لتحميل المقال أو قراءته في صيغة و-ن-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
مقدمة
1-أنهينا القسم الأول -بعد بيان الخطة- بمثال يخص أخطر المنافسين لتحريفه اساس روحانية الأمة (إيران) ونفتتح القسم الثاني بمثال يخص بداية ثورة الاستئناف ودلالتها على العنفوان.
2-فكلفة جرائم السيسي ضد المقاومة من أجل التحديث السليم هي في تونس ثمانية اضعافها في مصر بمعيار السجن والتعذيب أي جرائم ابن علي: فهي في تونس 40 ألف من 10 مليون.
3-لذلك فانطلاق الثورة من تونس ليس صدفة-أكثر بلاد العرب تحديثا مستبدا وتجفيفا للمنابع- واستئنفت الحاضنة الشعبية التي ظنوا القضاء عليها في أول انتخابات حرة ونزيهة. وكذلك كان الشأن في مصر وكذلك في المقاومة المستندة إلى الرابطة الإسلامية وخاصة قبل اختراقها المخابراتي..
4-والموجة الثانية ستكون فيهما أقوى دون شك في كل الأقطار التي ثارت. وبهذا المعنى فأرضية الثورة على الاستبداد والفساد تزداد خصوبة ومجالها اتحادا. لكن هل التحرير من الاستضعاف والاستتباع له نفس التوجه أم هو مقصور على اليمن ثم يليه الانكماش؟
تلاقي الثورتين : ضرورة بنيوية
5-فرضية عملنا هي أن الأنظمة الخليجية عامة والسعودية خاصة -حتى لو غلب الطبع التطبع-مضطرة لهذا الخيار دون مَنّ. إنها مضطرة إلى الذهاب إلى غاية المقاومة لأن وجودها على المحك.
6-وإذن فالمنطلق في البحث هو التلاقي البنيوي والمضطر بين الثورتين شرطي الاستئناف: ضد الاستبداد والفساد (البداية: تونس) وضد الاستضعاف والاستتباع (البداية: السعودية): فلنشرع في التحليل.
مجالات التنافس و مقومات الدولة
7-ذكرنا أن التنافس يحدد مجالاته معيار مقومات الدولة من المنظور الإسلامي: مجالان-الحماية والرعاية- وكلاهما مخمس الأبعاد. وبها تكون الدولة أمينة وعادلة (النساء 58).
8-فالدولة تحمي الجماعة وتحمي ذاتها: داخليا 1-بالقضاء 2-والأمن وخارجيا 3- بالدبلوماسية 4-والدفاع ولابد لها 5- من جهاز عصبي هو الاستعلام والاعلام السياسي.
9-والدولة ترعى الجماعة وذاتها وتمول الحماية: تكوينا 1-بالتربية 2-والمجتمع المدني وتموينا 3-بالثقافة 4-والاقتصاد ولا بد لها 5-من جهاز الاستعلام والإعلام العلمي.
10-تلك هي الوظائف العشر التي يتم فيها التنافس بين الدول والجماعات. وكلما كانت هذه الوظائف مطابقة لحقيقتها وليست كاريكاتورا منها ازدادت القدرة على المنافسة. والإشراف السليم عليها شرطه شرعية الحكم الشعبية. وهـي المحدد لقوة المتنافس الذاتية.
مطالب الثورتين و مقومات الدولة
11-هل هذه هي أهداف الثوار المطالبين بالتحرر من الاستبداد والفساد أولا؟وهل هذه هي مطلوب الأنظمة المطالبة بالتحرير من الاستضعاف والاستتباع؟ إن كان الجواب نعم حصل النجاح. وإلا فالهزائم هي المآل.
12-الجواب عن هذين السؤالين يتأكد إذا استجاب لشروط المنافسة مع الأعداء الخمسة: الذراعين (إيران وإسرائيل) ومليشيات الذراع الأولى ومليشيات الذراع الثانية وربهم الذي يوظفهم جميعا لتخريب الاستئناف.
13-فإيران ومليشياتها (بقايا الباطنية وبقايا الصليبية) وإسرائيل ومليشياتها (بقايا الليبرالية وبقايا العلمانية) والمليشيا الجامعة: الفاشية القومية تلك هي أدوات التخريب الاستعماري من الداخل الأصلي (إيران وتوابعها) والمستورد (إسرائيل وتوابعها).
14-أما الرب الجامع فهو من يعين إسرائيل شرطيا ويعين إيران مساعدا للشرطي والمليشيات كلاب الصيد التي يعملان بها ليلا نهارا بالقلم والسيف لتخريب مناعة الأمة المادية وحصانتها الروحية.
15-ولا يحتاج القارئ لفطنة كبيرة لمعرفة هذا الرب: فقد كان الاستعمارين الفرنسي والبريطاني ثم صار السوفياتي والأمريكي وأصبح الآن الأمريكي وحده.
16-لا أستطيع الجواب عن السؤالين بدلا من أصحاب المبادرة في ثورة التحرر (تونس)حتى وإن كنت من بلد الانطلاق وساهمت في أول حكوماتها المنتخبة فضلا عن أن أجيب بدلا من أصحاب المبادرة في ثورة التحرير (السعودية). لكني أستطيع أن أجزم أنه من دون ذلك لا تحرر ولا تحرير.
17-ما يعني أن ربح معركتي الثورتين مبدؤها داخلي قبل أن يكون خارجيا رغم أنهما معركتان تخاضان ضد أعداء خارجيين يحاربون الأمة بوكالة مليشيات هي الطوابير الخامسة.
18-والقضية من جنس العلاقة بين الجهادين الأصغر والأكبر: فـجهاد العدو هو الأصغر بالقياس إلى جهاد النفس الذي هو الأكبر. لا بد من تطهير صف الثورة (من الاختراق المخابراتي المشوه لها) وصف الأنظمة (من العملاء المندسين في وظائفها).
شروط تحقيق مطالب الثورتين
19-وليكن مثالنا مقياسا اقتصاديا: فأي شركة تنتج بضاعة أو خدمة لايمكنها أن تنجح في المنافسة-والاقتصاد منافسة بالجوهر-من دون ربح معركتها مع نفسها جودة وإتقانا وإنتاجية وإخلاصا من القيمين عليها.
20-وإذن فالشرط الأول هو جهاد النفس في الثورة على الاستبداد والفساد ومن ثم فهو إصلاح حركات المقاومة. وجهاد النفس في الثورة على الاستضعاف والاستتباع هو إصلاح الأنظمة بتطبيق شروط الشرعية الشعبية. ولا توجد شرعية أخرى.
21-فـجهاد المقاومة لنفسها مضاعفة. فغايته الأولى تحرير المقاومة من التجارة أو ما يمكن تسميته بداء المقاومة الفلسطينية. وغايته الثانية تحريرها من الفصل بين الجهاد والاجتهاد. لا يمكن للمقاومة أن تبقى قتالا بدائيا عديم الفكر الاستراتيجي.
22-أما جهاد الأنظمة لنفسها فهو كذلك مضاعف. فغايته الأولى تحرير الحكم من التجارة أو ما يمكن تسميته بداء المافية. وغايته الثانية هي تحرير الحكام من الاحتماء بالأجنبي خوفا من الشعب: داء فقدان الشرعية.
23-ما الجامع بين هذه الأدواء الأربعة؟ إنه وحدة الهدف المبرر للثورتين: فلا يمكن لأمة ليس لها طموح العظمة والمجد أن تجتمع على كلمة سواء. كما لا يمكن لهذا الاجتماع أن يصمد لمدة كافية للمشروعات العظمى.
24-وهذا الطموح للعظمة والمجد-من حسن الحظ وأحيانا من سوئه-يوجد لدى سنة العرب في المخيال بصورة يمكن أن تصيب الإنسان بالكساح لفرط العظمة والسؤدد.
25-ومعنى ذلك أن المسافة الفاصلة بين المثال-ما حققه الآباء-والواقع -ماعليه نحن الآن-يجعل الغالبية منا يصيبهم شيء من اليأس لأنها تتعقد مرتين فيقل فيها الإقدام.
26-فهي تتعقد إزاء حاضر الغرب وتتعقد إزاء ماضي الامة. كيف لنا أن نرفع هذين التحديين تلك هي المهمة التي على المقاومين والأنظمة التصدي لها. وذلك هو أساس ما أعالجه تحت اسم عقد السنة ومركبات نقصها.
27-لذلك كان العلاج دائما متعلقا بمستويي الوجود الإنساني: الأول هو علاج المخيال لجعله محفزا لا مكسحا والثاني هو علاج ما وراء المعيش لجعل العمل متدرجا باطراد نحو المثال تاركا ساحة “الواقعية” لعبيد الظلال ومروجي الضلال .
28-والعلاج المخيالي يقتضي ثورة في الإبداع الرمزي أي الأدب والعلم-لذلك كتبت في الملاحم وفي العلوم-وثورة في الإبداع الفعلي-لذلك كتبت في علاقة الفن والعلم بـالعمل المنتج ماديا وروحيا.
29-لكن المشكل مع القارئ العربي أنه ما يزال في مرحلة تعتبر النظر هروبا من العمل والإبداع -بمفهوم النقد المتخلف للشعر- أفضله أكذبه: فلا يفهمون حكم القرآن في الشعر بصلة القول بالعمل ورفض الهيام (الخيال المرضي وليس الخيال المبدع).
30-وبهذا المعنى فالمتفلسف تعني في معجم الواقعيين من العرب الإنسان الحالم والبعيد عما يسمونه فقه الواقع. وجل الشعراء باتوا كمخزّن “القات” يمضغون كليشهات الحداثة بأقل زاد من المفردات ومن النفايات وأغلبهم يقتات من فضلات المافيات.
31-لكن الأخطر من ذلك كله: قصور النظر الذي لا يرى من العلل إلا القرائب ولا يستمرئ إلا الغرائب وينفر من البعائد التي تطلب ما وراء المظاهر. لذلك فالمسيطر على الوقائع هو عديم الوقع.
32-ولنقرب المعنى: فالعلوم لم تصبح ممكنة إلا بعد أن تحرر العقل من مظاهر الأحداث والوقائع لينظر وراءها عما يعلل كونها على ما هي عليه. حقيقة الطبيعي رياضية وليست حسية.
33-والبحث عما وراء المظاهر يعني افتراض أن للمظاهر طبائع ذات قوانين تجعلها تتجلى بضرب من التجلي ليس هو حقيقتها بل حقيقتها هي ما وراءها من قوانين وذلك هو موضوع العلم.
34-مثال ذلك أن كل ما قيل عن الاتفاق النووي بين إيران والغرب دخان في حرب نفسيه عمادها الإيهام بتصديق المظاهر والشائعات أي ما تحاول به إيران ومليشياتها تسمية الهزيمة انتصارا والاستهانة بالعرب تخويفا واحتقارا.
35-وطبعا فالبعض بغباء والبعض برياء والبعض بخداع والبعض لأنه طماع يؤيدون هذا الظاهر لتوطيد الحرب النفسية على المقاومة والأنظمة السنية. التي تمول إعلاما يحاربها وكوادر استشارية تخربها.
36-لكن البحث في الماوراء يثبت أن طبائع الأشياء تفيد أن نظام الملالي ركعته وقائع الإفلاس الاقتصادي والإيديولوجي أي إن بداية النهاية لحكم الملالي وسياسة التوسع باستغباء عملائهم من شيعة العرب هي حقيقة الاتفاق النووي.
37-والنهاية محتومة إن ليس طوعا وسلما فكرها وحربا: ذلك أن كل الحجج التي كان يحفظ بها بقاءه تنهار بمجرد فقدان علة العنتريات وخداع شعبه والعودة إلى الحجم الطبيعي لبلد عاش على الكذب ثلاثين سنة.
38-والمعلوم أن خطر إيران على الأمة أكبر من خطر إسرائيل. وأعلم أن هذا القول موضوع تهمة بالعمالة للغرب. لكن أصحاب هذا الموقف السطحي لا يفهمون أن من يحتل أرضك يقوي فيك القدرة على مقاومته ومن يحتل روحك يفقدك المناعة فتصبح من جنس مليشيات إيران العربية عبدا للملالي: وإذن فـما يحدث مفيد لنا.
39-كيف؟ سترجع إيران لحجمها الطبيعي لتكون دويلة متوسطة لا تستطيع مواصلة العنتريات لمحدودية إمكاناتها خاصة إذا ثار شعبها وأعراقها للمطالبة بحقوقهم فيصبح شبابنا مثال شبابهم الأعلى في ثورة التحرر من الاستبداد والفساد.
40-حينئذ تسترد السنة قوتها اللطيفة من طغيان الأنظمة العميلة بدعوى الحداثة فتصبح ممثلة للإسلام بفخر واعتزاز بدل اعتباره تهمة-وتصبح مقاومة إسرائيل والاستعمار فعلية لا ورقة ضغط في المفاوضات الإيرانية.
41-بفضل استرداد القوة اللطيفة-القرآن الكريم ونموذج الراشدين- يصبح بناء القوة العنيفة في المتناول للحماية والرعاية دون عدوان. وسأفترض لمواصلة التحليل أن المقاومات والأنظمة مقرة العزم على القيام بـجهاد النفس لتصلح شأنها كما وصفنا.
طبيعة التكامل بين الثورتين
42-حينها سيأتي دور الجهاد الأصغر: وعلاجه هو الجواب عن السؤالين التاليين: الأول ما شرط نجاح الثورة على الاستبداد والفساد (داخليا)؟ والثاني ما شرط نجاح الثورة على الاستضعاف والاستتباع (خارجيا)؟
43-وليكن الجواب محددا عينيا: فالثورة الأولى وقعت لدى فقراء العرب الخاضعين للابتزار في الرعاية. والثانية لدى أغنيائهم الخاضعين للابتزار في الحماية. وإذن فسر ضعف الأولين في الرعاية. وسر ضعف الثانين في الحماية.
43-لكن تلاقي الثورتين يمكن أن يجعل الأولى تغني الثانية في الحماية وأن يجعل الثانية تغني الأولى في الرعاية فيحصل التكامل المحقق للسيادة. لن يجد المستعمر ما يبتز به أيا منهما.
44-وطبعا هذا يعني أن الأغنياء يفهمون علة ابتزاز المستعمر لفقراء العرب. فيصبح تمويل الاستثمارات لديهم ثورة اقتصادية تحقق قوة الأمة المادية كلها بمنطق اقتصادي صرف وليس تفضلا من البعض على البعض.
45-كما يعني أن الفقراء ليسوا مرتزقة لدى الأغنياء بل هم يحمون وطنهم الكبير الواحد وتحررهم بتحرر أمتهم من الأدواء الخمسة: الاستبداد والفساد والاستضعاف والاستتباع وضياع شروط استئناف الرسالة.
عوائق تحقيق التكامل
46-والعائق أمام هذه الحلول مضاعف: فهو أولا مرتبط بالجواب عن السؤال التالي: هل التلاقي بين الثورتين حقيقي وبنيوي أم هو ظرفي أي هل أغنياء العرب تخلوا عن الثورة المضادة بحق؟
47-وهو ثانيا مرتبط بالجواب عن السؤال التالي: هل لدي جيلنا النفس الطويل لمشروعات تجعل الاستئناف بمستوى النشأة الأولى ليكون الطموح محررا من عقدتي النقص إزاء ماضينا وحاضر الغرب؟
48-ذلك هو التحدي الذي يحتاج إلى قيادات شابة طموحة مقدامة تفهم أن بناء الدول لا يكون من دون مشروع يناسب بحجمه ما تفرضه رهانات العصر وخاصة جدارتهم بأن يكونوا خلفا لمن يعلمون من عظماء السلف.
49-ورهانات العصر اليوم تتعلق بوظائف الحماية الخمسة التي ذكرنا ووظائف الرعاية الخمسة التي ذكرنا والتي من دونها لا قيام للدول. فأوروبا مثلا أدركت أن حجم دولها على كبره لا يكفي للعصر عصر العماليق في غابة العولمة.
50-فتجاوزوا العائقين: تجاوزوا صراعات الماضي وتجاوزوا خاصة الدولة الوطنية التي تحول دون توسيع مفهوم المواطنة المتجاوز للأقطار نحو الحجم المناسب للعصر.
51-تلك هي علة الوحدة الأوروبية التي هي تجاوز الأقطار الى الوحدة الحضارية الرومانية المسيحية التي تستطيع الآن بحجمها استرداد مستعمراتها: أوروبا في طريقها لأن تصبح من عماليق العالم على الأقل اقتصاديا.
52-ومستعمراتها هي نحن. لن نتحرر من دون تجاوز ما فرضوه علينا من جغرافيا تفتت وحدة مكاننا وتاريخ يشتت وحدة زماننا فيجعلان التبعية لهم بينوية بعجزنا عن الحماية والرعاية.
مجال الفعل العاجل
53-تلك هي كلمة الفصل: ما لم تفهم سنة العرب مقاومة وأنظمة هذه الحقيقة فإن أي قرد يمكن أن يستأسد عليهم وتعم فيهم الأدواء الخمسة. لم يبق ما يستحق الإضافة إلا تحديد مجال الفعل العاجل.
54-فلما كانت مصر السيسي ومن يعمل معها من الخليجيين حائلين دون العمل العربي فإن الجامعة ليست المدخل المناسب بل الحل هو حلف سنة الإقليم لاسترداد الدور بداية وخدمة الاستئناف غاية.
55-وبذلك يتطابق الخياران خيار الشعب المقاوم وخيار الأنظمة المصلحة: فالشعب أعطى الثقة للحركات الإسلامية المستنيرة للتغلب على الاستبداد والفساد والاستراتيجية أعطت للأنظمة المخلصة الثقة للتغلب على الاستضعاف والاستتباع. وهذا يقتضي تجاوز القومية إلى السنية بالصلح ثم الحلف بين العربية والتركية.
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/