أوهام مدرسة هيكل الاستراتيجية

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله أوهام

سأطلق اسم “تلاميذ هيكل النجباء” على مجموعة من المعلقين الذين لا أشكك في عقولهم ولا في ذممهم في تونس وخارجها من النخب العربية المتهيكلين.

ولأبدأ فأحدد القصد بالهيكلية رغم أن من أصفهم بها ليسوا مستشارين بدرجته للأنظمة التي ما زالت تجتر علل ما تعاني منه الامة من تخلق وتبعية.

وأولى صفات الهيكلية الاعتماد على منطق الخلط بين الأقوال والافعال في تحديد معنى الانتصار والخسارة في مجالات التنافس بين الأمم سلما أو حربا.

ونتج عنها صفة ثانية هي الحلف مع من قوته كلامية وليست فعلية. لذلك فهيكل كان يدعو للحلف مع السوفيات ثم لما هزموا صار يدعو للحلف مع إيران.

والخاصية التالية هي أن الحلف لم يكن لغاية تحقق شروط الندية فيه بل تبينت في الحقيقة للحصول على حمايته وغايتها ما نراه اليوم في نظام الجزار.

والخاصية الرابعة هي توهمهم مثل من يحتمون به أن قتل شروط بناء الحضارة مقاومة لأن غاية الصفات الثلاث السابقة عوضت التنمية بالاستبداد والفساد.

والخاصية الأخيرة هي موقفهم العدائي من الدين مقصور على الإسلام السني ولا قول لهم في دوره لدى الشيعة وروسيا بوتين والغرب والشرق الذي يحاربه.

إن هذه الخاصيات الخمسة هي التي يتقاسمها من أطلقت عليهم اسم تلاميذ هيكل النجباء بلا استثناء وهو المتصدرون للتعليق بدعوى انتصار صف المقاومة.

الصفات هي:

  1. الأقوال بدل الأفعال في توصيف النصر والهزيمة

  2. الثالث المرفوع بظن المعركة بين صفين لا ثالث لهما

  3. حلف لا يثمر الندية بل الحماية

  4. والصفة الرابعة قتل شروط الإبداع بالاستبداد والفساد مثل من يحتمون به

  5. وأخيرا الموقف العدائي من الإسلام السني دون أي دين آخر.: تلك هي الهيكلية

فكيف نفهم وجود مثل هذه بعض نخب العرب فتعتبر ما حصل في سوريا انتصارا وما تحققه الثورة المضادة مستقبلا يدافعون عنه بوصفه مقاومة للغرب؟

أعيد وأذكر بأني لا أشكك في عقولهم كأن اتهمهم بعدم الفهم ولا في ذممهم كأن أتهمهم بالمأجورين ومع ذلك فإني اعترف بأني لا أفهم منطقهم في الفهم.

ما تعليلهم لموقفهم من

  1. علاقة القول بالفعل

  2. والثالث المرفوع في السياسة الدولية

  3. وغايات الأحلاف

  4. وحقيقة القوة

  5. واخيرا من الاسلام السني

وحتى يكون كلامي واضحا فلا يكفي التعيين المفهومي لمن ينتسبون لمدرسة هيكل بل لا بد من التعيين الماصدقي فأصنافهم قليلة وقابلة للحصر والتعيين.

فهم: ممن يدعون الانتساب إلى الحداثة:

  1. اليسارية

  2. والليبرالية أو إلى القومية

  3. بفرعها الطائفي

  4. أو بفرعها العرقي

  5. وأخيرا من مخترقيهم

وأبدأ بـ”مخترقيهم”. فوراءهم جميعا “لاورنس عرب” يحقق نوازعهم اللاواعية إلى الحصول على الاعتراف بهم كثوريين ضد الظلامية والإسلام السياسي.

وهذه الخاصية الجامعة للهيكلية: فهو نجم في الغرب رغم أنه يدعي الحرب عليه إيديولوجيا ويدعو للحلف مع أعدائه مثل السوفيات أولا ثم إيران لاحقا.

ما يعني أن ما يعبرون عنه من كراهية للغرب هي في الحقيقة تبعية روحية لا واعية متصورين أن العداء البداء يمكن أن يحقق الاعتراف بهم ضديدا.

وهذا السعي ليس مجانيا: فناصر مثلا استطاع أن يحكم خمسة عقود رغم كل الهزائم التي علتها تضخم اقواله وقزمية أفعاله وثمرتها خروج مصر من التاريخ.

وعندما أسمع تلامذته يتكلمون على نصر سفاح سوريا ومساعديه من مليشيات إيران وإيران وروسيا أراه في الواقع: صوملة سوريا بالوصاية الإيرانية.

فوجه سلاحه أولا ضد سنة لبنان ثم ضد سنة سوريا فتبين أنه مجرد دمية في يد حرس الثورة الإيراني لاسترداد إمبراطورية فارس بوهم مقاومة إسرائيل.

وقد خرجت الشعوب من التخدير الذي جعلهم يتصورونه مقاوما لكن النخب -ومنهم الكثير من التوانسة-تسميه سيد المقاومة دون تحديد من يقاوم ولصالح من.

أنا لم انتظر أحداث لبنان وسوريا لمعرفة طبيعته ودوره: فهو مجرد قاعدة إيرانية وورقة في التفاوض مع الغرب بتخويف إسرائيل: مليشيا طائفية عميلة.

لكن الأدهى هو أن إيران نفسها تتصور أنها قوة وأنها تخيف إسرائيل والغرب في حين أنها هي بدورها مجرد دمية في خطة إسرائيل واستراتيجية الغرب.

وهو دور ليس جديدا: فمنذ نشأة هذا الطائفة المريضة بعقدة فقدان الامبراطورية كان الفرس ولايزالون يحالفون أعداء الإسلام والسنة للانتقام منهم.

وفي الوسيط حالفوا الصليبيين ومغول الشرق وفي الحديث حالفوا الاستعمار ومغول الغرب. وهم يتوهمون أنهم بذلك سيحققون الاستعادة لكنهم مجرد أداة.

الغرب الحالي وإسرائيل يعتبرونهم وميليشياتهم مجرد جرافة تمهد الارض لإسرائيل وللسيطرة الغربية الابدية على المسلمين: فإيران فسيفساء أقوام.

ولما تنتهي المهمة سيفجرونها ليعود الوعي لأقليتها الفارسية فلن تستطيع أبدا تحقيق حلمها في استرداد الامبراطورية: كوريا شمالية في الإقليم.

ومنذ كنت في ماليزيا نشرت ثلاثة مقالات حللت فيها الهيكلية لبيان ما يعمها من دجل يدعي الفكر الاستراتيجي ولا يرى النكبات التي حلت بمصر من فكره.

ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية تبينان نوعي الحلف مع أحد صفي المعادلة الدولية: واحدة ازدادت تبعية والثانية صارت قوة عظمى. وكذلك الكوريتان.

الألماني الغربي والكوري الجنوبي حالفا صفا مكنه من شروط الندية. والألماني الشرقي والكوري الشمالي حالفا صفا جعله مجرد أداة في محاربته لخصمه.

صحيح أن ألمانيا الغربية وكوريا الجنوبية تبدوان تابعتين في الحماية. لكنهم لهم الشروط الفعلية للندية مع الحليف: وبقاؤهم في الحلف خيار لا اضطرار.

فهل فرسان التعليق من بعض التونسيين خاصة المباهين بنصر جزار دمشق يدركون طبيعة ما يجري وحقيقة قوة الأمم دون تمييز بين الاقوال والافعال؟

وما يدهشني هو دعوى الاعجاب بالحضارة الفارسية. ما أعرفه ويعرفه أي دارس لتاريخ فارس هو أنهم قبل الإسلام أخرجهم من همجيتهم اليونان ثم العرب.

وما يفاخرون به ورثوه من اليونان مع ما أمدهم به الإسلام. فالفلسفي من اليونان والروحي من الإسلام وما عداه همجية مغولية لا يعتد بها.

والدليل ما هم عليه الآن. فما ورثوه من الغرب في عهد الشاه وما يريدون إحياءه من الشرق الإسلامي حولوه إلى عنجهية بربرية يظنونها قوة وهي هواء.

هم أصل الإرهاب (الحشاشين) وهم أصل التكفير (الامامية تكفير لغيرها) وهم يحلمون بالمستحيل: لا طاقة لهم مبدعي دولة الإسلام (العرب) وحماتها (الأتراك).

وبذلك يتبين أن تلاميذ هيكل أي من يدعون الحداثة بصنفيهم اليساري والليبرالي ومن يدعون القومية بصنفيهم الطائفي والعرقي إلا دمى بيد مخترقيهم.

ومخترقوهم فنانون استراتيجيون في خطة اسرائيل والغرب لجعل الأمة في حرب أهلية دائمة يغذيها هذه الابواق التي تعبر يوميا على سخافة هيكل وحمقه.

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

يقوم على الموقع عاصم أشرف خضر مع مجموعة من طلاب الأستاذ ومتابعيه.
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي