استغاثة ترومب، كيف توظفها السردية الصفوية

****

استغاثة ترومب، كيف توظفها السردية الصفوية

أرى أن مأولي كلام ترومب على ضرورة السعودية لوجود إسرائيل بالصورة التي تحولها إلى نفس الدعاية الإيرانية ضد الإسلام السني بأنه عميل بالطبع، حصرا إياه في ما يعتبر رمزا له فيه من خفة العقل وسفاهة الخلق ما يفرض علي أن أدلي بدلوي.
وأبدأ بالإشارة إلى مسألتين:
• لجوء ترومب
• الملجوء إليه.

لجوء ترومب لهذه الحجة ليست دليل قوة وليست صادقة، والملجوء إليه فيه تعميم يجعل ما يصدق على بعض حكام السعودية:
• يصدق عليها
• ثم يصدق على السلفية
• ثم يصدق على الإسلام السني
وهو تقريبا الاستدلال الضمني في كل بروباجندا إيران وصف المماتعة ضد السنة والإسلام لأنه لا إسلام غير السني.
أعلم أن عبارة “لا إسلام غير السني” تستفز الكثير. لكن من يدخل الوساطة الروحية في الإسلام (الكنسية) والوصاية السياسة فيه (الحكم بالحق الإلهي لفئة من المسلمين) لا يدين بالإسلام بل بالمجوسية وبصورة أدق بالرؤية الفارسية لتخريب الإسلام بكذبة آل بيت آل ساسان وليس آل محمد محرر الإنسان.
وإذن فعلينا أن نمحص التهمة التي لجأ إليها ترومب لإسناد موقفه الضعيف قبل أن نبين دلالتها على ضعفه لنحدد فيم تعتبر السعودية-حكامها-ضرورية لبقاء إسرائيل؟

للسؤال وجهان:
• سابق على خداع الخمينية
• ولاحق.
فما قبل الخمينية ما الذي يختلف به دور السعودية عن كل الأنظمة التي نصبها الاستعمار؟
فجميع الأنظمة التي دخلت حرب 48 حكمت الانقلابات العسكرية التي تلت الهزيمة فيها بأنها كانت جميعا خائنة وادعت أنها أتت لتحقق ما عجزت عنه الانظمة الخائنة التي انقلبوا عليها.
ورأينا ان النتيجة لم تكن أفضل بل ازدادت سوءا.
ولا أدعي أنه لا توجد خيانة.
فهل تعلل انتصار إسرائيل أو بقاءها؟
ذلك أن تبادل التهم الحالية بين العرب فيه مهربان:
• الأول كل واحد منهم يرمي المسؤولية على خصيمه في قضايا بينية باستعمال سلاح القضية الفلسطينية وكلهم لا تعنيهم القضية في حد ذاتها بل هي عندهم من جنس استعمال جبة عثمان.
• والثاني الهروب من معرفة علل وجود إسرائيل وبقائها.
ومعنى ذلك أن الحكام العرب سابقا بعد هزيمة 48 وحكام العرب الحاليين يشبهون الورثة العاقين لأسلافهم يقتتلون على تقاسم تركة هم عاجزون عن حمايتها ورعايتها فيتركون المجال للطامعين فيها لأخذها منهم بمساعدة من بعضهم على بعضهم وكلهم يتقرب إليهم من أجل البقاء الذاتي لا غير.
وقد يكون البعض من هؤلاء صادقين في اتهام البعض الآخر كأن يكون الانقلابيون بعد هزيمة 48 صادقين ضد الملكيات التي خسرت الحرب لكنهم سرعان ما صاروا عملاء لمن استعملهم ليؤجج الحرب بين القومية والإسلام فازداد العرب ضعفا وصاروا كرة يتقاذفها السوفيات والامريكان في لعبة دولية.
واليوم قد يكون تبادل التهم بين الصفين من العرب دالا على بعض الصدق عند البعض.
لكن سرعان ما عوض السوفيات صفوية الملالي وعوض الأمريكان صهيونية الحاخامات والعرب كرة بينهما بل أستطيع القول إنهم صاروا كرة بين الاربعة لأن إيران ذراع روسية وإسرائيل ذراع أمريكية.
والأربعة متحالفون على الحمقى من العرب الذين يتركون الداء ويجرون وراء تسكين الاعراض ككل أحمق لا يأتي البيوت من أبوابها. وأشهد أني بدأت اتوجس خيفة من التركيز على تبادل التهم بين العرب إلى حد جعل مخابرات الانظمة العربية لا تكاد تعمل إلى على فضح الخصم العربي لهؤلاء الأعداء الأربعة.
وما أقوله عن مخابراتهم يصح على اعلامهم.
لم يعد للأعلام العربي-بما في ذلك الجزيرة التي هي أفضل ما لدينا من اعلام- هم غير خدمة هؤلاء الاعداء في دعوى الدفاع الشرعي ضد الخصم العربي.
لا توجد أدنى مسافة بين الخصومات الاهلية التي لا بد من تجاوزها والخصومات التي تهدد الجميع وهي الأصل.
والظاهرة ازداد زخمها بعد الربيع العربي وخاصة بعد ازمة منظومة الخليج وصعود الأمير الاحمق والأكثر منه حمقا الذي يتصور “قبيلته” سبارتا وأداتهم الغبية أعني بلحة عميل ناتن ياهو. ذلك أنهم بسلوكهم الناتج عن فقدانهم أدنى شرعية صاروا دمية إسرائيلية أمريكية فرد عليهم بما يماثل انحيازهم.
فالتعميم الذي أكتب ضده هنا علته أن الصف الثاني أعني ما يسمى بصف المماتعة ومعه المحاصرون من الصف الاول يبدون متبنين لنفس التهمة التي أعلن عنها ترومب بل هم اعتبروها من جنش “وشهد شاهد من أهلها” لتوكيد الرواية الإيرانية. ولعل ترومب في ذلك أقل تعميما لأنه تكلم على السعودية لا غير.
لكن سردية الملالي التي صارت سردية القوميين والعلمانيين وبعض الرادين على حلف الفجار المربع تعتبر الربيع العربي والإسلام السياسي والإسلام “تو كور” عملاء وخونة وأداة اسرائيلية أمريكية ليس من اليوم مع هؤلاء الفجار الاربعة بل دائما إيحاء بأن الإسلام تمثله الايديولوجية الصفوية.
قرأ علي الكاتب البارحة تغريدة لدجال الاستراتيجي التابع للصفوية -النقاش-ما يفيد أن العرب نوعان: من مع المماتعة وهم الاحرار ومن هم ضدهم وهم العبيد. فأمليت عليه سؤال:
أيهم أكثر عبودية دمى “زورو” إيران أم دمى ناتين ياهو؟
من يساعد الملالي غير عبيدهم في استعادتهم لإمبراطورية فارس؟

هل ما زال من يصدق كذبتي “حزب الله” و”أنصار الله” والملالي الزاعمين معاداة إسرائيل وأمريكا وهم يحققون كل ما تطلبه منهم أعني القضاء على معالم الإسلام السني في الإقليم وتغيير ديموغرافيته أكثر مما تفعل إسرائيل من أجل أهداف من يعلم من يمثل خطرا عليها أعني السنة الأحرار بحق؟
تهمة ترومب للسعودية لا تعنيني كثيرا.
فهو لجأ إليها لما سأبينه بعد قليل.
ما يعنيني هو ما يستنتجه منها المنحازين لصف الملالي وعملائهم من مليشيات السيف والقلم العربية التي تدعي الاخلاص للعروبة وفلسطين وهم أكثر خيانة لهما حتى من صاحب المنشار ومرشده من كاريكاتور “سبارتا” بسبب الخلفية الأيديولوجية.
فهؤلاء عملاء ظرفيون لغايات ظرفية مردها إلى البقاء في الكرسي.
أما الملالي وعملاؤهم فالعلة أعمق وهي بنيوية وتاريخية: فكلهم من بقايا الباطنية وفتات الدولة الفاطمية وبقايا الصليبية الذين استقروا في الشام وصاروا مليشيات تابعة للصفوية ومسعاها استرجاع خارطة ما قبل الإسلام في الإقليم.
وهذا المشروع لا يختلف عن المشروع الصهيوني الأمريكي بل هو استكمال ما عجز عنه الغرب أو ما فشلت دونه خطة سايكس بيكو وأسقاط الخلافة.
لذلك فهو لا يستهدف العرب وحدهم بل كل السنة سواء كانت عربية أو تركية أو كردية أو أمازيغية أو حتى إيرانية لأن السنة هي سدى الإسلام ولحمته وحاميته.
المماتعة بكل اصنافها وبكل مليشيات السيف والقلم العاملة معها والتي اعتبرت كلام ترومب شهادة من أهلها ثم عممتها على السنة بالمستويات التي ذكرت هي التي تمثل العدو الداخلي في خدمة العدو الخارجي منذ الحلف مع الصليبيين ثم مع مغول الشرق ثم مع مغول الغرب في العراق وافغانستان والشام.
نأتي الآن إلى علة لجوء ترومب لهذه الحجة.
وهي عندي من المبشرات: فهي دليل ضعف وضع ترومب الحالي لأنه يستنجد باللوبيات الصهيونية حتى تساعده في تمرير ما يريد تمريره.
وما كان ليفشي سرا لا يجهله أحد حول دور أمير المنشار وتعميمه على السعودية لو لم يكن فعلا في وضع حرج حقا.
ولست بحاجة لأعود إلى إثبات حراجة موقفه. فقد بينته في محاولة سابقة نشرتها البارحة بعنوان “شهادة خاشقجي: نهاية الأمير الغدار والرئيس الثرثار”. ما يقوله عن الأمير صحيح: إسرائيل تحتاج إليه.
لكن كلام ترومب يعني أنه فهم أن اسرائيل بدأت تبحث عن بديل يفيدها حتى لو لم يفد ترومب.
كلامه يفيد بأنه يعتبر اللوبيات مقصرة في مساندته ضد الصحافية الامريكية وضد المجلسين. فأراد أن يبالغ في أهمية السعودية لبقاء إسرائيل.
السعودية أضعف من أن تحتاج اسرائيل لمساعدتها.
من عجز في اليمن لا يمكن ان يساعد إسرائيل لا عسكريا ولا دبلوماسيا وليس لها تأثير في الشعب الفلسطيني.
وخاصة الآن: فالأمير الغدار أصبح أشبه بالمصاب بالجذام. لن يفيد أحدا حتى نفسه.
وحتى لو بقي فسيكون “خصيا” لا أثر لوجوده. قيادات الثورة المضادة العربية انتهى دورها.
صحيح أن لها المال. لكن المال بيد الغبي نكبة على صاحبه وليس أداة فعل. بمثل هؤلاء القادة ستفلس بلدانهم دون قدرة على شيء.

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي