لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفلهالأسد ونظامه علة اجماع المتدخلينفي الاقليم على ابقائهما
لم كل القوى المتدخلة في الشام تريد المحافظة على الاسد ونظامه؟
ولا أستثني أحدا من كلمة القوى المتدخلة بما فيها القوى التي تسمى مقاومة باسم القطرية أو القومية الطائفية الشيعية أو الطائفية السنية أو الدولية المساندة لهذا أو ذاك منهم أو حتى لهم جميعا بحسب مناطق التدخل ومراحله؟
ويمكن أن أرد العلل وهي كثيرة إلى نوعين:
الأول حتى يضفي المتدخلون على تدخلهم رداء القانون الدولي معتبرين الاسد ونظامه ممثلين لسيادة كلهم لم يبق منها شيئا. لكن هم يحتاجون لهذه الكذبة حتى يكون تدخلهم بدعوة من سلطة توصف بكونها شرعية ومجرد وجودهم ناف لمعنى الشرعية.
ولنسم هذا النوع الأول من الحاجة للإبقاء على بشار الأسد ونظامه نوعا دبلوماسيا يتدثر بالشرعية الدولية التي تسمح لمن يعترف به كسلطة شرعية أن يدعو من يريد لانتهاك بلاده واغتصاب شعبه وتدمير حضارته ورهنه إلى غير غاية بحيث يصبح وطنه سيادته دون ما كانت عليها حتى في عهد الانتداب.
أما النوع الثاني فهو أعمق من الدبلوماسية: نفع استراتيجي للدول المتدخلة ونفع مادي لأمراء الحرب باسم القطر أو العروبة أو القوميات والطائفيات التي تتنازع أرض سوريا والسلطان عليها لأن المقاومة حتى القطرية منها اصابها المرض الذي فتت المقاومة الفلسطينية: أصل تجاري Fond de commerce
لذلك فعمر نظام الأسد رهن هذين النوعين من العلل. وحتى ممثل الامم المتحدة فهو مستفيد ككل وسطاء الأمم المتحدة: ليس من مصلحتهم أن تحسم الخلافات وقد يشاركون بقصد في تعقيدها حتى يبقون في المهمة أطول وقت ممكن وقد يشترون مثل الذي اشترته الإمارات في ليبيا.
ورغم أن الأمم المتحدة ليست دولة عالمية فبنيتها وعملها لا يختلف كثيرا عما يسود دول العالم من الفساد والمماطلة في حسم أي خلاف خاصة وهي مجرد أداة بيد الاقوياء لتصبير الضعفاء وخاصة في وظيفتها شبه القضائية: فالقضاء في العالم كله لم يجعل لحسم الخلافات بل لإطالتها.
ويوحد نوع ثالث يجمع بين النوعين السابقين لأنه ينتسب إلى المناورات الدبلوماسية والمخاتلات الاستراتيجية أقصد الوظيفة التي تؤديها أجهزة النظام النصيري لخدمة مخابرات كل المتدخلين مع توهم النظام بأنه ممسك بخيوط اللعبة الدولية الجارية ولا يدري أنه دور هستيري استعباد شعبه وإذلال نفسه.
وليس هذا ما يحزنني على خطورته وفداحته بل اكتشافي الاليم بأن هذا الوضع يكاد يكون البنية الثابتة في كل أجهزة المخابرات العربية: وقد تأكدت من ذلك من خلال ما يجري في الخلاف الخليجي. فقد صار الجميع جاسوسا على الجميع ليرضي أمريكا وإسرائيل وإيران حماة الأنظمة قبليها وعسكريها.
بهذا الفصل القصير حول ما يجري في الإقليم فيوقعه في حروب أهلية قد لا تنتهي إلا بنهاية كل دولة وحركاته أردت الوصل بين محاولاتي الفلسفية في فهم مقومات الاستئناف وما سأسهم فيه يومي والاحد المقبلين من تحليل استراتيجي لوضع الاقليم في ندوة ينظمها مركز البحث في جامعة زعيم السبت بإسطنبول.
فعندي أن الإقليم يعاني من حروب أهلية مردها إلى الفتنة الكبرى التي أحياها ملالي الطائفية الشيعية والسنية والفتنة الصغرى التي يريد استنباتها ملالي القومية اليسارية والليبرالية. ولا يمكن أن نتحرر من التدخل الاجنبي ما ظلت هذه الإيديولوجيات الأربع تفرض الاقتتال والتغازي بين أهله.