الحرب النفسية الذاتية



لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص



مقدمة

الحرب النفسية التي تصدر عن الأعداء مفهومة.
أن يكون إعلام الأعداء وبروباغندته موجهة لتثبيط العزم وتهويل قوتهم أيضا مفهوم.

لكن ما لا يفهمه عاقل هو محاربة الذات لذاتها
فالحرب النفسية من الذات على الذات أمر يعسر فهمه.

والجاري منها عندنا صنفان:

  • الأول تهويل قوة الأعداء
  • والثاني تثبيط عزيمة أي مبادر عربي يتجاوز رد الفعل

النوع الأول من الحرب النفسية الذاتية

ولنبدأ بالأول:

كم ضخموا قوة إيران ومليشياتها.
صدقوا كل أكاذيب دعايتها وعنترياتها.
كادوا يجعلونها قوة عالمية.

ولما حاولت بيان أن ذلك كله كذب وهراء ظنوا أني شديد التفاؤل.

وقبل ذلك كانوا دائما يتصورون جيش إسرائيل لا يقهر.
فلما فاجأه جيش العرب لم يصمد أكثر من يومين وطلب المساعدة الأمريكية بكل الوسائل وخاصة بالمعلومات.

ونفس الأمر لما وجد رجل شجاع وأقدم على عاصفة الحزم عجزت إيران حتى على الوصول إلى حدود اليمن المائية أو لاختراق جوه.
ولم يبق لها إلا نباحها وزمارتها.

النوع الثاني من الحرب النفسية الذاتية

ولنمر إلى النوع الثاني وهو أخطر.

فلا شك أن الوحدة دائما أفضل من الفرقة.
لكن في عزم الأمور لا ينبغي انتظار ما نعلم أنه لن يحصل.
فالحرب عزم وحزم.

لو عملت السعودية بقاعدة الإجماع الذي قتل الجامعة العربية لكان الحوثيون اليوم في مكة والمدينة.
وأنا واثق أن الملك الصالح كان سيحارب حتى وحده.
فالقيادة الحازمة تسبق ولا تنتظر أحدا.
وهي بذلك تفرض على الآخرين اتباعها لأنها تضطرهم لحساب تبعات القعود.
فيسهمون لو بجر أرجلهم ومحاولة التعطيل من الداخل.

وكانت الحكمة تقتضي غض الطرف عن جر الأرجل والتعطيل من الداخل وإثبات الاستغناء عن اكثر من وحدة الواجهة في المستوى الدبلوماسي بالإقدام الثابت.

السياسة الدولية ليست لعبا

كتبت هذا الكلام لأني لاحظت تهويلا لدور مستشار مغمور وتأثيره المزعوم.
فالغرب ليس محتاجا لتفكير عميل أمي فلا تهولوا من خطر سخيف لايصدقه عاقل.
فـمن يعتقد أن خبراء روسيا وأمريكا وأوروبا وأصحاب القرار فيها يمكن أن يؤثر فيهم من يتهمون بدور يفوق حجمهم هو الأخطر في الحرب النفسية الذاتية.

صحيح أن وفرة المال قد تزين للبعض أنه قد صار ندا للقوى العظمى وأنه يحل ويعقد في السياسة الدولية.
وطبيعي أن يوهمه اصحاب القرار بدور ما ليمتصوه.
لكن الوزن غير والوهم غير.

من يتصور ان العالم يسمع كلام الأقزام فهو لا يخدع إلا الذات ويسهم في الحرب النفسية عليها.
وجل المحللين العرب لا دور لهم إلا التثبيط بخبط عشواء.

السياسة الدولية تخضع لقانون الأحجام والأوزان.
وهذه ليست خفية.
وقد صدق ستالين عندما رد على من نبهه لموقف البابا سائلا :
كم عنده من مدفع.

مشكل المؤسسات والأخلاق العامة

يقولون إن تونس يهددها تدخل دحلان وعلان.
ما يهددها لا هذا ولا ذاك بل أخلاق أبنائها.
إذا كانوا قابلين للبيع فيمكن أن يهددوا تونس أيا كان الشاري.

ونفس الامر يقال عن مصر:
لو كانت الطبقة السياسية والنخبة المصريةعلى خلق ومؤمنة بمصر ومنزلتها لما أصبحت تقاد باطماع أنذال العسكر والصحافيين.

تلك هي الأمراض.

الكلام على دحلان وعلان سخافة أسمعها ولا تفسر ما يجري.
كنت في القاهرة اقل من أسبوع قبل الانقلاب وقلت رأيي في الأزهر والنخبة.
فالخلل في المؤسسات التي أصبحت خربة.
والعلاج يتعلق بها وليس باتهام من يمكن أن يستفيد من هشاشتها.
ثم إن تعيين قائد الجيش لزبيبته ليس من الحكمة.

فحتى ابن تيمية الذي لا يشك أحد في تدينه قال إنه يفضل القائد القادر على المتظاهر بالتقوى.
القدرة إخلاص خلقي وكفاءة فنية والسيسي خال منهما.

عمقا الحرب النفسية على الذات

وأخيرا فالحرب النفسية على الذات هي الاخطر وهي ذات عمقين:

  • الأول هو تهويل خطر من لاوزن له.
  • والثاني هو عدم وضع المسؤول المناسب في مكانه المناسب.

والثاني سبب الأول.
غير المناسب لا يقدر على تقويم الأخطار حق التقويم فتكون كل حساباته خاطئة فيصبح هو أصل المصائب: استراتيجيو آخر الزمان.

نحن في تونس مثلا عندنا من جن من الجامعيات والجامعيين فباتوا يهذون بكل ما يخرج من أفواهم بلا رقيب عقلي او حتى ذوقي لأن الشعب أدرك نذالتهم فنبذهم.
كانوا يتصورون أن المنزلة التي شغلوها بخدمة الاستبداد والفساد دليل قيمة حقيقية لهم بمقتضى “علمهم” ومستواهم ولم يدروا أنهم كانوا مناديل.
فلما فقدوا الأضواء والبريق الناتج عن الخدمة اكتشفوا ضآلتهم مع نذالتهم فأصبحوا ينبحون وقد أنجدتهم أدوات التواصل الاجتماعي فمكنتهم من التفريغ.
فصاروا يتفلسفون ليلا نهارا في نقد الإسلام -وليس الدين كدين- بل الإسلام فحسب وينسبون إلى الإسلاميين كل مآسي العالم.
وقد جننهم احتقار الغرب لهذيانهم.
فما يريدون منه بحضه على محاربة ما يسمونه الإرهاب وجدوا الغرب لا يتبعهم فيه إذا ما استثنينا فرنسا فصعقوا:
فحتى أمريكا وألمانيا لا يمنعان الحجاب.
وأمريكا لا تمنع الكتاب ولا تعليم القرآن.
ثم جاءتهم الضربة القاضية.
فأحداث بلجيكا أخيرا قام بها منفذون تخرجوا من مدارس كاثوليكية وربوا تربية أوروبية.
فبدأوا يدركون غباءهم:
من يعالج الأعراض ليس طبيبا بل متطبب.
فقدوا سندهم المستبد والفاسد في الداخل وحتى السند الخارجي بدأ يشك في ملكاتهم.
لم يبق إلا أن يبحثوا لهم عن “مرستانات” تعالجهم.

ونحن لا نعبأ بهم بل نتحمل هذيانهم:
ما يحيرني هو أن أغلبهم خريجو آداب أو صحافيون كداءون أو من خدم النظام السابق لتبرير الاستبداد والفساد باسم التنوير.

لعل لعقدة المزايدة في ادعاء الحداثة والتقدمية دورا في هذه المواقف
فجل المتياسرين أغلبهم من أنصاف المثقفين الذين يتصورون الكتاب الأحمر فلسفة.
ويظنون أن إيديولوجيا الريادة الحداثية حداثة



يرجى تثبيت الخطوط
عمر HSN Omar والجماح ياقوت AL-Gemah-Yaqwt أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ومتقن الرافدين فن Motken AL-Rafidain Art وأميري Amiri
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي