**** العرب متى يستردون رشدهم؟ ما بال العرب – الفصل الثاني
إذا أراد العرب فعلا أن يستردوا كرامتهم فلا يهددهم ترومب ولا بوتين وذراعاهما إسرائيل وإيران فيستعيدوا دورهم في الاقليم بل وفي العالم فعليهم أن يصارحوا بعضهم البعض ويتخلوا عن الكذب على بعضهم البعض: فكل بلاد العرب بسبب الحرب الاهلية بينهم فاقدة للسيادة لأنها محميات صريحة.
ولا معنى لأن يعير أحد منهم أحدا آخر بالتبعية وخاصة بالتطبيع فكلهم دون استثناء مطبعون وذلك منذ عهد طويل حتى وإن لم يصبح علنيا إلا بعد أن وصلت الحرب الأهلية العربية إلى ذروتها بعد الربيع العربي. ومن يقول عكس ذلك لا يريد فعلا وقفة صريحة يمكن بعده للعرب أن يستأنفوا دورهم ومواجهة الحقائق الذي إن لم يواجهوها فسيزدادون ذلا وتبعية.
ما بين الأنظمة العربية مناوشات لا تقاس بالحروب بين دول أوروبا قبل الحربين العالميتين فضلا عنهما ومع ذلك فهمت قياداتهم أن التنازل على بعض السيادة من أجل التضامن الاوروبي أفضل من الإبقاء على وهمها تحت الاستعمارين السوفياتي والأمريكي سابقا والروسي والامريكي حاليا. فاتحدوا ومع ذلك ما زالوا يعانون من التبعية لأن العصر عصر عماليق بحجم الصين والهند والبرازيل وأمريكا.
اتحدودا رغم كل ما حصل بينهم ورغم تعدد لغاتهم وثقافاتهم وما بين الشعوب من دماء وثارات وخاصة بين القطبين الاكبرين منهم أي فرنسا وألمانيا وحتى بينهما وانجلترا. لكن العرب لغتهم واحدة ثقافتهم واحدة مصلحتهم واحدة امتناع الرعاية والحماية لعجزهم في وضعية الفرقة كل ذلك يدعو لهذه الوقفة.
لو تمت حتى مبادرة أولية نحو هذا الهدف لتعذر على ترومب أن يقول إن إيران يمكن أن تحتل الشرق الاوسط في أقل من ربع ساعة. فإيران نمر من ورق لولا انشغال العرب بعضهم ببعض وخضوعهم لشروط من يفرق بينهم من أجل استضعافهم وتهديدهم بدولة فقيرة ومتخلفة رغم عنتريات قياداتها ورغم خيانة بعض العرب الذي صاروا مليشيات لها بالسيف أو بالقلم.
لم يكتف العرب بالعداوات الصبيانية بينهم بل نراهم يعادون أفضل حليف ممكن لم يعد يخيف كما كان بعد انزواء العرب في التاريخ حتى كادوا يغادروه. ومن يدعي غير ذلك الآنيريد المحافظة على الاقتتال العربي والابقاء عليهم في محميات ومعازل تابعة لحماة لا يرعون فيهم إلا ولا ذمة. لم تعد تركيا بحجم يخيف العرب حتى لو اقترصت وحدتهم على الحد الأدنى الذي تمثله الجامعة العربية بعللها البينة. لكنهم لم يكفهم القضاء عليها قضوا كذلك على الوحدات الجهوية العربية الخمسة.
قضوا على المجموعات الجهوية:1-مجموعة المغرب 2-ومجموعة الخليج 3-ومجموعة الهلال 4-ومجموعة القرنين (ملتقى أفريقيا والجزيرة) 5-ومجموعة النيل. وبدلا من تكوين شرط السيادة في الرعاية والحماية ليصبح العرب كما كانوا مركز الأمة الإسلامية نراهم في حرب أهلية سخيفة لا تتوقف في محميات ذليلة تجعل الجميع مستضعفا من أحقر خلق الله في الأقليم (الذراعين) وخارجه (حماتهما).
فتركيا كان يمكن أن تكون مع باكستان جناحين للمجموعة العربية والمستعرب من الاقليات التي كانت في كل تاريخ الإسلام من حماة الإسلام الأشاوس (الأكراد والأمازيغ) ما يجعل الشرق الأقصى قوة كبرى قابلة لأن تسهم في تحديد نظام العالم الجديد فلا يتجرأ عليه القوتان وذراعاهما في الأقليم.فتركيا كان يمكن أن تكون مع باكستان جناحين للمجموعة العربية والمستعرب من الاقليات التي كانت في كل تاريخ الإسلام من حماة الإسلام الأشاوس (الأكراد والأمازيغ) ما يجعل الشرق الأقصى قوة كبرى قابلة لأن تسهم في تحديد نظام العالم الجديد فلا يتجرأ عليه القوتان وذراعاهما في الأقليم.
وليس ذلك بالمستحيل ولعل استفحال الوضع قد يرجع المعاندين إلى رشدهم وإلا فإن ما حصل بعد الحرب العالمية الأولى سيتكرر وسيزداد العرب تفتيتا والخطط منشورة منذ أكثر من عقد خاصة والحرب قربت من قلب العرب كشعب محوري في ماضي حضارة الإسلام ومستقبلها: إذ هي تدور حول الحرم الثلاثة: القدس والحرمين الشريفين فضلا عن احتلال أربع عواصم عربية.
وكل تشكيك في إمكانه لاصلة له بالعوامل الموضوعية لأن ما هو موجب منها متوفر والسالب ليس قضاء وقدرا ولايبقى إلى الموانع الذاتية المتعلقة بمن يزعمون الغيرة على سيادة ما يسمونه دولة وطنية وهي كذبة لا يصدقها عاقل لأن معرفة امتناعها على حجم معين سبقتنا إليه دول أوروبا وهي كلها كبيرة.
ينبغي أن يفهم الحكام العرب أن الولايات المتحدة الأمريكية هي في الحقيقة “دول متحدة” كما يفيد اسمها بالانجليزية أولا وبالحجم ثانيا إذ إن كاليفورنيا وحدها لعل دخلها الخام يساوي مجموع دخول العرب وأكثر. ويمكن للأقليم العربي أن يكون مثل أوروبا دولا ذات سيادة بمظلة عربية بشروط السيادة.