**** الباطنية وسلاح الجنس والمخدرات
دليلان قاطعان يثبتان أن الأحزاب الشيعية عامة حزب الله اللبناني خاصة تنظيمات مافياوية ولا علاقة لها بالقضايا التي تتكلم باسمها: طبيعة تمويلها المضاعف وطبيعة ولائها المضاعف ومن ثم دورها الإرهابي بالجوهر. ومعنى ذلك أن الإرهاب ليس أجراء عرضيا تضطر إليه بل هو سر كيانها.
فأما التمويل فهو شبكات الدعارة وشبكات المخدرات وأما الولاء فصنفاه الولاء المباشر لدولة الباطنية التي تخطط لاسترجاع ما تسميه إمبراطوريتها التي قضى عليها الإسلام والولاء غير المباشر لحليفها الذي له نفس الهدف استرجاع امبراطورية داود عملا بسنة العلاقة بين فارس وبني إسرائيل القديمة.
وأعلم أن الكثير قد يشكك في العنصر الأخير أعني الولاء لإسرائيل لأن حيلة العداء الظاهر بين إيران وإسرائيل وشعارات الموت لأمريكا والتهديد برمي اليهود في البحر وخاصة بعض الطلقات في الهواء في جنوب لبنان جعلتهم يتوهمون حقا أن الحزب مقاومة وممانع كما توهموا ذلك في العميلين بشار وأبيه اللذين هدما سوريا وساهما في تهديم العراق ولبنان.
وأعلم أخيرا أن البعض يتصور أني أكتب في الأمر بدوافع ظرفية أو من منطلق الانحياز في معركة تاريخية لا صلة لها بالكليات الكونية: همي ليس الاقتصار على الخصوصي بل البحث عما هو كلي في الصراعات الإنسانية من حيث هي تعين خصوصي لخاصيات كونية يتحدد بها ما ينكص بالإنسان إلى الرذيلة أو يرفعه إلى الفضيلة.
فشهادة إسرائيل الأخيرة وحرصها على الأبقاء على بشار وحتى على حزب الله قاعدة تمكنها من ابتزاز الغرب بدعوى تهديد بني إسرائيل مع سعيها لإخراج إيران من سوريا.
فهي بذلك تبين لها أنها لم تكن إلا جرافة لدرء الخطر الحقيقي عليها وعلى حدودها أعني ثورة الشباب والاستئناف الإسلامي الحقيقي ممثلة بعودة المسلمين إلى ما تقدم مؤامرات بداية القرن الماضي بعد اكتشاف عجزها على أخراج الأمة من التاريخ بأسقاط الخلافة وتفتيت دار الإسلام. صدق ملالي إيران اللعبة فظنوا سكوت إسرائيل عليها في البداية قبولا بمقاسمتها أرض العرب واسترداد أمبراطوريتها فتقاسمها ما صار تحت جناحها بعد أن ارتمت الأنظمة تحت حمايتها.
كنت دائما أقول ذلك لكن لم يصدقني أحد حتى من القوميين الذين صاروا يصفقون لمن يحتل أرضهم بشعارات الثأر للحسين الذي كانوا أول خونته رغم أنهم يرون أن إيران احتلت العراق وسوريا ولبينا ومدت يدها إلى اليمن بل وإلى كل بلاد العرب تخترق أحزابها ونخبها السافلة وتفاخر قياداتها باحتلال أربع عواصم.
لم يفهموا الوقائع ولم يفهموا العلامات ولم يفهموا حتى منطق التاريخ وهو أن من يحتل الأرض (إسرائيل) أقل خطرا ممن يحتل الأرض ومعها الأرواح بدعوى الانتساب إلى الإسلام والدفاع على آل البيت وهم أول مخربيهما وخونتهما لأنهم لا يؤمنون إلا بدين العجل أي معدنه وخواره: المال والأكاذيب.
فأما الوقائع فهي أن إيران تحتل آلاف المرات ما تحتله إسرائيل من أرض العرب السنة وأما الفرق فإسرائيل مهما فعلت لن تستطيع احتلال الأوراح لأن يعسر أن يتحول مسلم إلى يهودي لكن يمكن بيسر إذا كان مغفلا بالعنف أو من النخب الدعية بالطمع أن يتحول إلى التشيع كما حدث في إيران نفسها سابقا.
وقلما قلت لهم إن العرب السنة ليسوا ملزمين بتطبيق مبدأ الثالث المرفوع الذي لا يصح في السياسة والتاريخ: فيمكنهم أن يكون لهم طريقهم الخاص وهو ثالث لا يتبع إيران ولا إسرائيل لأن هذين كلاهما عدوان والإنسان لا يختار بين عدوين كلاهما يريد رأسه خاصة وهو أقوى منهما لو كان ذا عقل وحكمة.
صحيح إذن أن التمويل والولاء هما كما وصفت. وعلي الآن أن أثبت أن هذه التنظيمات التي لا تؤمن إلا بدين العجل معدنه وخواره هي تنظيمات مافياوية وليست أحزاب أو حركات سياسية ذات أهدف إيجابية وذلك ليس من اليوم بل من زمن الحشاشين إلى اليوم ولن يتغير شيء منهم ولا بد من الاجتثاث.
وما أريد أن أدرسه نسقيا الآن أمران: 1-وحدة الاستراتيجية الصفوية والصهيونية في الاعتماد على أداتي سلطان الشر المطلق أعني بعدي دين العجل المال والإيديولوجيا بتبرير ديني من نفس الطبيعة أعني إما شعب الله المختار أو أسرة الله المختارة (آل البيت) 2-التعليل التجاري العميق لهذا السلوك.
وما أسميه التعليل التجاري العميق هو الأساس الكوني لهذا المرض الذي يصفه القرآن الكريم بالإخلاد إلى الأرض والاعتقاد العميق بأنه لا يوجد شيء وراء الحياة الدنيا وأن الدين ليس إلا خدعة للتغطية على بعدي العجل: أي المال غاية ووسيلة إن لم تكف الإيديولوجيا التخديرية بالأقوال والأفعال.
ومعنى ذلك أن الصفوية والصهيونية هما نوعا تعين دين العجل أو صنفا تجليه إما بالشكل الثيوقراطي أو بالشكل الانثروبوقراطي مع تأسيس ديني مزيف (دين العجل) وهو عبادة المال والباطل (تزييف الحقيقة أو الدين كإيديولوجيا تخديريرية للشعوب) واستعمال الملاهي وتغييب الوعي للتلهية الوجودية.
فأما التمويل فهو شبكات الدعارة وشبكات المخدرات وأما الولاء فصنفاه الولاء المباشر لدولة الباطنية التي تخطط لاسترجاع ما تسميه إمبراطوريتها التي قضى عليها الإسلام والولاء غير المباشر لحليفها الذي له نفس الهدف استرجاع امبراطورية داود عملا بسنة العلاقة بين فارس وبني إسرائيل القديمة.
فيتبين بذلك أنهما لا يمكن تصورهما من دون أن يكونا عدوين بالجوهر والطبيعة للإسلام الذي هو ثورة على الوساطة (التخدير الدرويشي) والوصاية (الحكم بالحق الإلهي إما لأنهم شعب الله المختار أو الأسرة المصطفاة) وبذلك لا نفهم الحرب على السنة إلا بهذا التعليل العميق الذي يتجاهله الكثير .
فالمسألة ليست عرضية في التاريخ بل هي كيانية وهي التي تميز بين الإنسان الذي فسدت فيه معاني الإنسانية بلغة ابن خلدون والإنسان الذي هو « رئيس بالطبع بمقتضى الاستخلاف الذي خلق له » بنفس لغته.
ويصدق في ذلك تصوير سورة العصر للإنسان الذي لا يخرج من الخسر من دون الإيمان الصادق والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر فروض عين لا وساطة فيها ولا وصاية لأن فرض الكفاية فيها لا يحقق هذه الرئاسة بالطبع والأهلية للاستخلاف. ما سأبحث فيه هنا هو :
1-بيان أن الصفوية والصهيونية هما شكلا هذا المرض الكوني الذي يحاول الإسلام علاجه أو عبادة الدنيا بمنطق دين العجل واعتبار الدين مجرد خداع مثلما يتصور ذلك فولتار مثلا .
2-البحث في التجارة التي يمكن أن تتحول إلى أداة سلطان دنيوي فاقد لبعديه الجمالي والخلقي.
وهذا الاسم “تجارة” له دلالتان: واحدة سامية فيها بالوجه الجمالي والخلقي والثانية دانية فاقدة لهذين الوجهين. إنها تجارة وجهي الحياة السامية أو الدانية. فأما الوجه الأول فهو الجنس وأما الوجه الثاني فهو الغذاء. وأدنى درجاتهما هما تحويل الجنس إلى دعارة تحويل الغذاء إلى مخدرات.
وأسماهما هما الجنس المشروع والغذاء السليم المحافظ على الحياة. وبين أن تمويل الاحزاب الشيعية كلها وخاصة حزب الله هو الدعارة والمخدرات وخاصة بعد أن نهبوا خزينة العراق وجعلوا شعب متسول لا يجد حتى شربة ماء لأن كل ثروته ذهبت لتمويل مغامرات إيران في سعيها لاسترداد ما تعتبره ملكها.
ورمز هذا السمو هو أن الجزاء الأخروي في القرآن ليس له ما يسمو عليه إلى رؤية وجه الله لأن حياة المؤمنين الصادقين في الجنة فيها الغذاء الطيب والجنس الحلال. ومعنى ذلك أن النموذج الأسمى للتعامل مع هذين البعدين الشارطين للحياة من حيث هي حياة لهما وجه مقدس ووجه مدنس.
وكلنا يعلم أن الخلاف الجوهري بين أفلاطون وأرسطو في مسألة تربية الإنسان الكريم مداره حول الجنس والأسرة. فعندما يغيب مفهوم الإسرة وتنظيم الجنس لتحريره من المشاعية يزول بعدها الجمالي والخلقي فينحط إلى مجرد عملية الإنجاب الذي لا صلة له بالرابطة العاطفية والنسب كالحيوانات لافرق.
والوجه المقدس يرفع الإنسان إلى رتبة الخليفة والوجه المدنس يحط الإنسان إلى رتبة الحيوان رتبة المخلدين إلى الأرض كالكلب الذي يلهث سواء حملت عليه أم لم تحمل. والتحررمن هذا الوجه المدنس في الإسلام منطلق الأسرة والحياة العاطفية الكريمة وأخوة البشر وكونية القيم: سورة النساء.
إذ تزول عاطفة الابوة والبنوة وعاطفة الأمومة ولا يبقى إلا الجنس كبضاعة وخدمة ولذلك فقد كان الجنس والغذاء موضوع التجارة الأولى والحروب وليسا أساسين لبناء الاسرة والمجتمع والحضارات ذات القيم الجمالية والجلالية بل يكتفي الناس بالأديان البدائية فلا تتجاوز المناحات ولطميات عقد الذنب.
واللطميات ليست خاصة بالتشيع في الكاثولكية نجد ما يشبهها ويسمى الاستجلاد الذاتي (Auto flagellation) تعذيبا للذات توبة على ما يسمونه الخطيئة الموروثة بوعي أو بغير وعي. وهو التحريف الأساسي في المسيحية من أجل تأسيس الحاجة إلى شفيح تنوبه الكنيسة. ومن جنسه نيابة المرجعيات التي تتوسط بين الله والقطيع الباطني وبقاياه.
ولذلك فحلفهم مع كاثوليك الشرق وبقايا الصليبية وفتات الدولة الباطنية (الفاطمية) معلوم. وكلهم في الشام والعراق وسوريا وفي أطراف الجزيرة العربية (وخاصة الإمارات العدو الألد للسنة وثورتها الحالية).
ولأقل في الأمر العناصر الأساسية التي يغفلها الناس والتي يمثل الدين السوي السعي للتحرر منها كما هي غاية القرآن الكريم وخاصة في سورة النساء (نظرية الأسرتين الجزئية والكونية). فالأمر كله مرتهن بكون الجنس والغذاء هما مقومات الحياة التي قد تكون مجرد حياة أو الحياة بالفرق القرآني.
فعندما يرد الإنسان أسفل سافلين فيقع في الخسر تصبح الحياة مجرد حياة. فيكون الجنس والغذاء تجارة دين العجل وهدفها الاستعباد بمعدن العجل وبخواره. والأولى هدفها تستعبد الإنسان بحاجات البدن والثانية تستعبده بحاجات الروح.والأقصى بالبدن تجارة الجنس والاقصى بالروح تجارة المخدرات.
لا يمكن تصور صفويا وصهيونيا حرا: فهو عبد بدنيا لأنه مجرد بضاعة ويستعبد بالجنس وروحيا يستعبد بالمخدرات وهو مطفف فيهما كيلا واكتيالا. لكنهما لا يكتفيان بالعيش بهما عندهما بل هما حولاهما لسلاحهما الأمضى في الهمينة على العالم من حولهما. ولذلك علة في التجارتين وفي الإنسان ذاته.
فالتجارتان لصيقتان بمقومي الحياة الجنس والغذاء والإنسان إذا فقد السلطان عليهما وأصبح خاضعا لسلطان غيره عليه بهما يصبح هو بدورة البضاغة وطالبها في آن. ولنأخذ تجارة الجنس. فاللاجئون إليها من الذكور والإناث يتوهمون أنها تحقق الأداة والغاية. تأخذ ما تعطي ومعه اجره ولا يوجد إلا فيها.
وذلك بخلاف تجارة الغذاء. ففيها تفقد الفائدة المشتركة مع دفع المقابل. ولذلك فتجارة الجنس أقدم من تجارة الغذاء لأن البضاعة فيها متوفرة بخلاف الثاني الذي لا بد فيه من الفائض. فالرجل أو المرأة المتجارين ببدنهما بضاعتهما هو البدن والمقابل زائد عن الاستعمال المشترك للجنسين.
ولذلك كان يمكن أن تكون أول تجارة. لكنها سرعان ما تتردى ليصبح صاحب البضاعة مجرد صاحب بضاعة لا يتمتع بها خلال بيعها الحيني. فالعاهررجلا كان أو إمرأة أصبح يبيع خدمة لا يستمتع بها إذ هو لا يختار المشتري ليكون مع البيع متعة خاضة إذا كان المشتري هو طالبها للحظة: كالاستمتاع الباطني.
وختاما فالعهر بالمعنى المجازي هو سركل مليشيات القلم والسيف لأنه يعني تأجير العقل والبدن لخدمة مافية إما بالدعاية أو بالقتال. وهي التجارة الثانية والتي مقابلها الأساسي هو أنواع المخدرات وأولها الجنس ثم المسكرات فالمذهلات وكلها تعود إلى معدن العجل لشراء خواره بلسان مليشيات القلم.
.