الثورة والثورة المضادة، الفصام السياسي بين الشرعية والشوكة وعلل الارهاب

من المزايا التي أقر بها للثورة المضادة عامة وللمراهقين اللذين يقودانها -أمير السعودية وأمير الامارات-والتي ينبغي الاعتراف بها لان ما نعتقده شرا قد يكون فيها خير كثير أمران مهمان جدا: 1. اعترفوا بوحدة مسرح المعركة أي إنهم بخلاف من يدعون تمثيل الثورة: لم يعودوا يعترفون بالحدود. وذلك بخلاف ممثلي الثورة الذين ظلوا يعملون بمقتضى الحدود التي تجاوزتها أفكار الثورة بما يعني أن الثورة المضادة تصدت فهمت طبيعة الثورة الجارية أكثر من الذين يدعون تمثيلها وخاصة الإسلام الذي ينبزونه بإضافة صفة السياسي لكأنه يوجد إسلام قابل للفصل عن السياسة إذا لم يقصر على العبادات. والمزية الثاني: 2. الثورة المضادة تجاوزت النفاق الذي كان سائدا. فجميع الانظمة العربية كانت تطبع مع إسرائيل وتتبع تبعية العبيد لسيد الغرب لأن كل ما يسمى دولا عربية ليس دولا بل هو محميات ولكن دون الاعتراف بهذه الحقيقة. الثورة المضادة جعلت ذلك صريحا بدفع الجزية والحلف مع إسرائيل. والمدهش هو أن الأحزاب الإسلامية التي تدعي تمثيل الثورة بما تسميه الوسطية سيئة السمعة ظلت دون ما عليه الأفكار الثورية فبقيت حبيسة الحدود وتنافق في الاعتراف بالتبعية والتطبيع تحت الطاولة لأنها مهتمة بالمشاركة في حكم المحميات وهو أمر مستحيل من دون التبعية والتطبيع الذليلين. فينتج عن ذلك أمران محيران لمن يريد أن يفهم علل تعثر الثورة وتردي أدائها: 3. ممثلو الثورة المضادة قطعوا الطريق كاملة فكانوا بذلك ممثلين للثورة المضادة بحق. 4. وممثلوا الثورة بقوا مترددين فظلوا دون افكار الثورة لعدم فهم شروطها ومن ثم فهم علة الفصام الذي أفسد شروط نجاحها. فلا توجد ثورة في التاريخ الإنساني يحكمها سخف “سلميتنا أقوى من الرصاص” لكأن الشرعية وحدها تصنع التاريخ تجاهلا لقانون السياسة الذي هو شرعية ذات شوكة غير قابلتين للفصل. ومن ثم فالثورة المضادة تستعمل الشوكة لعدم الشرعية والثورة تستعمل الشرعية لعدم الشوكة. وهذا هو المأزق التاريخي. فينتج عن ذلك أن الشرعية تصبح عزلاء والشوكة تصبح جهلاء. وما لم تنظم الشرعية طبيعة الشوكة الثورية فهي المسؤولة على العنف الاعمى الذي لا يمثل شوكة الشرعية بل أعراض عدم وجودها (داعش). ما يعني أن الشباب الذي يتدعشن المسؤول عنه هو من يريد ثورة عاجزة عن تنظيم شوكتها. وبعبارة أوضح فها أنا أضيف تهمة اخرى لمساكين الإسلام السياسي: مسؤولية فوضى الشوكة في ثورة تتصور إمكانية نجاحها من دون شوكة ذات استراتيجية سياسية تجمع بين الشرعية والشوكة المنظمة. ومن ثم فنحن أمام ثورة مضادة للأنظمة ومن يساندها من أعداء الاسلام تستعمل الإرهاب المضاعف. فهي تستعمل ارهاب الدولة ضد الثورة وتستعمل إرهابا تصنعه خصيصا وتنسبه إلى الثورة -التي ليس لها شوكة منظمة-حتى تشوهها وتشوه الإسلام وتعلل سعيها للقضاء على الثورة تحت شعار محاربة الإرهاب الذي صنعته من أجل هذه الغاية. وما كانت تستطيع لو كانت الثورة تفهم ضرورة الشوكة المنظمة. لذلك فوصف الحركات الإسلامية التي تختزل في الاخوان بكونها سياسية وصف خاطئ: لا توجد سياسة غير جامعة بين الشرعية والشوكة. ولو كانت توجد لاكتفى الرسول بالمرحلة المكية. وما لم تصل الحركات الإسلامية إلى المرحلة المدنية فهي ليس إسلاما سياسيا بل هي إسلام مكي تربوي. والمكي التربوي ما كان ليكفي لانتصار الإسلام على الجاهلية. والجاهلية المضادة ما كانت تمثل قيم الإسلام التي تؤسس للشوكة الشرعية. الجاهلية المضادة هي الإرهاب الداعشي الذي تصنعه الثورة المضادة وحلفاؤها من أعداء الإسلام (أي الذراعان في الإقليم والسندان من خارجه والانظمة العميلة). وزبدة القول إن ممثلي الثورة مسؤولون ليس عن الإرهاب لأنهم يصنعونه إذ ينسب إليهم لتشويههم وتصنعه الثورة المضادة وحلفائها بل لأنهم تركوا الجزء الثاني من كل ثورة خاليا فعوضه أعداؤها بمجرد الجمع بين ما يغلي في أرواح الشباب وما يستفيد منه الخبث الجاهلي لتشويه الثورة والإسلام. لذلك فالإرهاب له فرعان: فرع الارهاب الفاعل الذي تقوم به المحميات التي تطبق استراتيجية الحرب على الثورة (الثورة المضادة) التي وضعها حماتها وفرع الإرهاب المنفعل الذي ينتج عن يسر توظيف غضب الشباب من هذه الانظمة وحماتها لتشويه الثورة والإسلام بسبب غياب استراتيجية الشوكة الشرعية. وغياب استراتيجية الشوكة الشرعية يسهل على الثورة المضادة اختراق ما يحاوله من يدعي الدفاع عن الإسلام وتوظيفه ضد ما يدعي تمثيله ومن هنا نفهم غباء التوحش وغباء أمراء الحرب في كل الحركات التي تستفيد منها الثورة المضادة وحلفاؤها أكثر من القضايا التي يدعون الدفاع عنها فيشوهونها. ولما كان الموضوع شديد الحساسية فلن أطيل سأختم بجملة واحدة: المعركة من صدام بين ثورة وثورة مضادة صارت صداما بين الكاريكاتورين كاريكاتور التأصيل وكاريكاتور التحديث في الداخل وبين خبث الذراعين وسنديهما وسذاجة ممثلي الثورة والإسلام في حركة التحرر في الإسلام الذي هو سياسي بالجوهر.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي