لتحميل المقال أو قراءته في ص-و-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
1-لم أعتد الرد على المعلقين على ما أكتب. لكني استثناء وجدت في كلام الأخ ابي زيد ما يستدعي التعليق لا الرد. لأن الأمر لا يتعلق بما كتبت بل بما لم أوضحه لأن غرضي لم يكن متعلقا بدحض نظرية أحد.
2-وإذ توفرت الفرصة فلأضف ما يساعد على فهم قصدي: فـما يحتاج إلى التعليق في هذا الحالة هو أسطورة النقد الابستمولوجي للدولة الحديثة من منطلق خلقي مقابل ما تتهم به ثم ربط ذلك بكلام طه عبد الرحمن في الأخلاق.
3-وأول ملاحظة أن النقد الابستمولوجي لا يمكن أن يكون من منطلق خلقي وهو لا يتعلق بالموجودات بل بنظرياتها. والدولة حديثة كانت أو قديمة كائن معنوي ذو قيام حضاري ولكن على أسس طبيعية شبه ثابتة: هما سد حاجتي الحماية (آمنهم من خوف) والرعاية (وأطعمهم من جوع) أداة لتمكين الإنسان من غايات أسمى.
4-والعلاقة بين السياسي والخلقي ليست قضية إبستمولوجية بل هي قضية أكسيولوجية وتتعلق بالقيم التي تمثل غايات الدولة الأدنى والأسمى وإجراءاتها الشرعية قانونا لتحديد الأحكام وقوة لتنفيذها.
5-ونظريات الدولة حديثة بدأت بعد اكتشاف دور الشوكة في الحكم أو القوة الشرعية. وأول مكتشفيها فلسفيا ودينيا تمثل في تنظير بعض الفقهاء للحكم السني (الغزالي خاصة وقبله الجويني). لكن من صاغها بصورة تامة هو ابن خلدون مع شرط الوازعين (لتثبيت الدولة) وأطلقها غربيا ماكيفال دون هذا الشرط (لتثبيت الحكم): وبذلك يَفضُل ابنُ خلدون ماكيفالي.
6-الكلام على دور الأخلاق يمكن أن يكون عودة إلى اليتوبيات التي سخر منها ابن خلدون بقوله لو كانت المدينة الفاضلة ممكنة لاستغنينا عن الدولة ويقصد العنف الشرعي الضروري (الوازع الأجنبي) للأخلاق (الوازع الذاتي).
7-وهذا غاية ما يمكن أن يصل إليه فكر من جنس فكر طه عبد الرحمن لأنه ضرب في عماية: فلا معنى للدولة من دون الأخلاق بالمستويين اللذين سنبين ثم العنف الشرعي بتناسب. الأولان للأحكام والثاني لنفاذها.
8-فيكون السؤال الجدير بالعلاج هو خرافة الدولة الحديثة ليس سؤال الأخلاقية بل سؤال طبيعة حاجة الدولة الحتمية للأخلاق. فالكلام على العقل الحاسب للوصول إلى العقل الفاهم فلسفيا لا يعني أن العقل الحاسب ليس فيه درجة من العقل الفاهم بل فيه إفراط في العقل الحاسب.
9-وهذا هو المعنى الثاني من سؤال الأخلاق في الدولة الحديثة: فكونها أكملت بناء جهازها الآلي والوظيفي لا يعني أنها فقدت البعد الخلقي. ذلك ما أنفيه بصورة حاسمة.
10-الدولة الحديثة خلقية مرتين: أولا بهندستها التي تجعلها تحوّل ما يقبل التحويل من الخلقي إلى إجراء قانوني في بنيتها المحققة لوظائف الدولة: الحماية والرعاية.
11-وثانيا هي خلقية بجعل من يملأ خانات البنية المجردة للدولة وما تحوّل من الأخلاق إلى اجراءات قانونية يكون معيار اختياره وإجراءاته شرعية اي معبرا عن إرادة الجماعة.
12-البنية المجردة والاجراءات القانونية الخلقية ذلك هو المستوى الأول من الأخلاق في الدولة الحديثة أعني نظام الدولة الدستوري والقانوني واختيار القيمين عليها نظام الانتخاب الحر والنزيه ذلك هو المستوى الثاني من الأخلاق في الدولة الحديثة.
13-بعبارة فلسفية ما يهم الدولة ليس أخلاق الوعي مثل فلسفة الوعي بل الأخلاق الموضوعية مثل فلسفة اللغة: القيم مثل الافكار ذات قيام موضوعي وهي لا تؤثر إلا بتعينها الموضوعي مثل الأفكار.
14-نقد علم الأخلاق الموضوعية يمكن أن يكون ابتسمولوجيا ويمكن أن يكون ذا علاقة بنظرية الدولة. لكن نقد أحوال النفس لا علاقة له بالدولة وحتى وإن كان له صلة بالأخلاق لصلتها بالنفس.
15-وحاصل القول: لم أنقد حلاق لا إيديولوجيا ولا عقديا. لم يكن يعنيني قوله في الاخلاق والدولة والدولة الإسلامية. ما يحيرني هو دعوى النقد الابستمي والعلاقة بنظرية عبدا لرحمن في الأخلاق: تقليد فوكو والأخلاق في ما بعد الحداثة كلاهما موضة.
16-لماذا أسمي ذلك موضة؟ تأثر إدوار سعيد بفوكو وكثرة الكلام على الاخلاق موضة للعلل التالية. فوكو كنت أحد طلبته المباشرين وأعلم أن ما يعني بها نظام سياق الرؤية ولا يعني ما أريدَ تقويله.
17-وأنظمة سياق الرؤية هي الابستمية. وهي بالضرورة كظاهرة انثروبولوجية خاضعة لتوال ذاتي الحتمية يجمع بين البنيوي والتاريخي. نقلها من دون سياقاتها عند القائلين بالتاريخانية ما بعد الحداثية ينفيها أصلا. ثم هي لا تخلق ما تجعل رؤيته ممكنة بل تكشفه. تطبيق الجابري على الحضارة العربية الإسلامية كان كاريكاتورا للنظرية وللثقافة العربية في آن .
18-وتطبيق سعيد وإن كان أدق من الجابري فانه مبالغ إذ نقلها من كونها محددة لإحداثيات الرؤية إلى كونها موجدة للمرئي بإطلاق: فليس الاستشراق كله اختلاقا وخيالا بل هو على الأقل ثمرة تلاق بين ابتسميات مختلفة قارئة ومقروءة.
19-والابستميات تسليما بسلطانها على الرؤية فهي لا يمكن أن تلغي الدينامية الذاتية للأنظمة العلمية النظرية وللقوانين الطبيعية والتاريخية: ونظرية ابن خلدون في التاريخ المديد والتاريخ القصير إذا جمعنا بينهما يلغي هذه الموضة.
20-وهي في الغاية شبه استعادة لدور الذاتوية في العلم وهو تنسيب للنظر لا تعويضا له بالايديولوجيا: الدولة حقيقة تاريخية ذات أسس طبيعية ثابتة وبهذا فهي خلقية مرتين بمنطق الحق الطبيعي وبمنطق تعديله الإنساني.
21-وفي ذلك تبقى وظائف الدولة حتى وإن تغيرت أعضاء تحقيقها من المقومات التي تحددها الحاجات الطبيعية للجماعات البشرية مهما كان تطورها.
22-قد يختل التوازن بين هذه الحاجات فيغلب بعضها على بعضها بحسب الظروف لكنها كلها موجودة بقدر معلوم: لا دولة بلا أخلاق ولا أخلاق بلا قوة.
23-الزعم بأن الدولة الإسلامية تمثل الأخلاق والدولة الحديثة آلية عمياء بلا أخلاق زعم يمكن أن يرضي موضة ما بعد الحداثة لكنه مناف للعلم.
24-ذلك هو هدفي من كتابة ما علقت فيه عرضا عن حلاق وعن عبد الرازق. لكن موضوعي يتجاوز هذا الغرض لأن طلبي هو: ما شروط الاستئناف لا غير.
25-وأول هذه الشروط التخلص من اليتوبيا ومن النسبوية ما بعد الحداثية: توجد كليات إنسانية لا يمكن تصور الجماعة من دونها والإسلام يؤكدها.
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/