****،
الفصل الأول
ما فهمته من مشروع الاصلاح المقترح هو الاصلاح بإطلاق حرية المبادرة والاعتماد على التعدد المتنوع سبيلا لمنع التفرد الناتج عن التعدد المكرر للواحد.
▫️
ويمكن اعتبار هذا العلاج من جوهر الفكر الديموقراطي الذي يعتبر تنوع المتعدد قادرا على تحرير الفكر من تنوع المكرر.
▫️
لكن هذا الحل يقتضي الجواب عن سؤالين اعتقد أنهما ما يفترضه الحل ليكون حلا ناجعا:
1️⃣- تنوع ماذا؟
2️⃣- من سيحققه؟
▫️
والسؤال الأول
يقبل الترجمة إلى سؤال أكثر دقة ووضوحا كالتالي:
1️⃣- فما الذي يحول دون مادة الاعلام ورسالته الجارية حاليا دون التنوع الفعلي الذي ليس هو تعدد الواحد المكرر بربا الاقوال التي تزيف الحقائق؟
فيصبح السؤال
ما الحقائق التي يقع تزييفها؟
وهل توجد الرؤية التي تحرر من هذا التزييف؟
▫️
2️⃣- والسؤال الثاني
يقبل الترجمة إلى سؤال أكثر دقة ووضوحا كالتالي:
ومن يمكن أن يقوم بهذه الرسالة إذا كان من يزيف الحقائق هم أصحاب السلطتين المادية والرمزية في الجماعة داخليا وبمساعدة خارجية من الغرب والشرق؟
وبوضوح
هل يمكن تصور قوة الثورة كافية لتأسيس قوة اعلامية قادرة على مجابهة من بيدهم السلطان الاقتصادي والثقافي في الداخل بمساندة من الخارج؟
▫️
▫️
فإذا جمعنا السؤالين
يصبح المشكل ليس الإعلام الذي هو مجرد أداة
بل الغايات التي تجعله يكون على ما هو عليه في الوضع الراهن.
والوضع الراهن يتعلق بالحل الذي يخلص حياة الجماعة
➖ من ربا الأموال المحدد للغايات في مجتمعات تابعة
لا تتجاوز الهشاشة في المادي والروحي
➖ ومن ربا الأقوال المحدد للأدوات التي هي
في خدمة التبعية فيهما معا للمحافظة عليهما.
▫️
والتحديد في الحالتين
لا يقتصر على النخب فحسب
بل هو يشمل الشعوب التي ربيت بصورة صار
تقديم العاجل على الآجل ذا سلطان عليها لا يقهر
وخدمة الفائدة المباشرة بدل الفائدة اللامباشرة
ما يحول دون تحقيق شروط الحرية المادية والحرية الروحية للفرد والجماعة اللتين صارتا آخر هموم الجميع:
1️⃣- فثقافيا وروحيا
ربي الجميع على ثقافة “التقفيف”
لصاحب السلطان السياسي والمادي.
2️⃣- واقتصاديا وماديا
ربي الجميع على اقتصاد التطفيف
لصاحب النفع المباشر والسريع.
▫️
▫️
وبعبارة أشد وضوحا:
كيف نتخلص من “دين العجل”
أي من خواره ثقافيا ومن معدنه اقتصاديا؟
يعني لو فتحنا الباب للمبادرة الحرة في الاعلام
هل نحن متأكدون من أنه سيوجد من يبادر في غير ما يؤديه الإعلام من وظائف بمثل هذه الذهنيات التي تخدم التزييف النسقي للوعي لتوطيد سلطان دين العجل؟
▫️
فالإعلام في خدمة ربا الأموال غاية بربا الأقوال أداة.
بمعنى أوضح
هل يوجد من يمول المؤسسات الاعلامية البديل التي ستحررنا ممن يجعل ربا الاموال غاية وربا الأقوال أداة ؟
▫️
فالإعلام في العالم كله
مداره الغالب عليه لا يتجاوز مجالين:
1️⃣- فمن يوظف الاعلاميين
يؤجرهم بهدف الاشهار لبضاعة أو خدمة اقتصاديا
2️⃣- أو هو يوظفهم
فيؤجرهم بهدف الدعاية لأيديولوجيا وسياسة ثقافيا
تمكن من السلطان.
▫️
▫️
وطبعا لست أشكك في وجود
من يريدون تخليص البلاد من هذين التوظيفين.
لكن هل يمكن أن يكون لهؤلاء القدرة على المنافسة في تمويل مشروعات اعلامية تعيش من دون هذين التوظيفين؟
▫️
بعبارة أدق:
هل يوجد من يمول اعلام
هدفه طلب الحقيقة والدفاع عن شروط تحقيقها؟ وفي حالتنا تحقيق أهداف الثروة وأولها الانتقال الديموقراطي؟
أو بعبارة أكثر دقة:
هل يوجد من يمول الاستثمار
في معرفة الحقيقة المتعلقة بشروط التنمية المادية والروحية وتحقيقهما؟
▫️
طبعا لا يعني كلامي هذا أني انفي وجود مثل هذه القلة التي تريد فعلا التحرر من ربا الأموال غاية وربا الاقوال أداة
وذلك في الاقتصاد وفي الثقافة وفي السياسية التي تعتمد عليهما لسيطرة الجماعة وعلى قوامتها.
▫️
ولأوضح:
لا شك أنه يوجد من يريد اقتصادا متحررا من النفع السريع
بالتهريب والتهرب وبالتطفيف والغش
وكلها تؤدي إلى الهشاشة والتبعية
كما نرى ذلك حاليا في كل اقتصاديات العرب.
▫️
▫️
وهؤلاء هم من يمكن اعتبارهم فعلا:
▫️
1️⃣- أرباب عمل ومبادرة اقتصادية
بالمعنى الحديث للكلمة
كما نرى ذلك في بلدان نهضت بسرعة مذهلة
كما في نمور آسيا وكما في كوريا الجنوبية واليابان:
فصبرت ولم تطلب الربح السريع
لتتمكن من بناء اقتصاد متين
يحقق الربح الأكيد وطويل المدى.
▫️
2️⃣-أصحاب ابداع ثقافي وعلمي
بالمعنى الحديث للكلمة
كما نرى ذلك في مثل هذه البلدان
التي صارت صاحبة ريادة
في نوعي الثقافة العلمية والجمالية
بحيث إنها صارت تنافس الدول الرائدة في الغرب.
▫️
▫️
ولما أعمق البحث في المسألتين
والمؤسسات التي تعالجهما أي مؤسسات التربية والحكم.
فإني أجدهما مردودتين إلى بعدي السياسة
بمعناها الذي يجعل الجماعة قيمة على نفسها
أي إنها تنشئ مؤسسات دولة تعود بها على نفسها
لتحقق بها ما ينقلها من ربا الأموال غاية بربا الأقوال أداة.
▫️
والاداة التي هي المعنى العميق للإعلام المبني على
الاستعلام بمستوييه من حيث هو ثمرة بحث علمي
➖ في شروط الاستعمار في الارض (الاقتصاد)
➖ وفي شروط الاستخلاف فيها (الثقافة)
المحررين من عبادة العجل بما يتعالى على الأخلاد إلى الأرض.
▫️
وليس معنى ذلك أن الهدف
هو الاقتصاد الذي لا يطلب الربح
لأن ذلك مفهوم متناقض:
لا يوجد من يمول استثمارا غير مربح ماديا.
▫️
لكن إذا كان الربح المادي متعلقا بما يسمو بالجماعة ككل وليس بما يحط منها
فإن المشكل يصبح متعلقا بثقافة تجعل ما يسمو بالجماعة ككل هو المربح وليس ما يحط منها.
▫️
وليس معنى ذلك أن الهدف
هو الثقافة التي لا تطلب الفائدة
لأنه مفهوم متناقض:
لا يوجد من يمول استثمارا غير مفيد روحيا.
▫️
لكن إذا كانت الفائدة الروحية متعلقة بما يسمو بالجماعة ككل وليس بما يحط منها
فإن المشكل يصبح متعلقا بثقافة تجعل الجماعة ككل هي المستفيدة وليس ما يحط منها.
▫️
▫️
فيكون الأمر متعلقا
➖ بتكوين الاجيال بالتربية التي تنتج مبدعين
وليس دجالين
➖ وبتنظيم الجماعة بالحكم الراشد
وليس الفاسد
▫️
وكلا العلاجين يميز بين
➖ الربح العاجل الذي يؤول إلى اقتصاد الهشاشة
➖ والربح الآجل الذي يبني اقتصاد القوة والرفاه
كما يميز
➖ بين الفائدة العاجلة
التي تؤول إلى الانحطاط:
الاقتصاد الذي يعمر بدل الذي يدمر
➖ والفائدة الآجلة
التي تبني السمو والرقي العلمي والجمالي:
الثقافة التي تسمو بدل التي تنحط.
▫️
لذلك فإن السؤال حول الاعلام وتحرير المبادرة فيه
إذا لم يبن على هذه العلاقة في الغايات وفي الادوات
سيكون للمزيد من التردي الحالي.
لأن ما سيزيد ليس التحرر من التعدد التكراري
بل المزيد من الغرق فيه بإعلاميين مأجورين
يجمعون بين الجهل والجهالة والحمق والنذالة.
ثم من سيمول الاستثمار في المزيد من الإعلام
لن يكون إلا نفس المؤمنين بدين العجل
أي بربا الأموال غاية وربا الاقوال أداة.
الفصل الثاني
نظرت أمس في قضية الإعلام من حيث وجهه الاقتصادي
الذي لا بد من علاجه بمكافحة الاحتكار الحالي.
▫️
وهذه فكرة مشروع الإصلاح الذي يدور حولها الصراع
دون أن يسمع أي من الصفين للثاني.
▫️
وهو صراع يمكن أن يتهم فيه كلا الصفين
بكونهما يعالجان الأمر وكأنه
لا يخضع لقوانين اقتصادية وسياسية
تفرض البحث عما يتعالى عليها
ليعدلها ككل عمل انساني
➖ يقدم العاجل على الأجل
➖ والمباشر على غير المباشر
من الغايات الإنسانية.
▫️
وتلك هي علة عدم الاتفاق على ضرورة تحرير الاعلام
من الاحتكار الذي هو
➖ ليس اقتصاديا فحسب
➖ بل هو كذلك سياسي
▫️
تحريرهما منه بالبحث عما يمكن أن يعدله
دون نفي هذين العاملين لأنهما من طبيعته حتما.
▫️
وذلك لعلتين:
▫️
1️⃣- الأولى هي أن أصحاب الاحتكار الخاص
هم من يحرك الإعلاميين
ويسيطر على الاشهار الاقتصادي
والدعاية السياسية الايديولوجية.
فكيف يمكن تحرريهم من هذا العامل دون نفيه؟
لأنه ضروري في كل نشاط فيه اجراء
▫️
2️⃣- الثانية لأن الإعلام العام
الذي تموله الدولة باقتطاع معين لأجله من الشعب
هو نفسه صار
تحت سلطان أصحاب الاحتكار
▪️الايديولوجي
▪️والاقتصادي.
فكيف يمكن استعادة الطابع العمومي للإعلام الرسمي؟
وهو الذي يفترض أن يكون متحررا من هيمنة الخواص
▫️
▫️
وبذلك فالمشكل هو
كيف نحرر الاعلام حتى يصبح معبرا
عما يسمى السلطة الرابعة بحق؟
▫️
لأنه حاليا ليس كما يزعمون
بل هو جزء من السلطة السياسية التي بيدها السلطة الاقتصادية كذلك
▫️أو في الحقيقة العكس لأن المافيات الاقتصادية
هي المتحكمة في الدولة بجميع مستوياتها
وهو ما يفقدها
دورها المتعلق بالتعبير عن مصالح الجماعة كلها
▫️
فيجعل الإعلام شبه مقصور على وظيفتين محرفتين
مكتفيا بهما وهما
➖ مستواه الاشهاري اقتصاديا
➖ ومستواه الدعائي إيديولوجيا
▫️
▪️فيصبح الاعلام من أدوات الطرف الذي يحتكر
الثروة والسلطة
▪️ويصبح الإعلاميون مرتزقة في خدمته
▫️
وهذا جوهر الازمة التي يعاني منها الإعلام
في العالم كله
رغم أن الداء أكثر استفحالا عندنا.
▫️
▫️
وبهذا المعنى فإن الطرفين
المتخاصمين في قضية الإعلام
لو كانوا حقا يبحثون عن إيجاد سلطة رابعة مستقلة
➖ لتسامعوا من اجل تأسيس سلطة رابعة بحق
تمثل ضمير الجماعة
➖ ولأدركوا حقيقة العلاج التي
▪️لا هي الاحتكار الحالي
▪️ولا محاربة الاحتكار
من دون أدواتها القادرة عليه كما سنبين.
▫️
لو كان ذلك كذلك
لما بلغت الخصومة هذا الحد من الحدة
التي رايتها أمس بين
➖ رجل أعلم أنه نزيه وساع للخير بمثالية
قد تحول دونه
▪️والغوص إلى علل الداء واستراتيجية علاجه
▪️بالطرق الملائمة للظرفية الحالية في تونس
➖ وبين سيدة مكلومة وموتورة لم نعد ندري علام تدافع
بعد أن رأينا موقفها من حكومة الفخفاخ
الذي يشبهها.
▫️
▫️
لكن كيف يمكن ألا يحصل مثل هذا الأمر؟
إذا كان كبير الحي يضرب الدف.
▫️
فهذا دمية قرطاج
يتدخل في المعركة
لكأن الدولة صارت مسرح المعارك الصبيانية
▫️
فهو لا يتدخل بوصف دوره المنتظر أن يكون
➖ حارس الصالح العام والدستور
➖ أو الموفق بين الاطراف في وظيفة الحكم بينهم
من أجل الصالح العام.
▫️
بل هو تحول
➖ إلى مساند للطرف الذي يدافع عن الاحتكار الحالي
بطلب من أفسد مؤسسات البلاد
➖ فصار بوعي أو بغير وعي
مرتزق هو بدوره مثل الإعلاميين
الذين يدافعون عن الاحتكار الحالي.
▫️
وأفسد المؤسسات المذكورة هي
1️⃣- المؤسسة النقابية بنوعيها
أي نقابة العمال ونقابة الاعلام عامة.
2️⃣- والمؤسسة الموظفة للإعلاميين
الذين تحولوا إلى مرتزقة
بديلا من السلطة الرابعة.
▫️
▫️
ذلك هو المستوى الأول
الذي حاولت علاجه أمس.
▫️
لكني اكتفيت بالوجه الطاغي
من احتكار الاعلام ببعديه
➖ الخادم للاقتصاد
الاشهار
➖ والخادم للإيديولوجيا
الدعاية
▫️
وخاصة المنحاز لخصومة
➖ ما يسمونه الحداثة و”نمط المجتمع”
باعتبارهما حربا
على ما يسمى
الإسلام السياسي وأسلمة المجتمع
➖ خلطا بين سياسة تؤسلم
والدفاع عن الحريات الدينية
ضد هيمنة اليعقوبية الفرنسية
وتدخل الدولة في عقائد الناس وسلوكهم الديني.
▫️
▫️
فالمحتكرون للإعلام حاليا هم
➖ من المافيات المالية التي
لا يحركها الاقتصاد المستقل
بل السمسرة في اقتصاد تابع
➖ ومن اليسار الذي
لا تحركه مصلحة الجماعة
بل حلفه معهم.
▫️
وكلاهما في خدمة مشروع
لا يختلف عما يحقق مصالح
➖ حاميهم (فرنسا)
➖ وممولهم (الثورة المضادة العربية).
▫️
والاعلاميون الذين يتغافلون عن ذلك
ليسوا مستقلين منهما
فضلا عن أن يكونوا
معبرين عن “السلطة الرابعة”.
▫️
▫️
وبالمناسبة فينبغي أن اعرف مفهوم السلطة الرابعة.
▫️
فالإعلاميون يتصورون أنهم هم السلطة الرابعة.
وهو ما يعني أنهم
لا يفهمون معنى “السلطة الرابعة”
التي لا يخلو منها مجتمع قديما كان أو حديثا.
▫️
وهم ليسوا هي
مثلما أن السلط الأخرى
أي القضاء والتشريع والتنفيذ
ليس من يتولاها هو صاحبها
بل هو فيها نائب صاحبها
الذي هو الشعب.
▫️
فتكون السلط كلها بما فيها الإعلام
نيابة مشروطة بنوعين من الشروط:
▫️
1️⃣- الكفاءة الفنية في الوظيفة
وهي معدومة كما هو بين
من مستوى الاعلام في تونس.
2️⃣- والاخلاق
التي تضفي الثقة على من يكلف بها
وهي معدومة
لأن المرتزق لا اخلاق له.
▫️
وظيفة الصحافة والاعلام هي إذن
الكلام باسم السلطة الرابعة
وليسا هما السلطة الرابعة
▫️
وظيفتهم هي نيابة الشعب
في التعبير عن مراقبته للسلط
واطلاعه على ما يجري في أمره عامة
وليس الاقتصادي والسياسي فحسب.
▫️
وهذه القوامة النيابية ليست أمرا جديدا
بل هي وظيفة لا تخلو منها جماعة
➖ قديمة كانت
➖ أو حديثة
▫️
وما هو حديث فيها هو أنها
صارت مؤسسة رسمية معترف بها
مثل الاعتراف بالمؤسسات الاخرى
التي لا تخلو منها جماعة أي
➖ القضاء
➖ والتشريع
➖ والتنفيذ.
▫️
وهي في شكلها الإسلامي تسمى
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
من حيث هو فرض عين
➖ في مراقبة السلط
➖ بما فيها ذاتها.
▫️
وهذا النوع من التنظيم
ملازم لخاصية أساسية في تصور الشأن العام
شأنا عاما ليس القيمون عليه هم أصحابه
بل هم خدمه لأنه صاحبه هو الشعب نفسه.
▫️
وقد مورست شعبيا ورسميا
تحت مسمى الحسبة.
لكنها لم تكن مبنية على تأهيل فني وخلقي
مثلما ينبغي أن يكون عليه الأمر في الأعلام
على الاقل مبدئيا.
▫️
وهذا هو جوهر الديموقراطية
التي من شرطها حرية التعبير
التي هي التعبير عن الحرية في الجماعة الحرة.
▫️
لكن إذا صار التعبير الحر عن حرية التعبير
موكولا للمرتزقة الذين يعيشون من تحريفه
فإنه مجرد
➖ أداة اقتصادية للأشهار التجاري
➖ وأداة أيديولوجية للدعاية السياسية.
▫️
فلا يبقى سلطة
فضلا عن أن يكون سلطة رابعة
لأنه في الحالتين أداة
➖ مافية اقتصادية
➖ ومافية إيديولوجية
▫️
وهذه حال الاعلام في تونس وفي كل بلاد العرب.
▫️
▫️
ويمكن التعميم
لأن ذلك يصح على الكثير من الاعلام الغربي كذلك.
فكلنا يدرك أن الإعلام في فرنسا مثلا
جله بيد الصهيونية ومافياتها التي تتبعها مافياتنا
وخاصة في المغرب الكبير
وفي مستعمرات فرنسا المشرقية
(لبنان وسوريا خاصة
وحتى مصر بسبب ارث محمد علي وباشواته).
▫️
ولو كان الإعلام في الغرب
مقصورا على هذين الوظيفتين
لما وجد فرق بين العالمين الغربي والشرقي
ولكان الأعلام كذبا وبهتانا ممثلا للسلطة الرابعة
إذ إنه فيهما كليهما
يتحول الإعلاميون إلى مرتزقة
لدى المافيات المالية والايديولوجية.
▫️
▫️
وحتى نفهم هذا الانحراف الملازم للإعلام
لما يصبح مرتزقا لدى
➖ المافية الاقتصادية
➖ والمافية الايديولوجية
لا بد منه اعادة النظر في مفهوم السلطة
للتمييز بين السلطة السياسة والسلطة العلمية
واعادة النظر في ما يسمى بالسلطة الأربعة.
▫️
فأولا
ليس صحيحا أن القضاء سلطة
بنفس معنى التشريع والتنفيذ.
فهذان سياسيان
وهو إذا سيس فسد
فضلا عن كونه تابعا للتشريعية
لأنه لا سلطان له على القوانين التي عليه تطبيقها
وكونه تابعا للتنفيذية
من حيث تطبيق الاحكام التي لا سلطان له عليها.
▫️
القضاء سلطة
اخضاع النوازل إلى النصوص القانونية التي تحكمها
بموضوعية تجعله
لا يحرفها لتكون أداة ظلم للمتنازعين
وخاصة إذا كانت الخصومة بين
▪️المواطن
▪️والقيمين على السلطة التنفيذية.
▫️
لكن لو كان القضاء
مقصورا على هذا النوع من التبعية
غير المشفوعة بتبعية أرقى
هي البحث العلمي في القانون وفي الحقوق
لكان بهذا المعنى
يغلب عليه ما يغلب على الأعلام من توظيف.
▫️
▫️
ما يحول دون القضاء ومثله الإعلام
والتحول إلى مرتزق لدى المافتين الاقتصادية والسياسية
هو سلطة البحث العلمي في المجالين
وهما ما غاب في المحاولة الحالية
لإصلاح الإعلام والقضاء:
1️⃣- البحث العلمي الذي يطلب الحقيقة
بالمعنى الفلسفي والديني للكلمة أي محاولة
➖ تخليص الإنسان في طلبه الحقيقة
من كل نفع مباشر
➖ وطلبها لذاتها
وكأن الإنسان مطلق الحياد
وهو ما يسمى بالموضوعية العلمية
التي تتحدد بما يسمى المشترك بين الذوات Intersubjectif
أي ما يجمع عليه العقلاء باعتباره الحقيقة الاجتهادية.
▫️
2️⃣- البحث العملي الذي يطلب الحقوق والواجبات
بالمعنى الفلسفي والديني للكلمة أي محاولة
➖ تخليص الحقوق والواجبات
من إرادة المستبدين والفاسدين
➖ بمعاملة كل المواطنين بمعيار المساواة
في الحقوق والواجبات
وهو ما يحدده المشترك بين المواطنين
في التعاوض العادل والتواصل الصادق
وهي ما يجمع عليه الشرفاء باعتباره الحقوق الجهادية.
▫️
▫️
وهذا هو ما ينبغي أن يكون مجال
➖ التربية عامة
➖ والتربية الأكاديمية خاصة
بمعنى ما يحصل عند المتفرغين
➖ لطلب الحقيقة لذاتها
شرطا في التعامل مع الظاهرات على العلم
➖ ولطلب الحقوق لذاتها
شرطا في التعامل مع البشر على عدل.
▫️
1️⃣- والأول يمثل شرط الاستعمار في الارض
بمعنى أن الجماعة
لا يمكن أن تنجح في تحقيق ما يغنيها عن التبعية
من دون أن تكون قد حققت المعرفة العلمية الموضوعية
للتعامل مع الطبيعة
تعاملا يمكنها من معرفة قوانينها
لحل مشاكلها الاقتصادية:
العمران البشري لسد الحاجات المادية
بالتعاون والتعاوض العادل.
▫️
2️⃣- والثاني يمثل شرط الاستخلاف في الارض
بمعنى أن الجماعة
لا يمكن أن تنجح في تحقيق ما يغنيها عن الحرب الأهلية
من دون أن تكون قد حققت المعرفة العملية الموضوعية
للتعامل مع التاريخ
تعاملا يمكنها من معرفة سننه
لحل مشاكلها الخلقية:
الاجتماع الإنساني لسد الحاجات الروحية
بالتعارف والتعاطف الصادق.
▫️
▫️
والقضاء والاعلام يتحرر من
➖ التبعية للسلطة التشريعية نصا
➖ والتبعية للسلطة التنفيذية تطبيقا
بفضل هذين النوعين من
▪️التعالي على الموجود
▪️والانشداد إلى المنشود.
▫️
فيكون القاضي بعديا والاعلامي قبليا
لهما أفق متعال على الموجود ومشدودا إلى المنشود:
▫️
1️⃣- فالقاضي ينبغي أن يكون وإن بعديا
يعدل القوانين بالتأويل الذي له
مرجعية في النظر المجرد للحقوق.
2️⃣- والاعلامي ينبغي أن يكون وإن قبليا
يعدل الرؤى بالتأويل الذي له
مرجعية في النظر المجرد للحقيقة.
▫️
وبذلك فإن القاضي والاعلامي
كلاهما سلطة من طبيعة مختلفة عن السلطتين
➖ التشريعية
➖ والتنفيذية
▫️
علما وأن الأولى تابعة للثانية
بخلاف ما يتوهم الكثير:
ذلك أن التشريعية هي أداة التنفيذية
لصوغ برنامجها قانونيا.
▫️
فالقوة السياسية التي تربح الانتخابات لها برنامج
لا تنفذه إلا بصوغه قانونيا.
واغلبيتها في مجلس النواب
هي التي تحول البرنامج إلى قوانين
➖ إما إيجابا بوضع قوانين جديدة
➖ أو سلبا بتغيير القوانين القديمة.
▫️
والموحد لهذه السلط الأربع:
التشريع والتنفيذ
والبحث العلمي النظري (الحقيقة)
والبحث العلمي العملي (الحقوق)
والرأي العام الشعبي يطورون
القضاء بعديا
والإعلام قبليا فيشدون الموجود من التشريع والتنفيذ
▫️
فيجعلانهما موضوع تجاوز يشدهما
إلى البحث العلمي النظري والبحث العلمي العملي شدا
هو ما يجعل الموجود
يعير بالمنشود من الحقيقة ومن الحقوق
فتصبح الجماعة مؤلفة من مواطنين
يمثلون السلطة الوحيدة الاصلية.
▫️
▫️
وبهذا المعنى فإن
➖ استقلال القضاء
➖ واستقلال الاعلام
مترابطان.
وهما لا يستقلان
من المافيتين الاقتصادية والسياسية
من دون
➖ البحث العلمي النظري الذي يطلب الحقيقة لذاتها
➖ والبحث العلمي العملي الذي يطلب الحقوق لذاتها.
▫️
ولما كان هذان معدومين أو يكادان في بلاد العرب
-يكفي معرفة ما حيل بالتربية وبالجامعات-
فإن الكلام على قضاء مستقل واعلام مستقل من الاوهام.
▫️
▫️
ذلك ما أردت اضافته لبحث الأمس
في مشروع اصلاح الاعلام.
▫️
وسأكتفي بالكلام على الأعلام
دون وظائف ما تمتد إليه يد أدواته البصرية السمعية
من الوظائف الثقافية الاخرى
التي تشمل الذوق الفني والجمالي والخلقي
وما قد يصيبها من التحريف الذي نشاهده.
▫️
ذلك أن هذا التحريف
يقلب العلاقة بين الابداع والاعلام
فيجعل الاول في خدمة الثاني
من حيث هو من ادوات
➖ الاشهار الاقتصادي
➖ والدعاية الإيديولوجية
▫️
فيصبح ما يسمى ابداعا
من جنس المشهيات في الاكل والمأكول
هو ما يتخلله منه اشهار ودعاية.
▫️
ولعل أكبر وهم ينتج
عن عدم التمييز بين
➖ الشكل الخاوي للمؤسسات في كل دولة
➖ ومن يملأه من القيمين عليه.
▫️
فالمؤسسات في الجماعة وفي دولتها
لا تعمل بذاتها
بل هي تعمل بما ملأها ممن صاروا قيمين عليها:
فإصلاح المؤسسات لا يغير شيئا
إذا لم نصلح القيمين عليها.
▫️
فالقانون والمؤسسات
من دون صلاح القيمين عليها
يمكن أن تصبح أقوى أدوات الاستبداد والفساد
لأنها تضفي الشرعية القانونية والمؤسسية
على الاستبداد والفساد
في غياب ما أشرت إليه من وصل الموجود بالمنشود
عند الإنسان الذي لا يخلد إلى الأرض
فيعبد بعدي العجل:
➖ معدنه (الاقتصاد)
➖ وخواره (الايديولوجيا).
▫️
والله أعلم.