هل يمكن لسياسي محترم أن يخيفه تهديد بقايا المحميات التي أنشأتها بريطانيا التي كانت عظمى أو الحكام الذين تحميهم إسرائيل او الذين تحميهم إيران؟ من يحاربون سعي الشعب التركي لاستعادة هويته يحاكمون نوايا قيادته دون دليل بالسعي لاستعادة الخلافة هم من هذه الأنواع الثلاثة ممن يدعون العروبة. وما يضحك حقا من عقول أغرار هذه السياسة هو أنهم يزعمون أن الخلافة متخلفة لكأنهم هم بناة حضارة العصر الحديث. فأكثر حكام المحميات العربية تخلفا وسذاجة وقلة اطلاع على ما يجري في العالم لأن الاستعمار اختارهم لخدمته هم المتفوهون بهذا الكلام لكأن من يفوقهم في كل شيء سينكص لما دونهم. سأفرض جدلا أن هؤلاء الحمقى أكثر عروبة مني وسأفرض أن ما يتهمون به أردوغان صحيحا فهل معنى هذا أنه يريد أن ينكص بتركيا إلى ما يصفه غر قد ينهي عهد أسرته ويفتت بلده بالتخلف والرجعية؟ أمي أبعد حكماء بلاده وشبابه بجنسيه ليحتمي بإسرائيل وعملائها ينطق بنواياهم حربا على عودة تركيا لذاتها. لم يكفهم تهديم العراق وسوريا واليمن ومحاولات تمويل ثورة مضادة ضد ثورة الشباب العربي بجنسيه والانقلابات في كل أقطار الربيع وتمويل أحزاب اليمين في إسرائيل وفي الغرب وحملاتهم في افريقيا وفي كل بلاد الإسلام هاهم يريدون المشاركة في المؤامرات ضد تركيا لأنها تريد أن تعود لذاتها. كان آباؤهم وأجدادهم يتحججون بالإسلام والاصالة وصاروا هم يتحججون بالعروبة والحداثة: من عجائب الدهر أن فردا أميا لعل ما حصل عليه من شهادات لا يتجاوز المجاملات صار ينظر لتحديث سخيف باسم ما تجاوزته تركيا وتونس خاصة فيصبح باسم ما جربتاه وتجاوزتاه لاستعادة هويتهما يعتبر ثورتهما شرا. وهم في الحقيقة لا يعبرون عن قدرة لمقاومة ما صارت الشعوب تؤمن به: التحرر من العملاء والتحرير من سادتهم وحماتهم بل هم يعبرون عن خوف من سقوط كل الحجج التي استعملها سادتهم للتشكيك في قدرة الامة على الاستئناف والتحديث عير التابع. نجاح حزب حديث ذي مرجعية إسلامية ذلك ما يخيفهم. وما كنت لأتكلم في الموضوع لو لم أصبح واثقا من أنهم سيغرقون مصر التي لم يكفهم ما فيها من مآس وطامة كبرى فكل أجهزة دولتها صارت مخترقة بإطلاق من قبل مخابرات إسرائيل لحماية عميلهم السيسي هاهم يحاولون إدخالها في معارك لا توجد إلى في عقولهم المتخلفة لإخراجها نهائيا من التاريخ. ولست أعجب أن يحكم الخليج أمثال هؤلاء الحمقى المحاصرين لنخبها بجنسيهم إذا كانت مصر التي هي أكبر دولة عربية وشرعت في التحديث منذ قرنين يحكمها أغبى حاكم عرفه التاريخ: فأين هذا الغبي الذي يبيع ارض مصر وماءها وسيادتها ويطبل له الكاريكاتوران باسم التأصيل وباسم التحديث. إن هؤلاء الحمقى يتكئون حاليا على صناديق ستصبح قريبا أفرغ من فؤاد أم موسى وحينها سيعلمون أنهم لم يكونوا نكبة على غيرهم فحسب بل على شعوبهم وبلدانهم التي ظنوا أن تحديثها هو في بناء الناطحات وليس بتمكين الشباب والحكماء من التحرر داخليا والتحرير خارجيا بدل وضع المحميات. لست أدري ما نوايا قيادات تركيا ولا يعنيني حتى لو صح أن لهم نوايا استعادة دور الخلافة. ما يعنيني أمران: شعب مسلم يستعيد ذاته وشعب مسلم له طموح مشروع وبدلا من أن أخاف منه أو أتهمه أتمنى شيئا واحدا أن يكون للعرب نفس هذا الطموح وأن يحافظوا عما تسعى تركيا لاسترداده: كيانهم الروحي.