الرئاسيات – علام يتنافس المرشحون؟

ه

بعد أن صنفت الأحزاب السياسية التي بعضها يمثل قاعدة شعبية ومن ثم فهو قوة سياسية وجلها لا يمثل إلا داء الزعامات الخاوية التي ليس لها قاعدة شعبية ومن ثم فهي لا تعبر عن قوة سياسية يمكن أن تحكم حتى لو صادف أن نجحت بما قد يترتب على تفتت الأصوات بسبب عدم وضوح الرؤية عند الناخبين.
ففي البلاد الديموقراطية وخاصة في أمريكا المرشح يقضي سنة كاملة في اقناع قاعدة حزبه بجدارته لتمثيل رؤاه وأهدافه وخاصة مرجعيته السياسية والقيمية ثم بعدها يمر إلى الجدل مع منافس قام بنفس المسار مع قاعدته الحزبية. وكلاهما يحاور كل الشعب الأمريكي لأن سنة اثبات الجدارة ليس مقصورا على حزب المترشح للترشح. أما عندنا فكل من “ينبح” بعض الوقت في البلاتوهات تنتفخ أوداجه فيتصور نفسه زعيما يستطيع كما قال السبسي خلال حملته بأن له حزبا يمكن أني سير أربع حكومات ويقصد ربما أربع دول لها مسؤول كبير يقرر عوضا عنه بوصفه رئيس هذا الحزب. وقد يرشح المسؤول الكبير من يختاره مع كونه نكرة ليس له وراءه قوة سياسية بل سلطة خفية لا نعلم طبيعتها ما هي.
السؤال الذي أطلب جوابه بسيط وبسيط جدا:
على ما ذا يتنافس المرشحون الستة والعشرون؟
وما هي اهداف “القوة السياسية” التي يترشحون باسمها؟
وهذا السؤال البسيط جوابه شديد التعقيد إذا لم نكتف بالأقوال ونبحث ما وراءها من الأفعال.

أول رهان يعلل الاختلاف بين الأحزاب التي تتنافس حاليا وخاصة الجديد منها هو الموقف من الحزبين الأكبرين اللذين كان أحدهما حاكما والثاني معارضا أعني التجمع والنهضة.

  1. وبين أن من يعرفون أنفسهم بالإضافة إلى التجمع نوعان:
    • من يريد استئناف دوره
    • ومن يريد مقاومة هذا الاستئناف
    وهما إذن يتقابلان تقابل الثورة وما قبلها وطبعا كلا الخيارين مفتت بلا حد لأن من يدعون تمثيل الثورة فتات مثلهم مثل من يريدون استعادة النظام السابق رغم أن هؤلاء أقرب إلى التحالف عند اللزوم. ولا يمكن أن اعتبر اليسار والقوميين ممن يمثل الثورة بالتقابل مع التجمع لأنهم كانوا من خدم النظام على الاقل في مرحلة ابن علي وأثبتوا ذلك بدورهم في تكوين جبهة السبسي وحتى في محاربة المرزوقي الذي لا يقل عنهم علمانية ولا قومية.
  2. وبين كذلك أن من يعرفون أنفسهم بالإضافة إلى النهضة نوعان كلاهما مضاعف: من يعارضها باسم المرجعية إما الإسلامية عامة أو الإسلامية التي كانت تنتسب إليها بتعريفها لنفسها ومن يعارضها باسم نمط المجتمع إما من المنتسبين إلى التجمع أو من المنتسبين إلى اليسار والقوميين. وهؤلاء أشد من أولئك ومن ثم فهم من جنس من يعارضها باسم المرجعية الإسلامي عامة أي إنهم مثل السلفية الجهادية لأنهم مستعدون لحمل السلاح ضدها.
  3. يعسر أن تجد تنظيما سياسيا يقبل التحديد بأمر آخر غير هذا التحديد الإضافي إلى القوتين اللتين تشتركان في القاعدة الشعبية العريضة ولا تتمايزان إلا بالنخب التي تتكلم باسمهما. ومعنى ذلك أن الرصيد الانتخابي الأهم لا يمكن تعريفه بالموقف من المرجعية الإسلامية بخلاف ما يتوهم الكثير لأن البورقيبيين وحتى التجمعيين من عامة الشعب يعيشون بنفس الثقافة الدينية والخلاف حول المرجعية كان مؤثرا لما كانت النخب متسلطة ولا أعتقد أن ذلك سيبقى له تأثير في مناخ ترضية الناخبين ما سيؤدي ولو بالنفاق السياسي بسقوط هذه المقابلة في القاعدة الشعبية للأحزاب التجمعية. الخلاف حتى بين النخب سيقل كلما صارت الديموقراطية فعلية حيث سيضطر كل المرشحين للعب لعبة التقرب من الشعب ومن ثقافته.
  4. من يتحدد بغير هذه النسبة أعني اليساريين والقومين مضطرون إما إلى التغير أو إلى الانضواء في أحد الحزبين أو الانقراض.
    فلا يمكن في نظام ديموقراطي مهما كان فيه من العيوب واستعمال المال والاعلام الفاسدين أن يواصل مع من يطمح في الوصول لمسؤولية سياسية وهو يعادي جهرا ثقافة الشعب وسيضطر حتى نفاقا لمجاراتها.
  5. والآن إذا طبقنا هذه العوامل على المرشحين الحاليين فإني أعتقد أن الرهان غير محدد ومن ثم فكل الأحزاب تخادع وتكذب على الشعب.
    لا أحد يقول حقا ما يريد بل الكل يداهن ذلك أن مطالب الشعب واضحة؟:
    • المشكل الاقتصادي والاجتماعي لا أحد منهم عند تصور أو رؤية أو حل قابل للعرض المفيد أعني لشرطية: الأدوات والرزمانة أي بماذا ماليا ومتى.
    • المشكل الثقافي والقيمي لا أحد منهم عنده الشجاعة للكلام الذي قد يغضب المسؤول الكبير ممثلا بحزب فرنسا وبالمافيات.
    • مشكل السيادة على الثروات لا أحد له الشجاعة لعلاجه.
    • مشكل اختلال الوضع المناطقي أو علاج ما تعاني منها مناطق الظل والذل.
    • وأخيرا تحديد السياسة الخارجية في وضع الإقليم عامة والمغرب الكبير خاصة بصورة قابلة لتحديد قابل للتصديق لأن العموميات التي من جنس كلام القذافي على الوحدة ليس عملا سياسيا بل هو تغن بشعارات منها أتي الإقليم طيلة النصف الثاني من ا لقرن الماضي.
    وليس من العسير فهم ما يريده الشعب حاليا: ويتخلص في أمرين لا ثالث لهما وكلاهما يعني أن وظائف الدولة لم يعد لها وجود حقيقي لأنها إما موظفة من النظام الحاكم أو من النقابات بصنفيها ومن ذوي السلطان من المافيات المسيطرة على الاقتصاد والثقافة والسياسة في البلاد بحيث إن ما كان تحت سيطرة مافية ابن علي تفتت فأصبح تحت سيطرة مافيات متعددة أهما مافيات الاقتصاد الموازي والتهريب والمخدرات وكل ما يؤدي إلى فساد شروط العيش المستقر في الجماعة:
  6. أولا نهاية الفوضى التي عمت في كل مستويات الحياة وخاصة في الخدمات الأساسية للحياة التي سيطرت عليها المافيات وسوء الحاكمية وغياب المحاسبة والجزاء بمعنييه الموجب والسالب.
  7. ثانيا نهاية الاقطاعيات في كل وظائف الدولة ومؤسساتها وشركاتها وخاصة هيمنة الفوضى النقابية التي تكاد تفسد شروط الانتاج ووظائف تكوين الأجيال أعني التربية والتكوين وتنظيم تقسيم العمل بالقوانين الاقتصادية التي تحقق شروط نجاعة مؤسسات الانتاج بقوانين التنافس والانتاجية.
    وإذا لم تكن هذه القضايا موضوع الحملة الانتخابية والجدل بين المترشحين فلا معنى للانتخابات التي ستكون مواصلة التكاذب وعدم والتخادع وعدم العناية بما يمكن أن يخرج البلاد من مآزقها فيكون المترشحون قد حسموا تحت الطاولة توافقات مغشوشة لتقاسم السلطة وليس لعلاج أدواء البلاد.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي