****

الحمق إعاقة ذهنية لا دواء لها وصاحبها عدو نفسه

أسلوب الجريمة وأسلوب التستر عليها والروايات المتوالية ومراحل الاعتراف بها بعد نكرانها كل ذلك يفيد أن الغباء ليس في الأمر بها فحسب بل وكذلك في “الجيش” من “المختصين” الذين انتقلوا إلى تركيا لتنفيذ خطة «عبقرية» أغبى مخابرات على وجه الأرض.
لكن كل ذلك لم يصل إلى آخر غباوة بدرت من المتهم الأول بها: العودة إلى نقطة البداية بحجة ضمنية “عدم وجود جثة”.
لا وجود لقاع دون هذا القاع في درجات الغباء.
فحتى لو لم يصل الاعتراف الرسمي من السعودية بالجريمة إلى حد محاكمة المتهمين من القضاء السعودي ولو شكليا وتعيين من اعتبروا المجرمين الذين يستحقون الحكم عليهم بالإعدام فإن ما قام به أغبى أمير في التاريخ يضمن بقاء القضية حية لغير صالحه ما يفسد على ترومب وصهره وإسرائيل مناوراتهم.
كنت أتوقع أن سلطات السعودية ستلعب على مناورات لقتل القضية وأقواها ما يحاوله ترومب لإنفاذ نفسه وصهره أعني المناورات التي تنتج عن عسر اثبات الجرائم عادة وعن القاعدة القائلة إن الشك يكون دائما لصالح المتهم مع غيرها من الملهيات التي قد تبرد القضية وتقلل من الضغط عليهما وعلى الأمير الأحمق معهما.
لكنه بالغباوة الأخيرة وضع اللمسة الأولى التي ستفسد على ترومب وصهره وإدارته التي هي من “بني وي وي” (=من يقول دائما نعم وأبدا لا لترومب الذي طرد كل من ليس كذلك) لكأنها من جنس بلاط أي دكتاتور عربي لأنه أعاد القضية إلى نقطة البداية ومن ثم فالجميع سيعيد كل المسار لشهرين آخرين.
وهذا يسمى بالتونسي “حل على روحو غار نمالة” أي إن كل ما مر سيعاد بالبطء الممل وسيمكن تركيا والصحافة العالمية بمطالبة حكومة السعودية بالكشف على الجثة لأن قضاءها اعترف بالاغتيال والتجزئة المنشارية وقضى باتهام المنفذين وطالب بإعدام خمسة منهم وكلهم من بطانة الأمير الأحمق.
والأدهى هو أن حمقه جعله من حيث لا يدري وكأنه يعترف بالجريمة وبإخفاء الجثة التي يضمر أن عدم وجودها يشكك في حصول الجريمة.
لكأنه يعترف ويتحدى خصومه باستحالة إثبات شيء عليه حتى لو صح أن فعلها.
ولا يمكن أن يتصور أي إنسان أنه يوجد من يصل به الحمق والغباء إلى هذه الدرجة.
ويخطئ من يتصور أن تصريح الأمير هذا قد يغضب أردوغان.
فالرجل ليس ساذجا حتى يغضبه ما يقوي حججه وملف القضية لصالح انحياز الكل إلى وجهة نظر نظامه القضائي وجهازه الفني في تتبع آثرا الجريمة بل الجميع سيعترف له بالأمانة والعلاج القضائي الخالص دون تغليب البعد السياسي من القضية.
والشيء الثابت أن الصحافة عامة والصحافة الأمريكية لن تعتبر الشهرين المقبلين على الأقل مضيعة للوقت في متابعة القضية حتى يحسم الكونجرس موقفه بصورة تعتمد على إضاعة الأمير كل مهارب ترومب وصهره بهذه الحماقة التي لا حماقة تعدوها. وستتوالى تسريبات المخابرات الأمريكية وربما تعيد المخابرات التركية نفس النهج التسريبي.
وبعبارة تونسية أخرى ربما ابلغ من الأولى: “المسكين حل على روحو باب بلاء”.
وهو بلاء مضاعف:
• كان يمكن ألا يحضر قمة العشرين
• وألا يصرح هذا التصريح الغبي.
لكن يبدو أن قرينه قد نصحه وهو لا يقل عنه سخفا وإلا لما ادعى مغترا ككل من استغنى بعد فقر أن بلاده سبارتا الخليج وأنه يؤسس لإمبراطورية وهي اقل من شركة متوسطة في الغرب الحالي.
بلد الحرمين لا يستأهل مثل هذا الحط من شأنه إلى درجة أنه صار لعبة بيد طفلين قاصرين عقلا وخلقا ومعاقين ذهينا فيصبح أهله الطيبون ضحايا عبثهما حتى نتساءل أحيانا هل لهما عقل وهل يمكن أن يرضى شعب فيه من النخب التي درست في الغرب الآلاف بأن يقودهم هذان الأحمقان؟