لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
1- عندما أقدمت على نشر البحث المتعلق باعماق الداء الذي تعاني منه الأمة كنت أعلم أن ذلك فيه الكثير من العنت فأهم أمراضنا قصر النفس والعجلة. وحتى نيسر الجمع بين الأسلوبين قدمت البحث المعمق وها أنا أردفه بتلخيص في شكل تغريدات مبسطة.
2- وما لم نتخلص من قصر النفس والعجلة فلا يمكن أن نتصدى لأي عدو يتميز بطول النفس والتخطيط المديد الذي يعلم أن الاستراتيجيا مديدة بالطبع. أخطر مرض تعاني منه الأمة هو تقطع الجهود: ما يزال الغالب علينا الفكر الارتسامي.
3- وليس من الضروري أن يكون طلب الأعماق الاستراتيجية هم الجميع بل هو هم القيادات ليس بـالمعنى السياسي بل بالمعنى الذي يستند إليه كل بناء حضاري بحق.وهو يستقرأ من عمل المؤسسين من جنس الرسول الذي بدأ بعمله وبعمل صحبه تاريخنا الكوني.
4- لذلك فهو جامع لمستويات الكيان التي تتوزعها نخب الجماعة بمنطق فرض الكفاية: ذلك أنها لا تجتمع في شخص واحد إلا نادرا في أي حضارة إنسانية. ولعل الوحيد الذي اجتمعت فيه هو الرسول الخاتم. لذلك كان عمله أكبر معجزة في تاريخ الأمة.
5- وهذه المستويات هي المعبرة عن : 1- الإرادة 2-والعقل 3-والقدرة 4-والحياة 5-والوجود. وترجمتها العملية عندما تصبح ثمرة استراتيجية واعية بالأهداف والوسائل هي : 1-السياسة 2-والعلم 3-الاقتصاد 4-والفنون 5-ورؤى الوجود.
6- الاستراتيجيا التي نتكلم عليها والتي تفسر ما تعاني منه الأمة من عجز وما يتمتع به أعداؤها من فاعلية هي التي تفهمنا دور هذه المستويات فتمكن من وضع الاستراتيجيا المحررة من العجز والممكنة من العمل على علم.
7- ورمز ذلك الانقلاب الذي حصل في قصة نوح: كيف تنتقل الإنسانية من وجود كله مفروض عليها من خارج إلى وجود هي صانعة شروطه صنعا بقصد حضاري؟ التخلي عن الرابط الطبيعي وتعويضه بالرابط الشرعي : لا محاباة حتى للابن والزوجة.
8- ذلك هو معنى أخذ نوح من كل شيء زوجين اثنين ليستأنف الحياة الإنسانية من جديد بصنع إنساني ينتقل من البذرات الطبيعية التي أخذ منها زوجين اثنين لتصبح وكأنها زراعة بقصد مبني على علم هو عين الحضارة الإنسانية أو استعمار الإنسان في الأرض بقيم الاستخلاف.
9- وتلك هي رسالة نوح يربي عليها البشرية وقد اكتملت في الرسالة الخاتمة التي هي استراتيجية استعمار الإنسان في الأرض بقيم الاستخلاف : وتلك رسالتنا التي يصفها القرآن بالشهادة على العالمين.
10- والحرب عليها هي ما حاولنا وصف استراتيجيته في هذا البحث الذي نأسف لطوله ولعسر الوصل بين عناصره بالنسبة إلى المتعجل. لكن لابد مما ليس منه بد إذا كان الهدف تمكين الشباب بجنسية من العمل على علم.
11- لكن لو لخصت البحث لذكرت النتائج دون مقدماتها فضلا عن أدلتها ولأرجعت البحث إلى صراع بين حضارتين ليس جديدا لأن عمره 14 قرنا وآن أوان فهمه لتحويله إلى تعاون مفيد للمجموعتين.
12- حضارة متفوقة علميا وتكنولوجيا (الغرب) وحضارة متفوقة روحيا وعضويا (نحن): الأولى شاخت والثانية شابة: وأقرب مثال هو ضفتا المتوسط. وكلتاهما مهددة بأخطار مشتركة بالنظر إلى المستقبل.
13- والحضارتان هما نحن والغرب والتهديد في المستقبل هو الحضارات الجامعة بين العناصر الأربعة التي انفصلت في الحضارتين وقد تسود العالم كله. وهي محيطة بدار الإسلام إحاطة السوار (الصين والهند وروسيا وحتى أوروبا المتحدة).
14- لكن ما يعطل التعاون بين الحضارتين هو شوائب الماضي التي لا يريد اليمين الغربي نسيانها وطمع الغرب في إمكانية الاستفادة عنوة بما لدى العالم الاسلامي الضروري لبقائه سيد العالم.
15- لذلك ففشله في ذلك سيثبت له ضرورة البحث عن حل آخر نحن مستعدون له: بعد أن نثبت له أنه لن يهزمنا سيضطر للتعاون الندي وهو ما نطلبه لحاجة مضاعفة : التنمية بكل فروعها وعدم القدرة على التصدي للأقطاب المحيطة بدار الإسلام وحدنا.
16- ذلك أن النسبة الحالية بيننا وبين أمريكا هي عين النسبة التي كانت بين أوروبا وأمريكا في نظام العالم السابق: لم تحم امريكا أوروبا تفضلا بل لحاجة في تصديها للنظام السوفياتي.
17- فإذا تأكد أن الحاجة الجديدة لا يمكن سدها رغم أنف المسلمين بسبب صمودهم واستحالة إخضاعهم فإنها ستضطر لنفس الحل الذي لجأت إليه مع أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية فيصبح التعامل الندي ممكنا.
18- والمسلمون يمكن أن يتعاونوا إذا تحققت التنمية بكل اصنافها دون المساس بهويتهم الحضارية وفهم الغرب أن الذراعين إيران وإسرائيل لن ينجحا مهما كونوا من مليشيات تخترق كيان الأمة مليشيات قلم أو مليشيات سيف.
19- فما فشل فيه الغرب نفسه سواء الامبراطوريات الأوروبية قبل الحرب العالمية الثانية أو الأمريكية منذئذ إذ قد هزموا شر هزيمة في حروبهم علينا لن ينجح فيه ذراعا الغرب مهما فعلوا.
20- وآخر خرطوشة هي مغامرة بوتين. وهي فاشلة حتما بل هي نهاية الحلم الامبراطوري لإيران وإسرائيل وروسيا التي ستعود إلى حجم الدولة المنهارة. وحينها سيفهم الغرب أنه لا مفر من الجنوح إلى السلم.
21- وقبل تقديم مقترحات يمكن أن تساعد على هذا الحل تم عرض خطة الغرب في التخلص من الإعياء الوجودي الذي أدى الى الشيخوخة العضوية بجعل الإرهاب المخابراتي المخترق للمقاومة صاعقا ومحفزا للعدوان.
22- وذلك بجناحين: الأول موجه لرأيه العام حتى يحرك فيه القدرة على التحدي العدائي عل ذلك يمكن من استئناف الاستعمار: خطة الصهيونية المسيحية اساسا والخطة الفارسية الشيعية التي تحاكيها.
23- والثاني موجه لتحفيز إرهابين داخليين لتدمير أمتنا: العنف الرمزي لتهديم قوتنا الروحية والعنف المادي لتهديم قوتنا المادية: الصوملة والأفغنة.
24- دخول الأمة في حرب أهلية لا تتوقف في مستوى فكرها وروحها (بسبب العنف الرمزي للنخب المتغربة) يقضي على الشرط الروحي وفي مستوى مدنها وعمرانها يقضي على الشرط المادي للبناء الحضاري (بسبب العنف المادي).
25- وذلك هو ما قصدته بالأصل العميق لعلل العجز الذي تعاني منه الأمة حاليا فلا تستطيع تحقيق شروط البنائين الروحي العلمي (اصل كل قوة وغايتها) والمادي الاقتصادي (أداة كل قوة وثمرتها).
26- قد يقال إن المخلص -وهو قصير- يبين أن المسألة بسيطة فلم الحاجة إلى نص طويل من حوالى 60 صفحة قسم إلى 12 قسمـا؟ هذا السؤال يعني رفض الاستدلال العقلي أو طلب الزبدة دون مخض اللبن.
27- ذلك أن من يقترح استراتيجيا ليس نبيا ينقل وحيا بل هو باحث يدلل على فرضيات لتفسير ظاهرات بالرد على اعتراضات عليها وبيان متانتها.
28- فمن كان يريد فهم العلاقة بين النتيجة الملخصة وأسسها مقدمات ووسائط بينها وبين النتائج فالنص ضروري. ويمكن للبعض ان يقنع بالنتائج دون عللها فهذا أقل كلفة وجهدا.
29- النظر الذي نحتاج إليه وعدم التسليم بأي شيء دون أدلة هو أول شروط الوعي القادر على الخطط المديدة: الناطحات العمرانية ليست هي الحضارة.
30- فهذه يمكن يُستورد مهندسوها وبناؤوها وحتى صائنوها وخدمها فلا يكون عربيا فيها إلا الزي التقليدي. لكن الحضارة الفكرية لا تستورد: نعم تتعلم من المتفوقين فيها أي من الغرب حاليا.
31- لكن الغربي لن يضع لك استراتيجية تمكنك من الصمود أمام خططه التي تستهدفك: فأقصى ما يفعل هو أن يكون لك مثل لاورنس أو بلار: يغرر بالسذج.
32- ولست أدعي أني فاتح لمسار جديد بل أكتفي باقتراحات يمكن إن جعلت موضوع حوار أن تتطور فتمكن من فهم ما يجري والتصدي له بكفاءة ذاتية للأمة.
33- فهذا البحث بأقسامه الـ12 كتبته منذ عقد. والأحداث بينت صحة الكثير من افتراضاته. ذلك أن ما نلاحظه منذ 11-9 يجري بمقضى ما يقرب من تحليله: لكأنه التجربة التي تؤيد الفرضية.
34- طبعا فلست أنافس الصحافيين ولا المحللين الرسميين الذين يمولهم العرب لكي يحطموا معنوياتهم لأنهم في الحقيقة خدم للحرب النفسية على الأمة.
35- لا اتهم أحدا فقد يكون ما يصدرعنهم عن حسن نية. لكنهم لا يخدمون الأمة لمجرد أنهم جميعا غسلوا أيديهم من الاستئناف ويسخرون من المؤمنين به. فجلهم من المليشيات الخمس.