أمتنا، كيف يمول ارذل ابنائها غزو اعدائها لها؟

لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله أمتنا

لا أومن أن كل اجتماع لعناصر متعددة ذات انتظام نسقي يمكن أن تكون انتظامها بالصدفة فنسقية الرداءة في منظومات الحكم العربي ناتجة عن خطة ما.

لا بد أن يكون لها “ديزانر”. ولا علاقة للأمر بما يستهزأ منه تنابزا بالألقاب بين المتعالمين العرب فيسمونه “المؤامرة” أو بالتفصي من المسؤولية.

بينت في غير موضع أن مثل هذا التنابز من علامات سخافة النابز أكثر من المنبوز. فالمتنافسون لا يتخلى منهم عن مبدأ الهجوم أفضل دفاع إلا السذج منهم.

وكل هجوم مشروط بالاستعلام والتخطيط لإضعاف المنافس وخاصة إذا كان الرهان شديد الأهمية مثل المصالح الاقتصادية والاستراتيجية بين الدول الراشدة.

ولست بحاجة للكلام على العرب والمسلمين فالأمر لا يقتصر عليهم بل هو كوني يحكم تاريخ العلاقات بين المتنافسين في أي مجال رهاناته جوهرية لوجودهم.

فما هي الرهانات التي تحكم تنافس الدول في المعمورة؟

إنها السيطرة الأحياز الخمسة التي هي شروط قوتها وبقائها وازدهارها بكلفة تقدر عليها.

ولا يمكن الاقتصاد في الكلفة من دون استعمال ما قد يغني عن كلفة الغزو المادي الذي هو باهضها اقتصاديا وبشريا وغير مضمون النتائج أعني الحرب.

فيكون اللجوء إلى الحرب اللطيفة التي تفسد نظام العدو وتخربه من داخله وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي هذا الديزاين لمن يتولون أمر الشعب المستهدف.

لأن ضرب الجهاز العصبي المركزي يغنيك عن محاربة الأعضاء والجوارح التي يسيرها الجهاز المركزي المرتب لفاعليتها وتعاونها لسلامة الكيان ومناعته.

وإذن فما حصل في أقطارنا وما نراه الآن بالعين المجردة في محاصري قطر وتركيا والثورة: السعودية والإمارات ومصر والبحرين لا يمكن أن يكون صدقة.

لا يمكن أن يصدق العقل أن الصدفة هي التي جمعت أمير السعودية الجديد وأمير الإمارات والسيسي وملك البحرين وكل جوقتهم الاعلامية والاستشارية.

يصعب أن يكون كل “الستاف” عباقرة. وأعسر أن يكونوا كلهم أغبياء إلى حد لا يصدقه عاقل لأنك ترى “الابسورد” متجسما في جوقتهم التي لا تخدم أوطانهم.

فإذا لم نفترض أن ورائهم نصيحة من إسرائيل ومن حول الرئيس الأمريكي من توابعها لا نفهم هذه الشجاعة للتصدي للعالم ولسلطة ادارة اميركا الرسمية.

نعلم أن مطالبهم من قطر لم يقبل بها أي بلد في العالم لأنها في الحقيقة كما بينت سابقا اتهام ذاتي بالخروج عن الشرعية الدولية لكأنهم قوة العصر.

وهم في الحقيقة نمور ورقية وما يضمن تماسكهم وعنادهم للعالم كله إلّا صهر ترومب وإسرائيل التي لم يعد يرفض الصفقة في الإقليم إلّا قطر وتركيا.

ليس هذا موضوعي لأني لا اعتقد أن ما يجري بين المتنافسين مؤامرات بل هو استراتيجيات غير خفية عن أي عاقل: وهي قانون كوني داخل أي جماعة وخارجها.

في الداخل ليست الدولة إلا لتنظيم التنافس بقانون يحول دون تحوله إلى حرب اهلية والقانون الدولي هدفه الحد من الحرب الدائمة حول ثروات المعمورة.

ما يعنيني هو فهم استراتيجية تمكين العدو من أن يصبح هو من يختار قيادات البلد الذي يغزوه فيبعد من يمكن أن يكون قائدا بحق ومن يكون مجرد عميل.

من الذي استطاع أن يمكن ترومب من النجاح وهو أغبى رئيس أمريكي وأن يكون سلطان امريكا حتى على سياستها خاضعا لصهره صاحب الغباوات التي لا تحصى؟

ليس الأمر مقصورا علينا ها نحن نرى أن انتخاب قيادة الخصم ليخدم صاحبه فصارت أكبر دولة في العالم تعجز إدارتها الرسمية أمام هؤلاء الاغبياء.

ولنا أمثلة مضادة: فعندما حاول الجنرال دوغول أن يتصدى للنفوذ الصهيوني في بلده كلنا يعلم ما الذي حدث له. وكلنا يعلم من يحمي السيسي إلخ…

وكلنا يعلم كيف أديرت الانقلابات في تركيا قبل أردوغان وكيف هددوه وكادوا يسوسون تركيا كما ساسوا مصر بعد الثورة. فهل هذا كله من الصدف.

أنتظر ما يتصوره الكثير ردا مفحما على ما أقول: لماذا لم يستطيعوا اسقاط إيران وهم يعلنون ليلا نهارا أنها عدوهم اللدود؟

اعتراض عربي عنصر يحتقر ذاته.

في الحقيقة إيران لن يمسسها سوء لأنها أفضل من يخدم المشروع الصهيوني والأمريكي: لا يمكن الانتصار على قوة الإقليم الحقيقية من دون مخرب داخلي.

قوة الإقليم الحقيقي هي القوة التي صارعها الغرب طيلة أربعة عشر قرنا: العرب بداية والأتراك غاية. والتخريب الداخلي شرط منع استئناف هذه القوة المعلومة.

إسرائيل وأمريكا لا يجهلان أن ملجأ القاعدة واستراتيجيتها إيرانيان حتى وإن كان البادي من وجودها أنها عربية وهابية لأنهما مفيدتان. كيف؟

تحريك شعوب منهكة بعد حربين عالميتين عسير. لا بد من مهماز حاد يحرك الشعوب الغربية للغزو الاستعماري من جديد: ذلك هو دور فالقاعدة وداعش.

وإسرائيل نفسها تؤدي هذا الدور: فكم من خائن وصل إلى حكم العرب باسم تحرير فلسطين وكان من جنس بشار يدعي مقاومتها حاميها وهي ترد الجميل حاليا.

فلولا إسرائيل لما بقي بشار أكثر مما بقي مبارك وابن علي: فالثورة الشعبية كانت عارمة لكن العالم كله حافظ على بشار لأنه أكثر منهما خيانة.

وكلنا يعلم أنهم في الحقيقة ليسوا ساسة وأحزابهم ليست أحزابا بل هي دكاكين لطلب التمويل من المافيات ومن التدخل الأجنبي من كل حدب وصوب.

أكبر تجارة في تونس اليوم هي السياسة لتخريبها وهي في آن ترشح للخدمة لدى القوى الأجنبية التي تعتبر ذلك سوق اختيار أفضل العملاء مستقبلا.

ما يجري في تونس اليوم يشبه ما عشته كطفل عندما كنت أذهب لأرى التنافس على شراء أضحية العيد. لكن السوق ليس لأضاحي بل لذابحيها: اختار الجزارين.

السياسة في بلاد العرب صارت سوق يجمعها الحامي ويمولها حتى ينتخب أفضل الجزارين لسلخ شعوب الإقليم كزعماء الرابوع الذي يحاول خنق ثورة الشباب.

وبذلك يتبين أن الكلام على المؤامرة لا معنى له: هناك خطة لجعل ما يحكم سكان الإقليم أن يكون حثالة نخبه حتى لا يسترد دوره فيكون منافسا سيدا.

الدول السيدة لها جهازان عصبيان:

  1. يعالج بالعلم علاقات الجماعة بالطبيعة والتاريخ ليسد حاجاتها المادية والروحية البحث العلمي: وأصله الجامعات

  2. والثاني هو الاستعلام على أحوال الأمة داخليا وخارجيا من أجل الحماية وهو إذا كان سليما جزء من البحث العلمي الاستراتيجي المحقق لشروط الرعاية

وإذا كان البحث العلمي يحقق شروط الرعاية تكوينا وتموينا فإن الاستعلام السياسي يحقق شروط الحماية للأمن الداخلي والدفاع الخارجي.

فاستراتيجية انتداب العملاء لدى عدوها لغزوه بأقل كلفه هي التحم في نظامها الجامعي جهاز الرعاية وفي نظامها السياسي اي في جهاز الحماية.

فيحارب الأول حصانتها الروحية والمادية (وظيفة الأنظمة الجامعية العربية) ويحارب الثاني كيانها الخلقي والمادي (وظيفة اجهزة الاستخبارات).

فيزول البحث العلمي ويعوضه التخريف الأيديولوجي في جامعات العرب ويزول الاستعلام السياسي الداخلي والخارجي ويعوضه إدل المواطن وتعذيبه ليستعبد.

وعندما تصبح نخبة العلم هي رمز الجهل وتصبح نخبة الأمن هي رمز الخوف فإن الأمة تكون قد هزمت بعد دون أن يحتاج العدو لدفع أي كلفة لغزوها.

ووحدة الفسادين سماها ابن خلدون “فساد معاني الإنسانية” ثمرة لبعدي السياسة: التربية التي تزيل الحرية الروحية والحكم الذي يزيل الحرية السياسية.

وعندئذ يمكن لرموز الرداءة ان يصبحوا حكاما ومربين. ولما كان الحاكم والمربي الرديء لا يريدان أن يفوقهما أحد فإنهما يصبحان جزارين للأفاضل.

فيصبح السلطان كله المادي (الحكم) والروحي (التربية) بيد سفلة القوم بلغة ابن خلدون. وهذا ما هدد به مؤسس إسرائيل وتجاوزن جولدا فاسرلتهم.

و”الأسرلة” ليست في أن يكون مثل الإسرائيليين يخدمون أمتهم بل مثل خدمها من الجوهيم الذي يعتبر الدين “عبادة لشعب الله” الذي يؤمن بأنه مختار.

كل عملاء إسرائيل وإيران من العرب هم أكثر من إسرائيل وإيران احتقارا للعرب ولذواتهم.  ذلك أنهم يحاربون ما به ساد العرب على إسرائيل وإيران.

فلا أحد في التاريخ أنهى اسطورة شعب الله المختار غير العرب ولا أحد قضى على عنجهية الفرس أكثر من العرب. لكن ليس عرب اليوم فهم مخانيث.

ذلك فهم لا ينتسبون إلى العرب الذين أعزهم الاسلام بل إلى العرب الذين يذلهم بنو سيسان وبنو إسرائيل: بل هم دون المناذرة والغساسنة شرفا وعزة.

وقد اعتبر ابن خلدون من “فسدت فيه معاني الإنسانية “قد رد أسفل سافلين: وأسفل السافلين لا يحكمهم ولا يربيهم إلا من أكثرهم سفالة نذالة ورذالة.

وثيقة النص المحمول ورابط تحميلها

نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي
آخر تحديث 05-04-2025
نَسْبُ الـمُصنَّف، الترخيص بالمثل 4.0 دولي.
جميع مشتملات الموقع مرخص استخدامها كما هو منصوص عليه هنا، مالم يذكر العكس. ومن ثم فلمستخدمها مطلق الحرية في نشر المحتوى أو تعديله أو الإضافة عليه بشرط إعزائه إلى صاحبه ثم نشره بذات الرخصة.
بني بواسطة هيوغو
التصميم اسمه ستاك ونفذه جيمي