الاسلاموفوبيا، تحييد دوافعها السطحية شرط الانتصار عليها – الفصل الأول

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله الاسلاموفوبيا تحييد دوافعها السطحية شرط الانتصار عليها

من يتصور الإسلاموفوبيا هي ما يعبر عنه موقف بعض أميي اليمين الغربي وبعض أميي ادعياء الحداثة العرب لا يختلف عن تصور الحداثوفوبيا هي ما يعبر عن موقف بعض أميي أدعياء الأصالة العرب وبعض أميي اليسار الغربي واهمون في الحالتين: فهؤلاء هم الكاريكاتور الأكثر غرقا في ما يدعون محاربته. فلا يمكن أن يكون العنف الاعمى عند اليميني الغربي دليل فهم لقيم الحداثة ولا يمكن أن يكون العنف الاعمى عند الداعشي دليل فهم لقيم الأصالة. فلا الاول يفهم فلسفة المؤسسين للحداثة ولا الثاني يفهم دين المؤسسين للأصالة: 1. عاد لهمجية أوروبا قبل الحداثة 2. وعاد لهمجية الجاهلية قبل الإسلام ويصبح ذلك خاصة على النوعين عندنا: فالذين استغلوا اٌلإسلام في داعش لقيادة عملية تشويه قيم الإسلام هم بالأساس ملاحدة البعث والماركسية في الهلال. والذين يستغلون الحداثة في شبيه داعش لقيادة عملية تشويه الحداثة هم يتامى الفاشية في تركيا وتونس سابقا ويتامى القومية والماركسية الآن. وحتى في الثورة الفلسطينية فإن من أدخل فيها العمليات الانتحارية هم المتمركسون الذين حاكوا الحركة الصهيونية وشرائع التوراة والتلمود المحرفة ويسار أمريكا اللاتينية وفاشيات الغرب ولا علاقة لهم بأخلاق الحرب الإسلامية. فأبو بكر أمر المجاهدين بتطبيق أخلاق الحرب والفروسية في الفتح. أذكر أني كتبت من ماليزيا نصوصا كثيرة لتنبيه المقاومة في العراق بعدم تقليد همجية مغول الغرب أو الجيش الأمريكي الذي هو في الاساس مؤلف من مرتزقة مأجورين وليسوا من جند يدافع عن قضية قيمية يؤمن بعدالتها في قرارة نفسه. وحشيته متناسبة مع خوفه وإرادته الخروج سالما للتمتع بأجره. وبينت لهم أنهم بذلك يقوون العدو ولا ينتصرون عليه. فالمقاومة تنتصر دائما بالفصل بين ممثلي الهيمنة من أصحاب العدوان وشعبهم ببيان ما تتفوق عليهم به من أخلاق وفروسية. وإذا كان شيء ما يزال أكثر دلالة على ذلك فإن الغرب خلال الحروب الصليبية لم يستطع أن ينكر أخلاق صلاح الدين الأيوبي. ولم يكن ذلك منه على ضعف بل هو أولا للإيمان بقيم الأخلاق الإسلامية في الحرب وهو ثانيا استراتيجيا ذكية تجعلك من حيث لا يعلم العدو تربح قلوب شعبه ومحاربيه الذين هم في كل الاحوال بشر ويقارنون ويفهمون. والآية المتعلقة بالتعامل من الأسير وإسماعه القرآن وإيصاله سالما لأهله استراتيجيا. وقد كتبت ذلك خاصة بمناسبة ما سماه بعض المقاومين بـ”التوب تان” لما علقوا جنودا أمريكيين في الجسور بعد قتلهم شر قتلة. فهذا هو ما يتمناه بوش الحقير لأن ذلك يجعل المعركة ليست بينه وبين المجاهدين بل بين شعبين وحينها فالشعب الأكثر تقدما سيربح الحرب حتما إذا أيد قياداته الأكثر حمقا. ينسون أن الفياتنام لم يربح الحرب بما يزعمه المبالغون في قوة الفيات. هم ربحوها بأمرين طبعا مع إيمان الفيات بحقهم: الأول هو أن روسيا والصين كانتا سندا معهم والثانية وهي الاهم أن الشعب الامريكي في النهاية أعطاهم الحق وقام على حكومته طبعا لأن الحرب طالت ولأن الفيات كان لهم تواصلية. أما المقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية والمقاومة السورية فهي محاطة بالأعداء حتى من العرب أنفسهم ثم يرتكبون من الحماقات مع يفقد قضاياهم بعدها الخلقي فيجعلهم هم الاهماج وليس المقاومين للهمجية التي تحتل دارهم وتعتدي على أعراضهم. ولم أسمع بمقاومة ربحت حربا بالسلاح أبدا. المقاومة تربح الحرب بأمرين: 1. الصبر والمطاولة 2. وتغير ميزان القيمة الخلقية لصفي المعركة. فكلما أبعدت المعتدي عن شعبه تقدمت نحو النصر وقربت شعبها منها. ذلك أن من أهم استراتيجيات العدو ضرب حاضنة المقاومين لجعلهم مبنوذين في قومهم.: فإذا أنت كلفت حاضنتك ما لا يطاق جعلتها استدرعت بها فوفرت الفرصة للعدو حتى يحقق هدفين في آن: ضربك وضرب حاضنتك. ولم أسمع بأي مقاومة تعتبر المقاومة حرب جبهات بل هي حرب “خطفات” و”سانجات” و”مفاجئات” إذ قوتها تتثمل في كونها تضرب حيث لا تتوقع فيصبح العدو مضطرا للإكثار من التوقع فيشتت قوته فييسر عليك العمل. هذا مدخل سريع وليس درسا في استراتيجية المقاومة هدفه الكلام على ما هو اهم أي على علاج الإسلاموفوبيا بعد أن حددنا أعماقها المجهولة والتي لا يمكن لمن لا يرى من الأحداث إلا سطحها ويعتبر أن ما يجري مقصور على احوال النفس لكأن الأمر من جنس الثأر بين قبيلتين وليس لقاء بين حضارتين. ولأقلها مباشرة: فأكثر الناس اسلاموفوبيا في العالم اليوم هو عرب الثورة المضادة وأدعياء التحديث العرب إيجابا والمتكلمون على الحروب الصليبية وعرب التأصيل الغبي الذي من جنس من وصفت من الدواعش والجهاديين الذين يعلمون أنهم أكبر حليف للغرب ضد الاستئناف. فليس عسيرا أن تحسو دماغ شاب بحب الجهاد في سبيل الله. لكن الأعسر هو أن تجعله يطبق قيم الجهاد في سبيل الله خاصة إذا أنت أفهمته أن الجهاد هدفه الموت في سبيل الله وليس الحياة في سبيل الله. فجيوش الفتح لو كانت تفكر كأغبياء فقهاء أمراء الحرب لأفناهم الفرس والروم نظرا للنسب العددية. كان قادتهم أحرص الناس على حياتهم ومنعهم من القاء أنفسهم للتهلكة خاصة وهو لا يقدم ولا يؤخر في الحروب. فالقتال في أي حرب لا يتجاوز عشر الوقت الذي تدومه الحرب. والباقي استعداد ومناورة وخداع وربح للوقت ولوجيستيك وتوهين للعدو بالحرب النفسية ليكون القتال أقل كلفة ممكنة في الأرواح. ولهذا نصحت المقاومة في سوريا بأن تعتمد توسيع ساحة الحرب وإطالة زمانها وتجنب الصدام المباشر والحرب الجبهوية والتمركز داخل الحواضن وتجاوز العمل السرايا وعدم التركيز على مكان واحد لضربه ونوع واحد من الضرب. فأحيانا تعطيل المواصلات والتواصل أكثر فاعلية من القتال. ولا يزعجني شيء أكثر من المعلقين المتكلمين على الجهاد والمطالبين لأهل درعا مثلا وقبل ذلك حلب والغوطة يصمدوا ويصابروا بشروط العدو والعرب بين الجيوش في الجبهات وليس بشروط الحرب الشعبية وتوزيع القوى وعدم الحاجة للأسلحة الثقيلة لأنك لا تملك شرط حمايتها الجوية. لكن ما الفائدة في نصح مقاومة عدد أمرائها وفقهائها أكثر من عدد جنودها؟ لم تنجح أي مقاومة من دون وحدتين: قيادية واستراتيجية. والقيادية نوعان للحرب اللطيفة وللحرب العنيفة والاستراتيجية نوعان دبلوماسية وعسكرية. وكل ذلك كان مفقودا. وكيف لا إذا كان فقهاؤهم من القرون الوسطي؟ فإذا كان “أبو قتادة” يعرف حقيقتي التي لا اعرفها أنا نفسي من الفقهاء ويعتبر نفسه “يعرف” علوم الملة التي بينت أنها وخاصة في رؤية من هم مثله تخريف في تخريف كيف يمكن حينها أن تنجح الثورة وتحقق شرطي نجاح حروب المطاولة 1. التي لا يربحها الضعيف إلا بالنقاط ومنع العدو من الضربة القاضية والشرط الثاني هو: 2. معرفة السلاح المناسب لوجهي الحرب اللطيفة والعنيفة. فالأولى لا تؤثر إلا بما في الثانية من أخلاق في الاقوال وعلى الاقل في ظاهر الافعال لأن بعض الأفعال أحيانا تكون للضرورة غير خلقية ولكن ينبغي أن تكون خفية وأن تستنكر بالأقوال على الأقل أو تنسب لمنفلتين. والحصيلة هي أن الإسلاموفوبيا التي بينا عللها العميقة في البحث السابق تتأجج في الغرب بعللها السطحية التي يحتاج إليها من يفهم العلل العميقة حتى يحرض شعبه ويجعله معه في السعي إلى الحسم بالضربة القاضية تجنبا للمطاولة التي هي الحل الوحيد للأضعف ماديا والاقوى روحيا. ولذلك فالاستراتيجيون الغربيون وخاصة الصهاينة منهم أحرص الناس على العمليات الانتحارية في الغرب. فهي أفضل طريقة لتعميق الإسلاموفوبيا السطحية التي يحتاج إليها من يدرك حقيقة الإسلاموفوبيا العميقة أعني أزمة الديموغرافيا وأزمة الإعياء الوجودي في الحضارة التي اصابتها الشيخوخة الروحية. وقد استعملت إسرائيل هذه الطريقة لتجميع اليهود في فلسفطين واخراجهم من دولهم ومجتمعاتهم حتى يلتحقوا بعتاة الصهيونية ولم يطبقوا ذلك مع اليهود العرب وقد كانوا كثيرا بل مع يهود أوروبا كلها واخيرا مع يهود روسيا الذين هم الآن أكثر من مليون بجاذبية نموذج حياة أمريكا ضد طاردية السوفيات. ما أنوي تخصيص هذه المحاولة له هو استراتيجية تبريد الصراع بين المسلمين والغرب ونزع فتيل الدوافع السطحية للاسلاموفوبيا وترك الدوافع العميقة تعمل عملها لأنها هي التي ستحقق الصلح بين الحضارتين صلحا هو نجاتهما مما أراه يتراءى في الأفق وفي نظام العماليق الجدد الذي نحن وهم فيه ضعفاء. ومهما كان ما بيننا من صراع حضاري دام منذ نزول الإسلام وله شبائه قبله حول الأبيض المتوسط فإن مستقبل الإنسانية يقتضي أن يتوحد ملتقى القارات الثلاث التي أنشأت الحضارة الحديثة وخاصة مقوماها الاكبرين نحن والغرب دينيا وفلسفيا لكي يكونوا بالحجم الكافي للبقاء في عصر العماليق.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي