى الثقافي في التواصل. • لكن اداة التبادل تتحول إلى سلطان على المتبادلين. وذلك هو الربا. • وأداة التواصل تتحول إلى سلطان على المتواصلين وذلك هو النفاق أو قول المرء ما لا يفعل. والقرآن يعتبر هذين أكبر الكبائر حتى إن اعتبر الأول داعيا لحرب الله عليه والثاني داعيا لأشد ما يمقته الله من أفعال الأنسان. فيصبح من اليسير تعريف طبيعة المعركة بين العولمة والإسلام هي بين من يبني كل أنظمة الحياة على الربا في شروط الحياة المادية، والخداع في شروط الحياة الروحية، وبين من اكتشف خطر هذين المرضين ويحاول علاجهما بتحريم الربا في التبادل والخداع في التواصل: بين دين العجل معدنه وخواره ودين الله. وعندما أقول دين الله فقد يتوهم القراء أني اتكلم على رؤية ثيوقراطية بديلا من انثروبوقراطية، في حين أني انطلقت من بيان أن هذين هما البنية السطحية من نفس الظاهرة التي هي دين العجل: فلا يوجد أكثر ربوية في التبادل وخداع في التواصل أكثر من الثيوقراطيا والانثروبوقراطيا إذ هما عين دين العجل. والدليل القاطع هو: • سلوك المرجعيات في الثيوقراطيا الشيعية • وسلوك أصحاب الربا في النظام البنكي العالمي وهو يهودي. فكلاهما يبيع للإنسان الأوهام مقابل ربح في الآخرة أو في الدنيا وهما أداتا الاستعباد الدائم كما نرى ذلك لدى توابع المرجعيات الصفوية وفي النظام الاقتصادي الربوي في العالم. ومن جنسهما خرافة البنك الإسلامي. فهو يجمع بين الخدعتين أو تحيل المافيتين: • مافية التجارة الدنيوية • ومافية الأخروية. فهذا الحل علته توهم ما يحصل لا بديل عنه وتوهم الثيوقراطي والأنثروبوقراطي متضادين كما يبدو من سطحهما، وهما في الحقيقة نفس الشيء في البنية العميقة: معدن العجل وخواره. لذلك فإني بخلاف ما يتوهم الكثير، لا اعتبر الفوضى الخلاقة التي تستعمل ضد الإسلام والمسلمين هجومية، بل هي دفاعية: اصحاب الفوضى الخلاقة السلبية ضد الإسلام والمسلمين الذين يسعون بحق للاستئناف ليست فعلا، بل هي رد فعل بمعنى أنهم يواصلون ما فشلوا فيه منذ نزول القرآن إلى اليوم. يوجد سر في الإسلام يجعله يصمد لكل هذه المؤامرات الملازمة لتاريخه ومصدرها بقايا الامبراطوريتين اللتين قضى عليهما وورث ما كانا يحكمانه من المعمورة (فارس وبيزنطة خاصة) أو من الأديان التي كانت مسيطرة قبله والتي تعرض لتحريفها بالنقد والإصلاح الاصليين أو من ورثتهم كروسيا وأمريكا حاليا.

صحيح أنه لم ينتصر عليهم، لكنه لم ينهزم حضاريا وسياسيا لكنه انتصر على مستويين هما السر الذي ينبغي فهمه: 1. تكذيب حكم هيجل عليه في الفصل الثاني من الجزء الرابع من فلسفة التاريخ عندما توهم ان الإسلام خرج من التاريخ ومن جغرافية الحضارة 2. فشل الاستعمار رغم تفتيت جغرافيته وتاريخه.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي