**** التحدي التاريخي كيف يستعد له شباب الثورة بجنسيه؟ الفصل الثالث
إذا تحرر المسلمون من النكوص إلى العرقيات والقوميات والطائفيات، فإنه يكون بوسعهم بناء مجموعة كبرى في الاقليم تمكن من عكس الاتجاه من تقديم صراعاتهم الداخلية إلى مصالحة تمكنهم من الاستعداد لحماية أنفهم من العدوان الخارجي الذي يستهدفهم جميعا بما يغذيه بينهم من هذه الآفات؟ وتوجد قضيتان قد تنهك أولاهما تركيا والعرب في المشرق وهي: • قضية الاكراد • والثانية المغرب العربي كله وهي قضية الأمازيغ وفضلا عن كونهما نتجتا عن القومية التي تمثل أهم عنصر تخريف لما يتعالى على العرقيات وعن توظيف الغرب لكل هذا الفرق الطبيعي الذي لم يكن مثيرا لحساسية قبل تبنيها. ولو قسنا الاقليم على الهند أو الصين أو الولايات المتحدة الامريكية أو أي دولة بحجم امبراطوري لوجدناها كلها لا تخلو من التنوع العرقي والطائفي لكنها مع ذلك تمكنت بأشكال مختلفة من تجاوز هذه الفروق والاهتمام بشروط الرعاية والحماية المشتركة لكل مواطنيها. وهذا ما ينبغي في إقليمنا. وحتى إيران فيمكن أن تفهم أن الطائفية لن تفيدها في تحقيق شروط الرفاه والسيادة لشعبها بمثل هذه السياسة التي ستهدمها من الداخل قبل أن تحقق ما تحلم به من استعمار أرض العرب والاكراد حلما باستعادة امبراطورية فارس. فيكون العرب والاتراك والاكراد والأمازيغ وحتى الفرس قطبا عملاقا. ولكني أستبعد أن تنظم إيران لهذا المشروع لأنها خلال كل التاريخ الإسلامي كان تقودها الشعب الفارسي عقلية الثأر من العرب الذين أسقطوا امبراطوريتهم ويصعب أن تتحد مع العرب والاتراك والأكراد والأمازيغ الذين هم أركان دولة الإسلام وحماتها خلال كل تاريخ الامة إلى نهاية حروب الاستقلال. وكل الأغبياء الذي يتهمون اردوغان بأنه ينوي العودة إلى الخلافة العثمانية يعتقدون أن ساذج مثلهم. فهو شرع في تحقيق مصالحة حقيقية بين الأكراد والأتراك في دولة واحدة الجميع فيها مواطنون مع الاعتراف بالهويات الثقافية المختلفة. وهو أمر لم تحققه أمريكا فلا تعرف بهوية اللاتينيين والسود. لكن التعصب الاعمى للعلمانيين الأكراد يريدون دولة قومية بمعنى أنهم يدعون القول بالعالمية الماركسية ويرفضون الدولة متعددة القوميات التي سعى إليها أردوغان. ولم تمكن الأتراك والاكراد من تحقيق ذلك لكان النموذج أو الخطوة الأولى نحو المجموعة التي لها مزايا الخلافة بقيم ديموقراطية حديثة. والامر هو نفسه ما عادت إليها أوروبا: فهم يبنونها على الوحدة الحضارية المسيحية في القرون الوسطى ولكن بقيم ديموقراطية حديثة. لكن النخب الإسلامية عامة والعربية خاصة ما تزال تعيش على ما رباهم عليه الاستعمار الغربي الذي تجاوز الدولة القومية وعادة إلى فضاء الوحدة الحضارية الأوسع. وما لم أجد له تفسيرا عدا العمالة هو موقف أمراء المحميتين اللتين تمولان الثورة المضادة من العرب. فهؤلاء يعادون تركيا عامة واردوغان خاصة بدعوى الخوف من النزعة العثمانية. ما يعني أنهم يواصلون الخيانة التي نتجت عن حلفهم مع الانجليز ضد الخلافة. لكن أردوغان يعيش العصر وليس غبيا مثلهم. لا أفهم أن يخاف العرب من تركيا. فهي ربع العرب وليست أغنى منهم ماديا ولا ثقافيا ولا نخبويا فعدد المتعلمين من العرب والكفاءات بالملايين ومن ثم فبالوسع تصور تعاون ندي بين العرب والأتراك ليستعيدوا طموح الامة ويحققوا شروط الندية مع أوروبا فيكونوا هم أساس وحدة محيط الأبيض المتوسط. أما أن يقرر مصير العرب أميران أميان وأحمقان لأنهما عملاء إسرائيل ورئيسان أغبى منهما في سوريا ومصر فهذا ما لا يمكن أن يقبله أي عربي شريف وخاصة من شباب الثورة بجنسيهم. اما دمى جبهة الإنقاذ المصرية والتونسية فهم أكثر عمالة من هؤلاء الانذال الاربعة الذين يحولون دون الأمة والاستئناف. ولو اقتصر الامر على هؤلاء الأنذال لاعتبرنا ذلك نتيجة للعمالة والأمية. لكن جل النخب التي تدعي الاصالة والتي تدعي الحداثة انحازت إلى هذه الرؤى التي هي علة بقائنا توابع ذليلة للذراعين إيران وإسرائيل ولسنديهما روسيا وأمريكا. فاليساري والقومي يحاربان الدولتين اللتين ساندتا الثورة. واغلقا أعينهما وآذانهما فتبين أنهما “صم بكم عمي لا يعقلون” فقبلا رابعة في مصر ونصف مليون شهيد سوري والسلاح الكيمياوي والبراميل وتهجير نصف الشعب السوري بدعوى الممانعة وهم يريان الأعلام الطائفية والصيحات المتعلقة بالثأر لزينب من يزيد لكأن السوريين مسؤولون عن خذلان أجدادهم هم للحسين. وأصبح أي حمار من اعلاميي مصر وتونس وأرباع مثقفيهما يحاربان القرآن والسنة بتهمة الإرهاب التي هي بالجوهر طبيعة الباطنية الشيعية في كل تاريخ الإسلام. ثم انضم إليهم الأميران الاحمقان اللذان يمولان الثورة المضادة وحاربوا من آوى من نجا من هولوكوست السيسي وبشار وحفتر والحوثي. وهم بهذا الغباء اضافوا قوة لإيران ولإسرائيل. ذلك أن قطر مضطرة بسبب الحصار وحماية كيانها للتعامل مع إيران بشروطها. وتركيا كذلك لأنها لا يمكن أن تساند الثورة السورية وتحمي حدودها من دون مهادنة روسيا وإيران. ولم يكتفوا بذلك بل هم يساعدون مؤامرة إسرائيل مع علمانيي الأكراد. ولما سمعت أحد “جنرالات” السعودية الذي لست أدري كيف أصبح جنرالا والسعودية لم تقم بأي حرب في تاريخها واشتات مليشيا بدائية حوثية جعلتهم يستنجدون بكل العالم ولا يزالون غارقين “للعنكوش” في حماقات جنرالاتهم وساستهم سمعه يتكلم على كردستان الكبرى أفهم أنه عميل إسرائيلي وليس سعوديا.