– شروطه مقوماته وقواعده –
لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
تمهيد :
هذا نص يكمل النص السابق ونأمل أن يساعد الدبلوماسيون العرب فريق المفاوضات السوري بأن يقدموا لهم نصائح لعل بعضها يوجد في هذه المحاولة. لكن خبرتهم يمكن أن تثريها خاصة إذا كان لها القدرة على محاورة أعضاء الفريق المفاوض.
المحاولة :
ما الذي يجعل الأنظمة العربية فاقدة لهامش المناورة الدبلوماسية في علاج كل قضايا الأمة وصراعاتها المصيرية؟
ظاهرتان تبرزان دلالة فقدان السيادة.
الظاهرة الأولى هي استهزاؤهم برايهم العام.
وهذا الموقف منه يجعل خصومهم العالمين بذلك أكثر منهم احتقارا لدوره في ما يفرضونه عليهم من تنازلات.
لكن ما يعلمه الخصم هو أن هذا الاستهزاء له علة عميقة وهي أن الحكام لا يستمدون شرعيتهم من شعبهم بل من تنصيبه لهم عليه لخدمته فيأمر ولا يطلب.
وهي الظاهرة الثانية
وهذا الوضع نتيجة فقدان أحد شرطي السيادة أو كليهما:
- فالأقطار العربية الفقيرة متسولة للمساعدة ومن ثم فهي بالجوهر توابع لا يمكنها أن تقول لا.
- والاقطار العربية التي تظن نفسها غنية متسولة للحماية فتتصورأن جيوش الغرب وقواعده مرتزقة لديها وهي صاحبة السيادة الفعلية وإن بدبلوماسية ذكية.
الغريب أن النوع الأول من التبعية -تسول مساعدة الرعاية- يتبجح الحاكم العربي بذكاء المتسولين لأنه يعتبر الفهلوة في التكدي دليل حكمة سياسية.
النوع الثاني من التبعية -تسول مساعدة الحماية- يتبجح الحاكم العربي بذكاء الاستراتيجيين فيقدم التبعية على أنها تعاون استراتيجي مع القوى العظمى.
وطبعا فالجمع يسخر من ذكاء الشعوب: إذ لا أحد يعتقد مهما كان ساذجا أن من يعطيك حتى الفتات يفعل محبة في عمل الخير والصدقة بل هو بعض ما يسرقه من ثرواتك.
ولا يمكن أن يوجد غافل يصدق أن الغرب يوزع قواعده العسكرية حبا في حماية “اصدقائه” إذ الجميع يعلم أنه لا يصادق أحدا في العالم بل يحمي مصالحه.
والحصيلة أن من كان وضعه الأول أو الثاني لا يمكن أن يبقى له هامش مناورة دبلوماسية فضلا عن مقاومة جهادية فيكون مجرد شكل دولة بلا سيادة.
وهذه الحقائق معلومة للجميع.
لكن الخداع الدبلوماسي كان يخفيها ويغطي عليها عندما كان مسموحا للأنظمة مخادعة شعوبها بعنتريات ولغو ضد إسرائيل.
أما وقد فرضت الثورة مواقف كاشفة فإن الأنظمة أبرزت الهامش الوحيد الذي يمسح لها به ربها الأعلى:
- الأولى هددوها بالمجاعة
- والثانية بالعورة (غياب الدفاع).
- الأنظمة التي تعيش على التسول الإعالي فرضوا عليها الاعتراف باسرائيل
- .الأنظمة التي تعيش على التسول الحمائي فرضوا عليها الاعتراف بسلطان إيران.
وما كان مقصورا على مأساة فلسطين عم فأصبح مأساة كل الشعوب العربية وخاصة الشعوب التي ثارت وبصورة أخص المقاومة الجهادية السورية والعراقية.
وقد تبين كل ذلك في مهازل التفاوض بإدارة الأمم المتحدة التي هي مجرد أداة غربية لفرض اجنداتها في شكل حلول القانون الدولي فيها ضد الضعفاء.
لا بأس من المناورة الدبلوماسية وحفظ الجوهر في المفاوضات إذا اتفقت قيادات الثورة مع الأنظمة المساندة لها لتمكين روسيا من مخرج يحفظ ماء الوجه.
فالمفاوضات في هذه الحالة تكون لصالح المقاومة لأنها تحقق هدفين:
- تخرج روسيا من المعركة أو تحد من دفعها إلى العناد
- تنظيم المقاومة وتسليحها.
ولا بد من حسم أمرين في المقاومة حتى تصبح قادرة على مواصلة العمل لبلوغ هدفيها:
- تحرير سوريا أولا
- وبداية الانتصار العام للثورة في بلاد العرب.
الأمر الأول: اعتبار المتطوعين ضيوفا وليس غزاة محتلين لسوريا حتى لا تخسر الثورة تعاطف الشعب لأن وحدة الإسلام لا تنفي تعدد العصبيات القطرية.
الأمر الثاني اساسي: عدم الصدام مع النزعة القطرية لأن المؤثر في النصر ليس نسبه المتجاوز للقطرية بل كونه انتصار ساهم فيه ما يتجاوزها مرتين.
تجاوز القطرية حصل بالمشاركين في المقاومة وبكونه الثورة نفسها لم تكن قطرية بل هي بدأت من تونس وعمت وإذن فلا تنافي بين القطرية وتجاوزها.
ومن ثم فلا بأس من المصالحة بين التوجهين القطري والمتجاوز قوميا وإسلاميا بل وحتى بتقديم التوجه القطري مراعاة للمرحلية التي توحد ولا تفرق.
والمهم أن هذه هي المعركة التحريرية الأولى التي كانت بمنطلقاتها وبالمشاركين فيها متجاوزة للقطرية مع اعتبار الأقطار مراكز لما يعلو عليها.
فمن مثريات الاستئناف ألا يكون للأمة مركز واحد بل ينبغي أن تكون دولة فدرالية متعددة المراكز مع تخصصات متكاملة تجعل جسد الأمة نابضا بالحياة.
فسيطرة مركز واحد واعتبار بقية الأقطار هوامش كانت فكرة سيئة هي التي جعلت مصر وبغداد والجزائر وسوريا تعتبر أنفسها مراكز وما عداها هوامش.
اليوم عربيا لدينا 22 مركزا كلها نابضة بالحياة مثل ولايات الولايات المتحدة ولنا إسلاميا حوالي 70 مركزا كلها تتنافس في الانبعاث والاستئناف.
الوحدات الحية والمبدعة هي التي توحد المتكثر ولا تنفي التعدد الذي هو شرط الوحدات العضوية التي يكون فيها كل جزء من جسد الأمة نابضا بالحياة.
والشيء الثابت أن بوتين يبحث عن فرصة للنزول من على الشجرة.
ذلك أنه لم يحقق شيئا مما سعى إليه ولا يستطيع أكثر فضلا عن أزمته الاقتصادية.
والثورة بحاجة إلى ترتيب شؤونها الداخلية وأصدقاؤها بحاجة للمناورة الدبلوماسية بترتيب الأولويات كالحسم في اليمن وتجنب الصدام التركي الروسي بتفويت الفرصة على بوتين.
فمجرد توقف القتال لمدة مع المحافظة على ما حصل على الأرض يعتبر حاليا غنما كبيرا لأن المقاومات دائما تربح بشرطين مكاني وزماني للمطاولة.
وتوسيع مسرح العمليات مكانيا وإطالة مدتها بإبطاء الحركة فيها يمكنان من استغلال المكان والزمان ضد العدو الذي لا يستطيع المحافظة على التحشيد.
من هنا وجوب العمل على تغيير نسق العمل إن سرعه العدو نبطئه وإن بطأه نسرعه حتى لا نفقد القدرة على المبادرة وذلك لأنه لا يجدنا حيث ينتظرنا.
وبنغي أن نجده حيث لا ينتظرنا وذانك هما شرطا حرب المطاولة التي تستفيد من توسيع مسرح العمليات وتمديد نسقها فيكون المكان والزمان لصالح المقاومة.
وكل ما أوردناه هنا من أبجديات التجارب النضالية التي يذكرها التاريخ لأنها نجحت فعملت بما يسميه ابن خلدون بحرب المطاولة عكس المناجزة.
عدو الثورة هو دائما نظام قائم لا يستطيع المطاولة لكلفتها على الجيوش النظامية. فيطلب المناجزة للحسم السريع.
المقاومة ليست في عجلة من الأمر.
وإذا كانت المطاولة في القتال تعتمد على توسيع مكان المعركة وإطالة زمانها فإن المطاولة في الدبلوماسية تعتمد بعدين يناظران الزمان والمكان.
فالدبلوماسية لها بعدان هما بعدا الخطاب والتواصل: أعني الشكل والمضمون.
- ففي المضمون لا بد من اعتماد القسمة اللامتناهية للتفاصيل لإغراق الخصم.
- وفي الشكل اعتماد أساليب تأخذ في الحسبان العلم الدقيق بما لا بد من مراعاته للمحافظة على ماء وجه الخصم في العرضيات للحصول على ما تريد حقا.
وبذلك يصبح اللعب على أربع فضاءات إثنان دبلوماسيان واثنان حربيان والأصل في ذلك كله هو منطق التكامل بين الحرب والسياسة في علاقات البشر.
وفي ذلك كله المبدأ هو “الحيلة في ترك الحيلة”.
ذلك أن العدو لن يصدقك إذا صدقته.
فتكون أفضل طريقة لمخادعة الأعداء تركهم يتصورونك تخادعهم.
فبذلك تعلم على وجه اليقين ما يسعون إليه بحق فضلا عما لديك من علم بقصودهم وخاصة بشخصيات مندوبيهم في العمليتين الدبلوماسية والعسكرية.
فلا يكفي أن تختار من يمثلك في العملية الدبلوماسية بل عليك أن تكون على دراية تامة بصفات من يمثل عدوك.
وكذلك الشأن في الحرب: علمك بعدوك أساسي.
فالرمزي في الحرب هو صدام الخصائص النفسية لقياداتها والفعلي في الدبلوماسية هو صدام القدرات الفعلية في الميدان: كل منهما حاضر في الآخر.
دبلوماسيا المحدد هو أرضية الحوار وخلفية مضمراته أي القوة المادية.
وعندما يلتقي محاربان فالأرضية هي القوة الروحية للمطاولة.
ومن ثم فكل جنرال يحارب ينبغي أن يكون دبلوماسيا وكل دبلوماسي ينبغي أن يكون جنرالا محاربا: مسرح المعركة هو القوى والرموز.
لا تربح المعارك إلا بهما معا.
مسرح المعركة السياسية عسكري ودبلوماسي وهو في الحالتين منطقي وفيزيائي.
الدبلوماسية حرب حجاج منطقي بمعطيات فيزيائية للقوة مضمونا لشكل الحجاج.
الحرب نزال فيزيائي بين قوتين نظامها منطقي رياضي حتى تستغل المكان والزمان في تصريف القوتين الذاتية وقوة العدو بصورة تحقق لك الغلبة الكيفية.
وإذن ففي الحالتين الفكر والتخطيط واستعمال المكان والزمان في النزال الحربي والمضمون والشكل في النزال الدبلوماسي من شروط النصر في الغاية.
المبدأ واحد:
- فإذا استعمل العدو الكلي يكون الرد بالجزئي في الجدال وإذا استعمال العدو القوة المفرطة يكون الرد بالمناوشة وجعله يخبط خبط عشواء.
- وإذا استعمل العدو الجزءي استعمل الكلي وإذا استعمل المناوشة استعمل القوة المفرطة لترهبه فلا يطور هجومه لأنك تكون قد هدمت معنويات جيشه لحين.
وكل ذلك ممكن لك ومستحيل عليه: ذلك ان مضاء مقاومتك في المطاولة ولا تريد الحسم إلا عندما تحكم بأنك أوصلت العدو إلى اليأس في حين أنه يسعى إلى المناجزة والحسم السريع.
ما يعني أنك تحول ضعفك إلى قوة وهو يحول قوته إلى ضعف بسبب تعجله خوفا من تفكك منظومته الرمزية والمادية.
والسر هو الفصل بينه وبين رأيه العام.
وسر الأسرار هو أنك من البداية تعلم أن النصر الرمزي هو المقدمة لكل نصر: ينبغي أن تحارب عدوك بتوحيد قوتك وتفريق قوته بعزله عن رأيه العام.
ولا يمكنك ذلك بشناعات المندسين في الثورة ومخترقيها من مخابرات العدو الذي يريد تشويه ثورتك ومقاومتك حتى يحقق وحدته مع رأيه العام بغبائك.
كل شناعات داعش وقتل المدنيين أو ضرب مدن الغرب هي لصالح العدو لأنها تحقق ما يطلبه حتى يقاوم حرب المطاولة التي هي سر نجاح أي ثورة.
فاحذروا.
ولا بد من اعتبار بداية التفاوض نفسها نصر للمقاومة لأنها تتضمن اعترافين من أعدائها:
- أولا بوجودها
- وثانيا بتعذر الحسم بقوة السلاح.
لذلك فلا تهم شروط التفاوض إذا كانت المقاومة واثقة من أنها قادرة على القول لا خلالها مع تجريد العدو من كل حججه التي يحاول بها إخفاء الاعترافين.
– شروطه مقوماته وقواعده –
يرجى تثبيت الخطوط
عمر HSN Omar والجماح ياقوت AL-Gemah-Yaqwt أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ومتقن الرافدين فن Motken AL-Rafidain Art وأميري Amiri
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/