الارهاب، الدلالة الكونية لالصاقه بالاسلام حصرا

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله

الدلالة الكونية لإلصاقه بالإسلام حصرا

خمسة أسئلة تحير كل حر:

1 و 2 لبانة الإرهاب ما هي؟ ومن ماضغوها؟

3 لماذا حصرت في المسلمين؟

4 و 5 ما دورها في تشويه وظيفة القانون المحلي؟ والقانون الدولي؟

في عهد الاستعمار المباشر كانت تهمة الإرهاب لا تصدر إلا عن المستعمرين ضد مقاومة الشعوب التي تحاول التحرر منه حتى ولو بطرق الاحتجاج السلمي.

فكانوا بما عهد منهم من نفاق سياسي يختلقون ما يشوه المقاومين بالاحتجاج السلمي فيتهمونهم بالإرهاب حتى يبرروا كل جرائمهم العنصرية ضد الانديجان.

لكن على الأقل كان مصدر التهمة واحدا وتعليلها مفهوما لأنه مبني على التمييز العنصري بالأساس: فالأنديجان نوع أدنى من البشر في نظر المستعمرين.

لذلك فكل سلوك منهم يطمح لشيء من الكرامة يعتبر عمل متوحشين لا بد من محقه واعتباره إرهابا. وقد بدأت الظاهرة تبرز في أدبيات غزاة أمريكا خاصة.

كما بدأت مراجعات هذه السلوك في عصر التنوير الاوروبي إما في مذكرات بعض المؤمنين بوحدة الإنسانية والمساواة بين البشر أو في الجدل التنويري.

وظل الأمر كذلك فيما احتله الغرب من دار الإسلام وخاصة في الهند وجنوب شرق آسيا الذي كان جله مسلما (الفلبين وجاوة اي ماليزيا واندونيسيا).

وسأقتصر على المغرب العربي الذي بدأ احتلاله بالجزائر ثم ثنى بتونس فالمغرب وموريتانيا فليبيا أخيرا. فهذا القسم المهم من دار الإسلام عينة مهمة

أما أطراف الجزيرة العربية وشرق افريقيا فتوسط استعمارها بين أطراف مركز دار الإسلام البعيدة والمغرب العربي ثم تلت البقية بعد سقوط الخلافة

وإذن فدار الإسلام كلها عرفت ما يشبه التعامل مع أهل أمريكا التي بدأ بها تمدد الغرب بعد أن جزرت القوة الإسلامية في نهاية القرون الوسطى

كلها عرفت تهمة الإرهاب بوصفها ما يصف به الاستعمار سلوك أهل البلد-الأنديجان-بمعنى عنصري وسياسي: أي سلوك المتوحشين حضاريا والمقاومين سياسيا

ثم الأمر تغير فحصل الاستقلال الشكلي الناتج عن عوامل يمكن حصرها في عنصرين إسلاميين وعنصرين نتجا عن الحربين وتغير موازين القوى الدولية.

وأول العنصرين الدوليين هو فقدان القوى الاستعمارية التقليدية قوتها أمام قطبين نشآ برزا بعد الحرب الأولى وسادا بعد الثانية: أمريكا وروسيا.

وحتى يبررا سلطانهما بنفاق خلقي بين ادعياء لكل الشعوب المستعمرة حق تقرير المصير والاستقلال وفي الحقيقة هما أخرجا المستعمرين ليحلا محلهم.

لكن ذلك لا يعني أن الشعوب المستعمرة لم يكن لها دور في تحقيق الاستقلال رغم أن القوتين الأعظمين ساعدتا حركة تعويض استعمار قديم باستعمار جديد.

فالاستعمار الجديد ليكون متناسقا كان غير مباشر أي إنه لم يكن بحاجة للاحتلال المادي البين بل اكتفوا بتنصيب من اختاروه خادما لهم من أهل البلد

وبداية من هنا أصبح الاستعمار مضاعفا وتهمة الإرهاب مضاعفة: الحكام الأهليين ومساندهم الدولي للاتهام والمتهم معارض الأول أو معارض الثاني.

واستدراكا أضيف مصر والسودان للمغرب العربي أو شمال إفريقيا. كلها مستعمرات الغرب القديم والأبيض المتوسط: فرنسا وانجلترا وإيطاليا واسبانيا.

وحتى عندما استعاد الغرب القديم بضع قوته فإنه أصبح وسيطا في الاستعمار الغربي الجديد ممثلا بأمريكا وروسيا وليس صاحب اليد الطولي كما كان.

وحتها تعددت تحريفات وظيفة القانون: الأنظمة العميلة والذراعان (إيران وإسرائيل) وساطة الغرب القديم والقوتان المساندتان ومؤسسات الأمم المتحدة.

وهذه المستويات الخمسة من تحريف وظائف القانون المحلي والدولي ماضغة تهمة الإرهاب لأن الحرب على حقوقنا وعلى الإسلام توحدها جميعا بمنطق التصنيف

فإذا أضفت مليشيات القلم والسيف فعليك أن تضيف تصنيفات بعدتها بل أكثر من ذلك فضمن أمراء الحرب كل منهم يصنف البقية في خانة الإرهاب.

وبذلك فالتصنيف في خانة الإرهاب آل إلى جعل الصفة لبانة لم تعد تفيد شيئا محددا: إنها صفة يطلقها كل من يريد أن يؤبد سلطانه على من يستلط عليهم

ومحاولة تأبيد السلطان دون رضا الخاضعين له هو بدروه قابلا للوصف بالإرهاب وإذن فمن الواجب أن نضاعف كل ما أحصينا فيكون الإرهاب صفة للجميع

نحن إذن في عهد لا يحكمه إلى الإرهاب بوصفه تتاهما متبادلا بين محرفي القانون فعلا ومحرفيه انفعالا:فكل من لا يثور على تحريف القانون مسهم فيه

وذلك مصداقا لقوله تعالى {.. امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا} ذلك أن تدمير القرية كلها يعني تحميلها نفس المسؤولية

آليت على نفسي ألا أتكلم في هذه المسائل إلا باتباع المنهج الفلسفي الدقيق: لا أنطلق إلا من التحديد الجامع المانع للموضوع الذي أعالجه عقليا

وعلينا أن أفهم علة ربط الإرهاب بالإسلام: هل الإسلام هو المفهوم الكوني الذي يسيطر على العصر بالتناظر مع سيطرته على خطابه السياسي والديني؟

وهنا: ما دلالة اجماعهم على اتهام الإسلام والمسلمين حتى عندما يحدث جنيس أفعالهم عند غيرهم؟ لماذا ليس للمسلمين الحق في جرائم الحق العام؟

لماذا كل مسلم إذا فعل ما يقبل الوصف القانوني بالجريمة-تسليما بوصف قانوني محايد يفترض البراءة حتى يتم الإثبات-يمر القاضي مباشرة للإرهاب؟

فيجمع القضاة المحلي (بعدد محميات العرب) والإقليمي (إيران وإسرائيل) والدولي (روسيا وأمريكا وأوروبا) والنخبوي التقليدي والحداثي على التحريف؟

ولما كان من العسير-دون قلب قاعدة لا تجمع الأمة على الخطأ-أن يجمع العالم على الصواب لذلك فالقاعدة: اجماع الأمة المقاوم ينقض إجماع المحرفين.

إجماع العالم على اعتبار احتجاج الأمة المقاومة إرهاب اعتراف ضمني بأن الأمة الوحيدة التي تقاوم تحريف القانون المحلي والإقليمي والدولي هي نحن

فتتطابق الرسالة التي صححت تحريف الشرائع والعقائد الدينية في البداية مع المقاومة التي تصحح تحريف الشرائع والعقائد السياسية في الغاية.

ما يجري من حصر الإرهاب في الإسلام والمسلمين بمعنيي الحضر العنصري والحضاري دليل قاطع على أن العالم لجأ إلى الإسقاط: يرمي إرهابه على مقاوميه.

فإذا فهمت شعوب العالم أن من يستعبدهم بدأ يدرك أن مقاومتنا ستقضي على استعباده لهم فسيكونون عونا لنا عليه وحينها سيفهم الجميع من الإرهابي.

وهنا آتي إلى تعريف الإرهاب فلسفيا ودينيا لأختم هذه المحاولة التي تجيب عما يحير أي إنسان حر يريد أن يفهم داء العصر أو مرض العولمة المافياوية.

سبق في غير موضع أن عرفت الإرهاب-لأن الظاهرة موجودة فعلا وهي ملازمة لكل الحضارات-فميزت بين الفاعل والمنفعل منه: فعل الظالم ورد فعل المظلوم.

فبينت حده في البعد السياسي من أفعال البشر أن الإرهاب الفاعل هو تحريف الأخلاق بالقانون الرسمي لتأبيد السلطان الفساد دليل فقدان الشرعية

وهو إذن الحكم الباقي بقانون القوة وليس بقوة القانون: فقانون السلطان الفاقد للشرعية قانون محرف يجرم كل عدم رضا عن حكم عنيف وفاقد للشرعية

وهذا الرفض بما هو رد فعل يمكن أن يكون سلميا ويصبح هو بدوره تحريفا للأخلاق لما ينتقل للعنف ليس كدفاع شرعي بل طلبا لسلطان بالعنف فيناظر خصمه.

ولأضرب مثالا واحدا: لنفرض أن المصريين اليوم وقد تبين للجميع أن من طبلوا لهم خدعهم ألا يكون من الأجدى أن يفرضوا تغييره بالعصيان المدني؟

لا يمكن لأي نظام أن يصمد أمام خطة عصيان مدني سلمي في كل ساحات البلاد مهما وظف من مليشيات وجيش وأمن. لذلك فهو الذي يوظف العنف المضاد بقصد

فهو يشوه مفهوم المقاومة بأن يخترقها بمن يساعدونه في استعمال مفهوم الإرهاب المغالطي حتى ييسر على نفسه العمل الذي هو عين عمل الاستعمار.

ولست بهذا أرض المقاومة التي تقتصر على الدفاع الشرعي العنيف أحيانا لأنه حينها يكون دفاعا شرعيا بأخلاق الفرسان: فمن يفجر سوقا لقتل مجرم، مجرم.

ولهذه العلة فالمقاومة التي تتوخى السبل السلمية ولا تستثني الدفاع الشرعي تخضع لأخلاق الفرسان وليس لجرائم أمراء الحرب: قتال المافيات لا يحرر.

كل مقاومة أهل الصدر وكل حروب الإسلام الأولى لم يقتل فيها المسلمون أحدا لم يكون مجرما محددا دون المساس بغيره لمجرد مشاركته المكان مثلا

سيقال إن الحرب تغير منطقها بتغير أدواتها. ليس صحيحا. فأدوات الحرب الحديثة لها دقة تمكن من هذا التمييز. جرائم الحشد وأمريكا في الموصل مقصودة.

ولذلك فهي إرهابية وهي من جنس ما حدث في ألمانيا بعد استسلام جيش هتلر: هدموا الكثير من مدن ألمانيا للانتقام بعد الحرب وليس لعدم دقة السلاح.

تفجير السيارات في الأسواق جرائم ارهابية وليست مقاومة. ليست لدفاع الشرعي في مقاومة نبيلة الأهداف بل لترهيب الجميع بمن فهم من يتكلمون باسمهم

وكيفما كان الامر فإن الحصيلة تقبل التأويل كالتالي: صحيح أن الأمة نكصت إلى الجاهلية. لكنه النكوص من خصائصه أنه ذو عي حزين: يدرك أنه نكوص.

جاهيلتنا الأولى لم يكن لها حتى في وعيها الغائم طموحا رساليا كونيا. جاهليتنا الحالية وإن كانت نكوصا للأولى فهي تتميز عنها ببقية من هذا الوعي.

فيكون ما يحصل خلال النكوص فيه استعادة فضائل الجاهلية ووعي شقي برذائلها. وهذا ما أحاول وصفه في المقاومة: عليها أن تتخلص من رذائل الجاهلية

وما أسميه فضائل الجاهلية هو ما استعمله الإسلام ليفتح العالم بقيم القرآن: أن تصبح شجاعة الشباب وحب الحرية والكرامة غايتهما التحرير والتعمير.

كفي التعبير عن الغضب السلبي. فالتدمير ليس مقاومة بل هو فورة غضب إن لم يتجاوزها الشباب يفقد القيمة الخلقية لمفهوم الثورة التحريرية والتحررية

تلك هي السبيل الموصلة إلى تحقيق شروط الاستئناف بقيم النشأة الأولى: الإسلام دين كوني لتحرير الإنسان روحيا وسياسيا وجمعهما يتمم مكارم الأخلاق.

إجماع مافيات العالم المحلية والإقليمية والدولية على وصم الإسلام والمسلمين بالإرهاب شهادة منهم بأننا نحن ممثلو المقاومة الشرعية لإرهابهم.

وما كنا لنكون كذلك لو لم نكن فعلا ممثلين وإن بالقوة لقيم النشأة الأولى التي بدأت تبرز في آيات محاولات الاستئناف لدى شباب الربيع العربي.

والآن لماذا صرت أفضل الكتابة التغريدية في هذه المسائل شديدة الدقة؟

أولا لأنها من سنن الكتابة الفلسفية لدينا وصارت كذلك في الغرب بفضل نيتشه.

فالإشارات والتنبيهات في الفلسفة (ابن سينا) وما يناظرها في الشعر(القرطاجني)وحتى في كتابات التصوف الراقية يثبت أنها من أساليب فكرنا الفلسفي.

لكنها وهذا هو الأهم لأنها مثل أساس الأسلوب الشعري العربي: فكل بيت وحدة معنوية تامة ومستقلة لكأنه تغريدة بالمعنى الحديث. والقصيد منظومتها.

لكل ذلك صرت أفضل أن أملي تغريدات على أن أواصل الكتابة المملة بالأسلوب الأكاديمي. فالتغريد يضع المعاني في شكل مزموري مؤثر بأسلوبين متكاملين.

كل تغريدة تشبه بيتا شعريا يغلب عليها أسلوب النظم المؤثر بفنيات التكثيف المعنوي ومجموعة التغريدات يغلب عليها أسلوب المنظومة بمنطق التحليل.

أقول هذا حتى لا يظن أن التغريد ابتعاد عن العلاج الفلسفي: إحياء سنة سادت في فكرنا الفلسفي (ابن سينا) والنقدي(القرطاجني) وحتى الوجداني الصوفي.

وهي سنة تبناها نيتشة في غالب كتاباته. وطبعا فليس توخي نفس الأسلوب دالا على قيس ذاتي بأن منه هؤلاء: فلكل مقامه ولا خلط بين المقامات.

الكتيب

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي