لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله الدولة
طبيعي جدا ألا تكون لغة المفاهيم النظرية مطابقة لما يعتبر عادة واقعا. فهذه حقيقة كل النظريات سواء تعلقت بالطبيعيات وأشكالها الرياضية أو بالتاريخيات وأشكالها السياسية. فالنظريات رغم أنها تضيف التجربة للمقدرات الذهنية تبقى مع بنى مثالية لا تنطبق إلا بعد تجريد موضوعها مما ليس مقوما.
وما ليس مقوما يطلق عليه في الفلسفة القديمة والوسطية اسم الأعراض غير الذاتية وهي من الطوارئ الخارجة عن كيان الشيء والذي له تأثير يصعب حصره ليكون موضوع نظر وهو ما يحوج النظرية إلى تجاوز العلم بالمقومات إلى الانتقال إلى الظروف الخارجية بتكرار امتحان النظرية عينيا.
ولعل أكبر الامثلة تنتسب إلى تطبيق النظريات العلمية في الأسلحة التي يمتحن استعمالها باعتبار تغيرات المناخ والرياح لتحديد ضروب التوجيه والتصدي للمدفعية مثلا. وكل هذه العناصر المؤثرة من خارج تصبح هي بدروها موضوع حصر وتنظير حتى يتم إدخالها في حسبان الانتقال من النظر إلى العمل.
ولولا هذا القلب المضاعف للنظر والعمل الذي لم يكن على علم لترتبه على غياب المعرفة التي تكتشف قوانين الطبيعة وهي رياضية وسنن التاريخ وهي سياسية والاعتماد على “شيوخ” جاهلين لكل هذه الشروط التي هي مقومات الاجتهاد والجهاد كما حددهما القرآن في مفهوم استعمار الإنسان في الارض بقيم الخلافة.
وقيم الخلافة لا تكون إلا من جنسين:
ويترتب على هذا التحديد ومفهوم العمل على علم بتطبيق نوعي المعرفة العلمية والجمالية أو الذوقية في الطبيعيات وبتطبيق المعرفة العملية والخلقية أو التربوية في السياسيات.