“الحركيون الجدد” أو الانتخاب المغشوش في المحميات العربية – الفصل الثاني

**** “الحركيون الجدد” أو الانتخاب المغشوش في المحميات العربية الفصل الثاني

آن أوان انهاء عصر النخب المستلبة بالحوار وبالتي هي أحسن، لان انهاءها بنفس اسلوبها من أيسر الأمور لكن ذلك يكون مخالفا للمبادئ التي ينبغي أن تعمل بها النخب الممثلة حقا لإرادة الشعب وعلمه وقدرته وذوقه ورؤاه. وجودهم من دون سلطان سيلغي مفعولهم الشرير فتتعافى الجماعة من أدواء الحركيين. ينبغي أن نعتبرهم مرضى وأن نسعى لعلاجهم. فمن يحلم بعودة ابن علي ومن يريد مرة ثانية عودة المافيات ويخاف من البدء في تحرير البلاد منهم، لا يمكن أن يعتبر سويا أو سليم العقل والروح. ومن غرق في مطالب ما فيه من حيواني ونسي ما يسمو به إلى مرتبة الإنساني لا بد أن يعامل كمعتل بما يعاني.

ولا أحد يجهل أن من كان محروما من ملاذ الدنيا ثم ذاقها يبقى حبيسها ويقبل التنازل عما يتعالى عليها حتى لو سبق له أن فكر فيه، لأنه قد يصبح ممن يتصورون أن المتعاليات تعويضية عن الحرمان وليست حقيقية. لذلك فهم يعتبرون كل من يؤمن بما يتجاوز سد الحاجات النباتية مثاليا لا يفهم “الحياة”. ذلك أنهم من النوع الذي يخلط بين “حياة” والحياة. والكثير ممن يرون ذلك هم -وقد زاملت الكثير منهم- ممن نقلهم النظام المستبد والفاسد من الحرمان التام إلى شبه بحبوحة جعلتهم يكفرون بكل القيم. ويصدق عليهم المثل الشعبي المحذر من “الجائع إذا شبع”. فهؤلاء يعبدون “لامتناهي هيجل الزائف”. • فمنهم اللص • ومنهم المجرم • ومنهم الإرهابي • ومنهم المافياوي • ومنهم الدجال في تمثيل الإرادة والعلم والقدرة والذوق والرؤية لأنهم هم المسيطرون على الدولة ومقدراتها منذ أكثر من قرن، ومع ذلك فهم ينسبون هذه الجرائم التي يقومون بها بالفعل إلى الإسلاميين تخويفا من ممكن بالقوة يدعون منعه. وهم في الحقيقة يحاولون منع العكس تماما. ذلك أن نجاح تركيا وماليزيا وحتى اندونيسيا التي حققت خطى مهمة في التحديث دون خوض حرب إيديولوجية مجانسة لمعارك مؤخرة الجيش الحركي في بلاد العرب صارت تخيفهم لأن نجاح مصر أو تونس أو سوريا أو ليبيا أو اليمن مثلهم ضربة قاضية لحركيي العرب. ولهذه العلة تكلمت على ترومب وفضله: فهو لم يبق لهم ورقة التوت. ارادهم أن يعترفوا بحقيقتهم. وقد بدأ بجماعة الثورة المضادة فحلبهم، ومر إلى جماعة “الممانعة” فعراهم، خلال ذلك تبين أن هذه الانظمة والنخب هي في الحقيقة خدم لذراع الغرب في الاقليم: خدم إسرائيل لمنع التحديث وليس لتحقيقه. فمن حكم في المجالات الخمسة -الإرادة والعلم والقدرة والذوق والرؤى- على الأقل منذ بداية الانقلابات العسكرية في بلاد العرب، أي مباشرة بعد الحرب الثانية ولم ينجز أدنى إنجاز يمكن أن يعتبر ذا دلالة تحديثية وتحريرية للإنسان ينبغي أن يعترف أن حداثته هي ما نراه في بلاد العرب. إنها العيش على فضلات الغرب في كل شيء والتمدين القشري بعقلية البدو في كل بلاد العرب من الماء إلى الماء مع التبعية المطلقة في الرعاية (شروط العيش المادية والروحية) وفي الحماية (شروط السيادة والدفاع عن الذات) بحيث إن كل أقطار العرب صارت محميات بنخب عميلة لحكام عملاء. وإذا حق لي أن استعمل الاستعارتين اللتين انطلقت منهما لتحليل مقومات العمران الإنساني بهما وبما فوقهما وبما دونهما، فإننا لن نجد عندهم إلا ما دونهما. فالاستعارتان هما “فن المائدة” و “فن السرير” لم يبق لهم منهما إلا ما ينتسب إلى الحيوان من الإنسان وما دونه لأنه لا ينزل دون الغريزة. فلن تجد بين الحيوانات من ينزل دون الكافي من الغذاء، ولا دون الكافي من الجنس. ليس للحيوان بورنوغرافيا وليس له جرجنتوغرافيا. لم تبق لهم لا المائدة ولا السرير، ناهيك عن الفني فيهما. أما الفني المتعالي عليهما فهم لم يسمعوا به. لأنه لا ينتج مباشرة عنهما، بل هو لا يكون إلا بتوسط القيم الخمس. فما يجعل المائدة (الأكل) ذوقا يتعالى عن ذاته هو فنها، وما يجعل السرير ذوقا يتعالى عن ذاته هو فنه. لكن الجرنجتوغرافيا والبرنوغرافيا لا تبقي المائدة ولا السرير، فضلا عن الفن، بل مجرد الأكل والجنس دون أكل الأنعام وجنسها ولذلك فلا يمكن أن يفهموا معنى الأسرة ومعنى الرعاية، فضلا عن الحماية. وأقترح عليهم أن يعوضوا “الغاضبين والغاضبات” بعبارة “العضاريت والعضروتات” لأن جلهم من أدعياء الحداثة الاستهلاكية التابعة ومن ثم فهم “مرتزقة بالقوة” لعل أمراء الثورة المضادة يسترزقونهم لتهديم ثورة الشباب بجنسيه من أبناء الشعب الذين حرر آباؤهم وأجدادهم الأوطان من الاستعمار والحركيين. فهؤلاء الشباب بجنسيهم مستعدون لمواصلة ثورة آبائهم وأجدادهم لتحرير الأوطان من الحركيين سلما ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وإذا تنمروا وأرادوا العبث كما فعلوا في سوريا وليبيا والعراق واليمن فلن يفيدهم حينها الا آخر العلاج، أي الكي. فقد تفرض الثورة العلاج الثوري إن لزم الامر.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي