الحلف الإسلامي – آفاقه وشروط تحقيق مناعة الأمة



لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص



الكلام على حلف إسلامي لمحاربة الإرهاب قد نستبشر به وقد نتشاءم منه.
ذلك أنه لا بد أن نتساءل عن طبيعة هذا الحلف وهل هو مقتصر على نوع المحاربة الجارية حاليا مثلا أم هو سعي لتكامل في مجالات القوة الحقيقية أي البناء التنموي الاقتصادي والاجتماعي والعلمي لعلاج أسباب الظاهرات التي منها الإرهاب؟
فإذا كان مقتصرا على العلاج الحالي فهو ليس حلفا إسلاميا بل مجرد غطاء لحرب الأنظمة على الشعوب وخدمة المشروع الأمريكي لصالح ذراعيها الإيراني والإسرائيلي. وهو ما لا أتمناه.
أما إذا كان حلفا إسلاميا ضد علل ما يسمونه الإرهاب أي الاستعمار ونتائجه فسادا واستبدادا داخليا واستضعافا واستتباعا في الخارج فأهلا وسهلا. ذلك أن دور السعودية وتركيا هو دور القاطرة المادية والروحية في مجال العرب والمسلمين الحيوي.

سأعود للكلام في المسألة بعد الزوال إن شاء الله لبيان الفرق بين الحلفين:

  • فالأول ثورة مضادة لبقاء الحال
  • والثاني ثورة لاستئناف دورالأمة.

وأملي أن يكون الأمر بالمعنى الثاني
وسأحاول بيان شروط ذلك على الأقل نظريا.

لا استغرب من الملك الذي حل مشكلتين لتمتين الجبهة الداخلية أن يخطو هذه الخطوة التي سنحاول بيان أهميتها إذا توفرت فيها شروط الحل السابق.
فهو برهن على تبني المبادرة الموفقة والإقدام على ما يردع الأعداء.
وطبعا لا أحد يدعي معرفة الوضع مثل أهله ومباشريه.

لذلك فليس لكلامي علاقة بمسألة سياسية

  • قد تكون من جنس ما تم للتصدي لعبد الناصر عندما عانت الأمة من الحرب الأهلية العربية الإسلامية.
  • وقد تكون دفاعية تواصل سياسة التصدي لما يسمى بالإرهاب بشروط الشرعيات الموجودة على الأرض.

فيكون النقاش متعلقا بهذين المفهومين الإرهاب والشرعية لا بـالحلف فضلا عن كون طبيعته الأمنية والعسكرية والوعظية لا تجدي نفعا لأن العلل تنتسب إلى التنمية أي إنها اقتصادية واجتماعية أساسا.

وفي الحالتين فمن حق من يخشى حيل الأعداء لتوريط السنة في حرب أهلية -بين الانظمة والمقاومة- أن يبدي رأيه لأن الفرضيتين لن تردعا لا إيران ولا إسرائيل ولا الإرهاب خاصة وهو مخترق ويعمل لصالحهما.
وكل الحيل المتوقعة مصدرها “مفهوم الإرهاب” و”مفهوم الشرعية القائمة” وما يترتب عليهما من تصنيف لحركات المقاومة وللأنظمة القائمة في الإقليم.
حينها يصبح الأمر هو مطلوب موسكو وبشار.

وتوجد فرضية أخيرة لم أذكرها لأني استبعدها بحكم ما تقدم من إصلاحيين للملك سلمان: أن يكون الأمر من جنس الحلف المقدس الأوروبي ضد الثورة.
لماذا استبعدها؟

  • أولا لأن الملك الصالح لم يواصل تأييد السيسي ولا آمل أن يصبح الحلف توطيدا لسلطانه.
  • وثانيا لأن تركيا يصعب أن تفعل لأنها من البداية لم تؤيد الثورة المضادة ويصعب أن تطمئن للسيسي حليفا.

إذن منطقيا علي أن أبني التحليل على التحيل الذي قد يفرض على الحلف في تعريف الإرهاب والشرعية في الإقليم.
فهذان المفهومان هما بيت القصيد وهما قدم أخيل في المعادلة.

ولأضرب مثالا أولا :
تصنيف حركات المقاومة فمن يضمن أن الحلف المزعوم ضد داعش سابقا لايعمم على جل الثورة السورية ولن يفرض على الحلف الجديد؟

ولأضرب مثالا ثانيا:
ومن يضمن ألايفرض الغرب على الحلف الإسلامي اعتبار نظام بشار ونظام الطائفية في العراق والسيسي في مصر وحفتر في ليبيا إلخ…أنظمة شرعية؟

في حالة المثالين السابقين يصبح حلف السنة ضدها لصالح ذراعي الغرب لأنه يتحول إلى “حلف مقدس” للابقاء على الاستبداد والفساد داخليا ولتوطيد الاستضعاف والاستتباع خارجيا.
لذلك فلا يمكن أن يحدد المرء موقفه من الحلف رغم أهمية الخطوة إلا بعد أن يتحقق مما يحول دون هذين الحيلتين اللتين تجعلانه حربا على السنة.
فبمجرد الانطلاق من التعريف الغربي والروسي للمفهومين ينقلب دور الحلف إلى حرب على المقاومة.

ويمكن أن نبسط السؤال:
هل القصد مشروع بعيد المدى لاسترداد سيادة السنة في الإقليم أم هو مجرد خطة قصيرة للخروج من وضع حرج مؤقت للأنظمة؟
صلاح الملك ودور قطر وتركيا قد يطمئن إلى أن الخيار هو الأول وليس الثاني.
لكن حينئذ لن يكون الحلف عسكريا بل تنمويا للقوة بمعناها العام أي شروط الحصانة المادية والروحية للجماعة.
العلاج البوليسي والعسكري لو كان مجديا لأفاد أمريكا في الإقليم.

ماذا يعني ذلك؟
يعني أن السعودية وقطر وتركيا يمكن أن يقوموا بدور قاطرة التنمية لغالبية الإقليم حتى تصبح محصنة ضد الغزو الرمزي والمادي.
فالغزو لا ينجح إلا بسبب الهشاشة التنموية الاقتصادية والاجتماعية في المجال الحيوي للسعودية وتركيا.

الإقليم يعاني من

  • غزوين روحيين:
    • تحريف الإسلام (إيران وادواتها الإرهابية وأهمها مليشيات عربية)
    • وتحريف الحداثة (إسرائيل وأدواتها الارهابية وأهمها مليشيات عربية).
  • وغزوين ماديين.
    • الغزو المادي الأول يستهدف بلع الهلال الخصيب
    • والعزو المادي الثاني يستهدف غزو فلسطين ومصر خاصة.

وإسرائيل وإيران يتعاونان للقضاء على السنة العربية والسنة التركية.

وقد أفهم الا يستطيع الساسة الإعلان على الهدف الخفي والتستر بهدف جلي.
الأعداء لا يخيفهم الجلي بل الخفي ولن يفوتهم معرفته.
بيانه أفضل.
فلم لا تخفي إيران التحدي وتقاوم منذ ثلاثة عقود رغم ضعفها البينوي ورغم أنها على باطل؟

لماذا البيان أفضل لعلتين:
فهو

  • سيقوي المقاومة ويضعف الإرهاب الحقيقي صنيعة مخابرات الأعداء
  • وسيؤدي إلى علاج أسباب ضعف السنة البنيوية.

وما الضعف العسكري إلا من الأعراض وليس من العلل.
ذلك أن

  • برنامج القضاء على الاستبداد والفساد يعني الإصلاح الداخلي
  • وبرنامج القضاء على الاستضعاف والاستتباع يعني دور القاطرة كما وصفت.

أن تقطر السعودية وقطر وتركيا بقية أقطار الإقليم السنية في التنمية يقضي على الإرهاب ويهدئ المناخ العام فيحصن الجميع.

فإذا كان ذلك كذلك فهو ما أقصده بشروط الاستئناف ويكون الحلف أقرب ما يكون للوحدة الأوروبية شرطا في تنمية علمية وتقنية واقتصادية واجتماعية مناسبة للعصر. لا يمكن أن تحمي نفسك إذا بقيت قزما بين العماليق.
ويمكن حينئذ أن يشفع المشروع بمعاهدة دفاع مشترك بين أعضاء الحلف واتفاق علني مع الحلف الأطلسي إذا قبل تعريفنا لفهومي الإرهاب والشرعية.

وآخر قولي هو أن ذلك ما كنت أعنيه عندما قلت مرة إن الله وهب السعودية ما يجعلها قوة لا تغلب: قيادة الأمة في تحقيق شروط الاستئناف.
فإذا كان هذا مشروع الملك فهو سيكون قد اكمل مشروع والده: بعد توحيد الجزيرة لا بد من توحيد القلب النابض للأمة ليس عسكريا فحسب بل تنمويا: فأمريكا لم تتمكن من حماية أوروبا من دون خطة مارشال للتنمية.
ونسبة ضئيلة من التسلح كافية لتأسيس القوة الحقيقية بالتنمية العلمية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية في المجال المعرض للغزو العدواني من إيران وإسرائيل وارهابهما.

ما عدى ذلك حل استعجالي قد يكون ضروريا لكن نتيجته ستكون لصالح أعداء الأمة لأنه مشروط بمهادنة الانظمة التي صنعت الإرهاب بحجة الشرعية.
اسقاط السيسي والنظام الطائفي في العراق وسوريا ومساعدة الحلف لليبيا وتونس على الاستقرار والقيام بالإصلاح الداخلي تلك هي شروط الاستئناف.
وهي شروط التحصين ضد الغزوين الروحيين والغزوين الماديين ومن ثم فهي شروط الندية مع الضفة الشمالية للأبيض المتوسط والسيادة على الإقليم.

وعندي مؤشران يمكناني من الحكم للحلف أو عليه:

  • إذا كانت مصر السيسي فيه فلا خير يرجى منه.
  • وإذا انظمت إليه مستعمرتا الملالي فهو لا أسلامي.

وأقصد بمستعمرتي الملالي النظامين الطائفييين في العراق وسوريا.
ولا حاجة للإشارة إلى بعض الأنظمة ذات العمالة الموصوفة فتلك ثالثة الأثافي.

يوم أتأكد من هذه المؤشرات سأحكم بأن السنة يراد لها الخروج من التاريخ بتفتيت جغرافيتها وتقسيمها بين إسرائيل وإيران لأن حكامها يكونون قد فضلوا حماية الكراسي على الأوطان.
ذلك أن الحلف يكون في هذه الحالة ضد الاستئناف العربي والإسلامي لأنه من جنس الحلف المقدس الأوروبي ضد ثورة فرنسا فثورتنا ستقاوم قرنا آخر.

لكن النصر الموعود سيحصل حتى ولو دامت المقاومة قرنا آخر:
لن تسمح الأمة بدوام الفساد والاستبداد الداخليين المسنودين بالاستضعاف والاستتباع الأجنبيين.

صحيح أن حماية الكراسي ضرورية لحماية الأوطان لكنها تصبح عبثا إذا صارت حمايتها تقتضي التضحية بالأوطان:
هي أدوات وليس غايات في الأمم الحية بحق.
والكراسي تحفظ بالاخلاص الذي لا يضفي عليها الشرعية فحسب بل وكذلك شيئا من القدسية لأنها تصبح الحامية للبيضة والخادمة للشريعة والأمة.

وفي كل الأحوال فإن الكراسي لا تحفظ من دون أن تكون في خدمة الأمة والرسالة: لأن من يطمئنها مؤقتا لاستخدامها ينوي القضاء عليها لاحقا بعد تحقيق أهدافه.

ويكفي مثالا على ذلك بطل المغرب الأقصى محمد الخامس:
فقد عرض عليه الاستعمار أن يتخلى عن المقاومة فرفض وقبل العزل والنفي ثم عاد بطلا.
وقبله فعل المنصف باي في تونس وآخر خلفاء بني عثمان في وقت الضعف والشدة فلم يفلحا في المقاومة المباشرة لكنهما مثلا علامتين في طريق الاستئناف كل بمقدار.

واليوم كل حاكم يصمد مع شعبه لن يناله سوء لأن الأمة تعافت ولها القدرة على حماية ذاتها ومن يحتمي بها من حكامها فيكون لها على عليها.
إننا في مرحلة البطولات.
لو اجتمع المقاومون مع الحكام المخلصين لأعجزوا كل الأعداء مهما تحيلوا وتخيلوا من مؤامرات وخيانات: فنصر الحق حتمي.
فإذا وجد حاكم عربي لم يفهم بعد أن ثورة الحرية والكرامة لا يمكن أن يوقفها شيء حتى لو تحالف العالم كله ضدها فسيفوت فرصة الإصلاح الطوعي بدلا من انتظار حصوله كرها.

الثورة بدأت وهي لن تقتصر على العرب. ستشمل كل المسلمين بمن فيهم أعداء السنة وكل العالم:
شباب العالم بات يؤمن بما حدده القرآن من قيم.
وهذه القيم هي أولا الأخوة البشرية (النساء 1) و ثانيا أن لا تفاضل بين البشر إلا بالتقوى (الحجرات 13) أي ما يعتبره هيجل علة امتناع الدولة.
وذلك في الحقيقة هو علة إمتناع دولة الاستبداد والفساد ونظام عالم الاستضعاف والاستتباع ومن ثم فهو ما تطلبه الإنسانية لتتحرر من الظلم.
فالبشرية كلها تعاني من هذه الأدواء الأربعة التي هي جوهر العولمة من حيث هي توحيد البشرية تحت نير العبودية لمصالح المافيات ظاهرها وخفيها.
وكل شباب العالم بدأ يدرك هذه الحقيقة ويفهم أن الدولة الحديثة لم تعد قادرة على أداء وظائف الحماية والرعاية لشعوبها لأن هذه المافيات المتجاوز للحدود هي المسيطرة من وراء حجاب.
وهذه المافيات المسيطرة تمثلها البنوك العالمية والعملات المفروضة على الشعوب بالقوة ما يجعل ثمرات عملها وثرواتها الطبيعية خاضعة لعلاقات تبادل غير عادلة.
فيصبح الكلام على قوانين السوق كذبة كبرى لأن احتكار القوة العسكرية والاقتصادية مع السيطرة على القانون الدولي والمنظمات الأممية يجعل كل الشعوب عبيدا لهذه المافيات التي تستعبد حتى شعوبها.



يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي