ه
كيف افهم فهم العرب حلفاء أمريكا لسياسة أمريكا وكيف غيروا مواقفهم الحالية منها بنفس الغباء الذي كان أساس مواقفهم السابقة منها؟
بصورة أوضح كيف أفهم فهم العرب الذين يزعمون التحالف الاستراتيجي مع أمريكا والذي يعلل تغير موقف الإمارات خروجا من اليمن وخضوعا للتهديد الإيراني؟
لا مشكل في فهم سياسة أمريكا. فهي بينة ولا تخفى إلا على “الصم البكم العمي الذين لا يعقلون” مـمن يتوهمون أن أمريكا وإسرائيل بحاجة لحلف استراتيجي مع حكام محمياتـهما التي يتوهم غفراؤها أنها دول توهما منهم أن الأسماء مطابقة للمسميات. وأقصد “قائدي” الثورة المضادة العربية اللذين هما غفيران عندهما وليسا أميرين كما يتصوران.
وقبل الجواب فلأشر إلى أن الإمارات هي بداية هذا الاستسلام لإيران تليها السعودية في نفس السلوك. فليس صحيحا أن الإمارات فعلت ذلك من ورائها بل الغفيران متفقان بعد أن يئسا مما بنيا عليه موقفهما الأول:
- كانـا يتصوران أن ترومب ينوي محاربة إيران كما صدقا مسافة السكة التي وعدهم بها السيسي ليحصل على الرز ويحارب باسمهم ليس إيران بل الإسلام السياسي لأنها توهما القدرة على الحوثي الذي انقلب عليهم بعد أن سلحوه ضد ثورة اليمنيين.
- وفهما أخيرا أنه قد لعب معهم لعبة السيسي ليحصل على ما ينتظره من أموال لحرب لا ينوي خوضها أصلا ولا علاقة لتجييش الأرمادا بهم ولا بخوفهم من «ظلهم» لأن إيران لا تخيف إلى الجبناء أمثالهم ممن «يخصون» خيرة شعوبهم ويحتمون بالأعداء.
بينت في دراسات سابقة أن الهدف من حصار إيران هو عينه الهدف من حصار روسيا. ولا نية لمحاربتهما. فكلاهما يريدهما ترومب والاستراتيجيون الأمريكان حليفين لخطة الحرب الفعلية التي يخوضونها ضد الصين وطريق الحرير وليس للخليجيين في هذه الحرب ناقة ولا جمل إذ لا أحد يقرأ لهم حسابا إلا عند الحاجة إلى التمويل كما في مثل هذا الجزء من الحرب الكبرى الهادفة إلى إبقاء أمريكا وإسرائيل سيدتي العالم لقرن آخر.
بدأت أفهم كيف يفهم الغفيران-اللذان يتصوران نفسيهما أميرين-للسياسة الأمريكية لما رأيت كيف تلاعب بهما دجالون لبنانيون أوهموهما أنهم يستطيعون أن يؤسسوا لهما سلطانا في النخبة السياسية الأمريكية يؤثر على قراراتهم الاستراتيجية. فكانا ضحية مرتين لهؤلاء الدجالين وللنخبة الأمريكية فحلبت بلادهما مرتين.
فإذا توهم من هو مجرد دمية إسرائيلية من بدو العرب أن تبديد ثروة شعبه يمكن أن يعطيه سلطانا على النخبة الأمريكية التي تحدد قراراتها الاستراتيجية فينبغي أن يفهم أي محلل أن كل قرارات هؤلاء الغفراء الذين يتوهمون أنهم أمراء لا يختلفون عمن استعملوا في سايكس بيكو الأولى رغم مرور قرن عليها: ولا عجب فلا يمكن أن يكون أحفاد الخونة الأغبياء مخلصين أو أذكياء.
سيرد علي: أنت تنسى أن أحد الأميرين درس في أكاديمية عسكرية غربية. لكن الرد حتى السيسي درس في أكاديمية عسكرية غربية. وحفتر قضى أكثر من ثلث عمره في أمريكا. هم كانوا تلاميذ المخابرات وليس العلماء. فهذا لا يغير من الأمر شيئا بل يؤكده. لأنهم لم يدرسوا شيئا بل غسلت ادمغتهما لاستغلال غبائهم الفطري من أجل زرع الخيانة الموروثة عن نفس العقلية التي استغلت في سايكس بيكو الأولى لانجاح الثانية الجارية حاليا.
لذلك فالجدل الممكن هو اعتبار الحصار الأمريكي لإيران وروسيا يهدف إلى الاستعداد للحرب على محاولة الصين المشاركة في نظام العالم الجديد ليس كما يزعم الكثير عن طريق المحيط الهادي بل عن طريق علاقتها بإفريقيا وأوروبا ثم الأمريكيتين بفضل طريق الحرير بعكس ما حصل لما تمت الإحاطة بإقليمنا.
فإقليمنا فقد سلطانه على العالم لما الغيت الحاجة إلى طريق الحرير والحاجة إلى المرور بمضايق الأبيض المتوسط والبحر الأحمر للوصل بين الغرب والشرق من خلال اكتشاف ـأمريكا ورأس الرجاء الصالح فأصبح المرور غنيا عن اقليمنا وأصبح اقليمنا خارج الدورة الاقتصادية العالمية.
مشروع الصين هو استعادة المسار العادي الذي سبق الاكتشافات وذلك هو معنى طريق الحرير ولا بد فيه من ضمان الفاصلين الباقيين بين الشرق والغرب أي إيران وروسيا اللتين يمكن أن تقلبا كل اللعبة إذا تحالفتا مع الصين ضد هذا المشروع. وأمريكا متأكدة بأنها ستحقق ذلك بالحصار دون الحرب. مثلما هما مطمئنتان إلى كون الهند وبقية آسيا معهما وكذلك أوروبا. كيف؟
أمريكا وإسرائيل مطمئنان إلى أن المافية الروسية والمافية الإيرانية تحتاجان إلى خنق النظامين حتى يتحقق لهما ما يريدانه من تغيير في النظامين الروسي والإيراني ويصبحان حليفين ومن ثم فهما أكثر الناس حفاظا على روسيا وإيران حاجزين يحولان دون تقويض الصين لهيمنة أمريكا وإسرائيل.
وهما متأكدتان أن الهند واليابان وكوريا ولم يبق من يستحق الذكر في ميزان القوة لن يكونوا مع الصين ولم يبق إذن إلى ضمانة ما يفصل بين الشرق والغرب الذي ما يزال يتلاعب على الحبلين أعني إيران وروسيا ولا يعتبرون تركيا تابعة لهما لأنهم ينوون ضربها وإغراء روسيا بها حتى لا تفرط في سايكس بيكو الثانية ما فرطت فيه الأولى.
ولذلك فتوقعي أن تكون نتيجة الحصار ليس أسقاط روسيا وإيران بل اسقاط النظامين الحاليين اللذين يساومان على هذا الدور مساومة يريدانها ندية بواسطة ما يتصورانه أداة لبقائهما أعني المافية الحاكمة فيهما في إيران حرس الثورة وفي روسيا بقايا الكاجي بي من حول بوتين. فهؤلاء لما يتبين لهم أن النظام لم يعد قادرا على الصمود سيحققان ما حصل للسوفيات.
ومقابل ذلك لن ينزعج الأمريكان والإسرائيليون من تمدد إيران في أرض العرب بل ولن يزعجهما تقدم روسيا على حساب تركيا في سايكس بيكو ثانية تمكن إسرائيل من اتمام وعد بلفور بوعد ترومب ويصبح العرب بغباء الغفراء الذين يتصورون أنفسهم أمراء كما كانوا مستعمرات فارسية وبيزنطية (روسيا وريثتها). فما يخيف أمريكا وإسرائيل هو إمكانية انبعاث المارد السني الجماع للشعوب التي قاومت طيلة القرون الماضية للمحافظة على دار الإسلام أي الشعوب العربي والتركي والكردي والأمازيغي وسودان افريقيا ا لمسلمين.
وهنا يأتي الهدف الثاني وهو الأبعد لأن الهدف الأول الأقرب لأنه العاجل والثاني آجل. فالحرب على الإسلام هي من الآجل. والعاجل الذي يمكن أن يقوض سلطان أمريكا وإسرائيل هو الصين التي هي قوة بالفعل. أما الآجل فهو ما يزال بالقوة ماديا حتى وإن كان بعد قوة روحية بالفعل.
وبذلك يتبين أن وظيفة الغفيرين اللذين أوهمهما دجالون لبنانيون من أفسد خلق الله-وغالبا ما هم إما مسيحيون أو شيعة وهما أكثر حقدا على الاسلام حتى من اسرائيل وأمريكا-بأنهم بلغوا من الذكاء بحيث يسيطرون على القرار الاستراتيجي الأمريكي والصهيوني: هل يوجد غباء أكثر من هذا الغباء أو السذاجة البدوية التي تصدق تساذج دهاة الاستراتيجيين الأمريكان والصهاينة؟
فلا شيء “يـميتني” ضحكا أكثر من سماعي غفراء العرب يتكلمون على الحلف الاستراتيجي بين قزم وعملاق. من يصل به الغباء فيصدق أن أمريكا تتحالف استراتيجيا مع أقل من بلدية في تونس تسمي نفسها دولة لأن لها بعض الثروة هي دون شركة متوسطة في أمريكا فضلا عن بلاهة استعمالها وغباء توظيفها المنتج لشروط الإبداع: لكن لا بأس إذا كان هذا الإيهام يمكن من بناء القواعد على حسابهم وتمويل الاحتلال باسم الحلف.
وهذا السلوك يذكرني بما كان معهودا في تونس قبل أن يتعلم أبناؤها: كان كبار الفلاحين كلما كانت السنة الزراعية وافرة الانتاج كلما تزوج المالك مرة اخرى وأحيانا حتى قبل جمع الصابة. ومعنى ذلك أن الدورة هي الدورة الطبيعية بين النباتي والحيواني في عملية التعمير. كذلك يجري الأمر عند الغفراء.
ما أسمع أدعياء حكام الإمارات يتكلمون على “سبارطه” وأراهم يبحثون عن آثار جدودهم في ما قبل التاريخ حتى إن قلت مازحا إنهم سيكتشفون صحة نظرية داروين عندما يجدون جدودهم لا أعجب من ذلك فهذه نفسية من نسميهم في تونس “الأغنياء الجدد” فعندنا باعة النفة والفريب والمهربين والمافيات “تفكر” بهذه الطريقة.
ذلك أن مشكلهم ليس البناء بل التحرر من صورتهم عن أنفسهم كما كانت في ماضي فقرهم. فينتقمون من الفقر بالتبذير الذي سيعيدهم إليه لأن سوء التصرف في الثروة التي لم يعرقوا على تحصيلها مآله مآل ثروة أي وارث ترك له أهله ثروة لم يتعب عليها: فثروات الأرض العربية ينقلها عملاء الاستعمار إليه.
كذلك أفهم فهم غفراء العرب الذين هم أدوات سايكس بيكو الثانية التي تجري أمام ناظرنا ودليلها حربهم على تركيا -رغم انها أنقذت جدودهم من حرب الاسترداد البرتغالية وحمت الإسلام في كل افريقيا وآسيا وفي بعض اوروبا- وتسليمهم فلسطين وحربهم على الإسلام ومستشاروهم من الصهاينة والإنجليز وبقايا الصليبين والفاطميين في الشام كله وفي مصر وبقايا الباطنية في دار الإسلام كلها. تلك هي خلفية ما يجري.