لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفلهاستخدام ايران
لما أقدم ملك السعودية على ما أطلق عليه اسم “عاصفة الحزم” لا أخفي أن استبشرت خيرا لأني اعتبرت ذلك بداية الانتقال من رد الفعل إلى الفعل.
وقد عللت موقفي من ترتيب اعداء الأمة عديد المرات وأريد أن أذكر العلتين ثم أمر إلى موضوعي.
– فكلاهما يسعي لاسترداد امبراطورية متقدمة على الإسلام.
– وإذن فهدفهما واحد وكلاهما يحظى بسند غربي واضح رغم الغبار الذي تثير إيران وعملاؤها العرب بكذبة المقاومة. فكيف ارتب خطرهما اذا كان مشروعهما واحدا؟
– الحجة الأولى: إيران تدعي الإسلام وتسعى لزعامته بدلا من العرب السنة وهذا ما لا يمكن أن تدعيه إسرائيل وشرط ذلك إلغاء دور السنة الروحي نهائيا.
لا تكتفي باستعادة الأرض بل تريد كذلك إلغاء دور السنة التي هي غالبية العرب وهدفها تغيير وجهة الحرمين لتجعلهما شيعيين: احتلال الروح قبل الأرض.
وهذا الهدف المستحيل على إسرائيل إذ حصلت عليه إيران يصبح تحرير الارض منها مستحيلا لأن أصحابها-كما في تبعية العراق ولبنان-سيدافعون عن احتلالها.
– والعلة الثانية: إيران وإسرائيل حائزان على السند الغربي وإيران أقرب إلى قلوبهم من إسرائيل بسبب عرقي وتاريخي ديني في علاقة المسيحية باليهودية.
لذلك فيمكن تصور بيعا وشراء مع الغرب في العلاقة بإسرائيل إذا تغيرت الموازين لكن ذلك مستحيل بخصوص إيران لنفس السببين: لقربها عرقيا وتاريخيا.
لا ننسى أن اللاوعي الغربي وخاصة الالماني عنصري التصور وعرقيه فضلا عن تاريخ العلاقة بالتشيع منذ الحروب الصليبية وقرب التشيع من الكاثوليكية.
ولست أعجب من المنظرين العرب في ترتيبهم الاخطار الاستراتيجية لأن جلهم يجهل أو يتجاهل هذه العوامل الاساسية في تحديد مواقف الشعوب والدول.
لم يكفهم دليلا على ما أقول حضور ألمانيا (العضو 6 مع 5 الفيتو الأممي-في مفاوضات النووي الإيراني: فالعلة وحدة العرق وعنصرية الهندية الآرية.
قد تكون إسرائيل -بمن فيها من متأوربين وبحداثتها-قريبة من الغرب ولكنها في لا وعيهم مجرد أداة استعمارية وفرصة للتخلص من ذنب وحتى من وجودهم.
لذلك فإسرائيل التي تحتل الأرض ولا تحتل الروح عند الشعوب وإن فعلت مع بعض النخب العميلة أقل خطرا من إيران التي تحتل الروح قبل الارض.
وأصلح معيار في المعركة بيننا وبين هذين العدوين للحسم هو ما يفيد ليس لسنوات ولا عقود هو ما يصلح لمعركة قرون: حماية الروح هي شرط حماية الأرض.
لذلك اعتبرت “عاصفة الحزم” بداية لحماية رمز الروح: حماية الحرمين من احتلال إيران لليمن. لكن الأحداث بينت عقم الفكر الاستراتيجي في العاصفة.
فحاولت تقديم بعض النصائح. وأهمها نصيحتان: الأولى فهم طبيعة الحرب. فهي حربان واحدة لحماية السعودية من تكون “حزب الله” على حدودها لاستنزافها، والثانية حرب استرداد الشرعية اليمنية. وكانت نصيحتي التعامل مع الثانية بوصفها غطاء دبلوماسيا لتمرير الأولى وإيلائها الأسبقية بالحسم السريع.
ونبهتهم إلى استرداد الشرعية اليمنية حرب طويلة وطويلة جدا وخاصة إذا لم يأخذوا بالنصيحة الثانية التي سيأتي بيانها. والغطاء الدبلوماسي قصير.
لذلك قدمت النصيحة الثانية: لا بد من حرب خاطفة تحسم مسألة الحدود وهي تقليدية يصحبها علاج حرب الشرعية بما يحول دون حرب أعدائها الشعبية.
كنت اعلم أن تضاريس اليمن وبنيته القبلية يمكن أن تطيل الحرب الشعبية إذا لم تستبق بالتقابل بين الامرين: فالقبائل تحيد قياداتها عادة بالمال.
وذلك يكلف كثيرا لكنه كلفته هي بدون شك أقل بقدر كبير من كلفة حرب تقليدية ضد مقاومة شعبية شديدة التسليح وحديثته (للحلف بين صالح والحوثي).
فنصحت باستمالة صالح وفصله عن الحوثي شيوخ القبائل وتمكين جيش الشرعية من وسائل الحسم بيسر مع محاصرة الحوثين جوا وبحرا لمنع المساعدة الإيرانية.
لم يعلموا بأي فكرة من هذا النوع وتبين أن القوة الجوية وإن كانت حديثة فإن مستعمليها لم يكونوا أكفاء فضلا عن كونها حتى بالأكفاء لا تكفي.
ومع ذلك لم أياس فكررت النصح عديد المرات حتى تبين لي أن المعركة الدائرة لها أجندة خفية هي تفكيك وحدة اليمن ومحاربة الاخوان: انتحار سعودي.
لماذا هي انتحار؟ لأن “حزب الله” اليمني تحقق والسعوديون هم اليوم في موقع الدفاع ثم أضافوا الحرب على قطر وتركيا. يريدون للحشد أن يغزو الحرمين.
لم يبق عندي ما أقوله لقوم همهم الاول والأخير بغباء منقطع النظير تمهيد كل السبل لجعل إيران تحقق أهدافها بغباء القيادات والمليشيات العربية.
ولا يكفي ذلك فهم الذين يمولون حروبها (لهذا أفلس العراق وبيعت سوريا) وهم الذين يتخبطهم يجعلون العالم كله يعتبرهم معتدين رغم انهم هم الضحايا.