البنية الكونية لكل مقومات الانسان الوظيفية – الفصل الأول

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله البنية الكونية لكل مقومات الانسان الوظيفية

لعل أهم مفخرة أنسبها إلى ابن خلدون قلبه العلاقة بين علم النفس اليوناني وعلم النفس البديل الذي يبني على عليه ثورته في فلسفة العمل والشرع الصريحة وفلسفة النظر والعقد الضمنية التي من دونها يمتنع فهم ثورته فيها. وهذه العلاقة هي تقديم نظرية الإنسان وبنية نفسه على نظرية الدولة وبنيتها. فهو يعتبر بنية النفس تستمد نموذجها من بينة الدولة وكلتاهما تاريخية بالجوهر وهي متناسبة مع ما يسميه “نحلة العيش” ببعديها الاقتصادي والثقافي. وهذه النقلة البديعة لم تنل حظها من التحليل. وهي ما سأخصص لها هذه المحاولة لاستنتج نظرية في مقومات بنية النفس استمدادا من نظريتي في بنية الدولة. وبصورة ادق وحتى أكون أمينا لنصه فهو يتكلم على بنية المجتمع وليس بنية الدولة لكنه يعتبر العمران والمجتمع هما مادة والدولة صورتها وإذن فكلامه عن بنية المجتمع وليس بنية الدولة وبنية المجتمع عنده هي في الغاية بنية الدولة إذا كانت الدولة صورة العمران والاجتماع. وهذا القلب للعلاقة بين النفس والدولة عجيب فعلا وهو ثورة إذا فهمنا دلالاته ومعانيه. فهو ليس القلب الوحيد ولا يمكن أن يكون الوحيد بل هو دليل على قلب كل المفاهيم الأرسطية التي يستعملها ابن خلدون فإذا كانت النفس التي هي طبيعية عند ارسطو ناتجة عن نحلة العيش فهي أذن تاريخية. وتاريخيتها عجيبة كذلك لأنها عين تاريخية نحلة العيش التي هي من ثمرة نظر الإنسان وعقده عمل الإنسان وشرعه. ما يعني أن النفس الإنسانية تنتج ذاتها بالنحلة التي تنتجها. وهي تنتجها النحلة التي هي نموذجها تجعل النفس صورة البدن كما يقول أرسطو لكنها تاريخية وليست طبيعية. صحيح أن الصورة عند أرسطو لها تاريخ هو النضوح من الجنين إلى الشيخوخة لكنها تاريخية طبيعية وليست تاريخية إنسانية بمعنى أنها ليست من صنع الإنسان بل من صنع الطبيعة. فنحلة العيش التي تحدد بنية النفس من صنع الإنسان بما يضيفه إلى الطبيعة بالحضارة حتى يستمد قيامه العضوي والروحي. وعند أفلاطون كما عند أرسطو بنية الدولة نموذجها طبيعي مباشر هو قوى النفس الثلاث أو غير مباشر هو أـركان عناصر المنزل الثلاث وهي الأب وتابعاه “والام-الأبناء” والعبيد ويمكن القول إن النموذج الأرسطي هو الاقتصاد المنزلي وهو يعتبره ظاهرة طبيعية لاغ تاتريخية حتى لو عوضت الآلة العبد. والأهم في الحالتين هو أن أفلاطون وأرسطو يعتبرون الجزء (النفس او الأسرة) أصل الكل وابن خلدون يعكس فيعتبر الكل أصل الجزء. فالنفس تمثل الفرد أو أدنى جزء والأسرة أسمى جزء ثم تأتي القرية والمدينة أو الدولة. المجموعات ثلاثة ولا وجود للإنسانية مجموعة رابعة قبل الفلسفة الإسلامية. وإذن فثورة ابن خلدون تتمثل في أمرين: تاريخية الصورة حضاريا وانتاج النفس لذاتها بإنتاج نحل العيش التي تمثل نماذج بنيتها بمعنى أنها قدرات إبداعية للحضارة ومنها نحل العيش وهي بدورها مبدع حضاري تتطور بتطور ما تبدعه من نحل العيش. وتلك على إبداع “علم العمران البشري والاجتماع الإنساني”. الآن وقد وضحت القصد بهذا القلب الخلدوني للمفهوم النفس تقديما للكل على الجزء وتقديما للتاريخي على الطبيعي أريد أن أبحث في وظائف الفرد الإنساني بالقياس إلى وظائف الدولة. وقد سبق أن وضعت نظرية في وظائف الدولة وقياسا عليها سأضع نظرية في وظائف الفرد بمستويات الجماعة الاربعة. والفرد هو بدوره كائن مركب ومؤلف مثل الجماعات الأربعة فتكون الجماعات خمسا وليست ثلاثا كما يقول أرسطو ولا أربعا كما يقول الفارابي بل الفرد نفسه جماعة بل يمكن أن يكون أمة بمعنى أن فيه ما يتحقق فيظهر في هذا المعنى لكأنه ليس روح بدنه فحسب بل روح أمة. وكل فرد أمة بمعنى أنه مسهم في تكون قيامها الحضاري بما يبدعه من تطور في نحلة العيش المادية والروحية أو الاقتصادية والثقافية والأولى مبدعات لما به تتحقق نحلة العيش المادية والثانية مبدعات لما به تتحقق نحلة العيش الروحية وهو إبداعها هو في آن نموذج ببنية النفس بلغة ابن خلدون. وسأبدأ فأذكر بنظرية وظائف الدولة التي وضعتها واعتبرتها عين الدولة كصورة تضبط الجماعة بالمؤسسات والقوانين التي تؤدي هذه الوظائف بفضل من يكلفون بملء المؤسسات التي هي خانات خالية يتداول عليها الأجيال لتصبح الدولة التي هي جهاز شبه آلي كائنا حيا بالقيمين عليها من الناس. أكتفي بالوظائف ولا أتكلم على تركيبة الدولة كلها. فالوظائف صنفان لكل منهما خمسة مقومات. صنف الحماية وصنف الرعاية. والقرآن يرمز إليهما بعلتهما الغائية في سورة قريش: أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. والحماية لها خمسة مقومات ومثلها الرعاية على النحو التالي وبصورة موجزة. وهذه البنية الوظيفة كونية أي إنها توجد في كل دولة بصرف النظر عن طبيعة نظامها وأسلوب عمله. والجديد أن القلب الخلدوني الذي قدمت بهذه هذه المحاولة سيمكنني من اتمام النظرية لبيان أن الفرد والأسرة النواة والأسرة الكبر والقرية والمدينة والإنسانية كلها تخضع لنفس البنية التي للدولة. فوظيفة الحماية لها خمسة مقومات: اثنان للحماية الداخلية وهما القضاء والأمن. واثنان للحماية الخارجية وهما الدبلوماسية والدفاع والخامس هو الجهاز العصبي لهذه المقومات وهو الاستعلام والاعلام الذي يكون في خدمتها لتكون عملا على علم بخلاف المخابرات والإعلام الزائف اللذين يحاربان الشعوب. ومثلها وظيفة الرعاية لها خمسة مقومات: اثنتان للتكوين هما التربية النظامية والتربية في المجتمع كأخلاق موضوعية واثنتان للتموين وهما الإنتاج المادي (الاقتصاد) والانتاج الروحي(الثقافة) والخامس هو الجهاز العصبي لذه المقومات وهو الإعلام والبحث العلميين. وهما منعدمان في المحميات العربية. وقد سميت البلدان العربية محميات لأنها ليست دولا كبيرها وصغيرها فهي كلها تحت الاحتلال إما احتلال ذراعي أعداء الإسلام (إيران وإسرائيل) أو اعداء الاسلام مباشرة وهم القوى الاستعمارية والدليل هو القواعد التي تحتل البلاد بدعوى حمايتها وهي في الحقيقة تحمي ما تسرقه من أرض العرب. ولا أستثني أي بلد عربي التي سميتها محميات لأن من يحتمي بعدوه لا يمكن أن يكون سيدا. وطبعا هو يحتمي ممن؟ من شعبه ومن اجواره الذين هم اخوته إن كان حقا عربيا ومسلما. وحلف الثورة المضادة وظفوا الإسلام لأسقاط العروبة ويوظفون الآن العروبة لإسقاط الإسلام. لكن هيهات: الشعوب استفاقت. وما “يروب” دمي هو أنهم يتفاخرون بعضهم على البعض ويتوهمون انهم قوى عظمي فيسمون الاحتلال وفرض إرادة الحامي حلفا معه. لكأنه يوجد حام يعتبر محميه ندا فيحالفه. لذلك انقسمت أنظمة العرب بنوعيها القبلي والعسكري إلى عبيد إيران وعبيد إسرائيل ومن وراءهما بوتين وترومب. ومن العجيب أن هؤلاء الخونة يدعون أن من يعري مذابحهم فيفضح عمالتهم متحاملا عليهم فيظنون أن فاعل ذلك يقصد الشعوب وليس هذه الحثالة المستبدة والفاسدة ومعها طباليها وقواديها ومجرميها ممن صار يعتبر إسرائيل صديقا وحماس عدوا فيحاصرونها ويمولون حملات نتانياهو على خيرة شباب الأمة. ولا يوجد من يتفوق عليهم في خدمة دعاية إيران ومليشياتها وأكاذيبها حول الممانعة وهي تحتل من أرض العرب أكثر من إسرائيل ألف مرة لأنهم بهذا الصنيع وخاصة بالانبطاح لإسرائيل والاستئساد على بعضهم البعض يثبتون أن إيران لها مشروع بناء ذاتها وهم لهم مشروع تهديم الامة. تآمروا حتى مع الشيطان للإطاحة بأي قوة عربية ناشئة لتحاسدهم وخاصة لإبقاء الجميع أقزاما مثلهم فمكنوا أيران من العراق ثم من سوريا ثم من اليمن وحتى من مصر التي أراد السيسي أن يجعلها جارية لناتن ياهو وهم الذين أوصلوه إلى الحكم بالانقلاب على ثورة شعبها ويسعون للمس بليبيا وحتى بتونس. قد أبدو كمن خرج عن الموضوع. لكن في الحقيقة أقدم نماذج مما سماه ابن خلدون فساد معاني الإنسانية والصيرورة عالة. فما تكلمت عليه في نهاية هذا الفصل الاول هو ما تعاني منه سلطات الحكم في بلاد العرب وحتى المعارضة التي صارت مثلهم مؤلفة من أمراء حرب يطلبون مزيد التفتيت ليكون لهم إمارات. فيصدق عليهم جميعا ما قاله ابن خلدون عن تحول من تفسد فيه معاني الإنسانية إلى عالة على غيره في الحماية والرعاية. وحتى ما من الله به على شعوبهم بثروات طبيعية فإنهم تقاسموها مع حماتهم وحرموا منها شعوبهم لأنهم بددوها في دفع الجزية لهم حتى يرضوا عنهم ويبقوهم في الكرسي.

يقوم على الموقع عاصم أشرف خضر مع مجموعة من طلاب الأستاذ ومتابعيه.
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي