الاستراتيجيا وشروط النصر القرآنية



لتحميل المقال أو قراءته في ص-و-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص



1-أحجمت عن الكلام في الاستراتيجيا المباشرة لمدة. وأجدني مضطرا للعودة إليها بسبب ما جد من حقائق لم تبق للمخلصين من العرب والأتراك مفر. ولا يمكن علاجها من دون الكلام في طبيعة المعركة وشروط النصر القرآنية فيها.
2-لذلك فلن أتكلم في الاستراتيجيا بمعناها عند سان تسو(الصيني) أوعند كارل فون كلاوسفيتز(الألماني) فلا أظن أحدا يجهل نظريتيهما. كلامي في أمر آخر أهم بكثير لأن له صلة بالمبادئ القرآنية لشروط النصر.
3-ذلك أن الرجلين يتكلمان في الحروب بين دول غالبها في إطار حضاري واحد أو متجانس وهي متقاربة القوة بحيث لا واحدة منها تهدد بازالة الأخرى إلا في نادر الحالات وهي ليست موضوع نظريتيهما.
4-ما يجري ضد السنة لايقتصر على حرب إرادات لأهداف جزئية بل هو حرب وجود لأهداف مطلقة أحد المحاربين فيها يريد القضاء على كيان عدوه المستقل إن ليس عضويا فروحيا.
5-إسرائيل وإيران يمثلان هذا النوع من الحرب: لا يريدان فرض الإرادة على السنة فحسب بل إزالتها من الإقليم روحيا إن ليس ماديا وشغل مكانها وإلغاء زمانها لإعادة زمان متقدم عليها.
6-وهما يفعلان ذلك بنفس الاستراتيجية الإسرائيلة التي هي أصلية للصهيونية ومقلدة من الصفوية: الاستفادة من قوة العصر وتوظيفها لغاياتهما السياسية لأنهما بقواهما الذاتية عاجزان عن الانتصار ضد السنة.
7-وليست هذه أول مرة: ففارس ساعدت اليهود سابقا ضد العراق (قبل الميلاد) واليوم يتبادلان المساعدة لتحقيق السيطرة على أرض العرب بطريقتين.
8-إيران تحارب السنة بالتبشير الشيعي المتحالف مع التبشير المسيحي وبمليشيات عربية من بقايا الباطنية والصليبية وإسرائيل تحاربها بالتبشير الحداثي ومليشيات عربية من بقايا الاستعمار الماركسي والليبرالي: وكلتاهما لها عملاؤها العرب من الانظمة والنخب العربية.
9-وكانت حربهما على السنة العربية فحسب لأن أطماعهما كانت مقصورة على الوطن العربي. لكن ما حدث في تركيا من استئناف إسلامي هدد استراتيجيتهما بعد أن كانت في عصرها الأتاتركي حليفتهما.
10-لذلك فالمستهدف لم يعد سنة العرب وحدهم بل وكذلك سنة تركيا: ومن هنا جاء دور العدو التقليدي للخلافة العثمانية منذ نهايات القرون الوسطى: روسيا.
11-فإذا أضفنا مرض الأوروبيين الذين لا يريدون أن ينسوا مآسي القرون الوسطى بات الحلف الذي يهدد السنة في كيانها وليس فحسب في إرادتها بينا.
12-ولايعني عدم كلامي على تسو وكلاوسفيتز أن كلامهما ليس صالحا في هذه الحالة بل يعني أنه غير كاف رغم أن كلاوسفيتز يعرف الحرب المطلقة التي تشبه ما نتكلم عليها لأنها تعني القضاء على وجود العدو وليس فقط هزيمته.
13-وحتى حكم تسو فإنها مفيدة. لكن أوان الاعتماد عليها شبيه بأوان الاعتماد على الآية 60 من الأنفال والتي تسبق ولا تساوق أن تلحق الحرب. والعرب لغفلة لدى حكامها ونخبها لا تعمل بالردع المغني عن الحرب بل تنتظر وتتردد لنسيانها الآية.
14-سيتهمني الكثير بأني أبالغ في وصف المعركة بكونها وجودية وفي وصف عدم استعداد العرب الرادع بكونه شبه مطلق. لذلك فلا بد من إثبات الدعويين. والثانية ايسر : مجرد حصول الحرب دليل كاف على أن الردع لم يحصل.
15-أما الأولى أعني حرب الوجود فهي بينة للعين المجردة مما يجري في العراق وسوريا وحتى في مصر: فكل فنيات الصهيونية تطبق حرفيا منهم جميعا.
15-التطهير العرقي والطائفي والتهجير والإفناء حتى بالكيمياوي مع حرب الإعلام المشيطن من خلال خلق علل الشيطنة بأنفسهم لاتهام السنة بها : يخلقون الإرهاب لتشويه السنة ثم يتهمونها به.
16-هل ذلك كله مع حملات التبشير الشيعي والمسيحي والعلماني والليبرالي وقبلهما الشيوعي والقومي غير كاف لإقناع من يشكك في طبيعة المعركة؟هل قتل ربع مليون سوري وتهجير نصف السكان والتطهير العرقي لا يكفي دليلا؟
17-لكن الدليل الحاسم هو علاج الغرب للأزمة السورية والتهاون بأرواح مئات الابرياء بوحي من إسرائيل: لا يمكن أن يتنازل رئيس أكبر قوة عالمية على خط أحمر بلا تعليل يفهم بمنطق السياسة الأمريكية وقوة حماة إسرائيل فيها.
18-تنازل أوباما في مسألة الكيمياوي ونجاحه في مسألة الاتفاق النووي كلاهما له نفس التعليل: الاستجابة لوحدة الهدف الصهيوني والصفوي والغربي.
19-حجة الحاجة إلى بشار وجيشه في الحرب على داعش مع العلم أنه لم يبق له لا جيش ولا أجهزة ترجمتها الفعلية هي: حاجة لحرس الثورة الإيراني الذي يحتل ما بقي من سوريا حاليا تحت سلطة ما يسمى بنظام بشار.
20-والهدف بين إلا لفاقدي البصر والبصيرة: 1-عزل الأتراك عن العرب 2- تفتيت ما بقي من دول العرب نهائيا 3- تفتيت تركيا نهائيا 4-القسمة بين الشرطي (إسرائيل) ومساعده (إيران).
21-لكن الهدف الأساسي هو تمكين أمريكا من المحافظة على سلاحها الوحيد الذي ما زالت تتفوق به على الاقطاب الجديدة أعني احتلال قلب (العرب) قلب العالم (دار الإسلام) لعلل جيواستراتيجية وطاقية.
22-ويوجد هدف ثانوي هو تهدئة روع اليمين الأوروبي الذي لايريد أن ينسى التاريخ بين الحضارتين ويتمنى أن ينتقم من العرب والمسلمين لو استطاع.
23-لن يعدم من سيتهمني بأن بهذا الكلام أنا أيضا ضحية هوس مرضي بالتاريخ وعدم نسيان الماضي: لكن على صاحب التهمة حينئذ أن يفسر موقف الأوروبيين من دخول تركيا للوحدة معهم وشروطهم الدينية على المهاجرين .
24-بعد أن شخصنا الحالة علينا أن نصف العلاج. والعلاج استراتيجي ليس بمعنى خطة مجريات الحرب بل بمعنى خطة تدارك عدم الاستعداد لها وهو عورة مهولـة.
25-ولعلي أقتصر على العرب فمعرفتي بتركيا ليست كافية للكلام في ما ينبغبي تداركه. لكني سأقول بعض ما ينبغي قوله بعد الكلام في حالنا العربية.
26-أشرت من البداية أن تسو وكلاوسفيتز يتكلمان على حروب بين دول سيدة. وأول سؤال إذا كنا حقا صادقين مع أنفسنا هو: هل للعرب دول ذات سيادة حقا؟
27-وحتى لا يظن أحد أني متحامل على أحد فإن للسيادة شرطين إذا توفرا أمكن لنا أن ندعيها وإذا انعدم احدهما وخاصة إذا انعدما معا فإن السيادة وهم.
28-والشرطان هما: 1-الإرادة الحرة لوجود القدرة على الحماية الذاتية. 2-وعدم التبعية لوجود القدرة على الرعاية الذاتية. التابع فيهما لا سيادة له. والحماية معلومة. والرعاية هي عدم الحاجة لطلب المساعدة في شروط الحياة الأساسية كالغذاء والدواء.
29-أترك لكم الاستنتاج: فجل البلاد العربية تابعة في الحماية والرعاية معا وبعضها في الأولى خاصة وبعضها في الثانية خاصة وكلهم فاقد للسيادة. ومن يدعي غير ذلك يخادع نفسه قبل غيره.
30-ومع ذلك فإن الحرب إذا صارت حرب وجود فإنها يمكن أن تقلب الموازين بما قد تحدثه من قفزة روحية تجعل فاقد الشرطين ينطلق ليستردهما إذا شعر أنه إن لم يفعل سيفقد حتى وهمهما خاصة إذا كانت له مرجعية روحية مثل الإسلام.
31-نحن إذن في وضعية الحرب الوجودية التي يمكن أن تكون علة القفزة الروحية لاسترداد كل شيء لأنه يعسر أن يستسلم المسلم وأن يتخلى عن كل شيء بعد تجربة الاندلس.
32-أحد كلاب عون قال: سنطرد المسلمين من الهلال وتركيا حتى نسترجع أملاك بيزنطة والمسيحيين ونفس الكلام قاله أحد موظفي زمارة لبنان عن فارس.
33-لست أقدم كلاما على العواهن: فهذا كلامهم بلسانهم يدعي سعيا لاسترجاع الامبراطوريتين اللتين قضى عليهما الإسلام إضافة إلى طلب إسرائيل باسترداد ما تدعيه إسرائيل الكبرى.
34-وهبني أهملت الشرطين الناتجين عن علاقة الدولة بالدول الأخرى (الحماية والرعاية التابعتين) هل الشروط الداخلية لمعنى الدولة متوفرة حقا في أي دولة عربية حالية؟
35-لما تقاوم أمة أعداءها فلا بد من شرطين داخليين لمتانة الجبهة الداخلية وصمودها: 1-وجود اللحمة الاجتماعية المتينة 2-وجود مؤسسات الإنتاج المادي والرمزي.
36-فاللحمة الاجتماعية هي التي توحد الجماعة في التصدي للعدو ولا يمكن أن يحصل ذلك في مجتمعات مفتتة إلى قبائل وطوائف وخاصة إلى طبقات متعادية لا تشعر بأنها من نفس الوطن أو على الأقل أغلبيتها تشعر بأنها مواطنون من الدرجة الألف.
37-ومؤسسات الإنتاج المادي (الاقتصاد والابداع التقني) والانتاج الرمزي (الثقافة والابداع العلمي) هي التي تمثل في الحروب السلاح الحقيقي : الاقتصاد والتربية هما اللتان تحاربان في الحقيقة وليست الجيوش إلا أدواتهما فيها.
38-هل يمكن بحق أن نتكلم على لحمة اجتماعية في المجتمعات العربية تستند إليها دولة قادرة على إدارة حرب حديثة أو حتى تقليدية: فلنجب بصدق ولا نواصل الكذب على أنفسنا إذا كنا نريد أن نتدارك أمرنا قبل فوات الأوان.
39-وليس هذا السؤال للتيئيس بل بالعكس للشروع في التدارك قبل أن يفوت الفوت فيصبح التدارك مستحيلا والصمود ممتنعا. فالمقاوم هو الشعب المتحد والمنتج ماديا ورمزيا.
40-والمقاوم هم مؤسسات الإنتاج المادي والإنتاج الرمزي لأن الأول يوفر شروط الصمود المادية والثاني شروطه الروحية: الاستيراد ممكن في السلم.
41-والتدارك ليس مستحيلا إذا توفر العزم للاستعداد وهو المكمل الحقيقي لتشبيب القيادة وتعبيرها عن طموح تاريخي يسترد المبادرة: ذلك أن حرب الوجود تطول خاصة إذا تحالف ما بقي من انظمة مخلصة للأمة مع المقاومات القائمة.
42-لست تسو ولا كلاوسفيتز. لكني أعتمد على ما هو أبعد غورا. فالقرآن أفضل من كل المنظرين في مسألة الحماية والرعاية وشروط القوة الداخلية والخارجية: فهو وضع القاعدة المطلقة في الآية 60 من الانفال:القوة عامة ثم القوة العسكرية.
43-والقوة عامة هي مؤسسات الإنتاج المادي والرمزي من حيث الأدوات. وهي لحمة الجماعة من حيث الغايات. فمن لم يعمل بهذه القاعدة فهو خائن للإسلام ولا يمكن أن يعتبر محترما لتعاليمه.
44-رباط الخيل ليس الجيش بالمعنى التقليدي بل الجيش بمعناه الذي فتح به المسلمون العالم: الحماية في الداخل والخارج فرض عين على كل المواطنين ذكورهم وإناثهم.
45-لحمة الجماعة تعني أن حكامها ونخبها ينبغي أن يكونوا مختلطين بها غير متميزين عنها إلا بالتقوى: فأولو الأمر “منكم” وليس “عليكم”. وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن الدولة عزلاء.
46-والطبقة قد تقبل لو كانت بحق منتجة للثروة لا مبددة لها كالحال في البرجوازية العربية الكاذبة لأنها عالة على الدولة وليست منتجة للثروة.
47-والمنزلة المعنوية -علماء الدين والنخب الثقافية- قد تقبل إذا أنتجت شروط ابداع الثروة والتراث بالعلوم والمناهج لا بالتعاويذ والدعاء التباكي كالعجائز والقواعد.
48-أعلم ان كلامي هذا سيوجه إلي سهام جنسي النخب. لكن مصلحة الأمة ومصيرها المهدد وجوديا يفرض علي أن أقول ما أراه بصدق حتى لو عاداني الجميع.
49-عجيب أمر من يرى أنه بوسع دولة لم تحقق اللحمة الداخلية وشروط الانتاج المادي والرمزي بالمعنى الذي وصفتها وتعتمد على الاستيراد بوسعها أن تحارب حرب وجود.
50-ففي الحرب يمكن أن يحاصرك الأعداء. فهل أعددت العدة لأدنى درجات سد الحاجة النباتية لشعبك وأبنائك؟ هل أعددت أدنى الحاجات العسكرية لجيشك ومقاومتك؟
51-الأنفال 60 عددت خمسة أصناف من الأعداء: 1-عدوك 2-وعدو الله المعلومان.ثم 3-عدوك 4-وعدو الله غير المعلومين والقابلين لأن يعلما. ثم خاصة 5-العدو الذي لا يمكن أن يعلم أصلا.
52-وهؤلاء هم الذين يخترقونك ويندسوا في أجهزة دولتك وأنت تعلم أنك تحارب قوما عقيدتهم مبنية على التقية: كم من حاملي اسم عمر وأبوبكر من المتشيعين في الباطن لخداعك؟ وكم من حاملي اسم محمد وعلي من المتصهينين في الباطن لخداعك؟
53-أعتقد أنـي لو واصلت فأطلت أكثر مما فعلت لأفقدت الرسالة غايتها: التحذير من عدم التحضير لشروط النصر وهي ما قبل الاستراتيجية الحربية المباشرة وأهم.



يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/


نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي