التردي، اليس له قرار يقف عنده؟

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله التردي

أليس له قرار يقف عنده؟

مهما قيل في “العلماء” التقليديين فإن فيهم من الشرفاء أكثر من خصومهم ومن يخدم الاستبداد والفساد من “العملاء” الحداثيين يفوقونهم عددا وعدة. فهم عادة موزعون على الخليج وتوابعه. عدد سكان الخليج قليل ومثلهم عدد “العلماء” التقليديين. ومنهم بلاد الأنظمة “العسكرية” لا تعتمد عليهم. أما “العملاء” الحداثيون فهم في كل البلاد العسكرية جهرا ولهم باع في البلاد القبلية سرا ومن ثم فهم الأغلبية المطبلة والمزغرطة للاستبداد والفساد. وقد يعاب علي استعمال “العملاء” في كلامي عن الحداثيين. ولكي نفهم ذلك ينبغي أن ننطلق من حادثة جديدة عند العلماء التقليديين: كلام السديس الأخير. فهذه الظاهرة شاذة لدى العلماء التقليديين وهي لم تحصل إلا لما تحالف نوعا النظامين: إنه من بركات السيسي وحداثييه على السعودية وتقليدييها. وهذه الظاهرة هي الجمع بين وظيفة عالم السلطان وعميل الاستعمار. لم يكن التقليديون عملاء الاستعمار إلا بالتبعية لحكامهم. الحداثيون عملاء مباشرة. ودليل عمالتهم أنهم فترينة الانظمة العسكرية في دبلوماسيتها الحداثية وهم لا يقلون عن الأنظمة القبلية رجعية وتخلفا وبداوة واستبدادا وفسادا. ورغم كل ما أعيبه على التقليديين فإنهم على الأقل قبل الحلف بين نوعي الانظمة التي تحارب الثورة كانوا بالخطاب والسلوك يحافظون على ثوابت الامة. كون محافظتهم تعتمد طرقا فاسدة بسبب ما بيناه من علوم وأعمال زائفة هذا من الموروث الذي صار ثقافة عامة لدى النخب التقليدية بسبب التكوين الرديء. ولا يغرنك الـ”د” التي تجدها أمام أسماء الغالبية منهم. فهي لقب اسمي لا يفيد معناه في أي علم يعتد به عدا قوة الذاكرة لترديد الخرافات العامية. وفي هذا المضمار لا يختلف “عملاء” الحداثة عنهم: الفرق متعلق بمصدر الخرافات العامية. هؤلاء يستمدونها من عامة الغرب وأولئك من عامة الشرق. ولست بحاجة لدليل: فبعد قرن أو ما ينيف عن القرن من نشأة الدول القطرية ما تزال هذه الدول توابع ومحميات كل ما فيها تقليد قشور ماضينا وماضي الغرب. النخبتان من طبيعة واحدة بشكل التقليد وإن اختلفتا بقشور المضمون. التأصيل كاريكاتوري والتحديث لا يقل عنه كاريكاتورية. لا أحد يفضل الثاني. المفروض أن يتواضع الجميع وأن يشرعوا في السؤال عن دوافع الحرب الأهلية التي يطبلون لها فيبحثوا عن مخرج يتجاوز الكاريكاتور إلى حقيقة المأزق. طبعا لن يعدم من يعترض: وأنت من أي الصفين؟ لست بحاجة للجواب: فكل منهما يتهمني بأني من الصف المقابل. وإذن فلست من أي منهما بشهادتهما. أذكر مرة أني أجبت أحد ابني معجبا بصوت السديس و”بنفاقه” عندما يتباكى في الدعاء بعد التراويح أني قلت بحدة: لو كان تقيا كما يتظاهر لما كان أكولا. أحد زملائي في ماليزيا -أصولي جدي- عبر لي عن اعجابه بعمرو خالد. لم أكن اعرفه ولما سمعته قضيت: إنه تاجر دجال ومنافق ومثله يدنس الدعوة. واثبتت الأيام فراستي. والمرازيق عندنا يعرفون بالفراسة ولعلي ورثت شيئا منها. وفي الجانب الثاني رأيت القمني في تونس يساعد في تجفيف المنابع وكان معه أحد فقهاء القانون من مصر وله كتب في الإصلاح الديني. سمعت الرجلين: ففهمت أن مصر مقبلة على نكبة حصلت لسوء الحظ. أهؤلاء مفكرون؟ ما يقال في مصر عن الدين وعن الفلسفة يقشعر له البدن. أهذه مصر رائدة الأمة وفجر الانبعاث الحضاري؟ أهؤلاء نتاج جيل بداية القرن الماضي؟

الكتيب

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي