لما بينت أني قد اكتشفت البنية العميقة لنوعي الأنظمة التي تبدو مطلقة التعارض في أنظمة الحكم وهي متحدة في الباطن سميت هذه البنية بنظام دين العجل أو “الأبيسيوقراطية”.
فالأبيس هو العجل باليونانية وهو رمز النظام الفرعوني.
وقصة العجل الذهبي غنية عن الشرح إذ لا يوجد مسلم يجهلها: عجل ذهبي ذو خوار عبده الإسرائيليون بعد أن تركهم موسي مع اخيه.
والنظامان المتقابلان إلى حد التناقض في الظاهر والمتحدان في البنية الباطنية التي هي “الأبيسيوقراطيا” هما:
- “الثيوقراطيا” أو الحكم باسم الله
- و”الانثروبوقراطيا”أو الحكم باسم الإنسان. وهو في الغالب النظام العلماني المتطرف ومثاله العلمانية اليعقوبية وخاصة الشيوعية وبعض الليبرالية.
والثيوقراطي والانثروبوقراطي هما الحدان الاقصيان. وقد يوجد مزيج منهما.
لن أتكلم في خصائص النظامين الحدين لأني أطنبت في محاولات سابقة الكلام عليهما وسأكتفي بجملة واحدة تشرح معنى البنية العميقة المشتركة بينهما والتي هي وحدتهما الباطنة التي يخفيها تعارضهما الظاهر:
فالعجل مؤلف من معدنه وهو الذهب رمز ربا الأموال وهو معلوم و”كلامه” وهو الخوار رمز ربا الأقوال وهو جوهر إيديولوجيا الخداع.
لا أعتقد أني بحاجة إلى الكلام على ربا الأموال لأنه يتمثل في نقل “العملة” أو رمز الفعل من دورها كأداة تبادل اقتصادي وجعلها ذات سلطان على المتبادلين بسبب الربا.
والخوار أو ربا الأقوال يتمثل في نقل الكلمة أو فعل الرمز من دورها كأداة تواصل ثقافي وجعلها ذات سلطان على المتواصلين بسبب الخداع الإيديولوجي:
وإذن فهما يشتركان في استعباد الإنسان وهما من ثم أداتا الثيوقراطيا والأنثروبوقراطيا وتلك هي بنيتهما العميقة.
ما أعرضه هنا غير مسبوق بمعنى أنه نظرية شخصية. وهي ليست مجرد نظرية مقصورة على التحليل المفهومي بل إن لها سندا تجريبيا من تاريخ الأنظمة الثيوقراطية والانثروبوقراطية مثل التشيع والشيوعية والأنظمة القومية الفاشية التي تحاكيهما وخاصة من حيث أسلوب السياسة وبنية الدولة فيهما ومن حيث طبيعة الفاعلية السلطانية في كلا النظامين بهذين الاداتين.
وأصل الاكتشاف هو التفسير الفلسفي للقرآن الكريم.
فآل عمران هي التي تعلل التحريف الديني بتحالف أصحاب الوساطة بين المؤمن وشأنه الأخروي (الكنسية في النظام الثيوقراطي) وأصحاب الوصاية بينه وشأنه الدنيوي (الحكم بالحق الإلهي فيه) وبرأت المسيح من توظيفة فيهما (آل عمران 79).
ولولا هذه الإشارة القرآنية في آل عمران لاستحال علي أن أكتشف هذه البنية العميقة.
والنظام الشيوعي رغم الإلحاد والعلمنة مع هذين البعدين في الثيوقراطي لا تخطئه بصيرة: وذلك هو القصد بالانثروبوقراطي.
فيكفي أن تعوض وساطة الكنيسة بوساطة الحزب الشيوعي والمرجعية الأخروية بالمرجعية الدنيوية وأن تعوض وصاية الحكم بالحق الإلهي لشعب مختار (في اليهودية) أو لأسرة مختارة (في التشيع) بوصاية الحكم بالحق الطبيعي لطبقة مختارة في الشيوعية هي البروليتاريا (طبقة العمال) حتى تكتشف أن النظام الشيوعي ليس إلا نظام “ثيوقراطي معلمن” عوض الله بالإنسان: ونفس الشيء حصل في اليعقوبية التي عملنت الكاثوليكية في الثورة الفرنسية.
ولا يمكن القبول بهذه الرؤية التفسيرية من دون أن يكون الدليل مستمدا من التجربة التاريخية التي تثبت وجود التحالف الفعلي في العمق بين الرؤيتين لوحدة البنية العميقة وللهدف من الوساطة والوصاية مع عدم نسيان مجال الوساطة لتحقيق نفس الوصاية حتى وإن أظهرا العداوة بينهما.
والفرق بينهما ينحصر في أن الوساطة في الثيوقراطيا تتعلق بالآخرة والوصاية بالدنيا في حين أن الشيوعية كلتاهما ت تعلق بالدنيا لنفيهم الآخرة.
وهو ما يعني أن كلا النظامين يهدفان إلى سلب ثروة الشعوب.
لكن أحدهما بخوار حول الآخرة والماورائيات الأخروية (الوعود بالجزاء الاخروي) والثاني بخوار حول الدنيا والماورائيات الدنيوية بوعود تجعل الدنيا ستصبح جنة في مستقبل المعلوم أن عكسه هو الذي تحقق.
وهنا أصل إلى هدفي من المحاولة وبه أحيل على ابن تيمية.
فكلا النظامين يتميز بالغاية -سلب ثروة الشعب -وبالأداة الكذب النسقي إما حول معجزات دينية كلها خرافية لا حقيقة لها أو حول معجزات دنيوية كلها خرافية لا حقيقة لها.
وقد سبق ابن تيمية فأعلن أن أكذب خلق الله هم الشيعة وأصدقهم الخوارج. وقال مجنون الهمذاني إن المعتزلة هم مخانيث خوارج على السنة مثل الخوارج الذين هم خوارج الشيعة.
لكنهم جبناء ومنافقون.
وأضيف إلى كلامه أن الشيوعي والعلماني يضاهي الشيعي في الكذب وقد يتفوق عليه: يغرقان توابعهم في الوهم.
لم أر في حياتي أكثر كذبا من اليسار والقوميين والمتشيعين بين نخب العرب. يكذبون أكثر مما يتنفسون. الشيعي يكذب على الله وعلى الأيمة وعلى العلم وعلى كل شيء.
والشيوعي يكذب مثله ولكن في الأمور الدنيوية وحتى في الأمور الأخروية التي يخفيها تظاهرا “بالعقلانية والحداثة” لأنه لو أصابته مصيبة لتبين أنه يؤمن إيمان العجائز بالأولياء والقبور.
وكل خبر روسي أو صيني يكون معدوما أو إن وجد فالكذب فيه جنيس نتائج الانتخابات العربية”99 من مائة.
وكل ما يقال عن كورونا وعدد المصابين بها في بلاد العرب وفي الصين وفي إيران وفي روسيا وفي كوريا الشمالية ينبغي ضربه في المائة أو أكثر لكي يكون قريبا من الحقيقة. وقس عليه كل الأخبار التي تسمعها من الاعلام العربي وسواء كان شيعيا أو سنيا لأن من كلفوا بالإعلام والاستعلام علمانيون وجلهم إما من شيعة العرب أو من مسيحييهم واغلبهم من لبنان وفلسطين ناهيك عن الأميين من الإعلاميين المصريين والتونسيين.
فما الذي أسقط الاتحاد السوفياتي؟
وما الذي أسقط كل الانظمة العربية؟
وما الذي سيسقط إيران؟
الكذب حتى على أنفسهم لأنهم لا يقنعون بأكاذيبهم إلا أنفسهم.
كلنا يعلم أن الاستعلامات الروسية والعربية لم تكن تقول الحقيقة لأصحاب القرار إما لخوف منهم أو لطمع فيهم.
فكانوا يكذبون عليهم بحيث إن أصحاب القرار يبنون قرارهم على معطيات كلها زائفة كما حدث في حروب العرب واقتصادهم.
هل يوجد من يصدق الاعلام العربي حتى بعد نكبة 67؟ كنت صبيحة 5 جوان 67 في قاعة الامتحان في اختبارات سنتي الجامعية الأولى في مادتي البايولوجيا وعلم النفس المرضي.
ولما خرجت وسمعت الاخبار ظننت أننا في المساء سنحتفل بتحرير فلسطين لأن الأخبار تكون عكس ما جرى تماما بأن الجيش المصري على أبواب تل أبيب. في اليوم الثاني صرنا نبكي على احتلال سينا إلى حدود القنال.
وكل المشروعات العربية في التنمية صفر على صفر.
قيل لنا إن العراق قوة صناعية وعلمية عظمى.
اكتشفنا خلال الحصار أنه كان عاجزا عن صنع أنابيب نقل النفط وانتاج غذائه ودوائه وسلاحه.
وأن عالمته في السلاح البايولوجي مجرد مساعدة لم يعرف لها اكتشاف أو نشر علمي: من جنس رئيس تونس في القانون الدستوري وهو مساعد لم ينشر شيء وليس له أطروحة أصلا.
ونفس الشيء في الجزائر.
كلاهما يستورد أكثر من 90 في المائة من غذائه.
الجزائر 4 مرات مساحة فرنسا. وهي تعيش على بئر بترول. وكل العرب مثلها.
والخوار يملأ الديار.
سيقال وما علاقة أنظمة العرب بالنظامين الثيوقراطي والانثروبوقراطي وهم في أنظمة عسكرية أو قبلية بدائية؟
فلا هم شيعة ولا هم شيوعيون. وهذا هو الظاهر.
في الباطن هو أن أصحاب القرار والإعلاميون والفنيون كلهم من أدعياء الحداثة ومن ذوي الفكر المزعوم يساريا وعلمانيا وليبراليا كما ترى الآن من هم حول صاحب المنشار.
وكلهم “صم بكم عمي فهم لا يعقلون” لأنهم لا علمانيون وشيوعيون ولا متدينون ثيوقراطيون لا اشتراكيون ولا رأسماليون بل كداؤون يقلدون مجتمعا استهلاكيا دون قدراته الانتاجية.
فالدول العربية تؤجر أفسد الاعلاميين لضرب الطبل والزمر لحكام في الظاهر وهم “غفراء” يزعمون أنهم أمراء.
ينتدبون أكذب الاعلاميين وأفسد الخبراء والمحللين لتأييد الحمق السياسي الذي لا حد له وكلهم يبنون الحداثة بالمقلوب أي من غايتها من دون شروطها التي تتمثل في مقومات بدايتها.
ثم إنك إذا جمعت ما سرق ونقل إلى بنوك الغرب تفهم أن ربا الأموال وربا الأقوال هما البنية العميقة في هذه الانظمة حتى وإن كانت رسميا ليست شيعية ولا شيوعية لكنها تتبعهما.
فما يسمى دولا عربية هي أكبر كذبة فهي ليست إلا محميات. أنظمتها لا تثق في شعوبها فتحتمي بالحاميات المؤلفة من مرتزقة ومن جيوش أجنبية. وحتى إذا كانت الجيوش مؤلفة من جنود من أهل البلد فقياداتها عملاء للاستعلامات وأحيانا حتى أعلى قيادات المحميات العربية بل وبعض الحكام أنفسهم أجراء عند المخابرات مثل المخابرات الإسرائيلية والأمريكية والإيرانية والروسية: يعملون بمنطقهم.
وقد أصبح ذلك علنيا وصريحا بعد ثورة الشباب التي شملت كل المحميات العربية. فبعضها شملتها الثورة. وبعضها شملتها الحرب عليها لأن الثورة المضادة رد فعل على الثورة التي كانت رد فعل على الاستبداد والفساد وما ترتب عليه من فقدان للحرية والكرامة ومن وعي بالسيطرة الاستعمارية على الأوطان.
ولما فشلوا في إيقاف الثورة لجأ بعضهم إلى الإعلان عن الاحتماء بإيران وروسيا والبعض الثاني بإسرائيل وامريكا. وصاروا يمولون الحرب على الإسلام لأن الشعب اختار ذوي المرجعية الإسلامية بعد الثورة.
ووصلي بين النخب العربية الحاكمة ونوعي الأنظمة الحديين أي الثيوقراطيا ولانثروبوقراطيا اللذين يبدوان متضادين في الظاهرة لكنهما متحدان في البنية الباطنة في النظام الأبيسيوقراطي علته أن هذه النخب لا تحكم إلا في الظاهرة إذ إن الحاكم هو من يستتبعهم أي إيران وروسيا لجماعة الهلال والحوثيين وإسرائيل وأمريكا لدولتي الثورة المضادة في الخليج.
فهذه الرؤوس الأربعة التي تستتبع العميل من النخب العربية الحاكمة ومن مثقفيها المنتسبين إلى الكاريكاتورين التأصيلي والتحديثي هي التي يجتمع فيها الثيوقراطي والانثروبوقراطي فعليا ويحكمها دين العجل أي النظام الأبيسيوقراطي.
في إيران وروسيا الأمر لا يحتاج إلى دليل: كلا النظامين مزيج من الحدين والابيسيوقراطيا.
وفي إيران الأمر بين أما في روسيا فهو حكم المافية الروسية مع الكنيسة الأرثوذوكسية.
ومن المفروض أن يكون الأمر مع إسرائيل وأمريكا أوضح. فأولا أمريكا مبنية منذ التأسيس على أنها الأرض الموعودة الثانية.
ولا أحد يعرف أمريكا يجهل دور الدين فيها ودور العلمانية في آن وأنها أبرز الادلة على أن البنية العميقة هي الأبيسيوقراطيا.
ولعل عهد ترومب من أوضح الأدلة وأبينها. فالمواطن الأمريكي عبد للوبيات وللخرافة والكنائس وبصورة عامة فهو عبد للبنك (ربا الأموال) وهوليوود (ربا الأقوال) وهما بعدا العجل الذهبي.
وما أظن أحدا يشك في أن إسرائيل ثيوقراطيا وانثروبوقراطيا في آن وهي المثال المطلق على الأبيسيوقراطيا ليس بمقتضى القصة القرآنية حول دين العجل بل هي تحكم نفسها وتحكم نخب جل بلاد العالم السياسية والثقافية بالأبيسيوقراطيا أي بربا الأموال وربا الأقوال فهي المسيطرة على الاقتصاد والإعلام والمخيال في كل الفنون.
ولا أخفي أني صرت متحيرا من فاعلية هذا النموذج النظري الذي حاولت بناءه لفهم سياسة العالم الذي يعادي الإسلام من داخله ومن خارجه حتى إني كدت أشك فيه لفرط ما فيه من دلالة شديدة الوضوح على التناظر العجيب بين ما في النموذج المفهومي الذي وضعته وحقائق ما يجري وما يحاك للإسلام والمسلمين.
فغالبا ما تكون كثرة المطابقة علة للشك في النظرية.
هل إلى هذا الحد صار النموذج النظري يشخص الأدواء بهذه الدقة المفرطة دون أن يدعوني إلى الشك فيه إذا كنت الوحيد الذي يقول به أو الذي يدعي اكتشافه.
فهذا يحيرني خاصة والقراء كلهم صامتون أو لا يرون هذه العلاقات بين الأمور رغم أني أراها بوضوح.
أفأكون متخيلا فلا تكون موجود إلا في ذهني؟
كيف يعقل أن يتوافق النظر إلى هذا الحد مع ما يجري فعلا لكأنه نسخة منه؟
ولكن هل يوجد من يشك في أن كل ما يسمى دولا عربية محميات وحكامها طراطير إلا على شعوبهم؟
هل يمكن اعتبار بشار والسيسي وحفتر وصاحب المنشار وحتى الذي يدبر عليه وحكام العراق وتونس والجزائر والمغرب -حتى أكتفي بالكبار- لهم غير تطبيق الأوامر في الجليل من أمور ما يسمونه دولا أو حتى في التافه منها ويزعمون حكمها أم أنا اتخيل وأدعي ما ليس حقيقيا؟
هل أتخيل مثلا وجود القواعد الاجنبية على الأرض العربية وتمويل الأنظمة لها بحيث إن العرب صاروا بالحمق إلى حد تمويل احتلال أرضهم من أعداء أمتهم وشعوبهم؟
هل أنا أتخيل وجود المليشيات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن ما ظهر منها وما بطن وأنها هي التي تصول وتجول خلال الديار.
من يشك بل إني اعتقد جازما أن ما لم يظهر من هذه المليشيات ويطبق التقية موجود في كل بلاد العرب من العراق إلى المغرب وربما في كل بلاد الإسلام من اندونيسيا إلى المغرب.
وما أقوله عن مليشيات إيران الظاهرة والخفية يصدق أكثر منه على نوع أرقى من المليشيات الأذكى والأخفى انسبه إلى اسرائيل في كل بلاد العرب والمسلمين وإلا كيف يمكن للاستعلامات الصهيونية أن تكون أعلم بشؤوننا من كل أنظمة الاستعلامات الإسلامية التي جلها مخترقة من الاستعلامات الاسرائيلية كأنظمتنا ونخبنا.
ألسنا نعلم أن كلام العرب مثلا عن الاجتماعات المغلقة للجامعة العربية ليست مغلقة إلا على شعوبها لأن إسرائيل يصلحا كل شي بالبث الحي؟
وأعتقد أن القارئ يفهم الآن علة ربطي بين ما أحلله هنا وظاهرة كورونا.
فالفيروس على نوعين كما بينت في الفصول الستة التي خصصتها لها.
النوع البايولوجي الذي يصيب الأبدان والمناعة العضوية والنوع الفكري الذي يصيب الأذهان والحصانة الروحية.
ما أحلله هنا هو الثاني وهو علة تهديم الحضارات.
لأنه فضلا عن كونه فيروس ضد الحصانة هو بدوره فهو أيضا فيروس يحد من المناعة للحد من الصمود الروحي في المقاومة.
وأختم بكلمة تلخص كل ما سبق وتعلل حيرتي التي لولا الإيمان لأوصلتني إلى الجنون كلا صنفي الفيروسات وخاصة الثاني منها تمولها الأنظمة العربية أحيانا بوعي وأحيانا بلا وعي بمعنى أننا أمة تسمم نفسها بدنيا وذهنيا بما تستورده من شروط بقاء عضوية مغشوشة وشروط بقاء روحية مغشوشة.
نحن أمة نقضي بأنفسنا على مناعتنا العضوية وعلى حصانتنا الروحية باستيراد الفيروسات بالعملة الصعبة.
لن أعجب إذا جاء الرد على محاولتي: أيا سيدي هاتلنا الحل ما دمت تدعي التشخيص ودقته؟
إنها الطريقة التي يرد بها غالبا على من يراد بيان عجزه ليس في استراتيجيات العلاج بل في بنائها على تقدم النظرية على الممارسة في كل استراتيجية علاج ذات أساس علمي.
فأول علامات احتقار الفكر عندنا هي توهم العلاج ممكنا من دون نظر حتى في أتفه الأمور. نحن امة نكره اللامباشرة التي هي شرط الفكر ونريد دائما “هات من الاخر”.
حتى وإن كن نستورد من يبني لنا ناطحات سحاب فعقولنا ما تزال تعيش في الخيام.
لذلك فلن أتردد في عرض الحل. فماذا فعل جدودنا في مقاومة الاستعمار المباشر؟
هل نسيناهم؟
أليس بالجهاد المناسب والتضحية التي لا تنشغل بالربح السريع وباعتماد الوحدة وراء قيادات موثوق بها ومنع وجود أمراء حرب مثل ما نراه في المقاومات التي تحولت إلى اصول تجارية للتصدي الاستعمار غير المباشر الحالي.
هل يمكن لنا أن نميز الآن بين الصادق والكاذب وبين الموالي للأمة وخائنها؟
فإذا سلمنا بأن الفكر في السياسة مثله مثل الطب يبدأ بالتشخيص الصحيح وحصول الطبيب على ثقة المريض في أمانته وصدقه وإيمانه بدوره في العلاج الممكن إنسانيا أليست أولى مراحل العلاج هي جعله قائد معركة التطبيب؟
ألم يبق الرسول وهو مؤيد من السماء نصف حياته الرسولية في تكوين ابطال المعركة؟
ألسنا بحاجة إلى تكوين شباب قادر مثل الشباب الذي اعتمدت عليه الأمة في النشأة الأولى لدولة الإسلام قادر على تغيير وجهة التاريخ وقبلته؟
ألسنا نخفر بإبطال معركة التحرير من الاستعمار المباشر ولنا أعلام في كل اقطار الوطن من المغرب الأقصى إلى العراق الأقصى؟
أليس لأنهم كانوا يعتبرون قدوتهم هؤلاء الأبطال الذين كونهم الرسول الاعظم إيمانا بالرسالة واجتهادا لفهمها وجهادا لتحقيق قيمها في التاريخ الفعلي بالنفس والنفيس؟
وأخيرا أليس الشباب الذي ثار بدءا من تونس وغاية بما يجري حاليا في ثورة شباب العراق وسوريا ولبنان وليبيا إلخ… يشبهون من نفخر بهم في العصرين عصر بداية الرسالة وعصر ثورة التحرير التي أخرجت الاستعمار المباشر من أرضنا؟
والحرب اليوم جارية ضد عملاء نصبهم الاستعمار غير المباشر من إسرائيل وأمريكا ومن إيران وروسيا؟
هل يمكن اخراجهم إذا ظل عملاؤهم هم من يسيطر على مقدرات الأمة المادية والروحية؟